«الغارديان»: بعد سحق الخصوم.. لا معنى للانتخابات الرئاسية في مصر

الأربعاء 24 يناير 2018 09:01 ص

تنتشر ملصقات «عبد الفتاح السيسي» الضخمة في الغرف الفارغة داخل مقر حملة الرئيس المصري لأجل انتخابه لولاية ثانية.

وتعقد الانتخابات الرئاسية في مصر بعد شهرين، إلا أن الشقة المكونة من 5 غرف، التي من المفترض أن تكون محور حركة الحملة، تبقى ساكنة، باستثناء حركة المرور في الشارع الخارجي، وهو عبارة عن طريق صاخب ذو اتجاهين لميدان التحرير في القاهرة.

وكانت الحملة غير الرسمية - التي سميت بـ «عشان نبنيها» - قد بدأت في أكتوبر/تشرين الأول، في محاولة لتحريك دعم السيسي، قبل وقت طويل من إعلان موعد الانتخابات في مارس/آذار المقبل، وقبل إعلان الرئيس المصري - رسميا - الجمعة أنه يتقدم للترشح لولاية جديدة.

ويبدو انتصار السيسي مؤكدا؛ فقد تم سحق المعارضة بنجاح، وجرى إخراج المرشحين الرئاسيين الآخرين من السباق.

ومع ذلك، على الرغم من الجهود التي يبذلها أفراد حملة «عشان نبنيها»، لا يزال دعم الجنرال العسكري السابق ساكنا.

وفي ديسمبر/كانون الأول، أفادت الحملة بأنها جمعت أكثر من 12 مليون توقيع من مواطنين يطالبون السيسي بالترشح لولاية ثانية، إلا أن قناة إخبارية مصرية تلفزيونية نشرت مؤخرا لقطات لأشخاص (موظفين وعمالا) يتقاضون رواتبهم فقط بعد التوقيع على التوكيلات، في حين تم التحقيق مع مدير مدرسة في منطقة دلتا النيل بعد نشر رسالة موجهة للموظفين للتوقيع على «التوكيلات»، مطالبا إياهم بإحضار دليل توقيعهم إلى المدرسة والإدارة التعليمية المحلية.

وخلال زيارة لمقر الحملة الأسبوع الماضي، وجدت «الغارديان» موظفا واحدا يجلس بجانب مجموعة كبيرة من «التوكيلات» غير الموقعة.

«كانت هناك سيدة أتت مع طفلها، وعلى الفور ركضت لتقبيل حذاء «السيسي» على هذا الملصق»، ابتسم محمد طاهر - الشخص الوحيد في الخدمة - مشيرا إلى صورة كبيرة للسيسي يرتدي فيها بدلة زرقاء واضحة وحذاء لامع. وكانت هناك قائمة من الشعارات المجاورة له مثل: «لأننا بحاجة لتطهير بلدنا من الإرهاب.. وحتى نتمكن من الاستمرار في الريادة.. وحتى نتمكن من التخلص من الفساد».

وجاء إعلان السيسي عن عزمه الترشح لولاية ثانية، بعد مؤتمر استمر لثلاثة أيام، تحت عنوان «حكاية وطن».

واستولى الطاغية على السلطة بعد انقلاب عسكري عام 2013، في حملة تمجيد شخصية عدوانية شهدت تزيين وجهه لألواح الشوكولاتة، وحتى الملابس الداخلية النسائية، قبل فوزه في انتخابات عام 2014 بنسبة 97% من الأصوات.

ونادرا ما تسمع الآن أصوات الأغنيات المؤلفة لتأييده منذ 3 أعوام، بعد فترات من عدم الاستقرار الاقتصادي المتفاقم وزيادة العنف الجهادي.

وفي الحملة الانتخابية عام 2014، وعد السيسي المصريين بالاستقرار والازدهار الاقتصادي، وقد اتسمت الأعوام التي تلت ذلك بقمع مطرد - وأحيانا دموي - لأي معارضة، وتقلص نشاط المجتمع المدني بشكل كبير، في حين تم وصف مصر كـ «واحدة من أكبر السجون في العالم للصحفيين»، من قبل جماعة حرية الصحافة «مراسلون بلا حدود».

