مع تراجع زخم اتفاقات أبراهام.. هل تكون المبادرة العربية للسلام منافسا محتملا؟

الثلاثاء 1 نوفمبر 2022 07:27 م

بالرغم أن اتفاقيات أبراهام حازت على مساحات النقاش حول السلام العربي الإسرائيلي منذ توقيعها، إلا أن مبادرة السلام العربية التي قدمها العاهل السعودي الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز" قبل 20 عامًا، لا تزال حاضرة.

وحتى الآن، تكرر القيادة السعودية التزامها بمبادرة السلام العربية باعتبارها الطريق الوحيد لإضفاء الطابع الرسمي على العلاقات مع إسرائيل، كما إن تراجع الدعم الشعبي لاتفاقيات أبراهام في العالم العربي قد يجعل مبادرة السلام العربية مرة أخرى أفضل مسار مستقبلي للسلام في الشرق الأوسط.

مرونة المبادرة

في أعقاب هجمات 11 سبتمبر/أيلول ومع تزايد الضغط في الولايات المتحدة وعلى المستوى الدولي لمواجهة الإرهاب والتطرف القادم من الشرق الأوسط، كشف الملك "عبدالله" في قمة الجامعة العربية في بيروت (2002)، ما تم وصفه بالخطة الشاملة لإنهاء الصراع الإسرائيلي العربي.

ودعت المبادرة إلى التدابير التالية: الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي احتلتها عام 1967 بما في ذلك مرتفعات الجولان استنادًا إلى قرارات مجلس الأمن رقم 242 و 338؛ والتسوية العادلة لقضية اللاجئين الفلسطينيين استنادًا لقرار مجلس الأمن رقم 194؛ والاعتراف بالقدس الشرقية كعاصمة لدولة فلسطينية مستقلة.

وفي مقابل هذه الإجراءات، فإن الدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ستقوم بالآتي: الإعلان عن نهاية للنزاع الإسرائيلي العربي، وتوقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل؛ وإقامة علاقات طبيعية مع دولة إسرائيل.

ويمكن القول إن المبادرة هي صيغة أساسية تحدد مبادئ المفاوضات والتسوية السياسية لكنها تترك مساحة للمناورة حول بعض النقاط. على سبيل المثال، تم تحديد أن حل "مشكلة اللاجئين الفلسطينيين" يجب "الاتفاق عليه".

هناك مثال آخر يتجلى في عدم وجود طلب بإخلاء جميع المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، من أجل ترك مساحة للمرونة فيما يتعلق بترتيبات الكتل المتاخمة لإسرائيل. وفي الواقع، أشار وزير الخارجية السعودي "سعود الفيصل" في عام 2007 إلى أن الدول العربية يجب أن "تلاحظ التطورات الجديدة التي تتطلب إضافات وتعديلات في كل ما يتم تقديمه".

ونظرًا لأن 10 فقط من الدول الأعضاء في الجامعة العربية كانت حاضرة في قمة بيروت، فقد أعيد تقديم مبادرة السلام العربية في قمة الرياض عام 2007 وتمت الموافقة عليها بالإجماع من قبل الدول الأعضاء، (اعترضت سوريا ولبنان على بعض جوانب المبادرة لكنها دعمت الوثيقة)، ويجعل ذلك المبادرة هي خطة السلام الوحيدة حتى الآن التي نالت موافقة جميع أعضاء جامعة الدول العربية.

تباين الاستجابة الإسرائيلية

استقبل القادة السياسيون الإسرائيليون مبادرة السلام العربية بطرق متباينة منذ تقديمها للمرة الأولى. فقد رفض "أرييل شارون" (رئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت) الاقتراح على أساس أنه سيتطلب من إسرائيل قبول عدد كبير من اللاجئين الفلسطينيين، وأنه تجاوز لـ"الخطوط الحمراء" الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن التعليقات الإسرائيلية اللاحقة كانت أكثر ترددًا.

