أطول كلمة للسيسي منذ سنوات.. اعتراف بالتدهور و"أنا الدولة والبطل" وانتقاد للأزهر

الثلاثاء 25 أكتوبر 2022 04:57 م

في أطول كلمة له منذ سنوات، خرج الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، الثلاثاء، خلال الجلسة الختامية للمؤتمر الاقتصادي "مصر 2022"، ليتحدث عن تداعيات الأزمة الاقتصادية الطاحنة التي تضرب البلاد، وسبل التعامل معها من وجهة نظره، والتي أجملها في وجوب الصبر والتحمل وعدم إظهار الضجر.

وبينما شهدت كلمة "السيسي"، انتقادا لمؤسسة الأزهر، دون أن يسميها، عاد وشدد على "دوره المحوري" في الحفاظ على الدولة المصرية عام 2013، في إشارة إلى قيادته انقلابا عسكريا أطاح بسلفه المنتخب الراحل "محمد مرسي"، معتبرا أن استمرار تدهور الأحوال الاقتصادية والمعيشية بالبلاد أمرا طبيعيا نظرا للظروف الدولية، وعدم استعداد الشعب المصري "لمزيد من التضحيات"، كما ألمح.

الخليج أوقف الدعم

حالة الجدل التي أثارتها تصريحات الرئيس المصري بدأت منذ الإثنين، عندما ألقى الكلمة الافتتاحية ببداية المؤتمر، والتي كان أبرزها أن "الأصدقاء والأشقاء (في إشارة لدول الخليج) أصبح لديها قناعة بأن مصر لن  تقف مرة أخرى مهما قدموا من مساعدات"، مضيفا أنهم "ساعدونا لسنوات ونحن لم نساعد أنفسنا"، فيما زعم أنه كان "سيدعو إلى انتخابات مبكرة عام 2016 إذا رفض المصريون قرار تعويم الجنيه"، آنذاك.

أما في كلمة الثلاثاء، فركز "السيسي" على سردية هدم الدولة المصرية ودوره في منع هذا الأمر، تزامنا مع تصاعد الدعوات للتظاهر ضد في 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، وهي الدعوات التي تلاقي زخما متزايدا.

مغازلة الجيش

وحرص "السيسي" على مغازلة الجيش، قائلا إنه كلما يريد تنفيذ مشروع منضبط يلجأ إلى الجيش، مثلما هو الحال في العاصمة الإدارية الجديدة التي تولت الهيئة الهندسية للجيش معظم أعمال الإنشاءات بها.

وقال "السيسي" إنه كان حريصًا على "الحفاظ على تماسك الدولة المصرية عام 2013"، في إشارة إلى قيادته الإطاحة عسكريا بأول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد، الراحل "محمد مرسي"، قائلا: "أنا ظهري ربنا.. واللي يقدر على ربنا يتفضل".

وأضاف: "كنت حريصًا أن أحافظ على التماسك الهش للدولة ومجتمعها بما فيهم الفصيل ده"، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي ينتمي إليها "مرسي"، حسبما أوردت قناة "إكسترا نيوز" المصرية.

وبيّن أن ما فعله كان "لأجل خاطرها (مصر)"، مشيرا إلى أن البلاد لم تكن تحتمل "خرابا" أكثر مما لحق بها في هذا الوقت.

البطل "خلاص"

وتابع الرئيس المصري: "كانوا يقولون لي في مجلس الوزراء: نريد الحفاظ عليك، أنت أيقونتنا، أنت البطل"، موجها سؤاله لمستمعيه: "هو البطل خلاص ولا إيه؟ هو حد ممكن يدي ظهره ولا إيه"، في إشارة اعتبرها مراقبون ذات ارتباط بدعوات تتصاعد وتيرتها عبر شبكات التواصل الاجتماعي للمشاركة في احتجاج شعبي يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، والمطالبة برحيل "السيسي" عن السلطة.

أسعار البيض

وخلال الكلمة أيضا، انتقد "السيسي" وسائل الإعلام المحلية لتناولها قضية ارتفاع المواد الغذائية في البلاد، ضاربا المثل بالبيض، الذي اقترب سعر الطبق منه في الأسواق المصرية من 100 جنيه (5.7 دولارات).

وقال إن "الإعلام عندما يتحدث عن زيادة سعر كرتونة البيض بقيمة 10 جنيهات هل يكون بذلك يساعد في المسار".

وأضاف أنه لا يرفض فكرة الحديث، مستدركا: "لكن الأدبيات التي يتم العمل بها قد لا تتوافق مع الواقع".

وأشار "السيسي" إلى أن البعض قد يتحدث عن عدم وضوح الرؤية الاستثمارية وغياب الحياد التنافسي، وهذا الأمر يمثل رسالة طاردة للاستثمار.

ولفت إلى أن المسؤول عندما يتعامل مع قضية معينة ينظر إلى التاريخ والتجارب السابقة لتكون التجربة ناجحة.

