كارنيجي: العلاقات المزدهرة بين الإمارات وروسيا بدأت تترنح بسبب العقوبات الغربية

السبت 15 أبريل 2023 01:40 م

اعتبر تحليل نشرته مؤسسة "كارنيجي" للأبحاث الأمريكية أن العلاقة المزدهرة حاليا بين الإمارات وروسيا ليست كما يظن كثيرون ناجحة إلى حد بعيد، وأنه قد يكون محكوما عليها بالفشل، بعد تزايد الضغوط الأمريكية والغربية على أبوظبي لدفعها إلى الحد من تعاونها مع موسكو.

ويقول التحليل، الذي ترجمه "الخليج الجديد"، إنه رغم الاهتمام الروسي المتزايد بالإمارات، لاسيما بعد حرب أوكرانيا، إلا أن أبوظبي بدأت مؤخرا في الانضياع لسياسة العقوبات الأمريكية والغربية الصارمة ضد روسيا، وباتت الدولة الخليجية تأخذ العقوبات على محمل الجد بشكل أكثر مما تود موسكو التفكير فيه.

وأشار التقرير إلى أن أكثر من مليون روسي زاروا الإمارات في عام 2022 - بزيادة 60%  عن العام السابق - وهؤلاء الزوار ليسوا مجرد سياح، بل منهم رجال أعمال وأوليجارش مقربون من الكرملين، جاءوا باستثمارات معظمها في سوق العقارات، ونمت العلاقات التجارية بين روسيا والإمارات بشكل قياسي في 2022 أيضا وبلغ 9 مليارات دولار، شكلت الصادرات الروسية منها 8.5 مليار دولار، بنسبة زيادة بلغت 71% بالمقارنة بفترة ما قبل الحرب.

تطور آخر هو أن موسكو بدأت في تصدير النفط والمنتجات النفطية إلى الإمارات بأسعار مخفضة للغاية.

وتعد الإمارات نفسها بالطبع واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم ، لكنها اشترت في الأشهر العشرة الأولى من عام 2022  أكثر من 3.2 مليون برميل من النفط الروسي لإعادة تصديره، و 1.5 مليون طن من المنتجات النفطية لاحتياجات الدولة الخاصة بأسعار تفضيلية، وفقا لـ"كارنيجي".

كما تجري الآن عمليات استيراد موازية عبر الإمارات إلى روسيا، تتعلق بالعناصر الإلكترونية وقطع الغيار الخاصة بها، في حين ارتفعت شحنات الرقائق الدقيقة 15 مرة.

كما باعت الإمارات لروسيا 158 طائرة بدون طيار مدنية بقيمة 600 ألف دولار في عام 2022.

ويقول التقرير: للوهلة الأولى، ازدهرت العلاقات بين البلدين نتيجة للحرب في أوكرانيا والعقوبات التي تلت ذلك، لكن مركب الازدهار هذا يواجه صعوبة في الإبحار الآن.

ففي العام الماضي ، توقفت العديد من البنوك الإماراتية عن السماح للروس بفتح حسابات ، على الرغم من سعي الدولة لجذب المستثمرين الأجانب.

وبات لدى المؤسسات المالية الإماراتية متطلبات أكثر صرامة بالنسبة لرجال الأعمال الروس مقارنة بالعديد من الشركات الأخرى، وفي حين أن الروس الذين يسعون إلى استئجار مساحات عقارية تجارية يجدون أنفسهم أيضًا يقفزون عبر المزيد من الحلقات.

ولزيادة هذه العقبات، في نهاية العام الماضي، أجبرت العقوبات أكبر بنك في روسيا "سبيربنك" على إغلاق مكتبه التمثيلي في الإمارات، والذي كان يُنظر إليه على أنه نقطة انطلاق إلى المنطقة.

ورسميًا، لم تفرض الإمارات أية عقوبات على روسيا، لكن الكثير من القطاعات المصرفية والاستشارية في البلاد يتابعها المنظمون الأمريكيون عن كثب، مما يعني أنه لا يزال يتعين على المؤسسات المالية المحلية توخي الحذر في تعاملاتها مع الكيانات الروسية.

بالإضافة إلى ذلك، أضافت مجموعة العمل المالي العالمية لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب (فاتف) دولة الإمارات إلى "قائمتها الرمادية" في مارس/آذار 2022، مما دفع سلطات الدولة إلى الإسراع بتكثيف الرقابة على التدفقات النقدية داخل القطاع المصرفي ، مما يجعل الأمر أكثر صعوبة لنقل الأصول هناك من روسيا أو لتجاوز العقوبات.

