الجارديان: سوريا وأوكرانيا جعلتا روسيا وإيران حلفاء غير عاديين

الجمعة 11 نوفمبر 2022 11:37 ص

على الرغم من التعاون المشترك والمثمر في كثير من الأحيان بين روسيا وإيران خلال الحرب في سوريا، لكن أوكرانيا كانت أرضا خصبة لتعاون عسكري أكبر.

هكذا خلص تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، قال إن وصول طائرة روسية إلى إيران محملة بـ140 مليون يورو، وشحنة من الأسلحة الغربية التي غنمها الجيش الروسي في أوكرانيا، مقابل تقديم شحنات من المسيرات القتالية الإيرانية، "كان بمثابة مرحلة جديدة في التحالف الذي مضى عليه 7 أعوام بين حليفين غير عاديين".

وتم تقديم السلاح والمال في أغسطس/آب الماضي، على ما يُعتقد، بعدما حصل الروس على أول شحنة من المسيرات لدعم حربهم في أوكرانيا.

وكانت هذه هي المرة الأولى التي تسهم فيها إيران بالجهود الحربية الروسية في أوروبا، لكن العلاقة بين البلدين توثقت في مكان آخر دمرته الحرب وهو الشرق الأوسط.

ففي ذروة محاولات رئيس النظام السوري "بشار الأسد"، لمواجهة المعارضة التي أضعفت جيشه إلى درجة الهزيمة، سافر الجنرال الإيراني الراحل "قاسم سليماني" إلى موسكو والتقى مع الرئيس "فلاديمير بوتين".

وهناك نشر خريطة أمام الزعيم الروسي وشرح له المتاعب التي يواجهها "الأسد"، في محاولة لاستمالته للتدخل لصالح النظام.

وعبّدت تلك الزيارة الطريق للتدخل العسكري الروسي في سوريا عام 2015، وأثمرت ميثاقا بين البلدين اللذين لا صلات مشتركة بينهما، سوى الرغبة في تمزيق النظام القائم وتقويض سلطة الغرب.

وفي الوقت الذي كانت سوريا الميدان الذي بدأ فيه التعاون بينهما، لكن أوكرانيا تحولت وبشكل متزايد إلى الساحة التي توثقت فيها العلاقة.

ووجد قادة إيران الشيعة المتشددون، وأيديولوجية "بوتين" العلمانية عن الوطن والدم، أرضيةً مشتركة رغم الخلافات في الأساليب وطرق الحكم والأهداف، حسب الصحيفة، التي قالت إن الرغبة المشتركة جعلت منهم حلفاء طبيعيين.

ونقلت "الجارديان"، عن "تشارلز ليستر"، مدير برنامج سوريا في معهد الشرق الأوسط بواشنطن، قوله: "تشكلت هذه العلاقة أولا في سوريا وتطورت أكثر في أوكرانيا".

وأضاف: "في الوقت الذي خاضت فيه إيران معارك طويلة في سوريا لكي تأتي روسيا لإنقاذها، حدث العكس في أوكرانيا، حيث دخلت إيران الحرب قبل فترة لكي تنقذ الحملة العسكرية الروسية التي تواجه متاعب في أسلحة إستراتيجية".

وقالت شبكة "سكاي نيوز" التي نشرت الخبر عن الشحنة الروسية من المال والسلاح الغربي، إن طهران سترسل المزيد من المسيّرات.

وسيعرض هذا التعاون بين الدولتين المدنيين لدمار قبل الشتاء، خاصة بعدما تم استخدام المسيرات التي تسلمتها روسيا لضرب المدن الأوكرانية، ومعظمها مسيرات انتحارية أو "كاميكاز"، حيث كانت تنفجر عند إصابة الهدف.

ومنذ اجتياح روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/فبراير الماضي، وما تلتها من عقوبات طالت موسكو، عمد المسؤولون الروس لتعزيز العلاقات مع الجانب الإيراني، الذي يواجه بدوره عقوبات غربية مشددة على خلفية الملف النووي، وكذلك تهديد أمن المنطقة من خلال تزويد الميليشيات بالسلاح.

وخلال الأسابيع الماضية، حذر المسؤولون الأوكرانيون من تسليم إيران لروسيا صواريخ باليستية عالية الدقة، بعد أن لجأت روسيا بالفعل إلى الطائرات بدون طيار الإيرانية.

ونفت إيران وجود خطط لبيع صواريخ باليستية لروسيا، لكن الميجور جنرال "كيريلو بودانوف" رئيس مديرية المخابرات الدفاعية الأوكرانية، قال إن تسليم الصواريخ الإيرانية قد يحدث بحلول نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الجاري.

وعلى أثر ذلك، شدد الاتحاد الأوروبي من عقوباته على إيران، حيث ينظر الغرب بكثير من القلق لحجم التقارب الروسي الإيراني.

وفي مطلع الأسبوع، أقرت طهران للمرة الأولى بأنها أرسلت "عددا صغيرا" من الطائرات المسيرة إلى موسكو، لكنها قالت إنها شحنت قبل بدء الحرب، بينما نفى وزير الخارجية الإيراني "حسين أمير عبداللهيان" أن تكون بلاده قد زودت روسيا بصواريخ معتبرا الاتهامات "باطلة تماما".

