«ماكرون» يستعين بـ«السيسي» لإقناع السعودية بتجنيب لبنان التجاذبات الإقليمية

الثلاثاء 21 نوفمبر 2017 03:11 ص

كشفت تقارير صحفية أن الرئيس الفرنسي، «إيمانويل ماكرون»، استعان بنظيره المصري، «عبدالفتاح السيسي»؛ لإقناع السعودية بتجنيب لبنان التجاذبات الإقليمية بينها وبين إيران، والإبقاء على «سعد الحريري» رئيسا لوزراء هذا البلد العربي.

ونقلت صحيفة «الأخبار» اللبنانية، المقربة من «حزب الله»، عن مصادر قولها إن اجتماعات مكثفة عقدت الإثنين، في العاصمة القبرصية بين مسؤولين فرنسيين ومصريين يرافقون الرئيس «السيسي» إلى نيقوسيا؛ لبحث الأزمة في لبنان.

وذكرت المصادر أن الجانب الفرنسي يلحّ على بقاء «الحريري» في منصبه وإدخال تعديلات تعزز وضعه داخل الصيغة اللبنانية، ويبدي خشية كبيرة من حصول فراغ حكومي يؤثر بقوة في الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في لبنان.

وقالت إن «السيسي»، الذي سيستقبل «الحريري» في القاهرة، مساء الثلاثاء، يدعم هذا التوجه، وإن مفاوضات تجري بين القاهرة والإمارات والسعودية لهذه الغاية.

ولفتت المصادر إلى أن «القاهرة تعوّل على استثمار ما صدر أول من أمس، عن مجلس وزراء الجامعة العربية لإقناع الجانب السعودي بأنه لا بديل من التسوية القائمة في لبنان، وأن اللبنانيين، كما العواصم العربية والدولية، أظهروا تمسكا كبيرا ببقاء الحريري في منصبه».

لماذا «السيسي»؟

في السياق ذاته، قالت صحيفة «العربي الجديد» إن الموقف الفرنسي المصري، تم الاتفاق عليه خلال اتصال هاتفي بين «السيسي»، و«ماكرون»؛ لإبعاد المشهد الداخلي اللبناني عن التجاذبات الإقليمية، تلافيا لانفجار الأوضاع الطائفية في لبنان مرة أخرى.

وأوضحت مصادر الصحيفة أن «الحريري» سيدعو «السيسي» إلى التوسط لدى ولي العهد السعودي، الأمير «محمد بن سلمان»؛ لعدم الإقدام على أي تحركات غير محسوبة كضرب «حزب الله»؛ نظراً إلى أنّ الثمن الأكيد لمثل هذه التحركات سيكون التضحية بـ«الحريري» إلى الأبد، ووضع الطائفة السنية تحت الضغط الداخلي، وتعريض اللحمة الوطنية اللبنانية لخطر حقيقي على المستوى السياسي والأمني.

وأضافت المصادر أن «ماكرون» و«الحريري» اختارا «السيسي»؛ لأداء مهمة الوساطة مع السعودية استناداً لبعض الخلفيات؛ أهمها العلاقة الجيدة التي تربطه بكل من «ماكرون» و«بن سلمان»، واقتناعه بعدم الرغبة في التصعيد الإقليمي حالياً ضد إيران و«حزب الله» بالطرق العسكرية، وكذلك علاقاته الجيدة بالولايات المتحدة وروسيا.

وأشارت المصادر إلى أن «السيسي» كلّف وزير خارجيته، «سامح شكري»، بإجراء مباحثات سرية مع نظيره السعودي «عادل الجبير» لمحاولة إيجاد حلول عملية تلبي الشواغل السعودية، وتحافظ على الأوضاع في لبنان؛ بحيث يعرض «السيسي» على «الحريري» خلال لقائهما اليوم عدداً من الحلول لتطويرها قبل توجّه الأخير إلى بيروت، الأربعاء، للمشاركة في احتفالات عيد الاستقلال، ولقاء الرئيس اللبناني «ميشال عون» ورئيس مجلس النواب «نبيه بري»، وباقي رموز المشهد السياسي.

