2015 في عيون «ستراتفور» (2\2): الخليج إلى الأمام .. اليمن مشتعل .. و«السيسي» في مواجهة الجهاديين

الثلاثاء 13 يناير 2015 01:01 ص

يواصل «ستراتفور» تقديم توقعاته بخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط لعام 2015 (طالع الجزء الأول هنا)

دول الخليج العربي وتحركات للأمام

ستحاول دول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية - في ظل الثقل التركي المتزايد باستمرار – سد الفراغ في المنطقة، الأمر الذي سيعكس جرأة نادرة ومتزايدة في الوقت الذي تعمل فيه الكتلة الخليجية على تأمين المصالح العربية السنية التي أثبتت الأيام ومجريات الأحداث أنه ما عاد يمكن الاعتماد فقط على الولايات المتحدة لتكون هي حائط الصّد. وافتتح مجلس التعاون الخليجي عام 2015م بهدنة هشة بين الدول الأعضاء في محاولة لتجميع وتوحيد الموارد السياسية والاقتصادية لمواجهة «الدولة الإسلامية» من خلال القوة الجوية وتقديم الدعم للقوات البرية المحلية بينما تحاول إدارة الطموحات الإيرانية في المنطقة.

وهذا من شأنه أن يحافظ على علاقة عمل هشة مع استمرار الانقسامات حول التعاون مع تيار الإسلام السياسي، بالإضافة إلى تقارب كل دولة في المجلس على حدة مع إيران بما تفرضه الظروف. ولن تختلف سياسة البحرين والإمارات العربية المتحدة عن سياسة المملكة العربية السعودية، في حين أن الكويت وسلطنة عمان ستنتهجان خطًا أكثر حذرًا. وستتعاون قطر بشكل انتقائي مع باقي الأعضاء لتجنب العزلة، لكنها ستستغل عودتها إلى المجلس لدفع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى للتكامل مع الإسلاميين المدعومين من الدوحة في مصر وليبيا وسوريا وغيرهم بدلاً من القضاء عليهم.

ومع الاحتياطيات الوفيرة من النقد الأجنبي فإن التنسيق بين دول مجلس التعاون الخليجي بشأن الطاقة سيستمر خلال عام 2015م. وسيواصل المنتجون في الخليج رفضهم خفض الإنتاج دفاعًا عن حصتهم السوقية ضد توسّع تكنولوجيا النفط والغاز خارج أمريكا الشمالية.

ويستمر اليمن على صفيح ساخن

سيعمل نظام الرئيس اليمني «عبد ربه منصور هادي» المُحاصر على إحداث توازن في المناصب الوزارية والمناصب الرئيسية الأخرى بين الفصائل المتنافسة على السلطة كوسيلة لتفادي حرب أهلية. وسوف يستمر الحوثيون في التنسيق الواسع مع عناصر من القوات المسلحة اليمنية وبعض القبائل المحلية لإبعاد تنظيم القاعدة عن المحافظات التي تقع تحت النفوذ الحوثي. وعلى الرغم من تقدم الحوثيين واستعراضهم لقوتهم خلال عام 2014، إلا إنهم لن يسعوا للاستيلاء على السلطة في صنعاء والحكم بشكل مباشر. وبدلاً من ذلك؛ سوف يستخدم الحوثيون نفوذهم الحالي وبراعتهم العسكرية لمساومة الحكومة على حقوق سياسية واقتصادية.

وسيظل تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية نشطًا وفاعلاً في اليمن من خلال شن هجمات ضد جيش الدولة وأجهزتها الاستخباراتية والقبائل المعارضة له والحوثيين. ورغم ذلك؛ فإن اقتتال كل هذه المجموعات سوف يحد من قدرة تنظيم القاعدة على التوسع بشكل كبير خارج مناطقه التقليدية في الشرق وأجزاء من الجنوب، كما ستتضاءل قدرته على شنّ عمليات هجومية ناجحة على نطاق واسع في العاصمة صنعاء. وفي جنوب اليمن؛ ستستمر الحركة الانفصالية - التي حفّزها التوسع الحوثي والحكومة المركزية الضعيفة - في تنظيم احتجاجات وإضرابات في محاولة لانتزاع تنازلات من صنعاء. وقد يلجأ الانفصاليون الجنوبيون - غير القادرين على تحقيق هدفهم المتمثل في تقسيم اليمن إلى فيدرالية شمالية وأخرى جنوبية في المفاوضات حول الدستور - إلى تبني العنف.

