«القدس العربي»: إعدام «مرسي» جريمة سياسية بحق مصر

الأربعاء 17 يونيو 2015 06:06 ص

في ملابس السجن الزرقاء بدا الرئيس المصري المعزول «محمد مرسي» ساكنا هادئا وقد سلّم أمره لربه في مواجهة محكمة لم يتردد رئيسها عن نطق الحكم الجماعي بالإعدام على أول رئيس مصري منتخب ديمقراطيا ومعه عشرات الأشخاص في تهم تتحدّى المنطق البديهي والأعراف والسلامة العقلية بينها الخطف والشروع في قتل ضباط شرطة ومهاجمة منشآت حكومية واقتحام وهروب من سجون خلال الأيام الأولى من ثورة 2011.

يأتي حكم الإعدام على «مرسي» بعد حكم «مخفّف» آخر عليه في اليوم نفسه (أمس) بالسجن المؤبد فيما يسمى إعلاميا بـ«قضية التخابر الكبرى» والتي ادعت فيها النيابة العامة المصرية أن جماعة الإخوان المسلمين أرسلت عناصر منها إلى غزة عبر أنفاق سرية ليدربهم عناصر من حزب الله والحرس الثوري الإيراني.

بحكمها على رئيس منتخب - وعلى عشرات من رفاقه من الجماعة السياسية نفسها - بالإعدام تعتبر هذه الأحكام سابقة فريدة من نوعها في مصر وهو أمر لم يشهده تاريخ الدولة المصرية الحديثة، فثورة يوليو/تموز عام 1952، وهي حركة انقلابية قادها ضباط جيش، لم تحاكم خصمها اللدود الملك فاروق بل سمحت له بمغادرة مصر بأمان إلى المنفى.

والحقيقة أن محاكمة هذه المحكمة وأحكامها بمنطق العقل لا يفيد في شيء فهي لا تنكر البتة أن أحكامها سياسية ولا يمكن بالتالي قياسها بمقاييس العدالة والقانون فرئيسها نفسه قام بكشف ركاكتها حين أطّر محاكمته في إطار سياسي قائلا إن جماعة الإخوان المسلمين «استهدفت الوثوب إلى الحكم بأي ثمن. أباحت إراقة الدماء بين أبناء الوطن وتآمرت وتخابرت مع منظمات أجنبية لتحقيق أهدافها الشيطانية»، فالمحاكمة لجماعة بعينها تعني أن لا أهمية لكون الأفراد المحاكمين قد ارتكبوا ما تدّعيه المحكمة من جرائم حين يكون المطلوب هو استئصال تيّار سياسي لا إحقاق العدل وتنفيذ بنود القانون.

تثير الغطرسة التي تتصرف بها محكمة المستشار «شعبان الشامي»، ومن ورائها الحكام العسكريون لمصر، الذهول والغضب فهي تتعامى كلّياً عن الآثار السياسية الخطيرة التي ستترتب بالضرورة عن أحكام الإبادة الجماعية ضد «مرسي» وعشرات من رفاقه من قادة جماعة الإخوان، فهي حركة متجذرة في المجتمع المصري كما أنها مؤثّرة في كافة أرجاء الوطن العربي.

وإذا كان هناك من منطق وراء هذا التشدد الكبير في هذه الأحكام السياسية فهو منطق أعمى لأنه يؤمن بالقوة الكاسرة ويعتقد أنه بدفعه حركات تيار الإسلام السياسي المعتدلة إلى العنف يؤمن وظيفة وشرعية دوليتين بديلتين عن الوظيفة والشرعية اللتين يفترض أن يستمدّهما من الشعب ومكوّناته السياسية.

وهذا المنطق هو نفسه الذي استخدمه زعماء عرب آخرون وكانت نتيجته تفكك بلدانهم وخرابها ودخولهم في أفق سياسي مسدود.

أكثر ما يثير الأسف حقّا ليس التواطؤ الخبيث الذي يتعامل العالم فيه مع هذه القضية، رغم علمه بنتائجها المخيفة على مصر، ولكن في تشجيع قطاعات من النخبة المصرية لهذه المجزرة المعلنة (وسكوت البعض الآخر) في تجاهل للمآلات الخطيرة للواقع العربي، وكذلك في تناس مقصود للعطب الهائل الذي لحق بالمجتمع المصري منذ بدأت حملة مطاردة الإسلاميين في خمسينات القرن الماضي وما أدّت إليه من تفريخ تنظيمات تطرّف وتشدد ظهرت في مصر ولكنها طبعت العالم الإسلامي وأدّت إلى كوارث ما زلنا نعاني من آثارها حتى الآن.

 

  كلمات مفتاحية

إعدام مرسي الإخوان المسلمون الانقلاب العسكري محمد مرسي

«داوود أوغلو»: ننتظر رد فعل الغرب على حكم الإعدام بحق الرئيس «مرسي»

الإعدام لـ«مرسي» و«القرضاوي» وقيادات الإخوان في قضيتي التخابر والسجون

«المرزوقي» يقود حملة دولية لوقف أحكام الإعدام ضد «مرسي» وآخرين

محصلة أحكام الإعدام في مصر منذ الانقلاب وأبرز قيادات الإخوان التي أحيلت للمفتي

«أردوغان» يدين حكم الإعدام بحق «مرسي» ويعتبره عودة إلى «مصر القديمة»

حرصا على كرامة مصر: أوقفوا المذبحة

بوجه مبتسم .. «مرسي» يظهر بزي الإعدام الأحمر لأول مرة

تهافت الاستئصاليين: إسقاط مصر نموذجا

مقرر أممي: المحاكمات الأخيرة في مصر «غير قانونية»

«نادر بكار»: «الإخوان» أخطر من الشيعة و«حزب النور» يبحث عن مصلحته

التلفزيون السعودي يتجنب ذكر اسم قطر فى قضية التخابر المتهم فيها «مرسي»