في يومها العالمي.. نجاحات استثنائية للمرأة بالسعودية و«الولاية» أبرز التحديات

الثلاثاء 6 مارس 2018 04:03 ص

يحتفل العالم في الثامن من مارس/آذار من كل عام، بـ«يوم المرأة العالمي»، بيد أن الاحتفال في السعودية يأتي هذا العام مضاعفا، بعد ما انتزعت المرأة في المملكة، على الأقل خلال العام الماضي، الكثير من حقوقها.

اختلاف كبير في واقع المرأة السعودية بين عامي 2017 و2018، بعدما انتزعت قيادة السيارة، وسمح لها بدخول الملاعب، وتم تعيينها في مناصب قيادية بالوزارات، في ظل اتخاذ خطوات لتقليل من وقع ولاية الرجل عليها، فضلا عن السماح بعروض الأزياء والموضة، وماراثون الجري، وغيرها.

وعلى الرغم من هذه النجاحات، فإنها لا تزال أسيرة بعض العادات والتقاليد السعودية، الآخذة في التغيير حاليا، نظرا لما تشهده المملكة من ثورة اجتماعية، خاصة في طريقة الملبس والقيود المفروض عليها بسبب ولاية الرجل.

ولكن، يجب التأكيد أن ما تحقق للمرأة في السعودية، هو إنجاز بالمقارنة للوضع السابق، وما تواجهه حاليا من عقبات وصعوبات ليست للمرأة السعودية فحسب، بل تواجه المنطقة العربية كلها.

قيادة السيارات

ويعد قرار الملك السعودي «سلمان بن عبدالعزيز»، في سبتمبر/ أيلول 2017، السماح بإصدار رخص قيادة السيارات للنساء، هو النجاح الأبرز للسعوديات خلال العام الماضي.

القرار المقرر أن يبدأ تنفيذه منتصف 2018، جاء بعد عقود من «تحريم» هذا الحق للمرأة، لتتخلي المملكة عن لقب الدولة الأوحد في العالم التي كانت تمنع الجنس اللطيف من القيادة.

دخول المدرجات

كما يعد السماح للمرأة، دخول ملاعب كرة القدم، أحد نجاحاتها خلال الفترة الأخيرة، بعدما سمح لها للمرة الأولي في 12 يناير/كانون الثاني الماضي، بدخول ملعب مدينة الملك عبدالله الرياضية بجدة «الجوهرة»، خلال مباراة فريقي «الأهلي» و«الباطن».

وبالإضافة إلى ملعب «الجوهرة»، تم السماح للنساء ضمن عائلاتهن دخول وحضور مباريات الدوري السعودي في 3 إستادات أخرى.

مناصب قيادية

قبل نحو ثلاثين عاماً، لم يكن من المقبول الحديث عن توطين قيادات نسائية خارج إطار العمل التعليمي، لكنه غدا مقبولاً فيما بعد في بعض القطاعات الصحية، ثم في قطاع الأعمال، وحتى في قطاعات حكومية مهمة، لتصل المرأة السعودية إلى منصب نائب وزير.

خلال الشهور الأخيرة، شهد تقلد سعوديتات مناصب مرموقة في الملف الاقتصادي والخدمي بالبلاد، في ظل تمثيل يصل إلى قرابة الثلث في مجلس الشورى «البرلمان».

أبرز هذه المناصب، كان تعيين «تماضر بنت يوسف الرماح»، نائبًا لوزير العمل والتنمية الاجتماعية لشؤون التنمية الاجتماعية، بالمرتبة الممتازة، لتكون هي المرأة الثانية، التي تتقلد منصب نائب وزير، في تاريخ المملكة، بعد «نورة الفايز» التي تم تعيينها في عام 2009 نائبة لوزير التعليم.

سبق ذلك، تعيين «سارة بنت جماز السحيمي» رئيسة لمجلس إدارة شركة السوق المالية السعودية «تداول»، لتكون أول امرأة تتولى هذا المنصب منذ تأسيس الشركة عام 2007 بقرار من مجلس الوزراء.

كما تم تعيين «رانيا نشار» رئيساً تنفيذيا لمجموعة «سامبا» المالية السعودية، لتكون أول سيدة تشغل منصب رئيس تنفيذي لبنك سعودي على الإطلاق.

ولأول مرة، تم تعيين امرأة في منصب تنفيذي بالعمل البلدي، حينما تقرر تعيين «إيمان بنت عبدالله الغامدي» مساعد رئيس بلدية محافظة الخبر لتقنية المعلومات، ورئاسة قسم الخدمات النسائية.

وفي مارس/آذار 2017، وافق مجلس الشورى (البرلمان) السعودي، لأول مرة، على توظيف النساء في قطاعات وزارة الحرس الوطني في الأعمال المساندة، وذلك، بعد إعلان افتتاح قسم جديد في جامعة الأمير نايف للعلوم الأمنية للنساء، من أجل دراسة أمن المعلومات لمرحلة البكالوريوس والماجستير.