وفي الوقت نفسه؛ لن تغيب اليمن عن عين المملكة العربية السعودية، وستعمل المملكة على تحقيق التوازن بين الفصائل داخل حدود جارتها - بما في ذلك الجهاديين المحليين - مع التركيز على الهدف الأساسي بمنع امتداد العنف شمالاً. وسيحتفظ السعوديون بخيار التدخل بغارات جوية إذا ما دعت الحاجة لذلك.

طريق مسدود بين الإسرائيليين والفلسطينيين

ستخضع إسرائيل هذا العام لعملية انتقال سياسي من شأنها أن تجعل الحكومة أقرب إلى جناح اليمين. وستزداد العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة توترًا في ظل العناد الإسرائيلي تجاه الأراضي الفلسطينية، كما ستزداد الأوضاع سُخونة في الضفة الغربية وإسرائيل نفسها في الوقت الذي سيلجأ فيه مسلحون إلى تبني تكتيكات أكثر حيلة ودهاء ضد أهداف إسرائيلية، ولن يشهد نفوذ حركة "فتح" أي زيادة في الضفة الغربية بل على النقيض سيواصل تراجعه.

وفي السياق ذاته؛ ستحافظ إسرائيل على وضع عسكري متأهب مع إمكانية القيام بعمليات استباقية - مع وضع ترتيبات الإفلات من العقاب في الحسبان - ضد أهداف في دول مجاورة متى دعت الحاجة وسنحت الفرصة.

الحكومة المصرية تواجه المعارضة والجهاديين

ستحاول حكومة الرئيس «عبد الفتاح السيسي» المدعومة من الجيش تعزيز قوتها هذا العام. وسيكون الاعتماد الأساسي في تحقيق ذلك الهدف على الانتخابات البرلمانية التي حُدد لها شهر مارس المقبل. وستتيح حالة الانقسام الحادّة التي يعيشها الإسلاميون والعلمانيون جنبًا إلى جنب مع الهندسة الانتخابية الماهرة إنشاء «السيسي» لهيئة تشريعية مُنقسمة يسهل تحريكها وترويضها. الخلافات القائمة بشأن مقدار المساحة السياسية التي سيتم التنازل عنها للإسلاميين الذين لا يعارضون الحكومة مثل حزب «النور السلفي» من الممكن أن تحدّ من مدى نجاح الحكومة. وستواصل الحكومة مواجهتها لاحتجاجات جماعة الإخوان المسلمين ومؤيديها في محاولة لاحتوائها وإبقائها تحت السيطرة. وفي الوقت نفسه؛ ستبذل القاهرة مزيدًا من الجهد في محاولة لمكافحة الجماعات الجهادية مثل جماعة «أنصار بيت المقدس» و«أجناد مصر» سواء في سيناء أو غيرها من الأماكن.

وسوف تستمر قوات الأمن المصرية في تركيزها على مناطق سيناء ودلتا النيل في محاولة منها لاحتواء نشاط المتمردين المحليين، على الرغم من أن الحدود الصحراوية الطويلة للبلاد مع ليبيا - التي تعيش حالة من الفوضى العارمة بشكل متزايد - ستضطر القاهرة لإعطائها مزيدًا من الاهتمام. وستعمل القاهرة مع مؤيديها من دول الخليج والحكومة الليبية المُعترف بها في طبرق للحد من المخاطر الناشئة من شرق ليبيا. ومع ذلك؛ فإن مشاركة مصر لن تكون قاصرة على التدخل العسكري المُباشر؛ حيث إنه من المحتمل أن تكون مشاركة القاهرة في الصراع الليبي خلال عام 2015 مُركزةً على الدعم اللوجستي والأسلحة والذخائر والتنسيق بشأن غارات جوية.

