«ستراتفور»: تعدد فروع «الدولة الإسلامية» لا يعني زيادة قدراتها

الأحد 15 مارس 2015 03:03 ص

عادت المخاوف من توسع «الدولة الإسلامية» تطفو مُجددا على السطح، على الرغم من أنه ربما لا يكون لها داعِ.

في السابع من الشهر الجاري تعهدت «بوكو حرام» - جماعة متشددة في نيجيريا - بالولاء رسميا للدولة الإسلامية في شريط فيديو منسوب لزعيمها «أبو بكر شيكاو». وظهرت تقارير متزامنة تكشف عن انقسام في صفوف حركة الشباب الصومالية حول الانحياز للدولة الإسلامية وإعلان الولاء لها أو البقاء تحت مظلة تنظيم القاعدة. ومن المرجح أن تقوم «الدولة الإسلامية» في وقت لاحق بالاعتراف رسميا بولاء «بوكو حرام» من خلال متحدث بارز، كما فعلت في الماضي مع إعلانات ولاء مشابهة (الخليج الجديد: حدث ذلك بالفعل حيث دعا تنظيم «الدولة الإسلامية» على لسان متحدثه الأبرز العدناني أنصاره للانضمام إلى جماعة «بوكو حرام» لتوسيع رقعة دولة الخلافة).

وقد أثارت خطوة «بوكو حرام» قدرا كبيرا من القلق الدولي بشأن توسيع «الدولة الإسلامية» لدائرة انتشارها عالميا، لكن ذلك قد يحمل قدرا من المبالغة. إعلان «بوكو حرام» - وولاءات أخرى حديثة - لا تضيف شيئا إلى قدرات «الدولة الإسلامية» داخل خلافتهما المعلنة في العراق وسوريا، كما لا يزيد مباشرة من قدرة تهديد «بوكو حرام».

تحليل

تنشط «بوكو حرام» - مجموعة إسلامية متشددة تحظى بدعم شعبي واسع في مناطقها - في شمال شرق نيجيريا. وقد استخدمت المجموعة جملة من التكتيكات الإرهابية والمتمردة على حد سواء لتحقيق هدفها. وتحوّلت «بوكو حرام» مرتين للتكتيكات التقليدية وحاولت السيطرة وبسط النفوذ على أراضي داخل نيجيريا، تماما كما فعلت «الدولة الاسلامية» لإعلان الخلافة في الشرق الأوسط. ورغم ذلك فقد كانت محاولات المجموعة مؤقتة، وبقيت محصورة تماما في شمال شرق نيجيريا. ونجح الهجوم العسكري المضاد من القوات النيجيرية في صدّ أول هذه المحاولات في عام 2013. وبدأت محاولة أخرى في أغسطس/آب 2014، في الوقت الذي تتآكل فيه المجموعة باطراد في ظل الهجمات المضادة المماثلة.

وفي كلتا الحالتين، نجحت المجموعة في تحقيق نجاح أولي ووضعت بعض المناطق تحت سيطرتها. وساعد في هذه النجاحات في الأساس فشل الحكومة النيجيرية والجيش الذي جاءت قدراته أقل من قدرات المتشددين. وفي الوقت الذي تقوم فيه الحكومة حاليا بحشد الإرادة السياسية خلف الجيش، فلا مناص من فقدان «بوكو حرام» بعض مكاسبها السابقة، كما ستضطر لتعديل سلوكها مرة أخرى. كما أجهز جيران نيجيريا أيضا على «بوكو حرام»؛ حيث قامت جيوش النيجر والكاميرون وتشاد بتضييق الخناق على التنقل عبر الحدود، وحتى عن طريق عمليات توغل طفيفة في نيجيريا نفسها.

