إسرائيل تستخدم أموالا إيرانية مصادَرة

السبت 14 فبراير 2015 07:02 ص

في إطار المعركة القضائية الدولية بين إسرائيل وإيران حول خط أنبوب النفط «عسقلان - إيلات»، كشفت صحيفة «هآرتس» النقاب عن وجود حساب مصرفي سري في «بنك إسرائيل» منذ 30 عاماً، تودع فيه أموال تعود إلى شركة النفط الإيرانية. وبحسب آخر تقرير معروف للمحاسبة العامة لإسرائيل فقد كان في الحساب، حتى نهاية العام 2013، حوالي 256 مليون دولار.

وبحسب «هآرتس» فإن وزارة المالية الإسرائيلية تسمي هذا الحساب الخاص بإيران «حساب عملة أجنبية خاص»، في حين يُسمّى في بنك إسرائيل «إيداع مختلف للحكومة بالعملة الصعبة». 

وذكرت الصحيفة أن تقرير المحاسبة العامة ومراقب الدولة يشير بشكل منتظم إلى هذا الحساب، من دون أن يعلم أحد أنه «حساب إيران». 

لكن الشيء المهم أن هذا الحساب كان يتحرّك، وأنه قبل 15 عاماً كاد يُفرغ، بعدما سحبت أمواله الحكومة الإسرائيلية، ثم عاد الحساب للامتلاء من دون أن يعلم أحد مصدر هذه الأموال.

وأشار رئيس تحرير «هآرتس» آلوف بن، الذي تابع تحقيقاته بهذا الشأن، إلى أن الحركات الأخيرة في الحساب سجّلت في السنوات الثلاث الأخيرة، في ولاية رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، حيث تمّ سحب 71 مليون دولار في العام 2012، في حين تم إيداع 60 مليون دولار في العام 2013.

ولا تبرّر تقارير بنك إسرائيل هذه الحركات المالية، كما أن وزارة المالية الإسرائيلية ترفض التعليق والإجابة على أسئلة بشأن إجراءات التحكيم مع إيران، والتي لا تزال تعتبر سراً. 

معروف أن الدين الإسرائيلي لإيران نشأ في أواخر عهد الشاه الذي كان حليفاً قوياً لإسرائيل، ومورد النفط شبه الوحيد لها طوال عقدين على الأقل. وعلى الأقل عندما قامت الثورة الإسلامية في إيران كان لشركة النفط الإيرانية ديون بقيمة ثلاثة شهور من أثمان النفط المبيع لإسرائيل، والتي كانت ضمن اعتماد ممنوح لشركات الطاقة الإسرائيلية عبر شركة وهمية سويسرية تُدعى «سوبترول».

على الأقل وصلت لإسرائيل خلال تلك الشهور الثلاثة خمس شحنات نفط لم تسددها تل أبيب بسبب الثورة التي قطعت العلاقات مع إسرائيل فوراً. 

واستغلت إسرائيل الوضع، وقررت عدم سداد الدين بقرار اتخذته حكومتها في 3 حزيران العام 1979، بعد أربعة شهور من سقوط الشاه. وحينها أبرم مناحيم بيغين معاهدة كامب ديفيد مع مصر، وتفرّغ لمهمته التاريخية بتوسيع الاستيطان في الضفة. وخلال ذلك تمّ تمرير القرار بشأن إيران، حيث أمرت الحكومة بعدم سداد الدين، وإيداع المبالغ المستحقة في حسابات خاصة في ثلاثة مصارف تجارية.

في تشرين الأول العام 1981 نشرت «هآرتس»، للمرة الأولى، أن طهران تنوي مقاضاة تل ابيب، ومطالبتها بمليار دولار عن صفقات أبرمت في الماضي ولم تسدّد. ولكن عملياً إيران بدأت بخطوة تحكيم مع إسرائيل في العام 1985.

في 1991 أصدرت هيئة تحكيم حكماً بوجوب أن تدفع إسرائيل الدين إضافة إلى الفوائد المستحقة، لكن القضية تدحرجت بعدها من محكمة إلى أخرى إلى أن أصدرت المحكمة العليا في لوزان، قبل حوالى العام، حكماً نهائياً لمصلحة شركة النفط الإيرانية.

