«وول ستريت جورنال»: إمارات الخليج الناجية من اضطرابات الشرق الأوسط تسعى لقيادة العالم العربي

الخميس 16 أبريل 2015 03:04 ص

 تستخدم المملكة العربية السعودية وجيرانها الثروة من أجل التأثير الواسع، ويتم رسم ذلك على نحو متزايد في الصراعات الخارجية.

في أعقاب الربيع العربي، فإن الدول الكبرى التي هيمنت تقليديا على العالم العربي إما تكافح من أجل إعادة بناء المؤسسات والاقتصادات التي مزقتها الاضطرابات، كما هو الحال في مصر، أو تتمزق إربا بسبب الحروب المستمرة، كما هو الحال في سوريا والعراق.

بدلا من ذلك، يتوقف مستقبل المنطقة بشكل متزايد على القرارات التي تتخذ في دول الخليج مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وهي الدول العربية الناجية من الاضطرابات الداخلية ، حتى الآن، والتي تمت السخرية منها ذات مرة بعبارة  شهيرة كتبها دبلوماسي مصري بأنها «مجرد قبائل مع أعلام».

هذه الدول، التي هي جزء من دول مجلس التعاون الخليجي، ظلت تمارس التأثير غير المتناسب لعقود وذلك باستخدام الثروة النفطية في حين ترفض المعارضة في الداخل.

وفي أعقاب موجة  الثورات العربية في عام 2011، فإنها أصبحت متورطة بنحو متزايد في الصراعات الخارجية من ليبيا إلى اليمن في محاولة لدرء العدوى المزدوجة من الحركات المؤيدة للديمقراطية وارتفاع التطرف الإسلامي.

ويقول «يوسف العتيبة»، سفير الإمارات العربية المتحدة في واشنطن واللاعب الرئيسي في السياسة الخارجية الطموحة لبلاده، إن «المنطقة كلها من حولنا تنهار»، وقال «هناك وعي بأن لدينا الكثير لحمايتها. وهل يجب علينا الانتظار حتى تصل التهديدات إلى حدود الامارات؟ أو أنه يتوجب علينا أن نحاول خلق منطقة أكثر اعتدالا؟».

الآن، ومع الخوف المتصاعد من إيران، والذي يقترن بشعور القطيعة من قبل الولايات المتحدة، الضامن التقليدي للأمن الخليجي، تتولد دوافع لهذه الملكيات لتجاوز تمويل الوكلاء في الصراعات الخارجية، والدخول في حروب مباشرة في الخارج.

ويمثل التدخل العسكري بقيادة السعودية الشهر الماضي ضد المتمردين الحوثيين الموالين لإيران في اليمن نقطة تحول، ويؤكد القوة العسكرية لدول الخليج ولكن أيضا يجلب لهم مخاطر في الأراضي الجديدة.

ويقول البروفسور في العلوم السياسية في جامعة القاهرة «جمال عبد الغني سلطان»: «إن دول الخليج لم يكن لديهم متسع للنأي بأنفسهم عن كل هذه الصراعات، و مجرد الجلوس على هامش الاحداث»، ويضيف أن «دول الخليج شعرت بأنها ملزمة بالعمل لأنه مؤسساتهم قد بقيت سليمة في الوقت الذي أصبحت الدول العربية الرئيسية لا يمكن أن ترعى أعمالهم الخاصة».

التدخل العسكري ليس شيئا جديدا تماما على دول الخليج. ففي عام 2011، هددت تظاهرات مؤيدة للديمقراطية في معظمها شيعية  بقاء زميلهم الملكي في البحرين، والبحرين دولة لكن ذات أغلبية شيعية. وهناك لم تتردد المملكة العربية السعودية واإمارات في ارسال قوات وسحق  الانتفاضة هناك.

ولكن، في السنوات اللاحقة، وجد حكام الخليج أنفسهم في كثير من الأحيان على طرفي نقيض من الصراعات الإقليمية. قطر، على سبيل المثال، قامت بدعم الإسلاميين في مصر وليبيا، في حين أن دولة الإمارات العربية المتحدة قامت بدعم  العلمانيين، وأدى هذا إلى الحديث عن «الحرب الباردة» الإقليمية بين الدوحة وأبو ظبي.