وقبلت الحكومة المصرية قرضا طارئا من صندوق النقد الدولي في أواخر عام 2016، لتفادي الأزمة الاقتصادية المتفاقمة التي أدت إلى إصلاح مؤقت، لكنها عجلت برفع تكاليف المعيشة على المصريين.

وقال «طاهر»: «أي شخص ينتخب سوف يقدم وعودا. لكنه يحتاج إلى الوقت للوفاء بها.. السيسي ليس ساحرا، فهو يحتاج إلى وقت لإصلاح هذه الأمور».

وأكد أن الناس سافروا من أماكن بعيدة إلى مقر الحملة، لتوقيع استمارات التأييد، لكنه لم يتمكن من معرفة عدد التوقيعات التي جمعها الفرع الرئيسي للحملة.

ووجد استطلاع للرأي العام - أجراه المركز المصري لبحوث الرأي العام عام 2016 - أن شعبية السيسي قد انخفضت من 82% إلى 68% بعد 28 شهرا في منصبه.

ولم يجر استطلاع مماثل منذ ذلك الحين.

ويعكس مسار «طاهر» السياسي العديد من التغييرات في مصر منذ الإطاحة بالديكتاتور السابق «حسني مبارك».

وكان «طاهر» قد انضم إلى الاعتصامات التي أطاحت بالديكتاتور في يناير/كانون الثاني عام 2011، وهو أحد الشباب الذين نزلوا «مدفوعين بإمكانية التغيير».

وقال «طاهر»: «الآن أشعر بالأمل مرة أخرى»، قال ذلك وحيدا في مكتب الحملة التي عمل فيها لمدة 3 أشهر.

وأوضح أن رئيسه - النائب البرلماني «محمد شعبان» الذي أسس للحملة - عرض على موظفيه في شركة الكهرباء إجازة مدفوعة الأجر للعمل في الحملة، ووافق طاهر على ذلك.

ولم يرد «شعبان» على الطلبات المتكررة للتعليق.

وكان رئيس الأركان المصري السابق «سامي عنان» - الذي تم اعتباره أبرز المنافسين الرئيسيين لـ «السيسي» في سباق الرئاسة - قد تم اعتقاله، الثلاثاء، في القاهرة، بعد أن أعلن عزمه على الترشح.

وأعلن «أنور السادات» - ابن شقيق الرئيس المصري السابق - الأسبوع الماضي أنه لن يترشح للرئاسة، مستشهدا بجو يحظر «إمكانية المنافسة الشريفة»، منتقدا جمع التوقيعات من موظفي الحكومة قبل أن تبدأ عملية الترشح، وهي الممارسة التي قال إنها «تنتهك قواعد الانتخابات».

وأشار «السادات»، والمحامي اليساري «خالد علي»، إلى حملة من المضايقات المستهدفة ضد مؤيديهم.

ومن غير المحتمل أن يكون «علي» قادرا على استكمال الترشح بسبب محاكمته أمام القضاء المصري حاليا في قضية فرعية منظورة.

وتلقى «السيسي» مؤخرا تأييدات من أكثر من 500 من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 596 عضوا، حتى قبل أن يعلن رسميا اعتزامه الترشح لولاية ثانية.

وبعد اعتقال «عنان»، المرشح الوحيد المحتمل القادر على الترشح ضده، يتبقى النائب اليميني «مرتضى منصور»، الذي يجب أن يحصل على 25 ألف توقيع من 15 محافظة على الأقل لدخول السباق.

وقال طاهر: «أود أن يدخل شخص ما ضد السيسي، لنظهر كدولة ديمقراطية. وحتى على الرغم من أنني أؤيده، أريد أن يدخل أي شخص ضده».

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية المصرية سامي عنان الجنرال عبد الفتاح السيسي الغارديان علشان نبنيها

«أحمد شفيق» يقرر عدم الترشح لانتخابات الرئاسة بمصر

مصر.. توكيلات مرشحي الرئاسة تقارب المليون و«السيسي» المؤهل الوحيد