هل يفوز الروس بـ«كعكة» النووي السعودي؟

الخميس 15 فبراير 2018 12:02 م

نشاط ملحوظ شهدته العاصمة السعودية، الرياض، الأربعاء كان قاسمه المشترك هو التعاون الروسي السعودي في مجالات الطاقة.

وعند الحديث عن مجال الطاقة بين الرياض وموسكو، فإن الأمر يذهب إلى قضيتين رئيسيتين، الأولى سياسة الاتفاق على أسعار النفط وتثبيته عالميا، باعتبار السعودية وروسيا أكبر منتجين للنفط في العالم، أما الأمر الثاني فهو التعاون النووي السلمي بين البلدين.

داخل قصر اليمامة بالرياض كان وزير الطاقة الروسي «الكسندر نوفاك» على رأس وفد رفيع المستوى، في ضيافة الملك «سلمان» ونجله، ولي العهد.

وبحسب وسائل إعلام سعودية، فإن الجانبان بحثا «سبل تعزيز وتطوير التعاون الثنائي في مجالات الطاقة خاصة في مجال إعادة التوازن لأسواق النفط من خلال قيادة الدول المنتجة لخفض الفائض من مخزونات النفط العالمية».

عرض رسمي

الأمر الثاني الذي جاء من أجله الوزير الروسي، كان تقديم عرض موسكو الرسمي لإنشاء مفاعلين نوويين لإنتاج الطاقة في المملكة، التي تعتزم السعودية تنفيذهما خلال 2018، بحسب «الحياة» اللندنية.

بعد ذلك عقد ولي العهد «محمد بن سلمان» جلسة مباحثات مع مدير صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي «كيريل دميتريف» ناقشت التعاون الاستثماري بين البلدين، بما في ذلك مشاريع بمشاركة الصندوق الروسي وصندوق الاستثمارات العامة السعودي وشركة «أرامكو» السعودية، بحسب ما نقلته «رويترز».

ولم يكشف البيان تفاصيل عن المشاريع التي تمت مناقشتها، لكن «دميتريف» خلال حديثه مع الصحفيين توقع قريبا استكمال الاتفاق مع شركة «أرامكو» للنفط للاستثمار في شركة «أوراسيا دريلينغ» لخدمات حقول النفط.

وبعيدا عن كل تلك التفاصيل، فإن أكثر ما يمكن أن يكون مهما هنا هو عودة الحديث عن «عرض روسي رسمي لتفاصيل إنشاء مفاعل نووين سعوديين»، وهو ما ذكره وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية السعودي «خالد الفالح».

وزير الطاقة الروسي، قال بعد مقابلته مع الملك «سلمان»: «بحثنا كذلك التعاون في مجال الطاقة النووية، وقدمت شركة روس أتوم طلبا فعليا لإنشاء مفاعلين نوويين (بالمملكة)، وهناك اتجاهات واسعة للتعاون في مجال الطاقة النووية والطب النووي وكذلك الأغراض السلمية والمدنية».

مكالمة هاتفية «مهمة»

زيارة وزير الطاقة الروسي إلى الرياض، سبقها الإعلان عن مكالمة هاتفية بين الملك «سلمان» والرئيس الروسي «فلاديمير بوتين»، ناقشت «ملفات مشتركة غاية في الأهمية»، وفق ما أوردت «سبوتنيك».

ولتعزيز التعاون في مجال الطاقة النووية، وقعت موسكو والرياض، منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي على خارطة طريق للتعاون في مجال «الطاقة النووية السلمية».

وترافق توقيع خارطة الطريق مع إعلان الرياض عن عزمها بناء 16 مفاعلا للطاقة الكهروذرية على مدى فترة تمتد مابين 20 و25 عاما، بتكلفة تزيد عن 80 مليار دولار، إضافة إلى مفاعلات أخرى صغيرة لتحلية المياه.

لكن الرياض أعلنت، في وقت لاحق، تخليها عن خطة بناء هذا العدد الكبير من المفاعلات، والاكتفاء ببناء مفاعلين سينتجان ما يصل إلى 2 وإلى 3.2 غيغاواط من الكهرباء.

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، زار الرياض وفد من وزارة الطاقة الروسية ووزارة الصناعة والتجارة، ضم الوفد أكثر من 60 ممثلا عن شركات روسية بارزة بما في ذلك: غازبروم، سيبور، كماز، السكك الحديدية الروسية، وكان الحديث حينها عن رغبة روسية في التعاون مع السعودية لبناء 16 مفاعل نووي سلمي لإنتاج الكهرباء، قبل أن تقرر الرياض تقليص الخطة.

منافسون آخرون

ليست روسيا وحدها هي من عرى رادار المشروع النووي السعودي السلمي، ففي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أعلنت مصادر أن  «وستنغهاوس» المملوكة لشركة «توشيبا» اليابانية تجري محادثات مع شركات أمريكية أخرى، مثل «إكسيلون» و«بكتل كورب»، لتشكيل كونسورتيوم بهدف المنافسة في عطاء بمليارات الدولارات لبناء مفاعلي طاقة نووية في السعودية.

