«سيناء 2018».. عملية عسكرية ودعاية انتخابية وأهداف أخرى

الاثنين 12 مارس 2018 11:03 ص

تدخل العملية «سيناء 2018» شهرها الثاني على التوالي، دون توقيت زمني محدد لانتهائها، وحقيقة ما أنجزته على الأرض، وسط تكتم رسمي على خسائر الجيش المصري، وطبيعة أهداف العملية المثيرة للجدل، والتي طالتها انتقادات حقوقية محلية ودولية.

العملية التي انطلقت في 9 فبراير/شباط الماضي، بدعوى إعادة الاستقرار إلى سيناء، وتشارك فيها مختلف أفراع القوات المسلحة المصرية، تتزامن مع استعدادات تجرى في البلاد لتنظيم سباق رئاسي، شبه محسوم لمنح الرئيس «عبدالفتاح السيسي» ولاية رئاسية ثانية.

وفي مقابل بيانات رسمية بشكل شبه يومي، تغيب أي تغطية أخرى للمشهد السيناوي، في ظل الحصار المفروض على المنطقة، ومنع وسائل الإعلام من متابعة الأوضاع على الأرض، وسط مخاوف من تسلل عناصر تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى محافظات أخرى، ما قد يمنح خارطة العنف في البلاد تمددا واسعا، حال انتقال خلايا التنظيم إلى مدن الدلتا والنيل.

حصاد شهر

نحو 15 بيانا صدرت عن المتحدث العسكري المصري، العقيد «تامر رفاعي»، ترصد تطورات وحصاد العملية العسكرية منذ بدايتها، وفي جعبته أرقام ضخمة عن الأهداف التي تمكنت العملية من تدميرها، وتحمل -حال صحتها- إدانة للجيش المصري، وتساؤلات حول كيفية السماح بتمدد التنظيمات المسلحة إلى هذا الحد، وامتلاك هذا الكم من القدرات التسليحية الفائقة.

وفق البيانات الرسمية، ترتفع حصيلة العملية العسكرية في سيناء حتى الآن إلى مقتل 121 من العناصر المسلحة، والقبض على 2832 من المشتبه بهم، قال المتحدث العسكري إنه «تم الإفراج عن عدد كبير منهم بعد ثبوت عدم تورطهم في أي أعمال إرهابية أو جنائية».

على الجهة الأخرى، أدت العمليات إلى مقتل 18 وإصابة 25 من عناصر الجيش المصري، وسط تشكيك في الأرقام، وأن الضحايا أكثر من ذلك، في ضوء أرقام ضبطيات التسليح الكبيرة التي أعلنتها القوات المسلحة.

قراءة الأرقام، تؤكد تحول «شمال سيناء» إلى مستنقع كبير للأمن المصري، يبدو أن العملية الجارية لن تستطيع السيطرة عليه على المدى القريب، منها الإعلان عن تدمير 2201 مخزن ووكر استخدمتها العناصر المسلحة في تخزين الأسلحة والمتفجرات، وتدمير 44 عربة دفع رباعي محملة بالأسلحة والذخائر، كما تمكن المهندسون العسكريون من تفكيك وتدمير 554 عبوة ناسفة وتدمير 6 فتحات أنفاق على المنطقة الحدودية.

ووفق المتحدث العسكري، فإن «القوات الجوية دمرت 9 أماكن تستخدمها العناصر الإرهابية كقاعدة للانطلاق والاختباء من القوات»، كما اكتشفت القوات المشاركة بـ«سيناء 2018» مخزنا تحت الأرض برفح، عثر بداخله على عدد 34  صاروخ جراد وكورنيت وأهرام، و أربع دانات آر بي جي، وكميات كبيرة من مادتي سي فور والتي إن تي شديدتي الانفجار، فضلا عن ضبط مخزن ومعمل لتصنيع العبوات الناسفة بمدينة الشيخ زويد عثر بداخلهما على عدد 70 عبوة مضادة للأفراد، و60 قنبلة يدوية و200 مفجر وكميات من الأدوات والمواد الكيميائية شديدة الانفجار وأجهزة اتصال لاسلكية.

