الحرب الكلامية تتصاعد بين السعودية وإيران

الخميس 23 أبريل 2015 02:04 ص

في الوقت الذي تستعر فيه الحرب الكلامية ين إيران والسعودية بشأن الحرب الأهلية في سوريا والعنف الطائفي في اليمن، هناك مؤشرات على أن الإيرانيين العلمانيين ينضوون تحت راية مكافحة السعودية. وقد وصلوا إلى مرحلة بالغة من الغضب بعد تقارير انتشرت على وسائل الإعلام الاجتماعية زعمت أن مراهقين إيرانيين تعرضا للاعتداء من قبل حراس الأمن السعودي في مطار جدة خلال رحلة عمرة إلى مكة المكرمة.

واستغل الإيرانيون وسائل الاعلام الاجتماعية للتنديد بالسعوديين، بعد أن أطلعت وزارة الخارجية الإيرانية الصحفيين على الحادث. ومع تصاعد الغضب الوطني، فقد علقت إيران رحلات الحجاج الجوية إلى المملكة العربية السعودية من باب الاعتراض. «لقد تم تشويه الشرف العام في البلاد»، وفقا لوزير الثقافة الإيراني «علي جنتي».

وقد أكد مسؤولون إيرانيون الاعتداء الذي وقع في أواخر مارس/آذار الماضي علانية وبتفاصيله في 6 إبريل/نيسان الحالي.

وقال نائب وزير الخارجية «حسن قشقاوي» إن اثنين من المراهقين الإيرانيين الذين كانوا «عائدين من أداء مناسك العمرة» تم احتجازهم وإجبارهم على الخضوع لتفتيش جسدي من قبل الحراس. وادعى الوزير أن الاعتداء «لم يكن ليختلف شيئا عن الاغتصاب».

ونددت الحملة الإعلامية الاجتماعية الإيرانية بوصول السعوديين إلى ما وصفته بـ«الحالة الفيروسية»، ويبدو أن الجماعات العلمانية والدينية في إيران باتت تنظر إلى أن السعوديين باتوا يعانون من فيروس يسمى إيران.

لقد وصل التوتر بين الخصمين الإقليميين إلى مستوى لم يسبق له مثيل؛ حيث ظهر هذا واضحا في مساندة الأطراف المتنازعة في الصراع في اليمن، وكذلك الحرب الأهلية في سوريا، والتي تسعى للإطاحة بحليف طهران، الرئيس السوري «بشار الأسد».

وقد خصصت الصحف الإيرانية مساحة كبيرة لتناول ما تعرض له المراهقين الإيرانيين في مطار السعودية، وقامت بإجراء لقاءات مع عائلاتهما ونقلت عن أحد الآباء قوله: «لم تكن هذه الجريمة ضد شخص واحد أو عائلة، لكنها كانت جريمة حكومة ضد أخرى».

احتدام اللهجة

ومع تصاعد الغضب، قد طالب في وقت سابق 70 نائبا برلمانيا في إيران هذا الشهر الحكومة بتعليق رحلات الحج من طهران حتى يمكن ضمان سلامة الحجاج الإيرانيين. وعلى الرغم من أن السعوديين يقولون إنهم ألقوا القبض على الحراس المتورطين، إلا إن الإيرانيين نظموا احتجاجات صاخبة أمام السفارة السعودية في طهران.

وشمل المحتجون أعضاء منظمات الباسيج التي ترعاها الحكومة، وفقا لصحفيين محليين، في العادة إيرانيين أيضا. وقام الطلاب بالتلويح بالعلم الأصفر لحركة حزب الله الراديكالية الشيعية في لبنان، مستنكرين الضربات الجوية التي تقودها السعودية ضد المتمردين الحوثيين في اليمن.

وسارع رجال الدين الشيعة الإيرانيين، الذين زعموا في الماضي أن الإيرانيين يتعرضون للمضايقة عند ذهابهم إلى الحج في المملكة الخليجية ذات الأغلبية السنية، بإعلان استيائهم بشأن حادثة التحرش بالمراهقين، ساعين إلى تأجيج الغضب الشعبي.

وفي بيان، قال آية الله العظمى «ناصر مكارم شيرازي» إنه كان يكره تقديم المشورة الإيرانيين بمقاطعة الحج، ولكنه تساءل «هل نستمر بأي ثمن؟».

وأضاف: «لقد أهانوا رجال الدين لدينا في المسجد النبوي وأهانونا في المطارات. لا ينبغي لنا أن نتعرض لمذلة من هذا القبيل».

ويرى محللون أن الحرب الكلامية تزداد باستمرار بقدر التنافس بين البلدين على المستوى الإقليمي. ويتهم مسؤولون في طهران والرياض بعضهم البعض ببناء امبراطورية، وإثارة الاضطرابات الإقليمية بين المسلمين السنة والشيعة.

