السجن والاحتجاز والمنع من السفر .. ثمن يدفعه مناصرو الحقوق في السعودية

الثلاثاء 20 يناير 2015 10:01 ص

في 3 ديسمبر الماضي؛ منعت سلطات مطار الملك عبد العزيز في جدة الناشطة «سمر بدوي» من مغادرة المملكة العربية السعودية لأجل الدعوة في الخارج لإطلاق سراح زوجها «وليد أبوالخير» - المحامي والناشط الحقوقي - الذي يقضي عقوبة بالسجن 15 عامًا لانتقاده السلمي السلطات السعودية على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» ومن خلال لقاءات تلفزيونية.

ولم يكن منع «سمر بدوي» من السفر هي العقوبة الأولى لها بسبب وقوفها كمدافعة عن حقوق الإنسان؛ فخلال عام 2010م أمر قاض سعودي بالقبض عليها بتهمة «العصيان»، وظلت حبيسة القضبان سبعة أشهر بعد أن فرت من منزل أسرتها هربًا من جحيم الإساءة الجسدية والنفسية التي كانت تتعرض لها، وسعيًا لإلغاء ولاية والدها عليها. وبقيت «سمر» في السجن إلى أن تولى «أبوالخير» قضيتها، وساعد في الإفراج عنها بحملة إعلامية جلبت صيحات الاحتجاج الدولي. وقد تزوج «أبوالخير» بـ«سمر» فيما بعد. وانقلبت الآية الآن حيث إن «سمر بدوي» هي التي تسعى لحشد الضغط الدولي من أجل إلغاء عقوبة السجن الظالمة ضد زوجها أبوالخير.

ويُعدّ دفاع «سمر بدوي» نوعًا من النشاط الذي يكرهه المسئولون السعوديون؛ حيث إنه يعرقل محاولاتهم لتحسين صورة بلادهم على المستوى الدولي؛ وخاصة لدى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف والذي انضمت إليه المملكة نهايات عام 2013م. وحين حاولت «سمر» التحدث عن قضية زوجها في أحد اجتماعات المجلس في شهر سبتمبر الماضي قاطعها المندوب السعودي مرتين لمنعها من إستكمال كلمتها. كما تكرر نفس الأمر من المندوبين السعوديين في يونيو 2014 عندما كانت «سمر» تُلقي بيانها بشأن أخيها رائف؛ الذي يواجه عقوبة السجن 10 سنوات وألف جلدة لإنشائه موقع ليبرالي في الملكة العربية السعودية.

ولم يعد يُوجد الآن ما يُقلق المندوبين السعوديين حول كيفية إسكات «سمر بدوي» في جنيف أو في أي هيئة دولية أخرى تتناول قضايا حقوق الإنسان. وبينما أظهر المسئولون السعوديون القليل من الاحترام لحرية التعبير في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، فليس إذن من المستغرب أن يواجه عدد متزايد من النشطاء في المملكة الحبس لمدد طويلة لمجرد أنهم رفعوا أصواتهم مطالبين بحقوق مشروعة.

وقد تساءلتُ كثيرًا العام الماضي عما إذا كانت حملة الحكومة السعودية ضد النشطاء المستقلين والمعارضين السلميين ستزداد سوءًا عما هي عليه، وبالفعل لا تتوقف السلطات السعودية عن إصدار قوانين تسوّغ لها القيام بما تريد.

علاوة على ذلك؛ فإنه بالإضافة إلى «أبوالخير»، فقد قضت محكمة مكافحة الإرهاب السعودية في 2014 على «فاضل المناسف» - الناشط المقيم بالقطيف - بالسجن 14 عامًا بتهمة الاتصال بجهات إعلامية أجنبية دون تصريح، واصطحاب صحفيين إلى مظاهرات ومنحهم معلومات تضر بأمن البلاد القومي. كما أودع «فوزان الحربي» - عضو في جمعية الحقوق المدنية والسياسية في المملكة العربية السعودية المحظورة حاليًا – السجن في نوفمبر بعد أن رفعت محكمة الاستئناف عقوبته إلى السجن 10 سنوات بتهم تتعلق بنشاطه السلمي. وأيضًا يقضي كل من «عبد الله الحامد» و«محمد القحطاني» - عضوا الجمعية - عقوبة السجن 11 عامًا و10 أعوام على التوالي بتهم مشابهة بعد أن أصدرت المحكمة حكمها ضدهما في مايو 2013م.

