«أبو هشيمة» يخرج من سوق الإعلام بمصر دون إرادته.. والمخابرات تتحكم

الأربعاء 20 ديسمبر 2017 08:12 ص

كشفت مصادر مصرية، أن رجل الأعمال «أحمد أبو هشيمة»، وافق على التخلى عن حصته في مجموعة «إعلام المصريين»، ضد إرادته، لافتة إلى أن المجموعة باتت بالكامل مملكوة لجهاز المخابرات العامة، بعد أن استحوذت عليها شركة «إيجل كابيتال».

موقع «مدى مصر»، تحدث إلى ثمانية مصادر منفصلة على اطلاع مباشر على جوانب مختلفة من الصفقة، وكشف تفاصيل استحواذ المخابرات العامة على «إعلام المصريين»، عبر الشركة التي تترأسها وزيرة الاستثمار المصرية السابقة «داليا خورشيد»، المتزوجة من محافظ البنك المركزي المصري «طارق عامر».

وقال مصدر، اطلع على تفاصيل صفقة الاستحواذ، إن «أبو هشيمة» خرج من «إعلام المصريين» ضد إرادته، بعد أن توصلت «داليا» إلى قناعة بأن «قراراته الإدارية والمالية كبدت المجموعة خسائر مالية ضخمة، لن يمكن معالجتها إلا بخروجه تماما من المشهد، دون أن يحتفظ حتى بأحد مقاعد مجلس الإدارة».

وفيما لم يعلن طرفا الصفقة أية معلومات بشأن عملية الاستحواذ أو بشأن شركة «إيجل»، غير المعروفة في سوق الأعمال المصرية من قبل، كشف مصدر آخر، أن «إيجل كابيتال للاستثمارات المالية ش.م.م» هي صندوق استثمار مباشر مملوك لجهاز المخابرات العامة المصرية، جرى تأسيسه مؤخرًا ليتولى إدارة جميع الاستثمارات المدنية للجهاز في عدد كبير من الشركات المملوكة للمخابرات جزئيًا أو كليًا.

تحكم المخابرات

ووفقًا لمسؤول تنفيذي سابق رفيع المستوى بمجموعة شركات «أبو هشيمة»، فإن حصة الأخير من «إعلام المصريين» لم تتجاوز أبدا عددا محدودا من الأسهم، حيث إن دوره كرئيس لمجلس إدارة الشركة انحصر بالأساس في تمثيلها كواجهة إعلامية، وتوقيع التعاقدات باسمها، فيما كانت الحصة الحاكمة من الشركة مملوكة بالفعل لجهاز المخابرات العامة، الذي أصبح بموجب صفقة الأمس يمتلك كافة أسهم مجموعة «إعلام المصريين».

و«إعلام المصريين»، هي شركة قابضة تملك بدورها، إلى جانب شبكة «أون تي في»، ستة من الصحف والمواقع الإخبارية، أكبرها موقع وجريدة «اليوم السابع»، وشركتين للإنتاج الدرامي والسينمائي، وسبعة من شركات الخدمات الإعلامية والإعلانية، وشركة للأمن والحراسة.

ورفضت المحامية «منى ذو الفقار»، التي تولى مكتبها «ذو الفقار وشركاها»، إتمام صفقة الاستحواذ على «إعلام المصريين» كوكيل قانوني عن شركة «إيجل كابيتال»، الإفصاح عن أية تفاصيل بشأن الصفقة، بسبب التزامها كمحامية بحماية أسرار العميل، واكتفت بالقول إن مكتبها «يتولى صفقات استحواذ واندماج في البلد كلها طوال الوقت، فلماذا كل هذه الضجة على صفقة إعلام المصريين؟».

وأضافت أن شركة إيجل ستنظم مؤتمرًا صحفيًا «قريبًا» للإعلان عن تفاصيل صفقة الاستحواذ.

وكانت صحيفة «الأخبار» اللبنانية، قد تنبأت بصفقة وشيكة بين «خورشيد» و«إعلام المصريين»، في تقرير نشرته الشهر الماضي تحت عنوان «أبو هشيمة خارج المشهد الإعلامي قريباً».

وتعد صفقة الاستحواذ على «إعلام المصريين» أولى التحركات العلنية لـ«داليا خورشيد»، التي كانت قد اختفت عن الأضواء بشكل شبه كامل منذ خروجها من وزارة الاستثمار في فبراير/شباط من العام الجاري، ثم إعلان زواجها في الشهر التالي من المحافظ الحالي للبنك المركزي «طارق عامر».

صفقة خفية

وفي صفقة مشابهة لم يعلن عنها من قبل، كشف مصدر مطلع داخل شبكة قنوات «سي بي سي» عن أن أسهم المخابرات العامة في الشبكة قد جرى خلال شهر ديسمبر/كانون الأول الجاري، نقلها في سرية إلى مجموعة «إعلام المصريين».

وبذلك أصبحت «إيجل كابيتال» منذ الأمس، تمتلك أيضا حصة تقترب من النصف من «سي بي سي»، التي لا تزال الحصة الحاكمة فيها -حتى وقت كتابة هذه السطور- مملوكة لرجل الأعمال «محمد الأمين» وأسرته.