وأصبحت الحرب الكلامية الأن أكثر حدّة منذ أن بدأ السعوديين، بدعم من دول الخليج السنة المجاورة، التدخل العسكري الشهر الماضي في اليمن المجاور، في الوقت الذي بدأ فيه المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران، والذين ينتمون للطائفة الشيعية، يهددون بالسيطرة على ميناء عدن الساحلي.

وتصر طهران على أنها لا تلعب دورا رئيسيا في اليمن، وتتهم الرياض بالمبالغة في حديثها عن الدعم الإيراني للحوثيين. ولكن في الأسبوع الماضي قال المسؤول في وزارة الخارجية الأمريكية «جيرالد فايرستاين» للمشرعين إن «إيران تقدم الدعم المالي والأسلحة والتدريب والمعلومات الاستخباراتية إلى الحوثيين. ونحن نعتقد أن إيران ترى الفرصة مع الحوثيين لتوسيع نفوذها في اليمن وتهدد المصالح السعودية والخليج العربي».

وهذا هو أيضا رأي السعوديين.

لكن الإيرانيين يقولون إنهم الطرف المظلوم. وانضم المرشد الأعلى آية الله «علي خامنئي» إلى الحرب الكلامية، مشيرا إلى أنه منذ وفاة العاهل السعودي الملك «عبد الله» وجيل الشباب في الرياض يحرك الخيوط.

وفي تغريدة له على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي تويتر الأسبوع الماضي، قال: «على الرغم من الخلافات، اعتادت السعودية أن تستعرض رباطة جأشها معنا، ولكن الآن وصل الشباب عديمو الخبرة إلى السلطة، وحلت البربرية محل رباطة الجأش».

خطر المواجهة

ويقول بعض المحللين إن التدخل السعودي في اليمن زاد من خطر وقوع اشتباكات مباشرة قد تنفجر بين السعوديين والإيرانيين في أي وقت وتحت أي سبب. ولا تزال الخصومة والتنافس بينهما لم يتجاوزا الحرب بالوكالة.

ويحذر «أليكس فاتنكا»، المحلل العسكري في «سي إن إن»، من أن «زيادة التدخل العسكري السعودي في اليمن منذ أواخر مارس يرفع المخاطر إلى مستويات خطيرة غير مسبوقة. وخلافا لما هو في سوريا والعراق، يقاتل الجيش السعودي الآن مباشرة مع المتمردين المدعومين من إيران في اليمن».

ودعا بعض الصقور الإيرانيين المسلمين الشيعة الذين يعيشون في شرق المملكة العربية السعودية، ويشعرون بالضجر من حكم «آل سعود» بالتمرد عليهم والثورة ضدهم. وفي يوم الأحد الماضي حذر قائد القوات البرية الإيرانية «أحمد رضا بوردستان» من أن الحرب في اليمن تهدد بتحولها إلى المملكة العربية السعودية المجاورة ما لم توقف الرياض تدخلها العسكري.

«وسيكون هناك انفجارات في المملكة العربية السعودية باستخدام الصواريخ التي تُطلق على أراضيها وثمن هذا [الصراع] سوف يكون ثقيلا للسلطات السعودية»، بحسب «بوردستان» في مقابلة مع قناة العالم المملوكة للدولة الإيرانية.

ولكن يوم الثلاثاء قالت السعودية إنها أوقفت الغارات الجوية في اليمن، وسوف يدخل الصراع هناك مرحلة جديدة يتم التركيز خلالها على العملية السياسية ومساعدة المدنيين.

ووصفت إيران الإعلان السعودي بأنه «خطوة الى الأمام» نحو تسوية سياسية.

  كلمات مفتاحية

السعودية إيران اليمن الحوثيين الشيعة في الخليج

«فورين بوليسي»: الأهداف المتعارضة في اليمن بين السعودية وإيران والولايات المتحدة

”الشاب عديم الخبرة“ في المملكة العربية السعودية

«يوشكا فيشر» يكتب: السعودية وإيران تتنافسان لسد الفراغ الإقليمي

السعودية وإيران .. «ردع» يسبق «المصالحة»

السعودية وإيران تتبادلان الاتهامات مع استمرار التوتر بالمنطقة

إيران تستدعي القائم بالأعمال السعودي بعد منع هبوط طائرتين لها في صنعاء

صوت العقل في زمن الفتنة

إيران: التكفير المباشر والتكفير المستتر

الحرس الثوري الإيراني: نظام «آل سعود» آيل للسقوط .. ونأمل أن نري ذلك قريبا

«الجارديان»: لماذا تبدو طهران حذرة في تعاملها مع ما يحدث في اليمن؟

«الجارديان»: السعودية وإيران تدشنان مستوى جديد من الخطاب العدائي