تسريب «مذبحة الواحات».. فضح كذب «الداخلية» وأحال «موسى» للتحقيق

الأحد 22 أكتوبر 2017 08:10 ص

أثار التسريب الصوتي الذي أذاعه الإعلامي المصري «أحمد موسى»، المعروف بقربه من الأجهزة الأمنية حول «مذبحة الواحات»، التي تضاربت الأنباء حول عدد ضحاياها، الجدل في مصر، وسط تحركات ومطالبات لوقفه عن العمل بعد إحالته للتحقيق.

والجمعة، وقعت اشتباكات عنيفة بين مسلحين، يرجح أنهم ينتمون إلى تنظيم «المرابطون» الذي يتزعمه ضابط الجيش السابق «هشام عشماوي»، مع قوات شرطة، استمرت لساعات.

وتضاربت الأرقام بشأن عدد قتلى الشرطة المصرية، إذ أكدت السلطات في البداية أن عددهم لم يتجاوز 14، فعشرين، ثم ارتفع الرقم إلى 35، في حين نقلت وكالة «رويترز»، عن 3 مصادر أمنية مصرية قولها إن عدد القتلى وصل إلى 52.

بينما قالت مصادر أمنية مصرية لـ«فرانس برس» إن عدد قتلى قوات الأمن في هجوم الواحات البحرية بمحافظة الجيزة ارتفع إلى 55، ونقلت تقارير صحفية مصرية عن مصادر أمنية بوزارة الداخلية قولها إن عدد القتلى بلغ 58 من أفراد الشرطة (23 ضابطا و35 مجندا)، بينما قالت مصادر إن المسلحين يحتجزون رهائن من الأمن بينهم ضباط.

من جانبها، قال بيان صوتي رسمي لوزارة الداخلية، إن 16 من قواتها قتلوا في الاشتباكات، وأصيب 13 آخرون بجروح بينهم 4 ضباط، وما زال البحث جاريا عن أحد ضباط مديرية أمن الجيزة، قبل أن يتم الإعلان لاحقا عن العثور على جثته.

هذا التضارب، وتأخر الداخلية، في الإعلان عن تفاصيل الحادث، أثار حفيظة الإعلام، الذي بحث عن مصادر خارج إطار البيانات الرسمية، فتناقل تسريبا صوتيا لناجين من الحادث.

تفاصيل التسريب

أحد الذين نشروا التسجيل الإعلامي «أحمد موسى» المثير للجدل والمعروف بقربه من الأجهزة الأمنية، حيث ظهر في التسجيل صوت لأحد الضباط ويعمل طبيبا بأحد المستشفيات التي استقبلت ضحايا اشتباكات الواحات، يقول إن المواجهات مع المسلحين استمرت على مدار 12 ساعة، مؤكدا تأخر الإمدادات والتعزيزات الأمنية.

 

 

وبحسب المقطع المتداول، قال الضابط الطبيب نقلا عن أحد المصابين الذين قام بإسعافهم، إن المسلحين هاجموا مدرعات الشرطة مستخدمين قذائف «الهاون» و«آر بي جي»، وقاموا بتوقيف عناصر الأمن وتجريدهم من أسلحتهم.

وأضاف أن العناصر المسلحة عمدت إلى تصفية الضباط واحتجاز أحدهم كرهينة، بينما استهدفت تعجيز المجندين بإطلاق النار على أماكن تعجيزية بالجسم باحتراف.

وأشار إلى أن طائرة هليكوبتر حاولت التدخل، لكنها تراجعت أكثر من مرة خشية استهدافها بالقذائف التي كان يستخدمها المسلحون من أعلى الجبل، موضحا أنها قامت بعد انتهاء الاشتباكات بجمع جثث القتلى والمصابين ونقلها من موقع الحادث.

تساؤلات مشروعة

وأثار التسريب، تساؤلات عدة، على مواقع التواصل الاجتماعي، أبرزتها صفحة «الموقف المصري»، حين قالت: «كيف انقطع الاتصال بالقوات؟ وكيف لم تجد الطيارات المدرعات؟ وأين هواتف الثريا التي تعمل بالأقمار الصناعية؟ وأين طائرات الاستطلاع التي تسبق القوات لكشف الطريق؟».

 

 

وأضافت الصفحة متسائلة: «أين نظام تحديد الملاحة المُشفر في كل مدرعة؟ أين نظام جي بي إس؟ من سيحاسب على الأخطاء التي تسببت بقتل هذا العدد؟».

وتابعت: «أين باقي أركان المواجهة غير الأمنية فيما بتعلق بالجانب الاجتماعي والفكري والثقافي والاقتصادي والسياسي؟».

الداخلية تنفي

رواية الضابط في التسريب، وتساؤلات الناشطين على مواقع التواصل، كذبت البيان الرسمي للداخلية الصادر أمس، ما دفعها لإصدار بيان آخر ينفي صحة التسريب.

ونفى البيان صحة «ما تم تداوله من تسجيلات صوتية على مواقع التواصل الاجتماعي وتناولته بعض البرامج على القنوات الفضائية»، مؤكدةً أنها «تسجيلات غير معلوم مصدرها».

وشدَّد البيان على أن التسجيلات «تحمل في طياتها تفاصيل غير واقعية، لا تمت لحقيقة الأحداث التي شهدتها المواجهات الأمنية بطريق الواحات بصلة»، دون أن تعطي مزيدا من التفاصيل.