وخلال السنوات الأخيرة، شن الأمن المصري (جيش- شرطة)، وبدعم استخباراتي محلي ودولي، عمليات عسكرية في سيناء منها «نسر1»، و«نسر2»، و«حق الشهيد»، معلنا وقتها عن تدمير مئات الأهداف، واكتشاف مخازن للسلاح، وتصفية مئات المطلوبين، ما يشكك في صحة الأرقام المعلنة حديثا، وربما يشير إلى فشل تلك العمليات سابقا في تحقيق أهدافها.

أهداف أخرى

العملية التي بدأت قبل أسابيع من الانتخابات الرئاسية، أواخر مارس/آذار الجاري، تعزز القول بأنها دعاية انتخابية لـ«السيسي»، الذي يعاني انهيارا حادا في شعبيته، واتهامات من قبل عواصم غربية بالفشل في السيطرة على سيناء، على الرغم من الدعم العسكري الذي حصل عليه بدعوى مواجهة الإرهاب.

ووفق دورية «إنتليجنس أون لاين» الفرنسية، فإن (إسرائيل) حشدت جهود كامل أجهزة الاستخبارات لديها، وتشمل «الموساد» و«الشين بيت» و«الوحدة 8200»، والطائرات الحربية الإسرائيلية، والطائرات بدون طيار؛ لدعم الجيش المصري ضد الجماعات المسلحة في سيناء.

وفي وقت سابق، كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلا عن مسؤولين أمريكيين وبريطانيين، أن الطيران الإسرائيلي نفذ أكثر من مئة غارة جوية ضد أهداف جهادية في سيناء بموافقة «السيسي» خلال العامين الماضيين.

وذكر المعهد الأورشليمي للشؤون العامة والدولة الإسرائيلي، أن الخارجية المصرية تلقت طلبات من نظيراتها في الولايات المتحدة، وألمانيا، وفرنسا، وهولندا، والسويد، بهدف استيضاح حقيقة الأهداف المتوخاة من العملية العسكرية في سيناء.

وعن طبيعة أهداف العملية، كشف كاتب المقال «يوني بن مناحيم»، الضابط السابق في جهاز الاستخبارات العسكرية «أمان»، عن أن من بين أهداف العملية، تطهير وتنظيف منطقة سيناء تحضيرا لتطبيق صفقة القرن الخاصة بالرئيس الأمريكي «دونالد ترمب»، وبموجبها يوافق «السيسي» على منح أجزاء من سيناء المجاورة لقطاع غزة لتوطين عشرات آلاف اللاجئين الفلسطينيين لإقامة دولة فلسطينية مستقلة.

الملفت في هذا السياق، أن الجيش المصري أدخل هناك 5 أضعاف القوات المسموح بإدخالها وفق اتفاق كامب ديفيد مع (إسرائيل)، ما يؤكد أن تل أبيب أعطته الضوء الأخضر، وبالتالي فإن العملية تخدم مصالحها، وربما تحقق ما تصبوا له من توسيع المنطقة العازلة على الحدود إلى 5 كلم، وربما مستقبلا تهجير فلسطينيين إليها، في ما يعرف بـ«الوطن البديل».

خلاصة الأمر، فإن «السيسي» يسعى لتحقيق إنجاز ولو صوري قبيل إجراء الانتخابات الرئاسية، والحرص على الحصول على مساعدات عسكرية من أوروبا والولايات المتحدة، والأهم من ذلك إشغال المؤسسة العسكرية في حرب طويلة الأمد، وتوحيد صفوفها وراء هدف قومي «محاربة الإرهاب»، للحيلولة دون تمدد الانقسام بداخلها على خلفية اعتقال رئيس الأركان الأسبق الفريق «سامي عنان»، والإطاحة به مبكرا من الماراثون الرئاسي.

ليس معروفا متى ستنتهي العملية، لكن تقارير حقوقية، تؤكد سقوط مدنيين جراء العمليات الدائرة، وأن الجيش المصري استخدم قنابل عنقودية محرمة دوليا، فضلا عن حرب حصار وتجويع يتعرض لها السيناويون بشكل يدفع للتهجير قسرا، وربما ذلك كان الهدف الحقيقي لـ«سيناء 2018».

  كلمات مفتاحية

سيناء 2018 الجيش المصري تامر رفاعي عبدالفتاح السيسي صفقة القرن رئاسيات مصر

الجيش المصري يطالب «السيسي» بتمديد عملية «سيناء 2018»

«رويترز»: طابور الخبز في «سيناء» يتفوق على رئاسيات مصر