هيبة وليس توسع

وتزامن توقيت قيام «بوكو حرام» بانتزاع السيطرة على أراضي في نيجيريا مع ظهور نجم «الدولة الإسلامية» العام الماضي في مدن العراق. وفي حين أنه لا يمكن تحديد ما إذا كانت «الدولة الإسلامية» أثرت على قرار «بوكو حرام» مباشرة، فإننا نجد «بوكو حرام» تستخدم تكتيكات «الدولة الإسلامية». على سبيل المثال، بدأت المجموعة النيجيرية تضمين الفيديوهات الدعائية الخاصة بها عناصر ومواد تم استخلاصها من تلك التي تنتجها «الدولة الإسلامية». كما سارت «بوكو حرام» على خطى «الدولة الإسلامية» في تكتيكات الاختطاف، واستعباد النساء والفتيات، وتنفيذ قطع الرؤوس، وإعلان غيرهم من المسلمين مرتدين.

ومكن التحرك الناجح للدولة الإسلامية من سوريا إلى العراق من إعلان الخلافة، وأعطاها اهتماما دوليا غير مسبوق، ودفع بها نحو الصدارة. وقد أدت السمعة التي اكتسبتها «الدولة الإسلامية» بالمجموعات الأخرى إلى محاكاتها، بينما أصدر البعض تعهدات بالولاء أو ما يُسمى بـ«البيعة». ومن الناحية الشكلية، يبدو أن «الدولة الإسلامية» نجحت في أن تُسمع صوتها للعالم كله، وأن تنمو كتهديد. وهذا ببساطة ليس صحيحا. فالمجموعة لا تقوم بإصدار عقد جديد يعزز من صورة المتشددين. وفي المقابل، فإن المجموعات التي تبايعها بقيت نشطة في الواقع لسنوات. ويمكن لأي شخص أو مجموعة رفع العلم أو كتابة شعارات مؤيدة للدولة الإسلامية على الجدران، ولكن هذا لا يعني أن «الدولة الإسلامية» نفسها آخذة في التوسع.

وتعزز هذه التحركات المحلية من هيبة «الدولة الإسلامية»، وتدعم العلاقات العامة دون أن تضيف شيئا جديدا. بل إنها لم تشبه تحرك تنظيم القاعدة في انطلاقته للمستوى العالمي. فلم يسيطر يوما ما على الأراضي، ولكنه عمل من بلد مضيف يسيطر عليه نظام جهادي هو حركة طالبان. وكان تنظيم القاعدة أكثر تركيزا على مهاجمة الولايات المتحدة أو المصالح الغربية من «الدولة الإسلامية»، ومثل تحرك تنظيم القاعدة نحو التوسع العالمي شكلاً مُختلفا من عبور الحدود الوطنية. وتتسببت الولاءات للدولة الإسلامية في تشرذم المشهد الجهادي بين الجماعات المتحالفة مع «الدولة الإسلامية» وتنظيم القاعدة بدلاً من التوسع الحقيقي. وفي كثير من الأماكن، فإن «الدولة الإسلامية» في الواقع تكافح ضد الجهاديين الآخرين.

قيود

وتواجه حركة الشباب - التي تفكر في إعادة الانضواء تحت لواء «الدولة الإسلامية» - وضعا تكتيكيا صعبا مماثلا. فقد وضعت الحكومة الصومالية ومؤيدوها من الغرب وقوات الاتحاد الإفريقي الحركة في موقف دفاعي وحققت مكاسب استراتيجية. وتجد حركة الشباب أيضا صعوبة في تجنيد الأجانب؛ خصوصًا بعدما قام  زعيمها السابق «أحمد عبدي جودان» باستئصال شأفة الجهاديين الأجانب عندما عارضه بعضهم.

وهناك تحول محتمل نحو «الدولة الإسلامية» ربما يسمح لحركة الشباب بتأمين عمليات تجنيد الأجانب بنفس طريقة تعهدها السابق بالولاء لتنظيم القاعدة، أو هكذا تأمل المجموعة. وربما يعتقد قادة حركة الشباب أيضا أن «الدولة الإسلامية» يمكنها أن توفر إمكانية الوصول إلى الموارد الأخرى التي أصبحت صعبة المنال منذ خسارة المجموعة لعدد من الأصول الاستراتيجية مثل ميناء كيسمايو. ومع ذلك؛ فإن حركة الشباب بالفعل لديها العديد من القيود التي تجعل تحولها نحو «الدولة الإسلامية» من غير المرجح أن يحدث. وفي الواقع، فإن الخلافات الداخلية بشأن ولائها قد يضعفها.

