«بنيامين نتنياهو» و«افيغدور ليبرمان» يضللان كعادتهما الجمهور الاسرائيلي، فلا حاجة الى «التحريض» من قبل السلطة الفلسطينية او شخصيات عربية اسرائيلية ليقوم شاب فلسطيني بطعن عشرة اشخاص في حادث اعتداء. لا داعي ان تقوم اوساط خارجية بتشجيع شاب فلسطيني للخروج في حملة انتقام خاصة والتعرض لخطر الموت او فقدانه حريته لسنوات طويلة. فمهما تكن ظروف حياة حمزة محمد حسن متروك - فان الشعور بالغضب والتعب والتطلع الى الانتقام المتاجج فيه هو ملكه.
ولا حاجة الى «أجواء» خاصة، فالاجواء موجودة منذ ان ولد متروك في معسكر لاجئين في طولكرم وحتى قبل ان يولد ومن حوله :جيش الدفاع الاسرائيلي والادارة المدنية والشاباك ووزارة الدفاع والمستوطنات ومستوطنيها وابراج الحراسة الخاصة بالجيش الاسرائيلي والجدران الشائكة. هذه هي الاجواء. كلمة اجواء هي كلمة تضليلية، فالحديث يدور عن واقع يرفض فيه الجمهور الاسرائيلي الاعتراف بوجوده على الرغم من انه من صنع يده، لانه هو الذي يختار مشكلي هذه الاجواء وصانعي هذا الواقع في انتخابات ديمقراطية. ولأنه لم يرد، لا يعرف ما هي حياة اولئك الذين يعيشون تحت السلطة الاسرائيلية من غير اليهود.
إن كان هناك تحريض، فهذه هي جذوره، استعلائية شعب يرى لنفسه الحق في التدخل والتخريب في حياة شعب اخر، الشعب الفلسطيني، والتدخل في حياته وفي مستقبله وفي اقتصاده وفي ماله وفي دخله وعلاقاته العائلية والاجتماعية.
من جهة ما، فان العمليات الفردية الموجهة ضد المدنيين الاسرائيليين هي شهادة على ضعف وفشل النظام السياسي الفلسطيني. ان العمليات هذه ينفذها اشخاص لا يستمعون الى محمود عباس – بل العكس من الادعاء الكاذب لليبرمان، ينفذها اشخاص لا يعلقون املا على الطريق الدبلوماسية للرئيس، بعد ان افشلت اسرائيل طريق المفاوضات الخاصة به. انهم لا يستمعون الى النداء الداعي الى اتباع طرق غير عنيفة ضد الاحتلال. ان العمليات الفردية تشير الى غياب استراتيجية فلسطينية واحدة، الى الرسائل المبلبلة للمنظمات المختلفة والخصومات والمنافسات المنهكة بينها.
من جهة اخرى، فان العجب الكبير - والذي ينبغي لمواطني اسرائيل أن يباركوه – هو ان الغالبية من المواطنين الفلسطينييين لا يخرجون الى تنفيذ عمليات ضد كل اسرائيلي يصادفهم في الطريق. فالغالبية العظمى من الفلسطينين يحافظون على ضبط النفس طوال الوقت، لكي لا ينفجروا من الغضب ضد الغطرسة الاسرائيلية التي يواجهونها في كل يوم. الفلسطينيون بغالبيتهم يضبطون انفسهم لكي لا ينتقموا على الممارسات التي يقوم بها الاحتلال الاسرائيلي منذ قيامة وحتى اخر القائمة الطويلة من القتلى الفلسطينبن.
إن مواطني اسرائيل ملزمون بشكر منظمة مقاطعة إسرائيل BDS والقرار الفلسطيني بالانضمام الى المحكمة الدولية في لاهاي. فهذه مبادرات تتسامى على الغضب والاشمئزاز وهي مشتركة لدى جميع الفلسطينييين إلى العمل المدني والقانوني الذي هو عمل غير عنيف –على العكس من الاعمال اليومية للسلطة الاسرائيلية.
إن مواطني اسرائيل ملزمون ايضاً بمباركة هذه النشاطات، فالمتظاهرون في كل اسبوع في القرى العربية في الضفة الغربية ممن لا يلجأون الى العنف، لبس هدفهم هو الاسرائيلييين المسافرين في الحافلات، اهداف مسيراتهم واحياناً حجارتهم هي الاسرائيليون المسلحون من رؤؤسهم حتى اقدامهم ممن لا يترددون في اطلاق النار عليهم.
على الجمهور الاسرائيلي ان يتمنى النجاح للمسارات المتناقضة معه. فبدل الانتقام الشخصي يطورون افكارا ونشاطات سياسية. انهم يقترحون على الاسرائيليين ان يفتحوا عيونهم قبل ان يصبح الامر متاخرا.