فقد رحب الرئيس الإسرائيلي الراحل "شيمون بيريز" بهذه الخطة، ووصفها رئيس الوزراء آنذاك "إيهود أولمرت" بأنها "تغيير ثوري"، بينما رفض العناصر المتعلقة بعودة اللاجئين.

من جانبه، أبدى رئيس الحكومة السابق "بنيامين نتنياهو" مجموعة متنوعة من الآراء حول الخطة على مر السنين، حيث رفضها في عام 2007، فيما وصفها بأنها "جيدة بشكل عام" في عام 2015، ولكنه بعد ذلك رفض اعتبارها أساسا للمفاوضات في عام 2018.

أما ردود الفعل الدولية فقد كانت إيجابية بشكل عام. فقد رحب كل من الرئيس الأمريكي الأسبق "جورج دبليو بوش" وإدارة "باراك أوباما" على نطاق واسع بالمبادرة، مع أن ذلك لا يعني تبني كافة العناصر الواردة فيها بالضرورة. كما تم اعتماد مبادرة السلام العربية من قبل اللجنة الرباعية حول الشرق الأوسط في عام 2003، وأعربت الأمم المتحدة عن دعمها للاقتراح.

نموذج منافس لاتفاقيات أبراهام

مع انحسار القبول العام لاتفاقيات أبراهام، والتي قد تواجه تحديًا أكثر حدة في حالة نجمت الانتخابات الإسرائيلية في 1 نوفمبر/تشرين الثاني عن حكومة يمينية متشددة، يبدو أن السعودية مهتمة بنفض الغبار عن مبادرة السلام العربية كبديل محتمل.

وبالنسبة للسعوديين، فإن المزايا واضحة، حيث يساعد تبني مبادرة السلام العربية على تجاوز الضغط الأمريكي للانضمام إلى اتفاقيات أبراهام، وفي ذات الوقت عكس صورة عن القيادة البراجماتية التي يبحث عنها ولي العهد "محمد بن سلمان".

وبالرغم من استعداد السعودية لتوسيع العلاقات مع إسرائيل عمليا، فإنها ستظل مترددة في التخلي عن موقفها بشأن السلام الإسرائيلي الفلسطيني، على الأقل طالما بقي الملك "سلمان" على العرش.

وبالإضافة إلى ذلك، ستظل الرياض حساسة للغاية للتأثير المحتمل للتطبيع سواء على المواقف الشعبية داخل المملكة وكذلك على وضعها كقائدة للعالم الإسلامي الأوسع.

وبالنسبة لإسرائيل، فإن الأمر أكثر تعقيدًا، حيث يرى الكثيرون في إسرائيل أن المطالب المقدمة في مبادرة السلام العربية كشرط للتطبيع لم تعد صالحة. لكن هناك أصوات تدعو لتطوير نسخة متفق عليها من مبادرة السلام العربية، باعتبارها مدخلا مهما للعلاقات مع السعودية التي تعد العلاقات معها أمرا مفيدا للغاية.

ويرى هؤلاء أن الانخراط في مبادرة السلام العربية سيتم استقباله بشكل إيجابي في العالم العربي، وقد يوسع ذلك الدعم الشعبي لسياسة أكثر انفتاحًا تجاه إسرائيل.

الخلاصة

بعد عامين من توقيع اتفاقيات أبراهام، لا تزال مبادرة السلام العربية حاضرة وذات أهمية. ولا يمكن أن تقبل إسرائيل الوثيقة كما هي، لكن السعوديين أوضحوا أنها أساس للتفاوض وليس أمرًا يؤخذ أو يُرفض بالكلية.

وبالتالي، فإن المبادرة لها قيمة محتملة لإسرائيل، لذلك قد تعيد تقييم موقفها تجاهها، وإذا حدث ذلك فقد يكون هناك مسارًا واعدًا لتحقيق اختراق في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

المصدر | معهد الشرق الأوسط/ جيرالد م. فييرستين ويويل جوزانسكي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اتفاقيات أبراهام التطبيع السعودية إسرائيل مبادرة السلام العربية جامعة الدول العربية الصراع العربي الإسرائيلي الانتخابات الإسرائيلية

ملك الأردن عن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي: السلام بعيد المنال