العاهل السعودي الملك «سلمان»، الذي تولى السلطة في يناير، تمكن من سد بعض هذه الخلافات، وتوحيد جميع دول مجلس التعاون الخليجي باستثناء عمان في ائتلافه لمكافحة الحوثي. ويشمل هذا التحالف أيضا مصر، أكبر بلد عربي من حيث عدد السكان، وليس من الصعب الآن تقدير الدور الذي تلعبه الآن دولة الإمارات العربية المتحدة في مصر الآن.

وقد تعهدت دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والكويت في الشهر الماضي فقط في المؤتمر الاقتصادي بما مجموعه 12 مليار دولار لمساعدة حكومة الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي». حيث رفضت الولايات المتحدة  تقديم مساعدة إضافية.

المال الخليجي لا يأتي من دون شروط،. والإماراتيون، الذين يشرفون على إنفاق الأموال، قد قاموا بوضع مستشارين في الوزارات المصرية الرئيسية للتأكد من عدم إنفاقها بطريقة غير سليمة، ولمتابعة الإصلاحات الاقتصادية التي من شأنها انعاش اقتصاد البلاد.

ويقول «مشعل القرقاوي»، المدير التنفيذي لمعهد أبحاث دلما في أبوظبي والمعلق الإماراتي البارز «إن المستوى الحالي للالتزام لمصر لم يسبق له مثيل من حيث الاتساع والعمق»،. وتعتبر الإمارات مصر الدولة العربية المثالية لتلقي الدعم. ويرجع ذلك لمكانتها في الرؤية الجيوستراتيجية في العالم العربي .

الولايات المتحدة تبدو أكثر ترددا بخصوص الانجرار إلى صراعات الشرق الأوسط، وهذه الرؤية للمنطقة بقيادة العرب تتنافس مع مشروع بديل وكابوس استراتيجي للحكام  في الخليج والمنطقة، هو مشروع بقيادة إيران ووكلائها الشيعة.

في هذه المواجهة، هناك شك في أن دول الخليج مستعدة للدور القيادي حيث الخشية من أن يجدوا أنفسهم وسط الفوضى مثل بقية العالم العربي.

على عكس إيران، وليس فقط دول مجلس التعاون الخليجي الأصغر مثل قطر والإمارات العربية المتحدة، ولكن أيضا لدول الوزن الثقيل مثل السعودية، هناك نقص في مجال السياسة الخارجية ومؤسسات الأمن القومي عن التناسب الأوضاع الجديدة، والمسؤولون هناك يعترفون. في كثير من الأحيان فإن القرارات الرئيسية مصنوعة فقط من  مجموعة ضيقة من كبار الشخصيات، من دون تحليل دقيق للعواقب.

ويحذر «إميل حكيم» وهو باحث كبير في مجال الأمن في الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية في البحرين قائلا: «وبالنسبة لكل الحزم في وضعها الراهن، تعاني دول الخليج من محدودية القدرات»، «لديهم قوات عسكرية صغيرة، و ضعيفة في مجال الاستخبارات والدبلوماسية». وعلى الرغم من كل هذه القيود، فإن دول الخليج تحافظ على تحركات جريئة في المنطقة. هذا لأنهم يشعرون أنه ليس لديهم خيار آخر عندما يواجهون الضربة المزدوجة من الولايات المتحدة المترددة و الوجود الإيراني المتمدد.

ويقول «ستيفن هادلي»، رئيس مجلس إدارة المعهد الأمريكي للسلام الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي للرئيس «جورج دبليو بوش»، وهذا الوضع يعد مؤشرًا على يأسهم. «لقد يأسوا من الولايات المتحدة. أنهم يواجهون ما يعتقدون أنه يشكل تهديدا وجوديا، ويفعلون أفضل ما يمكنهم».

  كلمات مفتاحية

السعودية قطر الإمارات البرنامج النووي

2014 عام صراع الثورة والثورة المضادة في مصر

ليبيا ساحة لمواجهة إقليمية بين الثورة والثورة المضادة

السعودية وإيران و«اللعبة الكبرى» في اليمن

هكذا سقطت صنعاء في يد الثورة المضادة وإيران

مصر والخليج: عندما لا تكون الدعوة إلى الوليمة مجانا

الانهيار الكارثي .. ماذا تبقى من العالم العربي؟