ويقدر خبراء متخصصون في صناعة المفاعلات النووية قيمة صفقة بناء مفاعلين في السعودية بنحو 12 مليار دولار، بناء على التكلفة الإجمالية للمشروع الإماراتي التي تبلغ 24 مليار دولار، حيث ستبني أبوظبي 4 مفاعلات.

لكن التكلفة في النهاية قد تختلف وفقا للفائز بالمناقصة.

وإلى جانب روسيا وأمريكا، كان هناك أيضا عرضا من شركة «أريفا»، ذراع الأنشطة النووية لـ«إي.دي.إف» الفرنسية المملوكة للدولة، التي قالت، في أكتوبر/تشرين الأول 2017، إنها تجري محادثات مع الرياض حول توريد مفاعلات.

وهناك أيضا «شركة الصين العامة للطاقة النووية»، حيث كانت موردا آخر محتملا.

لماذا الآن؟

لماذا اهتمت السعودية فجأة بالمشروع النووي السلمي؟

بعيدا عن الأسباب التي تسوقها الدوائر الرسمية والإعلامية بالرياض من باب تنويع مصادر الطاقة، ونظرية التغيير الشامل التي يتبناها ولي العهد «محمد بن سلمان»، أكدت صحيفة «دير شتاندرد» النمساوية، خلال تقرير نشرته، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أن الأمر له «أبعاد سياسية».

وأضافت: «على الجانب الآخر من الخليج، ربطت إيران منذ سبتمبر/أيلول 2011، محطة «بوشهر» النووية بشبكة الكهرباء الوطنية.

ولا تنتج إيران الطاقة النووية فحسب، ولكنها تمتلك برنامجا لتخصيب اليورانيوم، بهدف إنتاج الوقود النووي لتلبية احتياجاتها الخاصة.

وأفادت الصحيفة بأنه كان من المفترض أن يحد الاتفاق النووي في سنة 2015، من البرنامج الإيراني لتخصيب اليورانيوم بشكل كبير.

لكن إبرام هذا الاتفاق كان يحيل في جوهره إلى قبول المجتمع الدولي بالبرنامج الإيراني، ما أدى إلى تنامي موجة الغضب في دول المنطقة، على غرار المملكة العربية السعودية و(إسرائيل).

وتطرقت الصحيفة إلى تصريحات المسؤولين السعوديين الذين أكدوا أن المملكة قد اتخذت خطوتها الأولى نحو الاكتفاء الذاتي في مجال إنتاج الوقود النووي، كما تتمتع المملكة بمخزون من اليورانيوم ستعمل على استخراجه، وتخفيفه.

وكشفت الصحيفة أن السر الآخر وراء هذه الخطوة أنها تعد «تجسيدا للسياسة الخارجية والأمنية الجديدة للمملكة، وذلك بهدف التصدي للنفوذ الإيراني».

وفي حال عدم عدول إيران عن فكرة تخصيب اليورانيوم، سيكون ذلك إيذانا ببداية سباق التسلح النووي في الخليج عامة، بحسب الصحيفة.

ثمرة «النووي السعودي»

والآن، يبدو أن روسيا مهتمة بشكل خاص بأن يرسو المشروع النووي السعودي عليها، وهو ما يفسره تجديد موسكو عرضها، خلال الساعات الماضية على الرياض، ودعمه من الرئيس الروسي شخصيا، خلال مكالمته الهاتفية الأخيرة مع العاهل السعودي، علاوة على العروض الاستثمارية الضخمة التي تقدم بها الروس، أمس الأربعاء، إلى المسؤولين السعوديين، على لسان مدير صندوق الاستثمارات المباشرة الروسي «كيريل دميتريف».

فهل تنجح روسيا في قطف ثمرة الطاقة المغرية في السعودية؟

جزء من الإجابة يفسرها حديث وزير الطاقة الروسي «ألكسندر نوفاك»، في تدوينة نشرت، الثلاثاء، أشار فيها إلى أن الشركات الروسية جنت من اتفاق خفض إنتاج النفط المبرم مع «أوبك»، برعاية السعودية، والذي دخل حيز التنفيذ مطلع 2017، نحو 700 مليار روبل (12.11 مليار دولار)، في حين كسبت الموازنة الروسية نحو 1.7 تريليون روبل (29.42 مليار دولار).

ويعني ذلك أن إجمالي الإيرادات الإضافية التي جنتها روسيا إلى الآن من الاتفاق تبلغ 41.5 مليار دولار.

  كلمات مفتاحية

السعودية نووي برنامج نووي روسيا طاقة مفاعلات نووية كهرباء الرياض

«أمريكان إنتربرايز»: على واشنطن ألا تضع الطاقة النووية في يد «بن سلمان»

«بلومبيرغ»: «ترامب» وافق على بيع مفاعلات للسعودية تخصب اليورانيوم

«ترامب» يرفض طلب «نتنياهو» بوقف بيع مفاعلات نووية للسعودية

"الطاقة الذرية" تعلن جاهزية السعودية لبناء مفاعلها النووي