دماء صوفية على أعتاب «الروضة».. دلائل على تورط «ولاية سيناء»

السبت 25 نوفمبر 2017 06:11 ص

«ما زالت هناك بعض الزوايا الشركية في سيناء، وستكون من أهداف جنود الخلافة متى ما تمكنوا منها بالحسبة والجهاد».. هكذا هدد من يسمى بـ«أمير الحسبة» بـ«ولاية سيناء» التابعة لتنظيم «الدولة الإسلامية»، قبل عام، ذاكرا بالاسم مسجد «الروضة» باعتباره مسجد رئيسي لأتباع الطرق الصوفية في سيناء.

و«الروضة»، هو المسجد الذي استهدفه مجهولون، الجمعة، ما أسفر عن مقتل 306 أشخاص وإصابة العشرات، بحسب مصادر أمنية وطبية مصرية، حينما فتحت عناصر مسلحة نيران أسلحتها الآلية بكثافة على المصلين أثناء خروجهم من صلاة الجمعة من مسجد قرية الروضة، بعد أن انفجرت عبوة ناسفة أمام المسجد أثناء خروج المصلين عقب صلاة الجمعة.

والمسجد، يرتاده صوفيون، وبه زاوية يستخدمونها في الصلاة والتجمعات، وكثيرا ما هاجمهم تنظيم «الدولة الإسلامية» في مناطق عملياته.

وحسب شهود عيان، كانت سيارات تحمل عناصر مسلحة متوقفة على مسافة بعيدة من جانبي منطقة الخروج من المسجد، وباغت المسلحون المصلين الخارجين من المسجد بإطلاق رصاص عنيف من جميع الاتجاهات ما أسفر عن سقوط عدد كبير من المصابين والقتلى.

ويعتبر «الدولة الإسلامية»، المشتبه به الرئيسي في الهجوم، لكنه لم يعلن مسؤوليته عن الهجوم حتى كتابة هذه السطور.

«ولاية سيناء» تهدد

وسبق أن هاجم «أمير الحسبة»، في صحيفة «النبأ»، الصادرة العام الماضي، خلال حواره عن الوجود الصوفي بسيناء، الصوفيين باعتبارهم «أحد الأمراض التي ابتليت بها الديار المصرية، وتنشر الشرك والبدع بين الناس».

ويرتاد المسجد، أتباع «الطريقة الجريريّة»، التي اتهمهم أمير الحسبة بأنهم «أشد كفرا، لأنهم معروفون بتقديس الأضرحة، والذبح لها، والطواف حولها»، مضيفا: «لهذه الطريقة علاقة بدين الرافضة».

ويعد مسجد «الروضة» أحد أهم مساجد الطريقة «الجريرية»، وهي إحدى أكبر الطرق الصوفية المنتشرة في شمال سيناء، وهي منسوبة إلى الشيخ «عيد أبو جرير»، وهو أحد أبناء قبيلة «السواركة» من عشيرة «الجريرات»، التي تستقر غرب مدينة العريش.

«أمير الحسبة»، قال في حواره، إنهم «عزموا على إزالة معالم الشرك والجاهلية، وألا تبقى طرق صوفية في سيناء، فبدأوا بدعوتهم، فاستجاب من استجاب، وأعرض آخرون، فألقينا القبض على رؤوسهم المشركة، وحبسناهم للاستتابة».

وتابع: «ما زالت هناك بعض الزوايا الشركية وستكون من أهداف جنود الخلافة متى ما تمكنوا منها، بالحسبة والجهاد».

ووجه «أمير الحسبة»، في حواره رسالة إلى جميع الزوايا الصوفية وأتباعها قائلا: «اعلموا أنكم عندنا مشركون كفار، وأن دماءكم عندنا مهدورة نجسة، ولكننا ندعوكم، ونستتيبكم، ونرجو لكم الإسلام والهداية».

توعد جديد

وفي مقابلة أخرى، نشرت في مجلة «رومية»، في يناير/كانون الثاني الماضي، قيادي في التنظيم بسيناء، كراهية الجماعة للصوفية وممارساتهم، بما في ذلك «تمجيد المقابر، وذبح الحيوانات الذبيحة»، وما أسماه «السحر والسكينة».

وتحدد المقابلة باللغة الإنجليزية، مدينة الروضة، باعتبارها واحدة من المناطق الثلاثة التي يعيش فيها الصوفيون في سيناء التي تعتزم الجماعة القضاء عليها.

وسبق أن تم استهداف مزارات الصوفيين في تلك المنطقة.

وفي 2013، فجر مسلحون ضريح «الشيخ سليم» في قرية مزار القريبة من قرية الروضة.

وفي ذات العام فجروا أيضا ضريحا آخر في منطقة المغارة التابعة لمدينة الحسنة في وسط سيناء.

وفي 2016 اختطف «ولاية سيناء» اثنين من كبار مشايخ الطرق الصوفية في شمال سيناء وهما الشيخ «سليمان أبو حراز» وشيخ آخر يدعى «اقطيفان المنصوري»، وتم قتلهما عن طريق فصل رأسيهما عن جسديهما بواسطة سيف كبير.

وحينها تبنى التنظيم الحادث ووصف الرجلان بأنهم «كاهنين».

تحذير أخير

أما موقع «مدى مصر»، فكشف أن مسلحين من تنظيم «ولاية سيناء» حضروا إلى القرية الأسبوع الماضي، وطالبوا الأشخاص من أتباع «الطريقة الجريرية»، بعدم إقامة «الحضرا» التى ينظموها بشكل دوري في الزاوية المقابلة للمسجد.

وبناء عليه، أوقف الشيخ المسؤول عن الزاوية «الحضرات»، خوفا من تهديدهم.