إلى جانب ذلك، كان الإيرانيون قد بدأوا المطالبة بحقوقهم الكبرى في شركة خط أنبوب النفط «عسقلان - إيلات»، والذي أنشئ في العام 1968 كبديل جزئي عن قناة السويس.

وكان واضحاً أن إسرائيل تضع العقبات، وتمارس أساليب المماطلة، من أجل عدم دفع الديون من جهة وتأجيل النقاشات الجوهرية حول الديون، لكن طهران أصرت، طوال الوقت، على ملاحقة حقوقها بغض النظر عن الوقت المطلوب لذلك في ظل استمرار الحكومتين الإسرائيلية والإيرانية التزام الصمت تجاه الموضوع.

تقول «هآرتس» إن إسرائيل كانت تخفي ما يجري، ليس فقط عن الإسرائيليين، وإنما أيضاً عن شركائها الأميركيين والأوروبيين الذين كانت تبحث معهم أمر مقاطعة إيران وفرض عقوبات عليها.

في كل حال فإن سلوك إسرائيل فرض تعتيماً إعلامياً على كل ما يتعلق بقصة الديون الإيرانية وتوابعها. وهكذا لم يعلم كثيرون عن انتقال الأموال المودعة في المصارف التجارية الثلاثة، «هبوعليم»، و«ليئومي»، و«همزراحي»، إلى وديعة حكومية في البنك المركزي. وكان الهدف الأصلي إبعاد الأموال عن المصارف التجارية التي لها فروع في الخارج، خشية حجز الإيرانيين عليها. 

وحسب تقرير مراقب الدولة في العام 1987 فإنه «في العام المالي 1984 نقل المحاسب المركزي من حساباته في مصارف أخرى إلى حسابه في بنك إسرائيل مبلغ 125 مليون دولار». ووجد المراقب حينها خطأ في المبلغ، وطالب بتعديله، ما دفع في العام التالي إلى إضافة 200 مليون دولار أخرى.

وحسب «هآرتس» فإن الحكومة الإسرائيلية قررت في العام 1988 سحب المبلغ، مع التعهّد لشركات الطاقة الأصلية بتغطية أية أضرار تصيبها لاحقاً جراء ذلك من دعاوى بالفوائد أو ما شابه. وبقي المبلغ المودَع في بنك إسرائيل على حاله طوال 15 عاماً، وبلغ في التقارير الرسمية 349.8 مليون دولار.

وفي 1999 قررت حكومة إيهود باراك سحب المبلغ، كنوع من مصادرة أموال دولة معادية، لكن سرعان ما تبين، في العام 2011، أن الموضوع أكثر تعقيداً من قرار حكومي، حتى بعد الإعلان رسمياً عن إيران دولة معادية.

عموماً صارت الأموال تُسحب وتُعاد إلى الحساب، ومن المقرر أن ينشر بنك إسرائيل، بعد أسابيع، تقريراً مالياً عن العام 2014، وكثيرون يريدون معرفة الحركات التي جرت على هذا الحساب.

 

المصدر | حلمي موسى | السفير

  كلمات مفتاحية

إسرائيل إيران شركة نفط إيران خط أنبوب إيلات - عسقلان مصارف تجارية إسرائيلة «هبوعليم» «ليئومي» «همزراحي» وديعة حكومية البنك المركزي الإسرائيلي

إيران تستخدم إسرائيل كوسيلة لصرف الانتباه عن أهدافها الحقيقية في الخليج العربي

رئيس أركان الجيش الإيراني يدين هجمات سيناء ويؤكد: «تصب في مصلحة إسرائيل»

حكاية الديون النفطية الإسرائيلية لإيران

مسؤول إسرائيلي: إيران تسيطر على باب المندب بواسطة الحوثيين

«إسرائيل»: إيران استخدمت موقع «بارشين» العسكري لاختبار تكنولوجيا تفجير نووي