القاعدة البحرية البريطانية في البحرين تواجه تحديا قانونيا بسبب أوضاع حقوق الإنسان

الأربعاء 18 مارس 2015 09:03 ص

تستعد الحكومة البريطانية لمواجهة تحد قانوني كبير بشأن القاعدة البحرية المثيرة للجدل في البحرين، وسط اتهامات بأن بريطانيا «ضحّت» بحقوق الإنسان مقابل إبرام اتفاقيات تجارية وعسكرية.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي أعلن «فيليب هاموند» - وزير الخارجية البريطاني - عن قاعدة بحرية جديدة لبلاده في البحرين، في إشارة إلى الالتزام المتجدد من قبل الجيش البريطاني بلعب دور في الخليج. وعلى الرغم من ذلك، فإن القرار البريطاني قوبل بالرفض من قبل نشطاء حقوق الإنسان، الذين اعتبروا أن القاعدة تمثل منحة لبريطانيا بسبب صمتها عن انتهاكات حقوق الإنسان في تلك الدولة الخليجية.

وسوف يقوم «موسى محمد» - الناشط الحقوقي البحريني الذي حصل على اللجوء في بريطانيا منذ 2013 بعد ادعائه بتعرضه للتعذيب والاختطاف من قبل النظام البحريني - الأسبوع الجاري برفع دعوى قضائية لمراجعة قرار إنشاء قاعدة بحرية بريطانية في البحرين.

وتقوم قضيته على أساس اعتراف وزارة الدفاع البريطانية بأنها لم تأخذ في الحسبان وضع حقوق الإنسان بالبحرين عندما وافقت على إنشاء القاعدة البحرية التي تتكلف 15 مليون جنيه أسترليني والممولة بشكل أساسي من قبل الأسرة الحاكمة في البحرين.

ويدّعي «محامي موسى» أنه «ينبغي على وزارة الدفاع البريطانية اتباع قواعد دليل العدالة والأمن الخارجي التي وضعتها الحكومة»، ويدعو هذا الدليل الوزراء وموظفي الخدمة الخارجية إلى الأخذ بعين الاعتبار التأثيرات على أوضاع حقوق الإنسان عند توقيع اتفاقيات أمنية بين المملكة المتحدة وحلفائها في الخارج.

وخلال ثورات الربيع العربي في عام 2011، دعمت المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية الحكومة السنية بالبحرين عقب إخمادها بالقوة لمظاهرات الأغلبية الشيعية هناك. كما ساعدت قوات من السعودية في سحق المتظاهرين الذين طالبوا بإنهاء سيطرة أسرة «آل خليفة» على الحكم، وهي الأسرة التي تحكم البلاد منذ أكثر من قرنين من الزمان.

وتقول منظمة العفو الدولية في المملكة المتحدة إنها ما زالت تشعر بـ«مخاوف جدية» بشأن وضع حقوق الإنسان في البحرين، بحسب ما ذكره «آلان هوجارث» رئيس المنظمة في بريطانيا للشؤون السياسية خلال حديثه مع صحيفة «الإندبندنت». وقد وصفت المنظمة البحرين بأنها بلد «يقود حملة ضخمة ضد حرية التعبير»، حيث يتم سجن نشطاء المعارضة إثر محاكمات جائرة، وتعذيب المعتقلين واستخدام الشرطة للقوة المفرطة ضد المتظاهرين.

وعلى الرغم من هذه المخاوف التي تم التصريح بها في البرلمان في وقت سابق من هذا الشهر، إلا إن وزارة الدفاع لم تأخذ حقوق الإنسان بعين الاعتبار. ودفع هذا الأمر محامي «موسى محمد» إلى تهديد الحكومة باتخاذ إجراءات قضائية بعد رفض المسؤولين الإفراج عن وثائق تتضمن تفاصيل تتعلق بالدعم الحالي والسابق والمستقبلي فيما يخص الخدمات العسكرية والأمنية التي تقدمها بريطانيا للبحرين.

ومن جانبه، قال «سو ويلمان» - محامي «موسى محمد» - «إن توجيهات دليل العدالة والأمن الخارجي يلزم الحكومة مراجعة سجل حقوق الإنسان الخاص بالأنظمة التي تتلقى المساعدة. لقد فشلت الوزارة في القيام بذلك في حالة القاعدة الدفاعية. وإذا لم يكن للوزارة أي شيء لتخفيه، فلماذا ترفض الإفراج عن وثائق حول ما يجري تقديمه من مساعدة ولمن قدمت؟». 

وتقول الحكومة إن القاعدة لا تمثل مساعدات عسكرية، ومن ثمّ فهي لا تتطلب تقييما، في حين قالت مصادر قانونية إن التحدي القانوني «جديد» لكنه سيكون «شاقا» ما لم يجبر الفريق القانوني الذي يتزعمه «موسى محمد» الحكومة على الإفراج عن مزيد من الوثائق.

