مؤامرات الصحف المصرية .. جرعات موسمية تستبق الفاعليات الثورية

السبت 17 يناير 2015 10:01 ص

مع اقتراب ذكري احتفالات مصر بثورة 25 يناير كل عام، تتزايد جرعة الأنباء التي تنشرها صحف حكومية وخاصة موالية للنظام حول المؤامرات، فمن المؤامرات التركية إلى القطرية ومن الخطط الحمساوية إلى الصهيونية، ويواكب هذه الجرعة المكثفة من المؤامرات تهديدات وتحذيرات أمنية باستخدام القوة، وهو ما حدث في العام الماضي – في أول ذكرى للثورة في أعقاب الانقلاب –، حيث تعكف الصحف المصرية على نشر أخبار عديدة حول مؤامرة تركية قطرية لتمويل السيطرة على الانتخابات البرلمانية واختراق مؤسسات الدولة، وغير ذلك من السيناريوهات التآمرية.

هذا العام ومع اقتراب الذكري الرابعة للثورة، عادت نفس المصادر الإعلامية المصرية الداعمة للسلطة من صحف وفضائيات رجال الأعمال، لتكرر نفس الخطاب الصارخ حول «المؤامرات الخارجية» ضد النظام، وكشفت مصادر أمنية حول عدد من المؤامرات التركية بينما خفت الحديث حول قطربسبب المصالحة المتأرجحة بين البلدين، دون أن تنسي بعض الصحف الحديث عن «تمويل قطري» ودعم إعلامي من «قناة الجزيرة» لفضائيات الإخوان الأخرى في تركيا، حسبما قال رئيس مدينة الإنتاج الإعلامي أسامة هيكل في تصريحات صحفية.

والمفارقة أن المعلومات التي نشرت قبل الذكرى السابقة للثورة في25 يناير 2014 لا تختلف عن تلك التي تنشر حاليا قبل ذكري الثورة في 25 يناير 2015، والعناوين تكاد تكون متشابهه، فصحف مثل: «الوطن» و«الدستور» و«المصري اليوم» و«الشروق» وغيرها، نشرت في العام الماضي تقارير حول الكشف عن «مخططات الإخوان الإرهابية ضد مصر فى الداخل والخارج»، ووثائق «تكشف عن علاقة تنظيم الإخوان مع تركيا»، ودعمها للقيادات الهاربة في الخارج، لإسقاط مصر، وتمويل قطر لهذه الخطة لـ «إشعال الأوضاع فى مصر ليكون يناير 2014 بمثابة ثورة جديدة»، وضخ 10 مليارات دولار لاختراق الاقتصاد والإعلام ومشروع قناة السويس، وإنشاء مركز لتدريب الشباب المصرى على كيفية تقديم معلومات استخباراتية عن مصر..ألخ.

مؤامرات من جديد

نفس السيناريو يتم نسخه هذا العام بتعديلات طفيفة، حيث خفت الحضور القطري نسبياً، وأصبح الحديث مركزا حول تركيا، وأضيف لها «الولايات المتحدة» كمشارك في المؤامرات برغم التقارب الملحوظ بين نظام السيسي والإدارة الأمريكية والتي عبرت عنه واشنطن بإرسال 10 طائرات أباتشي كانت محتجزة لديها، وأعلنت عدم تقليص المعونة العسكرية لمصر وبقائها كما هي.

فموقع «البوابة نيوز» القريب من الأجهزة الأمنية والذي يتهم بتلقي تمويل إماراتي، لصالح رئيس تحريره «عبد الرحيم علي»، تحدث عن معلومات لدى جهاز الأمن الوطني عن تأسيس عضو هارب بتنظيم الإخوان يدعى «حسام المتيم»، لأكاديمية تحت اسم «رابعة للتدريب»، بمدينة اسطنبول، بتمويل من «باسم خفاجي» صاحب قناة «الشرق الإخوانية»، برغم المعلومات التي لا تخفى على أحد من حيث كون «خفاجي» لا ينتمي إلى الإخوان وله انتقادات معروفة للجماعة وأدائها.

