لهذه الأسباب حزب الله في أعلى درجات الاستنفار

الثلاثاء 8 يوليو 2014 09:07 ص

جان عزيز، المونيتور، 6 يوليو/تموز 2014

تؤكد أوساط قريبة من حزب الله أن كل اهتمامه منصب هذه الأيام على قراءة التداعيات المحتملة لحدث "داعش" على كل من سوريا ولبنان. حتى أن قيادة التنظيم الشيعي الأول والأقوى في لبنان والمنطقة انكبت طيلة الأسبوعين الماضيين على دراسة وقائع ما جصل في شمال غرب العراق وكيفية حصوله وأسبابه المباشرة وغير المباشرة، من أجل التحوط لما قد يأتي لاحقاً.

تبدأ الأوساط نفسها بتعداد الأسباب الداخلية للانهيار الذي حصل. فهي تعرف وتعترف بهشاشة الدولة التي بنيت في العراق بعد سقوط صدام. كما تعرف عمق الصراعات المذهبية التي خلفتها أحداث عقد كامل من الزمن. فضلاً عن عوائق الفساد في بغداد، والارتجال في حل الجيش العراقي ومن ثم التعثر في كل محاولات إعادة بنائه. وصولاً لاحقاً إلى حل تنظيمات "الصحوات" بعد القضاء على أبو مصعب الزرقاوي، بدل تفعيلها وربطها بتركيبة الدولة.

لكن أوساط حزب الله في بيروت تشدد في الوقت نفسه على مسؤولية القوى الخارجية في ما حصل. تركيا مثلاً، شكلت القاعدة الخلفية الآمنة، كما المستودع اللوجستي لحركة "داعش"، وفق الأوساط نفسها. أما بعض الإشارات المغايرة في الإعلام، فليست إلا من باب التضليل، كما تعتبر تلك الأوساط. وهي تعطي أدلة عدة على ذلك. منها على سبيل المثال أن معسكرات "داعش" في معظمها قائمة قرب الحدود التركية. ومنها أن هذا التنظيم التكفيري الذي يقوم منهجياً بتهديم كل المقامات الدينية والأضرحة، حافظ في مناطق سيطرته على الأثر العثماني الذي استنفرت أنقره للدفاع عنه. ومنها حتى أن المواطنين والدبلوماسيين الأتراك الذين قيل في الأيام الأولى لاجتياح "داعش" للموصل وجوارها، أن "داعش" اختطفتهم، سحب موضوعهم  فجأة من الإعلام، ولفه الصمت حتى في المواقف التركية الرسمية. واضح، بحسب الأوساط القريبة من حزب الله، ان تركيا متورطة بشكل ما في الحدث الداعشي. وواضح أن  حكومة أنقره نسقت الأمر مع سلطات إربيل. على قاعدة تبادل المكاسب من الاجتياح الداعشي. إردوغان يحظى بالأصوات الكردية التركية في انتخاباته الرئاسية. وسلطة البارازاني تحصل على كركوك، وربما على مشروع الدولة المستقلة. والاثنان يحصلان على عراق مفكك وعلى أدوار مختلفة في إدارة تفكيكه أو إعادة تركيبه.