ونقل الموقع عن أحد مواطني القرية، الذي فضل عدم ذكر اسمه، قوله إن الأهالي توقعوا استهداف الزاوية الخاصة بالصوفيين، والتي تقع مقابل مسجد القرية، وأغلقوا الطريق المؤدي لها، ولكنهم فوجئوا بالعناصر المسلحة تجتاز تلك الحواجز التي أغلق بها الشارع واستهدفوا جميع المصلين الخارجين من مسجد القرية.

وأضاف: «حتى أن من حاول الفرار تم ملاحقته وقتله في الشوارع المحيطة بالمسجد».

كما لفت إلى أن أهالي القرية ليسوا كلهم من أتباع الطرق الصوفية، والمسجد يرتاده عدد كبير من الأشخاص.

وتابع، أن قرية الروضة كانت ملجأ خلال السنوات الماضية لعدد كبير من الأسر النازحة من مدينتي الشيخ زويد ورفح بسبب «الحرب» (في إشارة إلى الإجراءات التي يقوم بها الجيش المصري بالمنطقتين لملاحقة العناصر المسلحة التي تهاجم القوات بشكل دوري).

وأوضح أن «هذه الأسر استقرت داخل القرية وبدأت حياتها من جديد، وجميعهم من الرافضين لفكرة الخروج النهائي من شمال سيناء بسبب تعلقهم بالأرض وطبيعة المكان».

كما لفت إلى أن المسجد الذي تم استهدافه يعتبر استراحة لعديد من المدنيين مرتادي الطريق الدولي «العريش/القنطرة» خاصة يوم الجمعة، حين تتوقف سيارات الأهالي على الطريق الدولي ليشارك المسافرون بالصلاة.

فيما نقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن سكان القرية، قولهم إنه على الرغم من التهديدات الأخيرة لـ«الدولة الإسلامية»، كانت المدينة «سلمية» إلى حد كبير.

مواجهة متوقعة

وفي تقرير سابق لصحيفة «البوابة»، قالت قيادات صوفية، إن تهديدات «الدولة الإسلامية»، قد تم أخذها على محمل الجد من قبل أتباع الطرق، لافتين إلى أن «الصوفية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التهديدات الداعشية، ولن تسمح باستهداف مساجدها وساحات الأضرحة الخاصة بها، ولا بالاقتراب من الأولياء الصالحين».

وقالت القيادات: «هذه التهديدات لن تثنينا عن ثوابت الدين والعقيدة والوطنية، حتى لو اقتضى الأمر تشكيل ميليشيات مسلحة ضد الإرهاب».

أحد شباب الطرق الصوفية، كشف للصحيفة، أن «العتاد متوفر وكذلك الإرادة ومشروعية الهدف»، قائلًا: «لدينا القدرة على حماية معتقداتنا ومساجدنا وساحاتنا وحرمة نسائنا وأطفالنا، وفي حالة تنفيذ التنظيم تهديداته فإن عدم خروج الشباب الصوفي عن سيطرة مشايخه، الذين يدعون إلى ضبط النفس، سيكون صعبًا على أرض الواقع».

من الصوفيون؟

ويكن التنظيم، الكراهية للصوفيين بشكل خاص، فهم يتهمونهم بالشرك لأنهم يلتمسون شفاعة من مات من أئمة المسلمين.

ولكن في كثير من دول العالم الإسلامي، تم تقبل الصوفية منذ القدم، وتمارس من قبل المسلمين العاديين، ومن قبل أهم علماء السنة.

ويعد شيخ الأزهر أكبر مؤسسة إسلامية في مصر، وهو صوفي، مثله مثل العديد من كبار رجال الدين في العالم الإسلامي.

ويؤمن الصوفيون، بالتركيز على تحقيق حالة من الصفاء، التي يعتقد بعضهم أن مصطلح الصوفية قد استمد منها، ليشهدوا وجود الله في حياتهم.

وفي مقولة للصوفيين «الصوفي هو من لبس الصوف على الصفا، وسلك سبيل المصطفى».

وأدت بعض المفاهيم الصوفية التي تبناها زعماؤهم الدينيون على مر القرون لظهور بعض الذامين الذين اتهموهم بالحلولية والابتداعات الدينية.

يشار إلى أن جماعة «جند الإسلام»، المرتبطة بتنظيم «القاعدة» في سيناء، أدانت الهجوم، وقالت في بيان لها: «إننا في جماعة جند الإسلام، نعلن براءتنا واستنكارنا الشديد لعملية التفجير التي حدثت بمسجد الروضة، كما نعزي إخواننا وأخواتنا أهالي وذوي القتلى، غفر الله لهم وأسكنهم فسيح جناته».

يشار إلى أن جماعة «جند الإسلام» أعلنت في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، عن أول مواجهة ميدانية نفذتها الجماعة ضد عناصر تنظيم «ولاية سيناء» الذي أعلن بيعته لتنظيم «الدولة الإسلامية» في نوفمبر/تشرين الثاني 2014.

وتوعد الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، بالثأر والرد بـ«بقوة غاشمة» على الهجوم فيما بدأ الجيش، بالتعاون مع الشرطة المدنية، عملية أمنية واسعة لتعقب منفذي الهجوم.

  كلمات مفتاحية

مصر ولاية سيناء الصوفيين هجوم مسجد الروضة الإرهاب السنة الروضة

ناشطون: «السيسي» ظالم وقوته الغاشمة أوصلت مصر للحضيض

الفصائل الفلسطينية في غزة تقيم عزاء لضحايا «هجوم الروضة»

بريطانيا تعرض على مصر المساعدة في مواجهة الإرهاب

مجلس الصوفية بمصر ينفي إلغاء احتفالات المولد النبوي

«نتنياهو»: على العالم التوحد لمحاربة «الإسلام المتطرف» في سيناء