وقال الموقع المقرب من أوساط أمنية مصرية أن الهدف هو: «تدريب أعضاء "الإرهابية"، على إحداث اكبر نوع من الفوضى والتخريب في الذكرى الرابعة لثورة 25 يناير بمشاركة أعضاء التنظيم بالمحافظات، وذلك على غرار أحداث 28 يناير 2011».

وواصلت الصحيفة وصلة اتهاماتها «الفكاهية» فقالت : «إن المرشد الحقيقي للجماعة هو المدعو باسم خفاجي الهارب بدولة تركيا وصاحب قناة الشرق التي قامت بنشر تسريبات مزعومة منذ فترة»، وأنه يسعى للقيام بعمليات تخريبية في الذكرى الرابعة لثورة الخامس والعشرين من يناير.

خطة أمريكية - تركية

بدورها نشرت صحيفة «الوطن» معلوماتن شبيهة بما نشرته العام الماضي حول مؤامرة تركية ضد مصر ولكن هذه المرة بمشاركة الولايات المتحدة، وتحدثت عن اجتماع لمدة 7 ساعات بين المخابرات التركية والأمريكية بقاعدة «مرمريز» لمحاصرة مصر سياسياً واقتصادياً.

الصحيفة – التي يمتلكها رجل الأعمال «محمد الأمين» المقرب من السلطة وأحد ممولي الحملة الإعلامية ضد الرئيس المعزول «محمد مرسي»– تحدثت عن رصد اجتماع مشترك عُقد منذ أيام فى مقر إحدى الوحدات البحرية التركية بمنطقة «مرمريز» التركية، تحت اسم «خنق السيسى»، وضم ممثلين لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية «سى آى إيه» وممثلين للمخابرات التركية.

وزعمت أن «اجتماع ممثلي المخابرات الأمريكية والتركية استمر أكثر من 7 ساعات»، وخرج بتوصيات أهمها «مواصلة الضغوط على السلطة الحالية فى مصر، ومحاصرتها سياسياً واقتصادياً، وتقديم الدعم لعناصر الإخوان والجماعات الإرهابية، والنشطاء السياسيين والحقوقيين، بغرض التخطيط وتعزيز خطاب إقامة ثورة على نظام الرئيس عبدالفتاح السيسى»، إضافة لدعم شخصيات موالية لتركيا وأمريكا فى مصر، لتنظيم مظاهرات عنيفة ومسلحة تسيطر على ميادين رئيسية بمصر، وتقديم تركيا الدعم اللازم بالمال والسلاح للجماعات الإرهابية فى مصر، خاصة فى سيناء، لضمان مواصلة حربها ضد الجيش والشرطة.

كما تحدثت عن «التواصل مع كيانات اقتصادية وشركات أجنبية كبرى، لسحب استثماراتها من مصر أو تقليلها، والضغط على مؤسسات كبرى لرفض أى تعاملات اقتصادية، أو تقديم مساعدات لمصر بغرض فرض حصار اقتصادى عليها»، وكذا أشارت الصحيفة إلى خطط لتعطيل أى صفقات أسلحة لمصر خلال الفترة المقبلة سواء من الولايات المتحدة أو أية دول أخرى.

كذلك نشرت فضائيات موالية للسلطة آراءًا لعدد من الخبراء العسكريين المثيرين للجدل، يتحدثون أيضا عن «مؤامرة أمريكية تركية لتقسيم مصر في ذكرى 25 يناير».

حيث ظهر اللواء «حسام سويلم»، علي فضائية «التحرير» ليؤكد أن «هناك مؤامرة أمريكية تركية؛ من أجل زعزعة استقرار مصر، من خلال تشتيت جهود القوات المسلحة والداخلية ونشر الفوضى الخلاقة في البلاد في ذكرى ثورة 25 يناير القادمة».

