أصدر مركز الخليج لحقوق الإنسان تقريرا مفصلا حول عمليات التعذيب الموثقة في دولة الإمارات العربية المتحدة، مرفقًا بأسماء المتورطين في عمليات التعذيب التي وصفها بـ«الوحشية».
ويغطي التقرير المكوّن من 54 صفحة، الأحداث التي وقعت منذ الاعتقالات الأولى بشهر مارس/آذار من عام 2012 وحتى عام 2014 في سجون مختلفة من مراكز الاعتقال السرية إلى سجون الصدر والوثبة والرزين، ويصف بالتفصيل المعاملة التي يتلقاها المعتقلين بحسب مكان احتجازهم سواء الحبس الانفرادي أو مع مجموعات، كما يوثق مستوى الحقوق التي أعطيت من قبل سلطات الدولة. وتتضمن الوثائق شكوى ضد أمن الدولة الاتحادية في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب تزويرالوثائق الرسمية والفشل بالتحقيق في جرائم التعذيب بالإضافة إلى حرمان المعتقلين من حقوقهم القانونية الممنوحة لهم بموجب قانون دولة الإمارات العربية المتحدة.
وتفصّل النتائج التي توصل إليها التقرير: أولاً، مجموعة واسعة من انتهاكات حقوق الإنسان التي أخذت أشكالا مختلفة من الممارسات اللاإنسانية مثل استخدام أساليب التعذيب من قبل السلطات للحصول على اعترافات، الأمر الذي لم يسبب فقط الألم الجسدي للمعتقلين وإنما أيضا الضرر النفسي الشديد.
ثانياً، سوء المعاملة والإهانات التي تعرض لها المعتقلين، مثل ظروف السجن الغير إنسانية والتحرش الجنسي ونقص الرعاية الطبية الكافية والحرمان من الدفاع القانوني الملائم بالإضافة إلى استخدام وسائل الإعلام لمهاجمة المعتقلين وتشويه سمعتهم بشكل علني وعدم السماح لهم بالاتصال مع أسرهم بشكل مقبول.
إلا أن هذا التقرير امتاز عن جميع تقارير المنظمات الحقوقية السابقة بالإشارة صراحة إلى أسماء المتورطين في عمليات التعذيب، وهو الأمر الذي يسمح بملاحقتهم قضائيا محليا ودوليا على جرائم التعذيب التي ارتكبوها، وهي جرائم لا تسقط بالتقادم.
وجاء اسم وزير الداخلية الشيخ «سيف بن زايد آل نهيان»، في التقرير إلى جانب الشيخ «خالد محمد زايد آل نهيان» رئيس جهاز أمن الدولة، و«حمد الشامسي» مدير جهاز أمن الدولة. وهؤلاء هم كبار المسؤولين في مناصبهم ومسؤوليتهم عن التعذيب، وفق ما ذهب إليه التقرير الحقوقي.
أما الطبقة الثانية من المتورطين بالتعذيب، وهم جميعا لديهم مسؤولية قانونية تضامنية في فعل التعذيب المستمر ضد معتقلي الرأي، فهم: «يوسف العبري - النائب العام (السابق) لإمارة أبوظبًي ، وصقر النقبي المدعي العام لأمن الدولة الاتحادية، ومحمد سيف الزعابي مدير السجون في شرطة أبوظبي، و أحمد الضنحاني رئيس نيابة أمن الدولة، و عبد المنعم السيد خليل النائب العام لأمن الدولة، و سالم كبيش النائب العام الاتحادي، و سهيل مطر مدير سجن الرزين، وطارق حمد المقبالي ضابط سجن الرزين، إضافة إلى الضابط، أحمد عبدالله – برتبة ملازم»، وفق تقرير مركز الخليج لحقوق الإنسان.
وإلى جانب هؤلاء، أشار التقرير إلى ضابطين آخرين مجهولي الهوية للمركز، مع أنه قدم مواصفاتهم الجسدية لتسهيل التعرف عليهم فيما بعد.
وكان من بين الأسماء المتورطة في التعذيب، «سالم حميد» مدير مركز المزماة للدراسات والبحوث. ورغم أن «حميد» هو مدير مركز دراسات، فإنه لا غرابة في ذلك. حيث يرى مراقبون أن قائمة الإرهاب الإماراتية ضمت عشرات مراكز الدراسات والبحوث التي اعتبرتها «إرهابية» بذريعة أنها تحارب حتى منشأ «الإرهاب» ومنظريه.
كما يُشار إلى أن المدعو «حميد» معروف كذلك بتحريضه المستمر على معتقلي الرأي سواء من خلال مركزه الذي يقول مراقبون إنه مركز بحوث ودراسات لأمن الدولة بثوب مدني، أو من خلال مقالاته شبه اليومية ضد المعتقلين وذويهم في الصحف الإماراتية، بصورة تتجاوز التحريض بكثير.
وقد أوضح التقرير ذاته أن «الدولة فشلت في مجرد التحقيق بعمليات التعذيب، فكيف لها أن تحاسب هؤلاء الجناة أو تفتح معهم تحقيقا على الأقل. فسلطات الدولة القضائية والمجلس الوطني "المستضعف" كلها تدور بفلك الدولة، ولا تجرؤ على القيام بأي خطوة لمعاقبة المسؤولين عن التعذيب المجرم والمحرم وطنيا وأخلاقيا ودينيا».
وأضاف أنه «مع ذلك، فإن الشعب الإماراتي لم يبع أبناءه لأجهزة الأمن، ولم يفتد ضباط الأمن المهزومين بأبنائه، ولن يتأخر عن ملاحقة كل المتورطين بتعذيب أبنائه والتنكيل بهم. التعذيب سُبة في جبين السلطات البوليسية التي تسيء للدولة كاملة في سمعتها وصورتها وحاضرها ومستقبلها وتاريخها أيضا. ومهما تأخرت المحاسبة داخليا، فإن جرائم التعذيب ستظل آثارها المؤلمة خالدة في وجدان الشعب الإماراتي والأجيال القادمة، حتى يدفع منتهكو حقوق الإنسان والقائمون على هذه السجون والمغيِبون للعدالة والقانون والمستبعِدون للدستور، ثمن جرائمهم بحق الإماراتيين كافة، مهما طال غياب القانون أو تغييبه».
أكد المركز الحقوقي ختامًا، أن هذا التقرير الحقوقي «يؤسس لمرحلة جديدة في مطاردة المتورطين قضائيا، وسيؤدي إلى حصارهم وانحسارهم داخل حدود الإمارات، إذ سيصبحون مطلوبين ومطاردين في قضايا حقوقية في عواصم العالم كافة».
معتبرًا أنه قد «سقطت كل أراجيف الحماية والحصانة لكل من يتجرأ على انتهاك حقوق، فكل متورط ومتهم لن ينفعه أو يحصنه أي غطاء أو شخصية سياسية مهما علت، ولا علو لأي شخصية تهين الشعب الإماراتي وتستهين به وبكرامته. كما أن هذا الجهاز، لن ينفع أحدا أيضا، لأنه أهون وأوهن من حماية نفسه، فضلا عن حماية آخرين يعلمون لحسابه!».