مرونة «حزب الله»

وبانتظار ما ستؤول إليه المحادثات، لا يزال الالتباس مسيطراً على موقف «الحريري»؛ حيث ينقل المتصلون به وبفريقه في باريس، أنه متمسك ببقائه في السلطة، لكن هناك رأي يجزم بأنه مضطر لتثبيت الاستقالة ومحاولة فرض شروط جديدة لتشكيل حكومة جديدة.

أما الرأي الآخر، فيقول إن «الحريري» الذي سيجتمع بالرئيس «عون» بعد احتفالات عيد الاستقلال، قد لا يخرج من الاجتماع بقرار نهائي، وبالتالي سيفتح الباب أمام محاولة معالجة المشكلة.

ويرى أصحاب الرأي الثاني أنه يمكن الاستفادة من المناخات التي ظهرت لأجل تعزيز شروط «الحريري» ضمن التسوية التي أُبرمت مع «عون» وحزب الله، وأن الرئيس اللبناني يقدر على ضمان توفير هذه الشروط.

ومن جهة بعبدا، بات واضحاً أن الرئيس اللبناني يبذل كل الجهود لإعادة إطلاق العملية السياسية والدستورية في البلاد، وأن يقود مفاوضات جدية بعيداً عن الإعلام لتوفير مناخ يبقي «الحريري» في منصبه.

وتقول مصادر مواكبة إن «عون» أبلغ الفرنسيين و«الحريري»، أن كل ما حصل حتى الآن يشير إلى أن التسوية السياسية لا تزال قائمة، وأنه (عون) يقدر على ضمان التزام لبنان سياسسة النأي بالنفس، وأن يحصل على موقف من «حزب الله» بهذا الخصوص.

وقالت المصادر، إن التواصل بين «عون» و«حزب الله» شمل هذه النقطة، وقد عبّرت قيادة الحزب عن انفتاحها على كل ما من شأنه احتضان «الحريري» وتسهيل بقائه في منصبه، والمساعدة على سحب الذرائع التي تستخدمها السعودية بهدف هزّ استقرار لبنان.

ولفتت المصادر إلى أن خطاب الامين العام للحزب «حسن نصر الله»، أمس، ونفيه رسمياً أي نشاط تسليحي للحزب في اليمن أو دول الخليج يخدم هذا الهدف.

واندلعت أزمة داخلية بلبنان، إثر إعلان رئيس الوزراء «سعد الحريري» في 4 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، استقالته بصورة مفاجئة عبر خطاب متلفز من السعودية.

وأرجع «الحريري» قرار الاستقالة إلى «مساعي إيران لخطف لبنان وفرض الوصاية عليه، بعد تمكن حزب الله من فرض أمر واقع بقوة سلاحه».

وعلى إثر ذلك، توترت العلاقات بين السعودية ولبنان، وطالبت الرياض مواطنيها بمغادرة بيروت، في أقرب فرصة وعدم السفر إليها، وهي خطوة اتخذتها أيضا كل من الإمارات والكويت والبحرين.

ومنذ إعلانه استقالته المفاجئة من الرياض، طُرحت أسئلة كثيرة حول حرية «الحريري» في الحركة وما إذا كان قد أجبر على الاستقالة من قبل السلطات السعودية من عدمه.

لكن الرئيس اللبناني أعلن أنه لن يقبل استقالة «الحريري» حتى يعود إلى لبنان ليفسر موقفه، قبل أن يتهم السعودية بفرض إقامة جبرية على «الحريري».

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي فرنسا ماكرون بن سلمان السعودية لبنان الحريري حزب الله عون أزمة الحريري

ضغوط إسرائيلية وسعودية وإماراتية لتجميد المساعدات الأمريكية للجيش اللبناني

تسجيل صوتي.. وزير لبناني سابق توسط للتنسيق بين «السيسي» و«الأسد»