وأضاف: «إن أمريكا وتركيا يسعون لإحياء التواصل مع القوى الثورية والمتأسلمة للقيام بثورة ثانية في 25 يناير، لافتا إلى أنهم يسعون لمحاصرة مصر اقتصاديا والتضييق على الدول العربية؛ لإيقاف دعمها المالي لمصر في ظل انخفاض أسعار البترول».

وأرجع «سويلم» هذا الأمر لمحاولة أمريكا «فرض هيمنتها على هذه المنطقة، من خلال تقسيم المنطقة إلى 3 أجزاء»، على أسس عرقية وطائفية ومذهبية، بواسطة منظمات الإسلام السياسي مثل «داعش»، خاصة بعد فشل مخططهم مع جماعة الإخوان الإرهابية، وذلك «بتمويل قطري وتسليح تركي وتخطيط من التنظيم الدولي لجماعة الإخوان الإرهابية»، بحسب قوله.

السيسي يتحدث عن المؤامرة

وسبق للرئيس «السيسي» أن تطرق في حديثه مع رؤساء تحرير الصحف عما وصفها بـ«مؤامرة قطرية- تركية للسيطرة على عقول النخبة المصرية بمواقع إلكترونية جديدة ضمن حروب الجيل الرابع».

وعدد السيسي بعض هذه المواقع والقنوات لتشمل: «ميديا ليمتد» و«العربى الجديد» وقناة «مصر الآن» وموقع«culture»، قبل أن يكشف نشطاء عن أن بعض هذه المواقع عادية ولا علاقة لها بالإخوان ولا تنشر سوي موضوعات أدبية وثقافية خصوصا الموقع الأخير.

«السيسى» تحدث حيئنذ عن «معلومات خطيرة ومهمة حول وجود مؤامرة للسيطرة على عقول النخب المصرية من خلال قيام دولة قطر وتركيا وجماعة الإخوان المحظورة بتمويل مواقع إلكترونية جديدة»، مشيرا إلى أن الهدف هو ضرب الاستقرار فى مصر.

وقال لرؤساء التحرير: «هناك من يحاول زرع ثغرة فى جبهة التوحد المصرية لهدمها، والتأثير على معسكر 30 يونيو، وذلك كله عبر وسائل من أدبيات حرب الجيل الرابع من الحروب، وتعتمد هذه التقنيات فى الحرب على الإعلام وعلى شبكات التواصل الاجتماعى، عبر إطلاق الأكاذيب والشائعات والتأثير على وحدة الصف وهز قدرات الدولة المصرية على استكمال مشروع مصر التنموى».

إنهاء الثورة وتشتيت الثوار

ويقول نشطاء وثوار يناير في تعليقاتهم علي مواقع التواصل الاجتماعي إن الأكاذيب التي تروجها الصحف المصرية مقصودة ومتعمدة، وأنها مؤشر ورسالة لقوات الأمن والجيش لقمع أي متظاهر يخرج الي الشارع ضد السلطة، وبالمقابل حشد مؤيدي النظام في ميدان التحرير لتحويل الذكري إلى طقس كرنفالي وليست ماسبة احتجاجية.

ويشكك «د. جمال حشمت» المعارض المصري المقيم في تركيا في «مصداقية ما تنشره الصحف المصرية من تحليلات ومعلومات تخص المؤامرة التي نسجتها الأجهزة الأمنية وأدارت بها البلاد ».

ويضيف أن الهدف هو اختزال شعبية التيارات الإسلامية، والاستمرار في تنفيذ مخطط تقسيم الثوار وخلق حالة من الشتات الفكري لدي الرأي العام وإظهار أن هناك أعداء لمصر هم المعارضين الذين يطالبون بتحقيق أهداف الثورة: «عيش – حرية – عدالة اجتماعية».

