خسائر حادة للأسهم المصرية تثير حيرة المحللين وغضب صغار المستثمرين

الأربعاء 25 مارس 2015 03:03 ص

أخذت الأسهم المصرية مسارا نزوليا حادا منذ انتهاء قمة «مصر المستقبل» الاقتصادية في منتصف هذا الشهر وحتى يوم الأربعاء مما أثار حيرة المحللين وغضب صغار المستثمرين في غياب أسباب واضحة للهبوط.

وفقد المؤشر المصري الرئيسي منذ بداية جلسة الأحد 15 مارس/أذار وحتى نهاية معاملات يوم الاربعاء نحو 4.6% بينما هوت بعض الأسهم القيادية مثل حديد عز 14% وجلوبال تليكوم 13.5 بالمئة والقلعة 12%.

وجاءت خسائر الأسهم رغم أجواء البهجة التي أثارها مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي الذي نجحت مصر خلاله في اجتذاب استثمارات وقروض بعشرات المليارات من الدولارات.

وأعلن رئيس الوزراء المصري إبراهيم محلب أن الحصيلة النهائية للاستثمارات والقروض التي حصلت عليها مصر في "مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصري- مصر المستقبل" بلغت 60 مليار دولار فضلا عن تعهدات بدعم خليجي قدره 12.5 مليار دولار.

لا أحد يفهم ما يجري

ردا على سؤال عن سبب هبوط الأسهم قال وائل عنبة من الأوائل لإدارة المحافظ المالية "محدش فاهم حاجة.. عاوزين تفسير من أي شخص عما يحدث."

وأكبر الخاسرين في بورصة مصر منذ قمة شرم الشيخ وحتى الآن أسهم بايونيرز التي فقدت نحو 11 بالمئة وطلعت مصطفى بحوالي 8.6% وأوراسكوم للاتصالات 7% وعامر جروب 8.6% وسوديك 6.9%.

كما هبط سهم البنك التجاري الدولي ذي الثقل نحو 1.2%.

ورغم التحسن الاقتصادي في مصر والذي تشير إليه الأرقام الأخيرة في النمو الاقتصادي للبلاد وحالة الحراك العام في العديد من المشروعات القومية، تواجه البلاد على الصعيد السياسي ضغوطا عديدة خاصة وسط حربها على جماعات متشددة مسلحة في سيناء وعدم الاستقرار السياسي في بعض دول المنطقة مثل ليبيا واليمن وسوريا والعراق وهو ما قد يؤثر بعض الشيء على قرارات المستثمرين عند الشراء أو البيع.

ومنذ عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين في يوليو تموز 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه كثف إسلاميون متشددون ينشطون في شمال سيناء هجماتهم على جنود الجيش والشرطة في المحافظة.

وبدا أن شبح نشوب حرب جديدة في المنطقة يلقي بظلاله على السوق اليوم بعد قال مسؤولون أمريكيون يوم الثلاثاء إن السعودية تحرك معدات عسكرية ثقيلة تضم مدفعية إلى مناطق قريبة من الحدود مع اليمن مما يزيد مخاطر انجرار المملكة إلى الصراع المتفاقم في اليمن.

قال سكان إن مقاتلي جماعة الحوثي تدعمهم وحدات متحالفة في الجيش سيطروا على قاعدة العند الجوية على بعد نحو 60 كيلومترا الى الشمال من عدن اليوم الأربعاء وبدا انهم يتأهبون للسيطرة على الميناء الجنوبي وانتزاعه من المدافعين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي.

وتتهم الرياض طهران بتأجيج الفتنة الطائفية من خلال دعمها للحوثيين في اليمن.

همـوم داخـلــية

وبعيدا عن المخاوف السياسية يشكو كثير من المتعاملين في بورصة مصر من أن المؤشر الرئيسي لا يعبر عن حقيقة التداول خاصة وأن سهم البنك التجاري الدولي يتحكم منفردا في السوق لاستحواذه على أكثر من 32% من المؤشر الرئيسي.

وقال عنبة "المؤشر الرئيسي لا يعبر عن السوق والتراجعات القوية التي حدثت. لابد من تغيير المعادلة الخاصة به وإدخال أدوات مالية جديدة تساعد على تنشيط السوق."

والمؤشر الرئيسي لبورصة مصر يتضمن أعلي 30 شركة من حيث السيولة والنشاط ويتم قياس قيمة المؤشر عن طريق حساب رأس المال السوقي المعدل بعد حساب نسبة الأسهم الحرة للأسهم التي يتكون منها المؤشر.

وفي مقابلة مع رويترز في أكتوبر تشرين الأول الماضي أكد رئيس البورصة محمد عمران أنه لا نية لاجراء تعديلات على اسلوب حساب ذلك المؤشر قائلا "كل الأسواق بها عدد من المؤشرات. لدينا خمسة مؤشرات في بورصة مصر.. عليك أنت أن تتابع ما يعبر عن استثماراتك."

وكان الكثير من صغار المتعاملين في بورصة مصر يعولون على صعود السوق بقوة بعد انتهاء قمة شرم الشيخ ولكن ما حدث هو عكس توقعاتهم تماما.

وقال عيسى فتحي من القاهرة لتداول الأوراق المالية "وفقا للأخبار الاقتصادية والتحسن الموجود على أرض الواقع في مصر فان نزول البورصة غير طبيعي ولا منطقي.. هذا نزول مضاربي وضغط من قبل كبار المستثمرين على الحكومة من أجل إلغاء الضرائب على السوق."