وقارن التقرير بين الضغوط الحالية التي تتعرض لها الإمارات بسبب روسيا، والضغوط التي موست عليها قبل 20 عاما، تعتبر المركز المالي لإيران ، حيث كان الإيرانيون يمثلون حوالي 30% من جميع الاستثمارات في عقارات دبي.

وفي عام 2009 ، قدر إجمالي حجم الاستثمار الإيراني في الإمارات بنحو 300 مليار دولار، ونمت التجارة الثنائية بمعدل 30% كل عام ، من 2.2 مليار دولار في عام 2001 إلى 24 مليار دولار في عام 2010.

وللمقارنة، في عام 2021 ، كانت الصين أكبر شريك تجاري لإيران مع حجم مبيعات يقل عن 16 مليار دولار.

بعد ذلك، في 2010-2011 ، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على إيران بسبب برنامجها النووي ، وبدأت واشنطن في الضغط على الإمارات لتقييد اتصالاتها المالية مع الإيرانيين.

سرعان ما تراجعت التجارة إلى 15 مليار دولار.

وفي عام 2018 ، عندما أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي الإيراني، أغلقت البنوك الإماراتية العديد من الحسابات الإيرانية، مشيرة إلى مخاوف أمنية، ووجد العديد من الإيرانيين الذين يعيشون هناك أن تصاريح إقامتهم لم يتم تجديدها، مما قلل العدد الإجمالي لهم من 117 ألف في عام 2016 إلى 73 ألف في عام 2019، في حين انخفض حجم التجارة بشكل أكبر ، إلى 12 مليار دولار في عام 2018.

وخلص التقرير إلى أن الإمارات ستحاول الاستفادة من حرب العقوبات بين روسيا والغرب، لكنها في النهاية تعتمد على الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى أكثر من تركيا والصين، الشريكين الرئيسيين الآخرين لموسكو، مما يجعل التسوية مع العقوبات الغربية أمرًا لا مفر منه في أبوظبي.

ستبقى الإمارات وجهة رئيسية للأثرياء الروس الذين ينتقلون إلى الخارج، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للإيرانيين، لكن من غير المرجح أن تصبح العملية أسهل في أي وقت قريب.

أما بالنسبة للواردات الموازية، فالأرقام الآن متواضعة نسبيًا، والضغط المتزايد من الغرب يعني أنه من غير المرجح أن تنمو بشكل كبير.

واختتمت "كارنيجي" التقرير بالقول: "في النهاية، سيتوقف كل ذلك على استقرار الصادرات الروسية، لأنها تشكل العمود الفقري للعلاقات الثنائية، وهنا يبدو الأمر وكأنه أخبار سيئة لموسكو، ففي حين أنه من غير المحتمل أن يتم وضع المواد الغذائية من روسيا تحت أي قيود، إلا أن السلع الأخرى - بما في ذلك النفط والمعادن الثمينة - قد تجد نفسها عرضة لضغوط من الغرب".

المصدر | نيكيتا سماجين / كارنيجي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإماراتية الروسية عقوبات غربية الأثرياء الروس أبوظبي

التسريبات الأمريكية: مخاوف من ثقل روسيا العسكري بالشرق الأوسط

تحول السياسة الخارجية.. الإمارات تلملم صراعاتها رغم التوتر مع السعودية

بعد السعودية.. الإمارات لم تعد تعتبر أمريكا والغرب نموذجا لهذه الأسباب

تحرك أمريكي لمنع الالتفاف على العقوبات ضد روسيا عبر دول ثالثة.. ما القصة؟

أغلقت في أوروبا.. شركة استخبارات تجارية روسية تتوسع في الشرق الأوسط عبر الإمارات

روسيا: توجه لتوسيع اتفاقيات التجارة الحرة بين الإمارات والاتحاد الاقتصادي الأوراسي

شبكة إماراتية لمتاجر السوبر ماركت تفتتح أولى فروعها في روسيا نهاية 2023

مسؤول إماراتي: روسيا طالما دعمت العرب والآن تنتظر رد الجميل

منتدى سانت بطرسبورج الدولي.. الإمارات وروسيا ومسارات للتعاون التكنولوجي

صديقة لعدوين.. نفط وذهب وأموال الروس تتدفق على الإمارات