ويقول نشطاء أن من وسائل السلطة لضرب احتفالات ثورة يناير وإجهاض أي مظاهرات تخرج هو تفتيت الثوار أيضا وزرع الشقاق بينهم وعدم السماح بتوحد جهودهم كما كانت واستمرار الانقسام بين الإخوان وباقي التيارات الليبرالية واليسارية.

وأثارت تسريبات تداولها وسائل إعلام محلية وعربية مؤخرا، حول رفض جماعة الإخوان المسلمين مبادرة للتصالح مع نظام السيسي، شكوكا واسعة في أوساط مراقبين ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبرها البعض محاولة لاستهداف وحدة الثوار، بعدما قال الكاتب «بلال فضل»: «إن السيسي عرض، قبل أسابيع، مبادرة صلح على جماعة الإخوان المسلمين، لكنها باءت بالفشل».

وذكر- نقلا عما أسماها بـ«مصادر مطلعة»- أن «مستشار السيسي للأمن القومي أحمد جمال الدين، حمل مبادرة إلى دكتور محمد بديع، المرشد العام لجماعة الإخوان، ونائبه المهندس خيرت الشاطر في محبسيهما».

وقد عزا عدد كبير من النشطاء والمغردون تلك التسريبات إلى «محاولة وأد بوادر الاصطفاف الثوري قبل ذكرى ثورة الخامس والعشرين من يناير، التي يخشى السيسي تبعاتها في ظل دعوات متعددة للاحتشاد في الميادين العامة».

وقال آخرون أن «توقيت تسريب تلك الشائعات قد يكون الهدف منه تجميل وجه النظام، خصوصا مع اقتراب موعد مؤتمر شرم الشيخ للمانحين المرتقب، والذي يعول السيسي عليه بشكل كبير في إنقاذ الاقتصاد المتهاوي، خصوصا مع مؤشرات تقليص الدعم الخليجي لنظام السيسي بسبب أزمة النفط».

وفي رد فعل سريع على تلك التسريبات، نفى «عمرو دراج»، القيادي البارز بتحالف دعم الشرعية، ما وصفها بـ «اللعبة المكشوفة التي يعرضها الإعلام كحقيقة لا تقبل الشك».

وقال دراج: «كنت متأكدا من عدم وجود أية اتصالات أو مبادرات من هذا النوع، لسبب بسيط وهو أني بصفتي أحد من كانت تطالهم أنباء المشاركة في مثل هذه الحوارات، أعلم يقينا أنه على مدار عام ونصف، لم تحدث محاولة واحدة جدية من النظام الانقلابي في مصر لفتح حوار من أي نوع، أو التراجع عن موقفه المبدئي بوأد أية توجهات لرفض النظام الانقلابي القائم، وذلك لكي يتمكن من الانفراد بالسلطة المطلقة في البلاد».

بدوره نفى «أحمد رامي»، المتحدث باسم حزب الحرية والعدالة، إجراء أي مصالحة مع السيسي، مؤكدًا استمرار الحراك الثوري لكسر الانقلاب، وأكد الدكتور «طارق الزمر»، رئيس حزب البناء والتنمية الذراع السياسي للجماعة الإسلامية، عدم وجود أي قناة تفاوض مع السلطة قائلا: «من الواضح للمتابع أن عبد الفتاح السيسي يرفض أي شكل من أشكال التفاوض؛ لأن ذلك يضعف موقفه ويفتت تحالفاته، ويخل بقوانين الثورة المضادة المعروفة».

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر الصحف المصرية ثورة يناير الإخوان

2014: سنة الرقص والجن في الإعلام المصري!

الإعلام المصري: قطر حبيبتي؟!

الخارجية الإماراتية تستنكر خطاب أردوغان حول مصر ... ونفي تركي لمزاعم الإعلام المصري

صحف مصر تبرز اشتراطات العمرة ومغازلة «خلفان» لـ«السيسي»