ويمكن أن يكون التحدي القانوني محرجا لمكتب الخارجية والكومنولث الذي رفض الأسبوع الماضي إدراج البحرين على أنها بلد مثير للقلق في تقريرها السنوي لحقوق الإنسان، على الرغم من المخاوف التي أعلنها العديد من المنظمات غير الحكومية.

وقال «موسى محمد»: «إن الجمهور البريطاني من حقه أن يعرف لماذا تتعاون الحكومة البريطانية بشكل وثيق مع البحرين، هذا البلد لديه سجل رهيب فيما يتعلق بحقوق الإنسان. هل السكوت عن انتهاكات حقوق الإنسان في البحرين هو المقابل لقاعدة دفاعية؟».

وأعلنت الحكومة البحرينية عن إصلاحات عقب موجة من الغضب الدولي بشأن حملتها في عام 2011 على الرغم من تقرير مجلس العموم البريطاني الذي صدر في نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، والذي أكد فيه المجلس على أن الأدلة «قليلة أو معدومة» على أن البحرين «حققت تقدما كافيا» في تنفيذ إصلاحات تتعلق بحقوق الإنسان. وقال التقرير إن وزارة الخارجية «لم تجد مفرا من التحامل على نفسها وأدرجت البحرين في قائمة الدول المثيرة للقلق في مجال حقوق الإنسان».

ويمكن لمناقشة هذه القضية في المحكمة وضع أي صفقة محتملة لبيع طائرات «تايفون» إلى البحرين في دائرة الضوء بعد أن أخبر مصدر عسكري بريطاني صحيفة الإندبندنت أن القاعدة البحرية في البحرين كان الخيار الثاني في المنطقة، وقد تم ترجيح هذا الخيار بعد أن ألغت الإمارات العربية المتحدة شراء طائرات مقاتلة متقدمة في ديسمبر / كانون الأول 2013.

وقال محللون إن البحرين مهتمة بشراء طائرات «تايفون» المقاتلة التي تصنعها شركة «بي إيه إي سيستمز» البريطانية لتحل محل جزء من القوة الجوية القديمة، كما أشاروا إلى أن هذا سيجعل من الاتفاقية «فرصة كبيرة للتعاون الدفاعي».

وفي الأسبوع الماضي، قررت السويد إلغاء صفقة أسلحة مع السعودية على خلفية أوضاع حقوق الإنسان في البلاد، وهي الخطوة التي يأمل نشطاء من البحرين تكرارها من قبل بريطانيا فيما يتعلق بالقاعدة البحرية الملكية في المنامة التي ستستضيف عددا من المدمرات والجيل الجديد من حاملة طائرات إليزابيث.

وأضاف السيد «هوجارث»: «يجب على الحكومة البريطانية أن تضمن عدم التضحية بحقوق الإنسان في مقابل التجارة والصفقات العسكرية مع البحرين. وإذا كان هناك محادثات مستمرة وراء الكواليس، فمن الواضح أنها لا تعمل. لقد حان الوقت لحكومة المملكة المتحدة للحديث علنا وإدانة هذا الاعتداء على حقوق الإنسان».

وصرح «أندرو سميث» من الحملة المعروفة «ضد تجارة الأسلحة» لصحيفة الإندبندنت: «لقد وضعت المملكة المتحدة بالفعل الكثير من الوقت والجهد ورأس المال السياسي في تسليح ودعم الديكتاتورية القائمة في البحرين، وكان المحرك الأساسي هو مبيعات طائرات التايفون. وتبعث الحكومة في المملكة المتحدة برسالة مفادها أن حقوق الإنسان لشعب البحرين أقل أهمية من أرباح شركة بي إيه إي سيستمز البريطانية».

كما صرح متحدث باسم الحكومة: «إن الحكومة البريطانية تدعم حكومة البحرين في برنامجها الإصلاحي، بما في ذلك العمل على مساعدة البحرين لتعزيز حقوق الإنسان وقطاع العدالة. نحن نرحب بالتقدم الذي تحققه البحرين في هذا المجال من دعم للمنظمات غير الحكومية، وسنواصل تقديم المساعدة لهم».

وتابع: «اتفاقية الدفاع الأخيرة ليست حول تقديم مساعدات عسكرية إلى البحرين، وبالتالي لم يُطلب إجراء أي تقييم خاص بها».

  كلمات مفتاحية

بريطانيا البحرين القاعدة البحرية قواعد عسكرية بريطانية

البحرين تلقت الإذن من السعودية قبل الموافقة على استضافة القاعدة البحرية البريطانية

الديلي تليغراف: ما جدوى القاعدة البحرية البريطانية في البحرين؟

القاعدة البريطانية في البحرين: عودة الاستعمار إلى «شرق السويس»!

بريطانيا تخطط لإنشاء قواعد عسكرية في الإمارات والبحرين وعُمان

ملك البحرين يستقبل كبير المستشارين العسكريين البريطانيين للشرق الأوسط

البحرين توقع اتفاقية تعاون عسكري مع إيطاليا

النفوذ المرتقب: استراتيجية بريطانيا في الخليج