 هناك القليل من الأدلة حتى الآن على أن الجماعات الموالية حاليا للدولة الإسلامية تتمتع بزيادة في إمكانية الوصول إلى الموارد، بالإضافة إلى الذكاء أو الخبرة المؤسسية أو التنسيق على أي مستوى تشغيلي ملموس. ولا توجد أي علامات على زيادة في القدرة الحقيقية لأي من مجموعات الامتياز (الفروع) - التي تقاتل تحت لواء تنظيم آخر - أو «الدولة الإسلامية» نفسها.

على سبيل المثال، مجموعة امتياز «الدولة الإسلامية» في ليبيا على صلة وثيقة بتنظيم «الدولة الإسلامية» الأم. وعاد العديد من المقاتلين الليبيين من القتال جنبا إلى جنب مع «الدولة الإسلامية» في العراق وفي جعبتهم صلات شخصية بالمنظمة الأم  كتلك التي تشبه ما بين «بوكو حرام» والقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي أو بين حركة الشباب وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

ولا يزال المسلحون الليبيون يعرفون أهدافهم وفقا للسياق المحلي الليبي، وليس طبقا لجدول أعمال «الدولة الإسلامية» في المنطقة بأسرها. ولن تتغير الانتماءات الأيديولوجية حتى تصبح القوى العاملة والمال والمعرفة المؤسسية أو زيادة التنسيق الفعال الواسع أكثر وضوحًا.

تفكك

وعلى رأس عمليات التفكك أو قطع الاتصال، هناك القيود الخاصة التي تواجهها «الدولة الإسلامية» خلال أي تفاعل هادف مع مجموعات الامتياز التابعة لها. إنها تعاني ضغطا ماليا وعسكريا ثقيلا، وينبغي عليها أن تركز على المحافظة على أراضيها. ولا يمكنها بسهولة تعزيز مجموعات أخرى في مكان آخر عن طريق تخصيص قوى عاملة أو تمويل. وحتى لو كانت تساعد من ينضوي تحت رايتها، فإن «الدولة الإسلامية» لم تظهر نفس القدرة في مهارتها الإرهابية، ولم تكن قادرة على إبراز قدراتها الإرهابية عبر الحدود الوطنية بنفس المستوى الذي وصل إليه تنظيم القاعدة.

وتكمن القوة الحقيقية للدولة الإسلامية في الحرب غير النظامية والمناورة. أي محاولة جوهرية من «الدولة الإسلامية» لدعم مجموعات أخرى في المستقبل لن يؤدي إلى مزيد في قدرات هذه المجموعات المتمردة أكثر من قدرتها الإرهابية ذاتها. وبدلا من ذلك؛ فإنه من غير المرجح أن تعزز فورة الولاءات والبيعة للدولة الإسلامية إلى حد كبير المنظمة الأم أو مجموعات الامتياز التابعة لها.

  كلمات مفتاحية

الدولة الإسلامية بوكو حرام حركة شباب المجاهدين

«الدولة الإسلامية» يدعو أنصاره للانضمام إلى «بوكو حرام» لمد «دولة الخلافة» إلى إفريقيا

نيجيريا: زعيم «بوكو حرام» يعلن مبايعته لتنظيم «الدولة الإسلامية»

بأمر «البغدادي»: «أنصار بيت المقدس» يتحول لـ«ولاية سيناء»

الإعلان عن خريطة "دولة الخلافة".. وجهادي سابق يزعم: 10 آلاف مقاتل في ليبيا انضموا لداعش

"الدولة الاسلامية" وأخواتها .. وأسباب مفاجأتها الكبرى في الموصل

«الدولة الإسلامية» يعدم 13 شخصا في سوريا بتهم «التجسس» و«سب الذات الإلهية»

كيف دمّر «داعش» أحلام الإسلاميين؟