انقسامات ليبيا متواصلة

أبرز ما سيميز المشهد الليبي في عام 2015م هو استمرار الانقسام والتشرذم في ظل سعي حكومات إقليمية ومجتمع دولي لتطبيق استراتيجيات مختلفة خاصة به، هذه الاستراتيجيات متنافسة في غالب الأمر. وعجزت البلاد عن اللحاق بالمواعيد النهائية التي فرضتها على نفسها لصياغة دستور وإجراء انتخابات تفتح الطريق أمام اختيار حكومة دائمة، وتبدو الفترة الانتقالية في ليبيا الآن عُرضة للتوقف مكانها دون حراك بسبب تنافس فصائل الثوار المُختلفة وفلول عهد «معمر القذافي» ومليشيات أخرى طائفية من مختلف الأيديولوجيات على النفوذ. وسوف يمنع العنف وانعدام الأمن ليبيا من الوصول إلى كامل طاقتها الإنتاجية من النفط، كما ستواصل الإضرابات والاحتجاجات والهجمات خلقها لحالة من التقلبات والانخفاضات في الناتج الإجمالي على مدار العام كله. ونتيجة لذلك ستتراجع القيمة الاستراتيجية لإمدادات النفط الليبية إلى الأسواق العالمية؛ خصوصًا في الوقت الذي يحافظ فيه المنتجون في الخليج على مستويات الإنتاج والإخراج من أعضاء منظمة «أوبك» الآخرين كالعراق ونيجيريا.

وسوف تراقب الولايات المتحدة وشركائها في التحالف ليبيا عن كثب بسبب النشاط الجهادي الواسع هناك. وما دامت الجماعات التابعة لتنظيم «القاعدة» أو «الدولة الإسلامية» معزولة داخل جيوب صغيرة في ليبيا ولا تشرع في تنظيم هجمات ضد الجزائر أو مصر في الجوار أو الاتحاد الأوروبي فسيكون ضغط القوى الخارجية أقل من خلال ضربة استباقية ضد المتشددين الليبيين - وهي الخطوة التي يمكن أن تزيد من زعزعة استقرار البلاد. ومن المرجح أن يقتصر دعم المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومصر على الدعم اللوجيستي وتوجيه ضربات جوية داعمة للقوات المتحالفة مع الحكومة الوطنية المُعترف بها دوليًا في طبرق.

لن يكون هناك انتصارات واضحة أو سهلة للحكومات المتنافسة سواء في طرابلس أو طبرق؛ ومن المرجح أن تعرب الأطراف المختلفة عن تأييدها للمفاوضات والدخول في محادثات، ولكن الواقع يشير إلى أن عام 2015م لن يشهد وقف وقف إطلاق النار بشكل نهائي أو حتى انتقال سلسٍ للسلطة. وسيفتقد أي دستور مكتوب تحت رعاية الحكومة في طبرق للدعم الوطني، وإذا حدث وتمّ إقراره فعلى الأرجح أنه لن يعش طويلاً، كما سيجعل حالة عدم الاستقرار تمتد إلى ما بعد عام 2015م.

الجزائر تسعى للإصلاح وتدير عملية انتقال السلطة

من المرجح أن يتم الإعلان عن الإصلاحات الدستورية في الجزائر هذا العام. وتحظى الإصلاحات المتعلقة بهيكل الحكومة بأهمية خاصة، بالإضافة إلى التحولات الاقتصادية التي تشمل زيادة تحرير قطاع النفط والغاز، وإقامة دولة بقيادة غالبيتها مدنية بعد عقود من الهيمنة العسكرية. وليس من المرجح أن يتمّ انتقال السلطة من الرئيس «عبد العزيز بوتفليقة »- الذي يعاني المرض - إلى خليفته هذا العام ما لم تحدث أي مضاعفات صحية غير متوقعة لـ«بوتفليقة»، ولن يطرأ أي تغيير يُذكر على الآليات السياسية الحالية بعد «بوتفليقة» على الأرجح للحاجة إليها في إدارة العملية الانتقالية ومنع حدوث أي ارتباك.

