لماذا يتعين على الولايات المتحدة أن تتجه إلى تصدير النفط؟

الثلاثاء 20 يناير 2015 08:01 ص

يستعد الكونجرس الجديد للقيام بأكبر عملية تغيير في سياسة الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية منذ ما يقرب من عشر سنوات، وذلك على خلفية طفرة الصخر الزيتي المحلية. وهذا يُمثل تقدمًا كبيرًا على فرضية أن بعض الجمهوريين لا يعبأون بالأساطير الاقتصادية المتعلقة بأمن الطاقة.

ويدور أول أهم النقاشات في مجلس الشيوخ حول الموافقة على خط أنابيب «كيستون إكس إل»؛ والذي يبدو على الأرجح أنه سيُمرر. كما تريد أغلبية الحزب الجمهوري أيضًا تسريع الموافقات على محطات الغاز الطبيعي المُسال، والحد من القيود على الحفر والتنقيب والتكسير، وإزالة الحواجز التنظيمية الجديدة من الإدارة. وتُعدّ كل هذه التحركات دافعًا قويًا للنمو.

لكن النقاش حول «كيستون إكس إل» يجري في ظل تعهد زعيم الأغلبية الجديد «ميتش ماكونيل» بالسماح بإجراء تعديلات، على النقيض مما كان عليه فصل روضة أطفال «هاري ريد» الديمقراطي. ويريد الديمقراطيون الانضمام إلى النقاش بشكل طبيعي وسط تخطيط من بعضهم بتقديم تدابير من شأنها أن تضر بإنتاج الولايات المتحدة تحت راية الحد من صادرات النفط المزيفة.

ويكمن أحد أهداف الليبراليين في عرقلة أي تخفيف للحظر على صادرات النفط؛ والذي اقترب من دخول عامه الأربعين. وتتراجع أهمية الحظر عامًا تلو الآخر في ظل زيادة إنتاج الولايات المتحدة؛ حيث جاء أحدث التقديرات بـ 9.3 مليون برميل يوميًا في عام 2015، بعد أن كان الإنتاج تسعة ملايين برميل في اليوم تقريبًا خلال العام الماضي. لكن الحظر يعزز السياسة الشعبية الجيدة، ويروّج السيناتور «تشاك شومر» – من نيويورك - لإجراء تعديل يقضي بإبقاء النفط الذي يتدفق عبر أنابيب «كيستون إكس إل» في الولايات المتحدة.

هذا لا معنى له من الناحية الاقتصادية بداية من حقيقة أن سوق النفط هي سوق عالمية. الأمر المهم بالنسبة للأسعار هو العرض والطلب العالمي. وبقدر ما يُحدثه ضخ المزيد من النفط الخام الأمريكي إلى السوق العالمية من انخفاض أكثر للأسعار فإن هناك أمور أخرى ستكون متساوية.

والسبب في ذلك كله راجعٌ إلى أن معظم النفط الأمريكي هو من نوع الخام الخفيف الذي لا يمكن معالجته كله من قبل شركات التكرير في الولايات المتحدة. وقد بُنيت المصافي الأمريكية على ساحل الخليج لمعالجة الخام الثقيل المستورد من دول مثل فنزويلا. ويحظى الخام الخفيف بقيمة عالية، ومن ثمّ فإنه من المفترض أن يغطي قيمة ما تم إنفاقه لأجل إنتاجه. وبدلاً من ذلك؛ يقع المنتجون الأمريكيون تحت رحمة شركات التكرير الأمريكية منذ أن نصّ حظر التصدير على عدم البيع لأي مكان آخر.

وفي الوقت الذي تضخمت فيه إمدادات الولايات المتحدة، دفعت تلك المصافي نحو مزيد من انخفاض الأسعار بالنسبة للصخر الزيتي الأمريكي. وفي حين أن سعر خام برنت – المؤشر العالمي - يزال قريبًا من 50 دولار للبرميل، فإن منتجي الصخر الزيتي من باكن في داكوتا الشمالية يلعبون حول متوسط 34 دولارا لبرميل الخام الخفيف. ووجود الصادرات النفطية من شأنه أن يخلق سوق نفط أكثر كفاءة.

