البنتاجون: عام 2014 كان الأكثر تعقيدا منذ 1968

الأحد 22 مارس 2015 12:03 ص

إذا كنت تقرأ تقارير البنتاجون بشكل روتيني والخطابات وجلسات الاستماع والمقالات الإخبارية، فإنك ستصادف افتراضا أو ادعاءا بارزا. فبالأمس، أصدر البنتاجون مقالا صحفيا يلخص خطابا ألقاه مدير هيئة الأركان المشتركة الجنرال «ديفيد جولدفين» في معهد «بروكينجز». وتضمن المقال سطرا يقول «العام الماضي هو العام الأكثر تعقيدا منذ عام 1968»، بحسب الجنرال.

ولفهم ما هو النهج أو المقياس الذي قاد الجنرال في سلاح الجو الأمريكي لكتابة مثل هذا البيان النهائي، فإني أتحول إلى نص خطابه الفعلي في معهد «بروكينجز»:

[.. سألت مؤرخا تابعا للأركان المشتركة: «مهلا ... من منظور الأركان المشتركة فقط، كيف يبدو عام 2014 بالنسبة إلى سنوات أخرى كنت قد عشتها وعاصرت مجرياتها؟». رد قائلا: «إنه رقم اثنين من حيث إجمالي عدد القضايا التي تعاملنا معها. إنه رقم اثنين فقط بعد عام 1968»؛ بناءا على ما تشير إليه السجلات المختلفة.

وماذا حدث في عام 1968؟ حسنا ... لقد غزت روسيا تشيكوسلوفاكيا، وتعرضنا لاثنين من حوادث الاغتيالات الكبرى لـ«روبرت كيندي» و«مارتن لوثر كينج»، كما كان هناك أيضا أحدث أسلحة روسية، وانتشرت أعمال شغب عرقية في جميع أنحاء البلاد. لذلك كانت الأركان المشتركة من دون شك مشغولة للغاية. ونستطيع أن نقول إن هيئة الأركان المشتركة في عام 2014 كانت أيضا مشغولة بشكل لا يصدق ..].

هذه وسيلة ممتعة للتفكير في عملية ”التعقيد والتشابك“ التي تعم العالم، وغالبا ما يصفها القادة العسكريون في الولايات المتحدة بأنها ”البيئة الاستراتيجية“.

ليس هناك جهد واضح لوصف العالم بدقة وموضوعية، أو حتى بدرجة كاملة. بدلا من ذلك، فإنه يكون بناء على حجم إجمالي القضايا التي قررت هيئة الأركان المشتركة التعامل معها. اللغز الأكثر انتقادا للمؤرخ لفحص أي عملية ربما يكون: لماذا تم اختيار هذه القضايا، وبناء على ماذا تم ترتيبها على حسب الأولويات، وأي منها يتم تجنبه ولماذا، وكيف يتم الربط مع التوجيه الاستراتيجي الوطني والعسكري، وكيف أنها كانت صالحة من الناحية العملية لإبلاغ المسؤولين المدنيين والقادة العسكريين.

تصور العالم من خلال عدسة تركز على كمية من القضايا يشبه إلى حد ما تصور النجاح على أرض ملعب كرة القدم من خلال ”معدل العمل والمجهود“؛ بمعنى مقدار جري لاعب ودفاعه خلال المباراة بينما فريقه لا يستحوذ على الكرة. معدل العمل العالي الذي يقاس بالكيلو مترات لا يعد مؤشرا على مساهمة جديرة بالاهتمام لتحقيق النجاح العام للفريق. وهذا يتضح من الناحية الكمية التي وضعتَ فيها الكثير من الجهد، ولكن دون معرفة ما إذا كان مناسبا أو ضروريا لتحقيق الأهداف المرجوة.

وهناك أيضا مسألة ما إذا كان حجم القضايا التي اختارتها هيئة الأركان المشتركة للتعامل معها تعكس احتياجات حجم الموظفين. ووفقا لتقييم مكتب المحاسبة الحكومي (جاو) الصادر حديثا تتألف هيئة الأركان المشتركة من 2.572 موظف، 1.455 عسكري و 1.117 مدني. ومن المستحيل أن نعرف بيانات وزارة الدفاع الأمريكية في عام 1968، ووجد مكتب (جاو) أن عام 2005 كان «بمثابة أول عام يمكننا فيه الحصول على بيانات موثوقة»، ولكنها كانت قليلة بشكل ملحوظ، وربما تتكون من 400 إلى 500 فرد. وإذا كان العالم في عام 1968 أكثر تعقيدا بالفعل - بناء على مقياس وحجم إجمالي القضايا - فإنه من اللافت أن عددا أقل من الناس الذين كانوا يعملون في أقسام (جي) كانوا قادرين على التعامل معها.

وأريد أن أتنبأ بأن مثل هذا الوقت من العام المقبل سوف يجد المؤرخ في هيئة الأركان المشتركة أن عام 2015 أعلى مرتبة من عام 2014، بالنظر إلى أن الاستخبارات الأمريكية والمسؤولين العسكريين يصفون العالم كما لو أصبح أكثر تعقيدا وتحديا من عام لعام. ولكن إلى أي درجة يمكن وصف هذه الأشياء بدقة - أو كيف يتوقع هؤلاء المسؤولون دور الولايات المتحدة في العالم - هو أمر يستحق النقاش أكثر من استراتيجية الولايات المتحدة الكبرى.

وقد عرّف «وبستر» التعقيد بأنه: «مجموعة من الأشياء المترابطة والمتشابكة بطريقة صعبة» و«مشكلة وجدانية تجعل الشخص يفكر أو يقلق كثيرا». 

  كلمات مفتاحية

البنتاجون أمريكا 2014

2015 في عيون «ستراتفور» (2\2): الخليج إلى الأمام .. اليمن مشتعل .. و«السيسي» في مواجهة الجهاديين

2015 في عيون «ستراتفور» (1\2): تقارب أمريكي إيراني .. و«الدولة» مستمرة .. وتركيا مهددة بالعزلة

60 ألف قتيل في سوريا و11 ألف برميل متفجر خلال 2014

2014 عربيا عام تفكك الدولة الوطنية وتونس الاستثناء

البنتاجون يهيء تجهيزات عسكرية في الخليج تحسبا للتدخل في العراق