فتح مجالات التوظيف

وتخطط وزارة العمل السعودية، إلى رفع نسبة القوى العاملة النسائية من السعوديات إلى 28%، من إجمالي القوى العاملة في البلاد بحلول 2020.

وأمام ذلك، فتحت السعودية، عدد من المجالات، لتوظيف المرأة.

وزاد عدد النساء السعوديات العاملات في القطاع الخاص بنسبة 130%، خلال السنوات الأخيرة، لترتفع من 215 ألف امرأة تعمل في القطاع الخاص عام 2012، إلى 496 ألف امرأة عام 2016، أي بمعدل 8500 وظيفة في الشهر.

التجنيد بالأمن العام

مكسب آخر للسعوديات، حصلن عليه عندما فتحت مديرية الأمن العام، باب التوظيف للنساء لشغل وظائف أمنية برتبة «جندية»، للمرة الأولى في المملكة وذلك خلال الشهر الماضي.

ووضعت السلطات شروطا للالتحاق بهذه الوظيفة، منها أن تكون المتقدمة «سعودية الأصل والمنشأ»، مستثنيا من عاشت مع والدها الذي يعمل بوظيفة حكومية في الخارج.

وكذلك من بين الشروط، اجتياز اختبارات القبول والمقابلات الشخصية، والفحص الطبي، وألا يقل الطول عن 155 سم، وتناسبه مع الوزن، وأن تكون حسنة السيرة والسلوك.

خطوة لإنهاء الولاية

وفي قرار اعتبره مراقبون، خطوة نحو تقليص ولاية الرجل على المرأة في السعودية، أصدر الملك «سلمان»، في مايو/آيار الماضي، قرارا بـ«ضرورة مراجعة الإجراءات المعمول بها لديها ولدى الأجهزة المرتبطة بها ذات الصلة، بالتعامل مع الطلبات والخدمات المقدمة للمرأة، وحصر جميع الاشتراطات التي تتضمن طلب الحصول على موافقة ولي أمر المرأة لإتمام أي إجراء أو الحصول على أي خدمة مع إيضاح أساسها النظامي والرفع عنها في مدة لا تتجاوز 3 أشهر من تاريخ صدور الأمر».

​واعتبرت نسبة كبيرة من نساء السعودية، أن القرار «انتصار جديد لهن»، مطالبات بتحديد «آليات تنفيذ القرار وتوسيعه، حتى تتمكن السعوديات من السفر للخارج بدون الحاجة لمرافقة الولي».

منع الإساءة

وفي قرار انتصر للمرأة السعودية، أمر وزير الثقافة والإعلام «عواد بن صالح العواد»، في في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بمنع بث أي مسلسل أو برنامج يتضمن إساءة صريحة أو ضمنية لنساء المملكة أو أي فئة أخرى.

وأكدت الوزارة حينها في بيان نشرته على صفحتها على «تويتر»، أن أي قناة تعرض أعمالا مخالفة، سيطبق بحقها النظام وتتم معاقبتها على هذه المخالفات.

الموضة وعروض الأزياء

تعتزم الرياض، استضافة «أسبوع الموضة العربي»، لأول مرة بتاريخها، في مارس/آذار الجاري، بعد أن كان ينظم عادة في دبي.

وحسب «مجلس الأزياء العربي»، فإنه من المقرر تنظيم دورة إضافية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل بالرياض.

وشهدت مدينة جدة، الأسبوع الأخير من فبراير/شباط الماضي، أول عرض أزياء نسائي علني، ضمن فعاليات «المعرض السعودي الدولي التاسع عشر للأعراس».

واستمرت فعاليات المعرض ثلاثة أيام، بمشاركة 160 شركة محلية وعالمية قدمت آخر المبتكرات والتجهيزات في عالم الأزياء والجمال والديكور والمجوهرات، وكل ما يخص مستلزمات العرائس.

الرياضة النسائية

وتعد الرياضة النسائية، أحد المجالات التي تتجه إليها المرأة السعودية بقوة، كان أحدثها المارثون الذي تم تنظيمه في مدينة الإحساء، بمشاركة 1500 سيدة وفتاة.

كما تم خلال الأشهر الأخيرة، السماح للنساء بفتح صالات رياضية، حتى إن لم تتضمن الرياضات التنافسية ككرة القدم والطائرة والسلة والتنس.

وتأتي التراخيص للأندية النسائية في السعودية في خطوة تلت تعيين الأميرة «ريما بنت بندر بن سلطان» وكيلا لرئيس القسم النسائي في الهيئة العامة للرياضة، في أغسطس/آب 2016، ومشاركة لاعبات سعوديات في «أولميباد ريو دي جانيرو»، التي أقيمت في أغسطس/آب 2016، و«أولمبياد لندن» في 2012.

مجالات أخرى

مجالات وامتيازات أخرى، دخلتها وحصلت عليها المرأة السعودية، خلال الأشهر الأخيرة، ولم تكن متاحة في الماضي.