وكانت شركة «المتحدة للطباعة والنشر وتكنولوجيا المعلومات»، المملوكة للمخابرات العامة، قد أعلنت في أكتوبر/نشرين الأول 2016، عن استحواذها على حصة من تحالف شبكتي «سي بي سي» و«النهار»، وهو الاندماج الذي أعلن فشله في أبريل/نيسان الماضي، لتخرج شبكة «النهار»، وتبقى الشراكة بين كل من شركة «المتحدة» (المخابرات العامة) و«الأمين» عبر شركته «فيوتشر».

ونفى المسؤول من شبكة «سي بي سي»، أن تكون هناك نية لدمج شبكتي «أون تي في» و«سي بي سي»، مؤكدًا أن المتفق عليه حتى الآن هو أن تبقى الشبكتان منفصلتين مع تعاونهما الحتمي نظرًا لتبعيتهما الآن لشركة واحدة هي «إيجل كابيتال».

تحكم في الإعلام

الناشر الصحفي «هشام قاسم»، العضو المنتدب الأسبق لصحيفة «المصري اليوم» أكد من جانبه أنه سمع مباشرة من ملاك لصحف وقنوات تليفزيونية أخرى أن «داليا خورشيد» تواصلت معهم على مدار الأسابيع الماضية للتفاوض بشأن مشاركة جهاز المخابرات العامة في شركاتهم أو شرائها بالكامل.

ويرى «قاسم» أن الأجهزة الأمنية تعمل في مجال الإعلام الآن بغرض واحد هو التحكم الكامل في الرسائل الإعلامية، عبر شرائها من المنبع، وعدم الاكتفاء بتعاون ملاك وسائل الإعلام أو الضغط عليهم.

وقال: «ليست هناك أي خطط للربح أو حتى تفكير في قابلية هذه الوسائل الإعلامية للربح، وإنما هو مجرد تدافع لشرائها استجابة لتكليف معلن من رئيس الجمهورية بالوصول إلى مستوى الاصطفاف الإعلامي الكامل وراء القائد كما كان الحال في عهد (جمال) عبد الناصر».

وأضاف «قاسم» أن الصفقات الإعلامية المتتالية للأجهزة الاستخباراتية تثير غضبًا شديدًا في أوساط صناعة الإعلام، أولًا بسبب ضخامة المبالغ المهدرة في هذه الصفقات، وثانيًا «لأن عددًا كبيرًا من العاملين في قطاع الإعلام يجلسون في منازلهم الآن دون عمل إما لأنهم يرفضون العمل لصالح أجهزة أمنية أو لأن تلك الأجهزة لا تقبل العمل معهم»، بحسب قوله.

مصير «أبو هشيمة»

أما بشأن مستقبل «أبو هشيمة»، فقد توقع المسؤول السابق بمجموعة شركاته، أن تقوم «داليا خورشيد»، في خطوتها التالية بشراء أسهمه في «حديد المصريين» بالكامل، تمهيدًا لإخراجه منها كما حدث مع «إعلام المصريين»؛ على أن تتفاوض بعدها مع رجل الأعمال القطري «محمد بن سحيم» على شراء حصته من الشركة، والتي قدرها المسئول السابق بحوالي 70% من أسهم «حديد المصريين» حاليا.

و«أبو هشيمة» تلون بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، بسرعة كبيرة، وصار يتقدم مرافقي الرئيس المصري «عبدالفتاح السيسي»، لتنظيم حملات الدعاية والتأييد له في الجولات الخارجية، وتبرع بأموال طائلة للنظام.

قلق رجال الأعمال

مسؤول حكومي سابق، شغل منصبًا اقتصاديًا رفيعًا، قال إن مجتمع الأعمال بدوره يشعر بقلق متزايد من توسع أجهزة الدولة المعروفة بـ«السيادية» في الدخول في أنشطة اقتصادية مدنية ليست لها طبيعة أمنية أو استراتيجية.

وتساءل: «ما هو منطق الدولة في الدخول في هذه الأنشطة؟ وهل ستتمتع هذه الشركة الجديدة (إيجل كابيتال) بالشفافية المطلوبة في شركة اقتصادية مدنية من هذا النوع؟».

وحذر المسؤول مما أسماه «تشويها متعمدا للسوق» بسبب الإخلال بمبدأ تكافؤ الفرص بين المستثمرين، حيث تحصل الشركات التابعة للأجهزة «السيادية» على معاملات تفضيلية من الدولة وكذلك من المستثمرين الراغبين في التقرب من الدولة.

وكانت منظمة «مراسلون بلا حدود»، ومقرها باريس، قد أبدت في سبتمبر/أيلول الماضي قلقها من سيطرة أجهزة المخابرات على عدد من المؤسسات الإعلامية المصرية، وذلك في تقرير بعنوان «مصر: حينما تبسط المخابرات سيطرتها على الإعلام، قالت فيه إن «رجال المخابرات أقرب إلى وسائل الإعلام من أي وقت مضى».

  كلمات مفتاحية

الإعلام المخابرات أبو هشيمة داليا خورشيد إعلام المصريين

صفقة استحواذ تعيد تشكيل خارطة الأذرع الإعلامية للنظام المصري

الديون وعدوى التسريح تطاردان الفضائيات المصرية

مصر.. ناشطون يتداولون مقاطع فيديو وصورا جنسية لـ"أبو هشيمة"