وينتظر كل من الناشط الليبرالي «سعود الشمري» و«عبد الرحمن الحامد» عضو جمعية الحقوق المدنية والسياسية محاكمة أخرى بينما هما خلف القضبان حاليًا بتهمة صدر فيها حكم سابق. وفي الوقت ذاته أدانت المحاكم السعودية مرتين الناشط الحقوقي «مخلف الشمري» بسبب نشاطه السلمي، وكان الإدانة في واحدة منهما لتواصله مع أفراد من الأقلية الشيعية في المملكة. وما زال هناك آخرون يواجهون نفس المضايقات والترهيب؛ من بينهم «إيمان القحطاني» - صحفية اضطرت إلى إلغاء حسابها على موقع تويتر في إبريل 2013 – ومُنعت من السفر منذ يوليو من نفس العام.

وحتى السيدات اللاتي يضغطن على الحكومة للحصول على حق قيادة السيارة يحاولن بشكل قوي تفادي الزج بهن إلى السجن حتى الآن، إلا أنهن لا يسلمن من التهديد؛ حيث ألقت السلطات السعودية القبض على «لجين الهذلول» و«ميساء العمودي» في 1 ديسمبر الماضي لقيادتهما السيارة على الحدود مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

وقد زاد قانون الإرهاب الصادر في 2014 الأمور سوءًا وتعقيدًا؛ نظرًا لمنحه السلطات أداة قمع جديدة لمعاقبة النشطاء عن طريق تجريم أي أعمال ولصقها بجرائم الإرهاب، ومن بين تلك الأعمال «الاتصال أو التواصل مع أي جماعة أو تيار أو أفراد معادين للمملكة» و«الدعوة أو المشاركة أو الترويج أو التحريض على الاعتصامات أو التظاهرات».

ويبدو أن الاعتقالات والإدانات وحظر السفر والجلد والتخويف هي وسائل السلطات السعودية لإسكات الأصوات المنتقدة داخل البلاد وحتى خارجها. ويجعل عدم احترام السعودية لحقوق مواطنيها الأساسية في الدعوة السلمية إلى الإصلاح عضوية الرياض في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مثار تهكم، وهو الأمر الذي أشارت إليه «سمر بدوي» خلال زيارتها الأخيرة للمجلس.

وإذا أرادت المملكة العربية السعودية تحسين صورتها فلا ينبغي عليها فقط الانضمام للهيئات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، بل يتحتم عليها كذلك أن تظهر احترامًا لحقوق مواطنيها، وأن تبادر بإطلاق سراح المسجونين ظلمًا لدفاعهم عن هذه الحقوق وإلغاء قرارات حظر السفر التي صدرت بحق ناشطين على شاكلة «سمر بدوي».

المصدر | هافينجتون بوست – آدم كوجل

  كلمات مفتاحية

الحريات في السعودية السعودية وليد أبو الخير سمر بدوي

السعودية: وليد أبو الخير لم يعتذر .. فعوقب بالسجن 15 عاماً 

«سمر بدوي»: رجال الأمن ضربوا زوجي في زنزانته حتى فقد الوعي

السلطات السعودية تمنع الناشطة الحقوقية «سمر بدوي» من السفر

«سمر بدوي» تنشر صورة «وليد أبوالخير» وابنته بمناسبة مرور 7 أشهر على حبسه

الحكم بسجن الناشط وليد أبو الخير 15 عام .. ونشطاء: لا يمكن اعتقال الكلمة

بالأسماء.. السعودية تمنع شخصيات بارزة من السفر خارج المملكة

العفو الدولية تطالب السعودية بوقف قيود سفر المعارضين