وتقول كييف والغرب إن روسيا استخدمت الطائرات المسيرة الإيرانية لاستهداف البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا في سلسلة من الهجمات على مدى الأسابيع الماضية أجبرت أوكرانيا على تطبيق قطع متناوب للتيار الكهربائي في المدن الكبيرة ومنها كييف للحفاظ على الطاقة.

وتم تحميل طائرات أخرى بصواريخ دمرت المستشفيات ومحطات توليد الكهرباء.

وكان تدمير الأهداف المدنية علامة التدخل العسكري الروسي في سوريا، وضربت المقاتلات الروسية على مدى السنوات السبع الماضية المستشفيات والعيادات والمدارس والمخابز وطوابير الخبز في سوريا، مما أدى لمقتل آلالاف المدنيين.

وفي الأسبوع الماضي، ساعدت طائرة مسيّرة روسية، في توجيه صواريخَ سورية تحتوي على قنابل عنقودية لاستهداف مخيم للنازحين السوريين في شمال- غرب البلاد، وأدى لمقتل 9 أشخاص وجرح 75 آخرين.

وقال عناصر الدفاع المدني أو "الخوذ البيضاء": "أكبر همّ للشعب السوري هو إنهاء الهجمات الإرهابية التي تقوم بقتل الأطفال وملاحقة النازحين في كل أنحاء البلاد".

وأضافوا: "من الصعب التفاوض وفرض مطالب من آلة عسكرية لا تعرف شيئا سوى القتل.. ومن الصعب طلب المساعدة من المجتمع الدولي الذي تحكمه التوازنات والمصالح الإقليمية بعيدا عن مسارات حقوق الإنسان".

وركزت الحملة العسكرية الروسية على شمال سوريا، ولكنها حددت مع إيران مناطق تأثير في البلاد وتشاركوا في أجهزة أمنية.

ولدى كل منهما رؤية مختلفة عن مستقبل البلاد سوى اشتراكهما بالخروج من الدمار، وفي الوقت الحالي لا ينشغلان كثيرا بنهاية اللعبة.

وعلق "ليستر" على ذلك قائلا: "بوجود الجنرالين (ألكسندر) دوفرينكوف و(سيرغي) سوروفكين، فإن حرب روسيا في أوكرانيا يديرها الآن محاربون سابقون في سوريا".

وتابع: "يساعد الحلفاء بعضهم البعض في الرخاء والشدة، وكشفت حرب أوكرانيا عن قيمة علاقة إيران مع روسيا".

وزاد "ليستر": "الصين تبدو ذكية بالقدر الكافي لتبعد نفسها، وليس مستغربا أن نرى إيران وكوريا الشمالية، الطرف الآخر في التحالف السوري تعمل بقدر ما تستطيع لتقوية العدوان  الروسي".

ويرى مراقبون، أن روسيا التي تسعى لمواجهة حملة تشنها الولايات المتحدة لفرض العزلة الدولية عليها، قررت تدعيم التقارب على كل المستويات مع إيران ليصل إلى تحالف يهدف إلى تخفيف الضغوط، وبالتالي كسر العزلة الغربية.

ويشمل هذا التحالف الجانب العسكري، حيث تدعمت العلاقات العسكرية الايرانية الروسية في المدة الأخيرة من خلال تطوير التعاون وتبادل الخبرات وبيع التكنولوجيا المتطورة.

كما لعبت الأسلحة الإيرانية دورا كبيرا في صراعات طهران بالوكالة باليمن وسوريا، ما أثار مخاوف من أن تورطها المتزايد في أوكرانيا قد يؤدي إلى تصعيد التوترات مع واشنطن.

وبالتزامن، تسعى موسكو وطهران أيضا إلى بناء تحالف تجاري واقتصادي، يمكن أن يساعدهما في مقاومة الضغوطات الناجمة عن العقوبات الأمريكية.

وتواجه روسيا عقوبات اقتصادية بسبب عدوانها على أوكرانيا، وهي حرب لا تسير على ما يرام بالنسبة لموسكو.

ويخضع النظام الإيراني أيضاً للعقوبات بسبب برنامجه النووي وسجله في مجال حقوق الإنسان، ويواجه موجة استياء هائلة في الداخل.

وكلاهما جزء من "نادٍ صغير" من الدول التي لا تسعى فقط إلى متابعة أهدافها الاستراتيجية الإقليمية الخاصة بها، بل وأيضاً على نطاق أوسع التصدي لما يرون أنه نظام عالمي تهيمن عليه الولايات المتحدة.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

إيران روسيا أوكرانيا سوريا الأسد عقوبات غربية

باتصال هاتفي.. بوتين يبحث مع رئيسي "تكثيف" تعاون موسكو وطهران

طهران تعلن عن اجتماع بين خبراء الدفاع في إيران وأوكرنيا.. لماذا؟

أوكرانيا تعلن مقتل عسكريين إيرانيين في شبه جزيرة القرم

إيران وروسيا تعتزمان توقيع اتفاقية تعاون طويلة الأمد

التعاون العسكري بين روسيا وإيران.. هكذا حولت حرب أوكرانيا الرعاية إلى شراكة

وثيقة مسربة: أوكرانيا خططت لضرب القوات الروسية في سوريا