اعتراف بتدني الرواتب

واعترف "السيسي" بأن الرواتب في مصر متدنية، قائلا إن المواطن لا يستطيع العيش هذه الأيام بأقل من 10 آلاف جنيه شهريا (507 دولارات)، علما بأن متوسط الرواتب في البلاد حاليا لمعظم المواطنين يتراوح بين 2500 إلى 6 آلاف.

لكن "السيسي" اعتبر أنه لا يزال يعطي السلع والخدمات للمصريين بأقل من نصف ثمنها، قائلا: "في موضوع الكهرباء، الناس في أوروبا تعرف إن أنا في مصر بادِّي الكهرباء لـ17 مليون مشترك بأقل من نصف ثمنها، وبعدين تقول لي ساعدني، لو أقدر هساعد الكل، باحاول أخلي الموضوع بأكبر قدر مفيد للمستثمرين".

واستطرد: "الحاجة وخمسين ألف مدرسة دول، مفيش جنب المدرسة شباب يدخل ويساعد وزير التعليم، ويخش مع المجموعة ويساعد، ماهي المرتبات تعبانة، أيوة تعبانة، والله العظيم باكلمكم من قلبي، أقل من 10 آلاف جنيه لأي حد، مايعيش، هتقولي طب انت بتعمل ميناء بـ40 مليار جنيه.. لازم أكون متوازن، غيري أكل وشرب وسابها على الحديدة، المسار الحالي أكبر من أي حد، لازم أشتغل على كل قطاعات الدولة، حد يقول لي مهتم بالحديد والأسمنت، طب والبشر؟ مهتم بكله".

وتابع "السيسي": "حد يقول لك دول بيعملوا الجامعات الأهلية عشان يدوها للأغنياء، أنا باعمل مسار بتكلفة أقل عشان أحسِّن التعليم، باتخلَّص من القبح في كل شيء".

انتقاد لعدم التبرع للعاصمة الإدارية

وجدد حديثه عن "حالة الفقر والعوز" التي تعيشها مصر، وعدم تحمل الناس للمسؤولية، منتقدا عدم تبرع المواطنين ورجال الأعمال للمنشآت التي يبنيها بالعاصمة الإدارية، لاسيما أكبر مسجد وأكبر كنيسة، كما قال.

وتابع: "لما عملنا العاصمة الإدارية كان الكلام إنها 175 ألف فدان.. والطرح إننا ننفذها على 50 سنة.. وكل الكلام اللى اتقال بعد ما الحاجة تتعمل بينسي الفكرة وبينسي أصحابها.. لا .. انا هعملها.. ونعمل اول حاجة الجيش.. خش اعملي حاجة حلوة.. مدينة الثقافة والفنون.. خش اعمل ساحة الشعب.. خش اعملي المسجد والكاتدرائية".

وأردف: "قولنا نجمع تبرعات للمصريين للجامع والكاتدرائية.. والله العظيم تلاتة.. ما جالي 10 % تبرعات للاثنين.. انا بحلف 10 % فقط.. وربنا يوفقنا ووفقنا وعملنا الاتنين".

وقف الأعباء على المواطنين

واعترف الرئيس المصري أن الأحوال في بلاده لا تتحمل المزيد من الضغط، لكنها تحتاج زيادة مظلة الحماية الاجتماعية، موجها الحكومة بتعزيز تلك المظلة لتخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية على المواطنين.

وكلّف "السيسي" الحكومة بعدم تحميل المواطن أي أعباء إضافية في الفترة المقبلة نظرا للظروف الاقتصادية.

حديقة الحيوانات

وفي تشبيه اعتبر غريبا، قال "السيسي" إن المواطن عليه الذهاب إلى حديقة الحيوانات، للوقوف على حقيقة الأوضاع في مصر.

وأضاف: "عاوزين تعرفوا مصر عاملة إزاي روحوا حديقة الحيوان، شوفوا حجم التردي والمنشآت والسلبيات والتعب".

وتابع: "حد بيقول ما تاخد الحديقة تعملها، قلت لا أنا أعمل 10 حدائق ومعملش حديقة بالطريقة دي، والناس تقول الحديقة والخضرة والأسود الجميلة، زي ما حصل في أنطونيادس.. طب روح شوفها بس، ولما نقول خش على المتنزه، يردوا بقالنا 25 سنة ميصحش كده".

مخرجات المؤتمر الاقتصادي

وفيما يخص مخرجات المؤتمر الاقتصادي، اعتبر "السيسي" أنها مخرجات "أي شاب في اقتصاد وعلوم سياسية يطلعها، لكن المهم العمل"، على حد قوله، مضيفا أنه "سيتلقى تقاريرا كل ثلاثة أشهر بما تم إنجازه".

وقال: "أرجو ألا يغضب مني أحد عندما أقول إن كل المقترحات التي قيلت، أي طالب في كل الاقتصاد والعلوم والسياسية يتكلم فيها، ولكن الأهم هو كيفية تنفيذها".

