التحالف السعودي الباكستاني: القوة في مقابل الدولار

الثلاثاء 7 أبريل 2015 11:04 ص

القول بأن الشرق الأوسط لن يتوقف عن المفاجآت كلام يجافي الحقيقة. فاللاعبون في المنطقة لا يقذفون بكرتهم إلا حينما تكون توقعاتهم في أقل مستوياتها. والآن توجد المملكة العربية السعودية في أرض الملعب، وقد بدأت الضربات الجوية للمملكة في اليمن، وهو الأمر الذي يمكن وصفه بأنه منعطف درامي في الأحداث. وكما هو معروف، فإنه حيث تذهب المملكة العربية السعودية تتبعها باكستان من دون تردد أو تفكير.

عندما ذهب رئيس الوزراء الباكستاني «نواز شريف» إلى الرياض في بداية مارس/آذار كان الأمر طبيعيا، ولم يكن هناك سوى قليل من الدهشة والتساؤل لدى الباكستانيين عن ماهية الزيارة. لقد ذهب رئيس الوزراء الباكستاني للقاء الملك المتوج حديثا، واللحاق بالأصدقاء القدامى في البلاط الملكي. كان هناك لغط بأن السعوديين يريدون مساعدة باكستان لوضع حد للنفوذ الإيراني في المنطقة، ولكن فخامة رئيس الوزراء بذل مجهودا بالغا ليقدم رفضا رقيقا للرعاة الباكستانيين في الرياض. فمنذ حصوله على 1.5 مليار دولار أمريكي كـ«منحة صداقة» من المملكة العربية السعودية في بداية ولايته ويعمل «شريف» بأقصى طاقته لاسترضاء الرياض. ونجح رئيس الوزراء في الحصول على 1.5 مليار من دون الالتزام علنا بأي مصالح إقليمية سعودية.

ومؤخرا ذهب أمير قطر إلى إسلام أباد متحدثا عن مليارات الدولارات من الاستثمارات وتعزيز العلاقات التجارية مع باكستان. وبمجرد أن غادر الأمير «تميم»، وصلت ناقلة تحمل الغاز الطبيعي القطري المسال هي الأولى من نوعها إلى باكستان، ما يشير إلى بداية صفقة تقدر قيمتها بحوالي 22 مليار دولار. لقد كان هناك شيء يختمر مع هذه الصفقة، ولكن كان من الصعب قراءة الإشارات القادمة من إسلام أباد.

إلا أنه عندما أعلن السعوديون عن تشكيل ائتلاف استهل نشاطه بغارات جوية في اليمن ضد المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، فقد بدأ اللغز يأخذ طريقه إلى الحل تدريجيا، لقد أخرت باكستان قرارها لتحصل على أفضل صفقة من رعاتها، ثم ما لبثت أن وضعت قدمها على طريق التورط في صراع إقليمي آخر من شأنها أن ينطوي على استخدام بالغ للوكلاء.

ومع وصول وفد باكستاني إلى الرياض في 1 إبريل/نيسان، بدا أن هناك صفقة مؤكدة توصل إليها البلدان. وكانت وكالة الأنباء السعودية أول من نشرت الأخبار، حيث أشارت إلى أن عددا من البلدان، بما في ذلك باكستان، لديها «رغبة معلنة للمشاركة في العملية». أما المتحدثة باسم وزارة الخارجية الباكستانية، «تسنيم أسلم» فكررت أن «الطلب السعودي لتدخل باكستان كجزء من حملتها في اليمن ضد المتمردين هناك قيد الدراسة والمناقشة». وأعطى «شريف» لكمة قوية قاضية حينما أعلن للمشاركين في اجتماع رفيع المستوى في إسلام أباد أن أي تهديد لسلامة الأراضي السعودية من شأنه أن يثير رد فعل قوي من باكستان. وكان من الممكن لتلك المصادر الثلاثة ببساطة أن تقول إن باكستان سوف يدفع لها بسخاء للانضمام إلى السعوديين وحلفائهم في احتواء التهديد الإيراني في اليمن. وقد أكدت التقارير بالفعل أن باكستان قدمت الدعم البحري إلى الغارات الجوية المستمرة في اليمن.

وكان من المتوقع أن يعمل الوفد على تخفيف الصفقة وجعل بنودها أكثر سلاسة، بمعنى أن يتم الاتفاق على كمية من الدولار ثم في مقابلها إرسال عدد غير معروف من القوات لخدمة المملكة السعودية. ومع ذلك، فقد خلقت الديمقراطية الباكستانية الوليدة ووسائل الإعلام المسموعة عائقا للحكومة. وطالبت أحزاب المعارضة في باكستان بعقد مؤتمر يضم كافة الأطياف السياسية في البلاد لمناقشة التطورات في اليمن، واستجاب رئيس الوزراء للدعوة بعقد جلسة مشتركة للبرلمان في 6 إبريل / نيسان.