وبعيدًا عن الأعمال الداخلية للنخبة السياسية، ستعمل الجزائر على تحسين علاقاتها مع فرنسا والاتحاد الأوروبي للمساعدة في دعم الحكومة وجذب الاستثمارات الأجنبية التي تزداد الحاجة إليها في القطاعات غير النفطية داخل الاقتصاد الجزائري؛ خصوصا مجالات التعدين والصلب وصناعة السيارات. ويظل عملية التأمين والوقاية ضد التشدد الإقليمي على رأس الأولويات الأمنية في الجزائر؛ خاصة فيما يتعلق بشمال مالي وتونس وليبيا في الجوار.

وستعمل تونس على تشكيل حكومة جديدة في أوائل عام 2015، ما يعطي الجزائر فرصة كبيرة لترسيخ الأمن والتعاون السياسي معها أكثر من ذي قبل.

وفي الوقت ذاته؛ ستحاول الجزائر جاهدة إقناع القبائل والمليشيات والجماعات السياسية المحلية التي لا تُعد ولا تحصى في غرب ليبيا بالمشاركة في المفاوضات المدعومة دوليًا بين الحكومتين المتناحرتين في طرابلس وطبرق.

المصدر | ستراتفور

  كلمات مفتاحية

2015 مجلس التعاون الخليجي السيسي ليبيا اليمن الجزائر فلسطين مصر القاعدة الحوثيون

2015 في عيون «ستراتفور» (1\2): تقارب أمريكي إيراني .. و«الدولة» مستمرة .. وتركيا مهددة بالعزلة

«فورين بوليسي»: الصراعات والأزمات التي سيواجهها العالم خلال العام المقبل «2-2»

«فورين بوليسي»: الصراعات والأزمات التي سيواجهها العالم خلال العام المقبل «1-2»

2015 بين المفاجآت والتحولات

2015..آفاق اقتصادية

العساف: السعودية ستواصل في 2015 سياسة مالية عكس الدورات الاقتصادية رغم التحديات العالمية

قطر تتوقع ازدهارا اقتصاديا في 2015 رغم هبوط أسعار النفط

مصر: مخالفات «بالجملة» للدستور في عامه الأول

السيسي لـ«سكاي نيوز»: حق التظاهر مكفول للجميع والمصالحة مع الإخوان يقررها الشعب

الحوثيون ينهبون 300 دبابة و120 راجمة صواريخ و900 رشاش و5 آلاف مسدس خلال هجوم أمس

«السيسي» يدعو من «دافوس» إلى «ثورة دينية» لتصحيح المفاهيم الإسلامية

معهد واشنطن: انقلاب اليمن «كابوس» للمملكة العربية السعودية

مصر تفقد 1.5 مليار دولار من الاستثمارات الكويتية في القطاع السياحي

«ستراتفور»: اتجاهات السياسات العالمية وتحولات الشرق الأوسط خلال عشر سنوات قادمة

«ميدل إيست بريفينج»: دور جديد «غير مرغوب» للسيسي في نظام الشرق الأوسط الأمريكي الجديد

عندما يقود الخليج

«السيسي» لـ«واشنطن بوست»: الثقة متبادلة بيننا وبين إسرائيل .. والإخوان هم الأب الروحي للإرهاب

«ستراتفور»: اليمن يتجه نحو الانفصال والأزمة الإنسانية تزداد تفاقما

البنتاجون: عام 2014 كان الأكثر تعقيدا منذ 1968

هل بدأ ترميم التوازنات من اليمن؟

لماذا فشلت العملية الانتقالية في اليمن؟

«ستراتفور».. تنبؤات صادقة أم نبوءات ذاتية التحقيق؟

أكاديمي سعودي: الجهاد يقرره ولي الأمر وشباب المملكة مستهدفون

تنبؤات «ستراتفور»: التغيرات المتوقعة في الشرق الأوسط خلال عام 2016