حيث سمحت أندية تعليم الموسيقى والفنون في جدة، للفتيات، بالتدريب فيها، شريطة موافقة ولي أمر الفتاة، سواء على «البيانو»، أو «الأورج»، أو «القيثار».

كما أفتى عضو «هيئة كبار العلماء» السعودية الشيخ «عبدالله المنيع»، بجواز دخول المرأة في الهيئة كعضو، كما جدد موقفه المبيح للعباءات الملونة إذا كانت ساترة.

ووجهت وزارة العدل، كل المحاكم ومأذوني عقود الأنكحة، بأن يقوم المأذون قبل عقده أي نكاح، بأخذ موافقة المرأة وفق الوجه الشرعي وسماع ذلك بنفسه، مشددا على عدم استنابة غيره في ذلك، تحقيقا للنظام وإبراء للذمة وأداء للواجب وحفظا للحقوق.

وذلك، بعد توجيه مماثل، بتسليم الزوجة نسخة من عقد النكاح ضمانا لمعرفتها بحقوقها وشروط العقد.

«الولاية» أبرز تحديات

وعلى الرغم من كل هذه المكاسب والنجاحات، التي حققتها وانتزعتها المرأة السعودية، لكنها لا تزال تواجه بعض العقبات والتحديات، يعود أغلبها للعادات والتقاليد والموروث الثقافي لنظرة المجتمع إلى المرأة.

ويعد نظام ولاية الرجل على المرأة، أبرز التحديات التي تواجه السعوديات، حتى باتت المملكة أكثر البلدان في الشرق الأوسط، من حيث عدم المساوة بين الجنسين، بحسب ما جاء في مؤشر المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2016 للهوة في النوع، متصدرة في ذلك اليمن وسوريا، اللذين يعانيان من الحرب.

وتعرض نظام الولاية لانتقاد شديد، من جهات مختلفة، من بينها منظمة حقوق الإنسان «هيومن رايتس ووتش»، التي قالت إن هذا حول النساء إلى «أقلية قانونية لا تستطيع اتخاذ قرارات أساسية تتعلق بهن».

غير أن ذلك لم يحل دون شن بعض النساء حملة ضد هذا الوضع، وإن لم يكن ذلك سهلا في بلد تجابه فيه المرأة أيضا بصعوبة المشي وحيدة أمام الناس دون أن تكون في صحبة رجل.

وهناك تمييز واضح ضد المرأة في النظام القضائي، إذ تعد شهادة الرجل في السعودية، وبلدان أخرى لها تفسيرها للشريعة الإسلامية، مساوية لشهادة امرأتين.

ومن الصعب كذلك على المرأة الحصول على حضانة الأطفال بعد الطلاق، إذا تجاوز الذكور منهم سن السابعة، أو التاسعة بالنسبة إلى الإناث، وتزداد تلك الصعوبة أكثر إن كانت المرأة غير مسلمة، أي أجنبية تعيش في السعودية.

كما تحتاج المرأة السعودية، إلى موافقة ولي الأمر (الأب أو الزوج أو الابن) للسفر خارج المملكة، كما أن موافقته ضرورية كي تتمكن من العمل أو الدراسة أو الزواج، وحتى تلقي العلاج الطبي.

وتواجه المرأة السعودية، صعوبات منتظمة عند إجراء معاملات مختلفة من دون أحد أقاربها الذكور، مثل استئجار شقة أو رفع دعاوى قضائية.

إلى جانب القيود الصارمة على ملابس وهيئة المرأة في بعض الأماكن العامة، ما يتسبب في انتقادات من جانب المجتمع الدولي حول وضع المرأة في السعودية.

المرأة السعودية أيضا محرومة من فتح الحساب البنكي أو إجراء أي معاملات مالية من دون حضور ولي أمرها.

ومنذ منتصف العام 2016، يواصل مغردون في تفعيل وسم يحمل عنوان «سعوديات نطالب باسقاط الولاية»، الذي أثار جدلاً واسعاً، ودخل قائمة الوسوم الأكثر تداولا على «تويتر»، أكثر من مرة.

وتواجه حملة «إسقاط الولاية» المتواصلة بشكلٍ أساسي، بيروقراطية الحكومة وأنظمتها، بما يفترضه ذلك من الحاجة إلى إصلاحٍ تشريعيّ عميق لعلاقة المواطِنة بالدولة، ومواجهةٍ مع المؤسسة الدينية التي ستهتمّ بحماية معاييرها ونفوذها التشريعي، ومواجهةٍ سياسية تخصّ مفهوم «وليّ الأمر» بمستوياته المتعددة.

ورغم ذلك، التغيير الذي تشهده المملكة، قد يفتح أفقا واسعة، خلال الفترة المقبلة، لتقليص هذه القيود، والسماح للمرأة بعدد من الأمور التي كانت محرمة عليها في وقت من الأوقات.

  كلمات مفتاحية

قيدة المرأة السعوديات دخول المدرجات التووظيف الموضة التوظيف التجنيد

«هناء الزهير».. رائدة الرياضة السعودية

«تماضر الرماح» نائبة لوزير العمل بالسعودية.. من هي؟