لست رئيسا بل منقذا لمصر

وأوضح "السيسي" أنه لا يعتبر نفسه "رئيسا لمصر، بل إنسان طلب منه التدخل لحماية وطنه"، على حد زعمه، معترفا أن الأوضاع، لاسيما الاقتصادية، لم تتغير كثيرا طوال السنوات السبع الماضية، لكنه اعتبر أن تلك السنوات السبع "قصيرة في عمر الدول".

وقال إن الأحداث التي شهدتها البلاد في أعوام 2011 و 2012 و 2013، دفعت المصريين للتساؤل حول صمت الجيش على ما يجري، على حد زعمه، مردفا: "إن ما حدث في 2011 و2012 و2013.. الدنيا كلها كانت بتقول هو ساكت ليه وسايبنا ليهم ليه وهم هيعملوا فينا إيه، والجيش يعرف اللي أنا بقوله ده كويس.. وبعض المفكرين يفهم ده كويس".

تبرير الانقلاب

وتابع "السيسي": "كان مين اللي علم الرجل ده إنه ينتبه ويعرف إن البلد دي داخلة على حرب أهلية، ولابد أن يكون له موقف، وهذا الموقف ممكن يكلفه كحد أدنى استمراره في الوظيفة وحد أقصى حياته، وهو كان عارف ده كويس وفهمه ولا حد علمه.. إن الواقع الذي نعيشه لم يتغير كثيرا عما كنا فيه وقتها، وسبع سنوات في مسيرة دولة ليس كثيرًا جدًا".

ودافع "السيسي" عن تحركه ضد الرئيس الراحل المنتخب "محمد مرسي"، قائلا إنه "تم التحرك بالشكل الذي يرضي الله سبحانه وتعالى خلال هذه المرحلة وإعطاء الفرصة كاملة لمن كان موجودا في موقع المسؤولية بالنصيحة الأمينة المخلصة والشريفة في أي قضية من القضايا.. وهناك من كان موجودا بمجلس الوزراء في هذا الوقت.. وكنت وزيرا وأقول لهم كل شيء بمن فيهم القيادة؛ لأن الموضوع كان شريف أوي وأن الشرف لا يتجزأ، يعني ميتعملش شوية وينتهي وخلاص بقى.. وأنا لم أتغير والرزق على الله".

انتقاد الأزهر مجددا

وانتقد "السيسي" مؤسسة الأزهر في مصر بسبب قضية الطلاق الشفهي التي كان قد أثارها قبل سنوات قليلة وطالب، حينها، شيخ الأزهر بالإفتاء بعدم اعتماد الطلاق الشفهي واعتماده فقط عندما يكون مكتوبا، وهو ما رفضه الأزهر.

وقال "السيسي": "عندما طرحت جعل الطلاق بوثيقة مكتوبة لحماية حقوق الناس، هناك مؤسسة (إشارة للأزهر الشريف) عرضته على مجموعة من العلماء وبلغوني أن نسبة كبيرة منهم وافقوا على الاقتراح".

واستدرك: "لكنهم (الأزهر) لم يعلنوا هذا حتى لا يقول أحد أن تلك المؤسسة تدعم السلطة".

وفي يناير/كانون الثاني 2017، دعا "السيسي" إلى إصدار قانون يقضي "بألا يتم الطلاق إلا أمام مأذون"، ما يعني حظر الطلاق الشفوي، وهو ما عارضته هيئة كبار العلماء في الأزهر، وقالت إن الطلاق شفويا "مستقر عليه منذ عهد النبي".

ورغم إصرارها على شرعية الطلاق شفويا، فإن الهيئة أكدت أن "من حق ولي الأمر (أي رئيس الدولة) شرعا أن يتخذ ما يلزم من إجراءات لسن تشريع يكفل توقيع عقوبة تعزيرية رادعة على من امتنع عن التوثيق (للطلاق الشفوي) أو ماطل فيه؛ لأن في ذلك إضرارا بالمرأة وبحقوقها الشرعية".

وتشهد العلاقة بين الرئاسة والأزهر حالة من المد والجزر، إذ تجددت الخلافات بين "السيسي" وشيخ الأزهر "أحمد الطيب" في عدد من الملفات.

وسبق أن وجّه الرئيس المصري عتاباً إلى شيخ الأزهر، بقوله: "تعبتنا يا مولانا"، في بث مباشر خلال الاحتفال بعيد الشرطة عام 2017.

ويأتي هذا السيل من التصريحات من الرئيس المصري، بينما تتصاعد الدعوات للتظاهر ضده في 11نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بالتزامن مع استضافة البلاد لمؤتمر المناخ "COP27"، وهي الدعوات التي تلقى زخما متزايدا في البلاد، مع تزايد الأعباء الاقتصادية والمعيشية على المصريين، وعدم وضوح الرؤية للتعامل معها، وسط انتقادات لـ"السيسي".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

عبدالفتاح السيسي الازمة في مصر الاقتصاد المصري كلمة السيسي المؤتمر الاقتصادي