وحذَّرت الداخلية المصرية من أن «تلك التسجيلات وتداولها على هذا النحو يهدف لإحداث حالة من البلبلة والإحباط في أوساط وقطاعات الرأي العام ويعكس عدم مسؤولية مهنية»، مطالبة بـ«عدم الالتفات لمثل تلك التسجيلات أو الاعتماد عليها كمصدر للمعلومات».

هجوم على «موسى»

وإثر التسجيل، نال «موسى»، هجومًا واسعًا في الإعلام المصري، كما طالب مغردون عبر موقع «تويتر» بتقديمه للمحاكمة.

وطالبت الناشطة السياسية «إسراء عبدالفتاح»، بمحاكمة «موسى» وفضائية «صدى البلد»، وقالت: عبر حسابها على موقع التواصل «فيسبوك»: «قناة صدى البلد وبرنامج علي مسؤوليتي والقائمين عليه لازم يتحاكموا بعد إذاعة التسجيل ده، وأعتقد إن الضابط أو المجند الناجي محدش قاله إن شهادته ديه هتتذاع، ودي خيانة وسقطة».

وأضافت: «مش أي تسجيلات أو شهادات عن الحادثة مفروض تتذاع، حرام عليكم كده الدم لسه مبردش ومش هيبرد».

 

 

بينما قال العميد الأسبق لكلية الإعلام جامعة القاهرة «سامي عبدالعزيز»، في تصريحات صحفية، إن «إذاعة إحدى القنوات بعض التسجيلات من داخل الحادث خطأ مهني فادح».

فيما هاجمه إعلاميون محسوبون على أجهزة سيادية في البلاد، ويمثلون أذرع الحكومة والسلطة في الإعلام.

وطالب الإعلامي «وائل الإبراشي» بالتحقيق في التسريبات، قائلًا: «مين الدنيء المنحط اللي سرب، هذه الأفعال تهين الشهداء ولا يجب السكوت عليها».

وقال خلال برنامجه «العاشرة مساءً»، على فضائية «دريم»، إنه تم إرسال التسريبات إليه أثناء الحادث الإرهابي أول أمس، مؤكدًا أن «المسرب لا يختلف عن الإرهابي في شيء».

وهاجم الإعلامي «عمرو أديب»، التسريب، قائلًا: «إزاي نذيع حاجات زي دي، والقانون بينظم الحاجات دي، يعني إحنا نقعد يوم كامل ساكتين، وفي الآخر نذيع تسجيل نقول ده للشهداء».

وذكر خلال برنامج «كل يوم» المذاع عبر فضائية «on e»، أن الغرض من العمليات الإرهابية هو جعل نفسية المصريين في الأرض، معقبا: «وده حصل، إحنا أهانا نفسنا وشهداء الواحات بشكل قذر.. ودمنا راح هدر».

وأضاف ساخرا: «ليه منزلش فيديو والضباط بيتحايلوا على الإرهابيين عشان ميموتهمش».

فيما دشّن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، حملة ضد «موسى»، ليحتل وسم يحمل اسمه وآخر بعنوان «حاكموا أحمد موسى»، مراكز متقدمة في «تويتر».

اتجاه لوقفه

وشارك في الوسم، أستاذ الإعلام الدكتور «محمد سعيد محفوظ» الذي قال إن «المكالمة التي أذاعها أحمد موسى، وتتضمن رواية أحد الضباط الناجين عن معركة الواحات، صادمة ومفزعة ومحبطة! فهل هذا ما أراده من بثها؟».

وأضاف: «أنتظر قرار المجلس الأعلى للإعلام بشأن تسريب أحمد موسى».

وهو ما كشفه وكيل نقابة الإعلاميين «طارق سعدة»، حين قال إن هناك اتجاها لدى مجلس النقابة باتخاذ قرار بوقف «موسى» عن العمل في الاجتماع الذى سيعقد ظهر الأحد، بسبب «التجاوزات والخروقات» التى حدثت خلال برنامجه حول حادث الواحات الإرهابي، بحسب ما قال في تصريحات صحفية.

وأضاف «سعدة» أن ما فعله «موسى» يسير في اتجاه «هدم الدولة المصرية لا البناء»، مشيراً إلى أنه «لا يعرف أبسط قواعد ممارسة العمل الإعلامي، بعد أن أتى بشخصية وهمية»، معتبراً أن «أبسط قواعد الإعلام صدق المصدر، والإفصاح عنه، وتحديدا فى القضايا التي تهم الأمن القومي».

وتابع: «قرار إيقاف موسى من المتوقع أن يصدر رسميا خلال ساعات قليلة بعد التحقيق معه».

يشار إلى أن الهجوم الشديد على «موسى»، دفعه لحذف التسجيل من صفحة الفضائية على «فيسبوك»، كما حذف تفريغه موقع «اليوم السابع» الموالي للسلطات.

وتشهد مصر عمليات تستهدف مسؤولين أمنيين ومواقع عسكرية وشرطية بين الحين والآخر، ازدادت بشكل ملحوظ خلال السنتين الماضيتين.

وتمتد حالة الطوارئ في مصر منذ أبريل/نيسان الماضي، بعد هجومين استهدفا كنيستين في مدينتي طنطا والإسكندرية، وأسفرا عن مقتل 45 شخصا وإصابة عشرات آخرين.

  كلمات مفتاحية

مصر أحمد موسى تسريب صوتي اشتباكات إعلام

بعد 48 ساعة على مذبحة الواحات.. «السيسي» يقدم تعازيه

بالورود.. سفير السعودية يتضامن مع مصابي الواحات بمصر

إعلامي مصري لمقاطعي «الرئاسيات»: لو رحل «السيسي» فسيعود «مرسي»