هكذا كانت خطورة النقاشات التي أنهت مقاطعة «حزب عمران» خان السياسي وحركة الإنصاف الباكستانية للبرلمان، والتي استمرت شهرا. وفي الوقت الذي يناقش فيه البرلمان سياسة البلاد فيما يتعلق باليمن، فإنه من المتوقع أيضا أن يزور وزير الخارجية الإيراني إسلام أباد الأسبوع المقبل. وقد وضعت التطورات الجارية «شريف» في وضع صعب يتطلب منه أن يجد وسيلة لتلبية الطلبات السعودية مع الحفاظ على استرضاء المعارضة في الداخل.

وفي حين أن باكستان يجب أن تأخذ في الاعتبار مصالحها الخاصة، إلا إنه سوف يتم استخدام النقاش الصريح داخل باكستان كورقة مساومة لانتزاع المزيد من التنازلات والدولارات من السعوديين. وفي نهاية المطاف، سوف تؤدي القيود المالية والحاجة للحفاظ على الرعاة راضين وسعداء إلى قرار يقضي بمشاركة باكستان في الصراع. لكن تبقى مدى أهمية هذه المشاركة أن يشاهد المتابعون حقيقتها ومستواها، ومن الممكن للمرء أن يتوقع انضمام موارد بحرية وطائرات مقاتلة وشكلا من أشكال فرق العمليات الخاصة إلى التحالف.

وسوف تسمح تدفقات المليارات من الدولارات، وصفقة الغاز الطبيعي المسال مع قطر، والوعود بمزيد من «المنح الودية» لحكومة «شريف» بالوفاء بوعودها فيما يخص مجالات التنمية الاقتصادية. ومع ذلك، فإن التورط في اشتباك بين اثنين من القوى الإقليمية، المملكة العربية السعودية وإيران،  ينقسمان بين خطوط حضارية وطائفية سوف ينطوي على تحديات مثيرة قصيرة وطويلة الأجل للأمن في باكستان.

في ظل خروج العنف ضد الشيعة والأقليات بالفعل خارج نطاق السيطرة في باكستان، فإن قرارا سياسيا لمبادلة القوة بالدولار سوف يغذي بالتأكيد النيران التي تجتاح البلاد. وسوف يؤدي أيضا إلى رد فعل من إيران، والتي سوف ترد بالتأكيد على طول حدود بلوشستان المشتركة، وتفعل كل ما في وسعها لجعل باكستان تدفع ثمن تحالفها مع السعوديين. المنظمات الطائفية المتشددة، على الجانب السني والشيعي، سوف ترفع من مستواها، ما يخاطر بكشف ملابسات المكاسب التي تحققت بشق الأنفس ضد المسلحين في الأشهر الاخيرة.

في الوقت الذي تسبب فيه القضايا الداخلية ضررا لا يمكن إصلاحه لباكستان، فإن قرار الانضمام إلى أي تحالف ضد إيران مع السعودية يبدو غير مجد، لأنه سوف يستعدي إيران، ويؤجج الصراع الطائفي في الداخل، ويفتح على الجيش جبهة حرب جديدة في الغرب. وللأسف، فإنه بالنسبة لباكستان، فإن الواقع يشير إلى استمرار الاتجاهات السابقة، فقد باعت البلاد مصالحها الاستراتيجية لأعلى مزايدة. تماما مثلما قام الطيارون الباكستانيون بقيادة الطائرات السعودية لصد القوات اليمنية في عام 1969، وأخذ الجنرال «ضياء الحق» المليارات من الدولارات كمنح وعطايا لمساعدة قوات المجاهدين ضد السوفيات في الثمانينيات. وتفتح حكومة «شريف» ببساطة فصلا جديدا في هذا التقليد المعمول به.

وسيكون من المجحف القول بأن «شريف»، أو الجيش، في موقف يسمح لهما بالتخلي عن السعودية. فمن دون الاستقلال المالي لا يمكن لأي أمة أن تسلك مسار سياسة خارجية مستقلة. ونظرا لحاجة باكستان للحصول على التمويل الأجنبي للحفاظ على الاقتصاد واقفا على قدميه، فإن إسلام أباد لا يمكنها أن تقول لا لرعاتها. القرار هذه المرة سيكون من البرلمان، ولن يستأثر به شخص. هذه هي النتيجة الإيجابية الوحيدة من هذا الوضع.

  كلمات مفتاحية

السعودية باكستان عاصفة الحزم العلاقات السعودية الباكستانية

«فورين بوليسي»: التحالف السعودي الباكستاني ”حساس وخطير“

«ديبكا»: باكستان تستعد لنقل قوات كبيرة لحماية حدود السعودية اليمنية

«محمد بن سلمان» يبحث مع وزير الدفاع الباكستاني المشاركة في «عاصفة الحزم»

أمير قطر يؤكد اهتمام بلاده بتعزيز العلاقات مع باكستان

«ستراتفور»: لماذا نتوقع نمو التعاون العسكري بين السعودية وباكستان؟

أفغانستان العالقة بين إيران والمملكة العربية السعودية

البرلمان الباكستاني يقر قانونا للحياد تجاه الحرب في اليمن ويجدد التزامه بالدفاع عن السعودية

«محمد بن سلمان» يبحث التعاون العسكري مع قائد الجيش الباكستاني

العاهل السعودي يبحث في الرياض العلاقات الثنائية مع قائد الجيش الباكستاني