في المقابل، تتابع قراءة الأوساط القريبة من حزب الله في بيروت، لم تكن الحسابات السعودية أقل وضوحاً، تماماً كما مكاسب الرياض. فالسعوديون حققوا من الحدث الداعشي في العراق هدفين أساسيين. أولاً ضرب الدولة العراقية التي أقيمت منذ نهاية العام 2010، مع وصول المالكي إلى موقع رئاسة الحكومة، ضد إرادتهم ومصالحهم وعلى حساب الفريق الذي دعموه في الانتخابات العراقية يومها. وهو ما بدأ يأخذ اليوم شكل البحث في تركيبة جديدة للسلطة المركزية في بغداد، تتراوح بين صيغة معدلة بوجود المالكي نفسه، وبين صيغة أخرى تستبعد المالكي كلياً. وثانياً، وهو الهدف الأهم الذي حققته السعودية من اجتياح "داعش"، هو ضرب الجسر المتواصل بين إيران والضفة الشرقية للبحر المتوسط. وهو الجسر الاستراتيجي الذي أرسته طهران بشكل تدريجي وتراكمي، والذي يتصل بسوريا ولبنان عبر العراق نفسه. وتحديداً عبر مناطق غرب العراق التي سيطرت عليها "داعش" اليوم. لكأن الرياض، كما تعتبر الأوساط نفسها، وبعد انكفائها عن المحاولات المباشرة لإسقاط نظام بشار الأسد، حليف طهران في دمشق، التفت على الاثنين من مكان آخر، ووجهت إلى تحالف الاثنين ضربة قاسية عبر قطع التواصل الجغرافي بينهما.

عند هذه النقطة، تتابع الأوساط قراءتها، يتركز اهتمام حزب الله بما حصل في العراق. ذلك أن ما حصل على الأرض في مناطق الموصل وصلاح الدين وصولاً إلى الأنبار، لا يعني فقط انقطاح حبل السرة اللوجستي بين طهران وحزب الله. لكنه أكثر من ذلك، قد يعني إعادة تحريك موازين القوى العسكرية والميدانية، لا في العراق وحسب، بل في سوريا، وحتى في لبنان. ففي الحسابات العسكرية، تشير الأوساط نفسها إلى أن حزب الله أعاد فتح الخرائط الميدانية للمناطق الممتدة من غرب العراق، وتحديداً في الأنبار، وصولاً إلى بيروت. أي تلك المساحة الممتدة عبر محافظة حمص السورية، وصولاً إلى شمال شرق لبنان. فهي المناطق نفسها التي خاض حزب الله معارك قاسية فيها، منذ أيار العام 2013، من أجل إبعاد المسلحين الأصوليين السنة عنها. وهي المناطق التي كان قد نجح في إقفالها بعد سيطرته على مدينة القصير في حمص في حزيران 2013 ومن ثم يبرود في القلمون في آذار 2014. لكن اليوم، وبعد سيطرة "داعش" على غرب العراق، يبدو أن آمال وأحلام الداعشيين عادت إلى الانتعاش في كل هذا القوس. واستيقظت كل الخلايا النائمة وأعيد تفعيل من لم يكن نائماً بعد. وتشير الأوساط نفسها إلى أن الأدلة على ذلك كثيرة: عودة التفجيرات الانتحارية إلى بيروت والمناطق الشيعية فيها. عودة الاضطرابات إلى الشمال اللبناني الملاصق للحدود السورية وذات الغالبية السكانية السنية. عودة الاشتباكات مع بعض جيوب المسلحين في منطقة القلمون السورية، بعد أشهر على إخمادها. والأهم كمؤشر، تعثر مفاوضات المصالحة مع مئات مسلحي المعارضة السورية من الأصوليين، في منطقة الوعر في حمص. كل هذه المؤشرات، وسواها من الوقائع الاستخبارية والعسكرية، المعلنة أو السرية، تجعل حزب الله في حالة استنفار شديد. وترسم معالم التحوط من محاولة جدية من قبل "داعش" للتسلل عبر هذا الكوريدور الجغرافي الصحراوي، من الأنبار إلى لبنان. إنها أعلى درجات الاستنفار عسكرياً وأمنياً، تقول الأوساط نفسها. وهي مستمرة في لبنان حتى انتهاء المعركة العراقية بشكل حاسم. 

 

  كلمات مفتاحية

كيف يخرج «حزب الله» من ورطته الاستراتيجية - التاريخية؟

«جبهة النصرة» تكشف عن تهريب «حزب الله» المخدرات إلى دول الخليج

صحف برازيلية تكشف تورط «حزب الله» مع المافيا فى تهريب المخدرات

تبرعات الحوثيين لحزب الله اللبناني تثير انتقادات اليمنيين