وأقرت مصر في يوليو تموز 2014 ضريبة عشرة بالمئة على الأرباح الرأسمالية المحققة من المعاملات في سوق المال وعلى التوزيعات النقدية في إطار حزمة إجراءات لزيادة الإيرادات وتخفيض عجز الموازنة.

وقال محسن عادل من بايونيرز لإدارة صناديق الاستثمار "اقترب موعد تقديم الاقرارات الضريبية وحتى الآن لم تصدر اللائحة التنفيذية مما تسبب في ارتباك بجميع قطاعات سوق المال. الضرائب واحدة من المشكلات التي سببت نقص السيولة في السوق."

وتنص ضريبة الأرباح الرأسمالية على معاملات البورصة على خصم ستة بالمئة من الربح المحقق للمستثمر الأجنبي مع كل عملية تحت حساب الضريبة. لكن بالنسبة للمستثمر المصري تتولى شركة مصر للمقاصة تسجيل الأرباح المحققة وإرسالها لمصلحة الضرائب لتقوم بتحصيلها بشكل سنوي.

وحتى الآن لم تصدر مصر اللائحة التنفيذية لتحصيل الضريبة ولم توضح أي أسباب لتأخير إصدارها.

لكن هاني حلمي من الشروق للسمسرة لا يرى في خسائر السوق ما يدعو للانزعاج حتى الآن.

وقال حلمي "النزول مازال في الإطار الطبيعي ولا يدعو للقلق بعد. عندما ينزل المؤشر الرئيسي عن مستوى 9000 نقطة سيبدأ القلق في السوق."

أما إبراهيم النمر من نعيم للوساطة في الأوراق المالية فيرى أن المؤشر الرئيسي في منطقة دعم قوية الآن عند 9250 نقطة.

ويقول "في حالة الكسر سيستهدف المؤشر مستوى 9000 نقطة. المؤشر غير اتجاهه الصاعد من بعد يونيو 2013 إلى اتجاه عرضي حاليا."

وصعد المؤشر الرئيسي لبورصة مصر بنحو 95% منذ أول يوليو تموز 2013 وحتى الآن ومنذ بداية 2015 صعد المؤشر 3.04%.

تحويل الأرباح

ويرى عادل من بايونيرز أن المعوقات الخاصة بعدم قدرة الأجانب على تحويل (الأرباح) للخارج أثرت بشدة على ضخهم لسيولة جديدة في السوق وهي واحدة أيضا من الأسباب الرئيسية في ضعف السيولة والتراجع.

وفي العام الماضي قام البنك المركزي بتغطية 100 بالمئة من الطلبات المتأخرة لتحويل أموال المستثمرين الأجانب في مصر للخارج. وجاء ذلك بعد أن أسس المركزي في مارس آذار 2013 صندوقا خاصا لدخول أموال المستثمرين الأجانب إلى مصر يتيح لهم تحويل هذه الاستثمارات وأرباحها للخارج مرة أخرى في أي وقت يريدونه.

لكن المركزي أوضح أن المستثمرين لا يلتزمون بادخال أموالهم عبر هذا الصندوق ولذا يواجهون مشكلة في تحويل الأرباح للخارج مما يؤدي لتراكم الطلبات.

ويعقد محمد عمران رئيس بورصة مصر اجتماعا الأحد المقبل مع أعضاء الجمعية المصرية للأوراق المالية وشعبة الأوراق المالية في اتحاد الغرف التجارية لمناقشة أوضاع سوق المال وكيفية تطويره.

وفي نفس اليوم يدعو بعض صغار المتعاملين في سوق المال لتنظيم احتجاجات ضد رئيس البورصة أمام المقر الرئيسي لها بوسط القاهرة احتجاجا على هبوط الأسهم.

وقال فتحي "لا يمكن تحميل رئيس البورصة مسؤولية نزول أو صعود الأسهم."

وعملت الهيئة العامة للرقابة المالية في مصر بالتعاون مع البورصة عام 2014 على تطوير وإعادة هيكلة سوق المال من خلال تغيير العديد من قواعد القيد وتسهيل إجراءات زيادة رؤوس أموال الشركات وتجزئة الأسهم واضافة أدوات استثمارية جديدة.

والتحدي الرئيسي للقائمين على سوق المال الآن هو مدى قدرتهم على جذب شركات ذات رؤؤس أموال كبيرة للسوق حتى يحدث توازن في المؤشر الرئيسي بين الشركات.

ونجحت البورصة حتى الآن في قيد شركات مثل ايديتا الغذائية نهاية 2014 وإعمار مصر وأوراسكوم كونستراكشون خلال الربع الأول من 2015 وإن كان الأثر المباشر لهذه الطروحات لن يظهر قبل نهاية العام.

وقال حلمي "لابد من المساعدة في إحداث انتعاشة للسوق من خلال اضافة بضاعة جديدة وتشجيع المضاربة لإنها هي التي تخلق السيولة."

 

  كلمات مفتاحية

مصر بورصة مصر الأسهم المصرية قمة خسائر حادة الاستثمار

مصر تطرح سندات بقيمة 1.5 مليار دولار لسد الفجوة التمويلية في ميزانيتها

المالية المصرية تعتزم اقتراض 33 مليار دولار جديدة