ويجادل معارضو رفع الحظر بأن الحفاظ على إنتاج النفط الأمريكي سيعزز أمن الطاقة بالنسبة للولايات المتحدة، كما أنه من الممكن تخزين تلك الطاقة لاستخدامها في حالات الطوارئ. وتمتلك الأجهزة الاتحادية بالفعل احتياطي نفط استراتيجي، والذي من الممكن أن يوفر بعض الراحة عند حدوث أزمة حقيقية. لكن الشركات لن تذهب بحثًا وتنقيبًا عن النفط إلا في حالة اطمئنانها أنه يمكنها بيع النفط وجني الأرباح.

أفضل ضمان لأمن الطاقة في الولايات المتحدة هو القدرة الإنتاجية الأمريكية القوية. وسوف يعطي السماح للصادرات الحافز لمزيد من الحفر. وبالمناسبة؛ فإن المستهلكين لا يقومون بشراء النفط الخام، لكنهم يقومون بشراء المنتجات المُكررة التي تُعدّ الولايات المتحدة بالفعل مصدرًا صافيًا لها.

ونشر كل من مكتب «المحاسبة الحكومي الفيدرالي» و«مكتب ميزانية الكونجرس» ومعهد «بروكينجز» و«معهد آسبن» عددًا من الدراسات التي تبين أن زيادة صادرات النفط سيستفيد منها المستهلكون في الولايات المتحدة الأمريكية. وتقدّر الدراسات أن السائقين يدركون ذلك في انخفاض أسعار البنزين من 1.5 سنت إلى 12 سنت لكل جالون، فضلاً عن انخفاض تكاليف التدفئة ووقود الديزل.

كما تُظهر الدراسات أيضًا أن صادرات النفط من شأنها أن تؤدي إلى مكاسب اقتصادية كبيرة فضلاً عن توفير فرص عمل في الوقت الذي يرمي فيه المنتجون مرة أخرى عوائد أعلى في الإنتاج. ووجدت دراسة حديثة - أجراها مستشارون دوليون لصالح معهد البترول الأمريكي - أن السماح للصادرات من شأنه أن يزيد إنتاج النفط الأمريكي بمقدار 500 ألف برميل يوميًا بحلول عام 2020م، وخلق ما يصل إلى 300 ألف فرصة عمل، وإضافة حوالي 38 مليار دولار إلى الناتج المحلي الإجمالي.

وفي الوقت الذي يتسبب فيه ذلك بزيادة المعروض، فإن صادرات النفط في الولايات المتحدة توفر أيضًا فائدة استراتيجية. وفرض انخفاض الأسعار العالمية ضغوطًا على الأنظمة المارقة التي تدخل في دائرة أكبر منتجي النفط في العالم مثل روسيا وإيران وفنزويلا.

ويعرف معظم الليبراليين كل هذا، ما يُظهر أن السبب الحقيقي وراء دعم حظر تصدير النفط لا يمت لأمن الطاقة بصلة، لكنها سياسة تغيّر المناخ. هم يعرفون أن طفرة الصخر الزيتي قوضت مسعاهم نحو الوقود المتجدد من خلال توفير النفط الرخيص والغاز الطبيعي. كما أنهم يدركون أن تصدير النفط الأمريكي سوف يزيد من حافز الولايات المتحدة للتنقيب بينما هم يفضّلون بقاء النفط والغاز في باطن الأرض.

ويحتدم النقاش في «بيلتواي» – واشنطن دي سي - حول اختيار أفضل توقيت لإجراء تصويت على رفع الحظر عن الصادرات، وسوف نترك ذلك للمحترفين. ويتعين أن تكون نقطة فتح المجال أمام صادرات النفط جزء لا يتجزأ من جدول أعمال الطاقة للحزب الجمهوري مثلها مثل خط أنابيب «كيستون إكس إل» أو صادرات الغاز الطبيعي المُسال أو التعاون مع وكالة حماية البيئة. إنها نوع من السياسة الداعمة للنمو التي اختار الناخبون لأجلها نواب الحزب الجمهوري ليدفعوا خلف الأمر.

المصدر | وول ستريت جورنال

  كلمات مفتاحية

حرب النفط النفط الصخري

النفط الصخري ومستقبل الطاقة في العالم

استراتيجية السعودية تستهدف ما هو أكثر بكثير من تدمير إنتاج النفط الصخري الأمريكي

طفرة الصخر الزيتي الأمريكي تقلص توقعات الطلب على نفط «أوبك»

كيف يؤثر انخفاض أسعار النفط السعودي على مشروعات النفط الصخري فى أمريكا؟