جورج فريدمان: هذه ستكون النتيجة الأكثر إثارة لحرب أوكرانيا

الخميس 10 مارس 2022 01:09 ص

تبقى الحرب عذابا وخرابا لجميع المعنيين بها، فالحروب أحداث دموية لا تقتصر عواقبها على الجنود المشاركين في القتال، بل تشمل الحكومات التي قررت شنها.

وفي الواقع، هناك حقيقة تخص الحرب غالبا ما يتم التغاضي عنها، وهي أن هذه العواقب في بعض الأحيان تكون أكثر خطورة من الأسباب التي بدأت الحرب في البداية. وأعتقد أن هذا هو الحال في أوكرانيا.

ويكاد يكون من المستحيل تحليل الحرب بشكل دقيق في أيامها الأولى. وتكون المعلومات المضللة والدعاية والتخمينات أكثر مما يمكن استيعابه. لكن إذا خسرت روسيا هذه الحرب، أو إذا طال أمد الحرب وتصاعدت وتيرتها، فلن تتحقق روسيا التي كان "بوتين" يرغب في إنشائها. وذات مرة، قال "بوتين" إن انهيار الاتحاد السوفييتي كان من أعظم الكوارث الجيوسياسية في التاريخ.

وقد يظن حاليا أن حرب أوكرانيا هي الطريقة المثلى لمعالجة آثار هذا الانهيار، وإعادة الاتحاد السوفييتي والإمبراطورية الروسية، وإثبات أن روسيا الآن في مصاف القوى العظمى.

على أي حال، يبقى أحد أهم الأحداث حتى الآن هو أن غزو أوكرانيا حفز "الناتو" الذي تم تأسيسه في الأصل لمواجهة الاتحاد السوفييتي. وكانت موسكو تأمل في أن ينقلب التحالف على نفسه، بحيث يتجاهل بعض الأعضاء الإجراءات الانتقامية من أجل الحفاظ على علاقاتهم التجارية القوية مع روسيا.

ويعد المثال اللافت للنظر هنا هو ألمانيا، التي كانت لديها علاقات تجارية عميقة مع روسيا وكانت تتجاهل غالبا التزامات "الناتو" العسكرية لصالح مصالحها الاقتصادية. لكن حتى برلين اختارت قبول التكاليف الاقتصادية.

ويجب أن أضيف اليابان إلى القائمة بالرغم أنها ليست أوروبية، فقد اختارت اليابان العمل بالتنسيق مع أوروبا وأمريكا ضد روسيا، ولا يعد ذلك تطورا بسيطا، بالنظر إلى أنها ثالث أكبر اقتصاد في العالم ولها نزاعات إقليمية خطيرة مع روسيا.

وبالرغم من أهمية الاستجابة الاقتصادية العالمية، لكنها ليست في قوة الرد العسكري، وبالتالي فهي ليست بديلا عن الحرب. وحتى الآن، لا يشمل الالتزام تجاه أوكرانيا العمل العسكري في حال فشل خيار العقوبات.

بهذا المعنى، لم تتسبب الحرب في إحياء "الناتو" على الإطلاق؛ فهناك تحالف عالمي بالفعل لكنه يتبنى فقط فرض العقوبات لإجبار روسيا على الخروج من أوكرانيا وتضييق احتمالات التصعيد.

في غضون ذلك، يبدو أن العقوبات لا تثني روسيا. وستؤذي هذه الإجراءات الروس بالفعل، ويبدو أنهم كانوا مدركين لذلك، لكن رأوا أن تحويل أوكرانيا إلى منطقة عازلة يستحق العناء الاقتصادي.

ويعني ذلك أن "الناتو" وحلفاءه قد يدركون أنه لا غنى عن استخدام الوسائل العسكرية لتحقيق النتائج المرجوة. ومن الواضح أن ذلك لن يحدث. لكن روسيا لا تستطيع أيضا تحمل العقوبات إلى أجل غير مسمى. ويبدو أن روسيا بحاجة إلى نصر سريع بقدر ما يحتاج حلف "الناتو" إلى هزيمة روسيا سريعا.

ببساطة، بينما يبدو أعضاء "الناتو" موحدين من الناحية النظرية فقط، لا يمكننا القول إن تحالفهم قد تم "إحياؤه" بسبب حرب أوكرانيا، لأن الحلف ككل لم يختر شن حرب.

بيد أن إنشاء "الناتو" كان في منذ البداية لاحتواء روسيا، لذلك فإن قيامه بالمهمة التي كان من المفترض القيام بها لا يمثل تحولا جوهريا في النظام الدولي.

لكن الأمر الأكثر إثارة للاهتمام هو الصين، التي وقعت على معاهدة "حب يدوم إلى الأبد" مع روسيا قبل اندلاع الحرب. وانتشرت تقارير في وسائل الإعلام الصينية تفيد بأن غزو أوكرانيا سيكون خطأ.

وإذا اعتقدت روسيا أن بإمكانها مقاومة العقوبات، فإن الصين التي قد تتعرض لعقوبات إذا ساعدت روسيا تعلم أنها لا تستطيع ذلك. وتعد الصين "حيوانا اقتصاديا" إلى حد بعيد، حيث يعتمد نظامها الداخلي على المنظومة المالية والإنتاجية.

وعلى هذا النحو، فهي أكبر مصدّر في العالم. وكان القلق قد أصاب الصين بسبب فرض الولايات المتحدة بعض التعريفات. لذا قد يكون فرض عقوبات أمرا كارثيا.

وما تود بكين أن تفعله هو تعزيز الاتفاقيات مع الولايات المتحدة بشأن الاستثمار القائم على الدولار لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الصيني. وهنا توجد فرصة للصين للتأثير على الإجراءات الروسية.

وقد يخلق ذلك فرصة للتوافق مع الولايات المتحدة، وهو شيء تحتاجه الصين ولن ترفضه الولايات المتحدة بشروط معينة. وقد تكون هذه هي النتيجة الأكثر إثارة لحرب أوكرانيا، إذا حدثت.

المصدر | جورج فريدمان | جيوبوليتيكال فيوتشرز - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

غزو أوكرانيا الغزو الروسي حلف الناتو العقوبات الاقتصادية النظام العالمي حرب أوكرانيا

بلينكن يهاتف وانج يي وحديث أوروبي عن وساطة صينية بأزمة أوكرانيا