منتدى غاز شرق المتوسط.. هل يدشن عهدا جيوسياسيا جديدا؟

الأربعاء 13 مارس 2019 10:03 ص

اجتمع وزراء الطاقة، من مصر وقبرص واليونان و(إسرائيل) وإيطاليا والأردن وفلسطين، في القاهرة في 14 يناير/كانون الثاني، لافتتاح "منتدى غاز شرق المتوسط".

ويسعى الكيان المشكل حديثا إلى "إنشاء سوق غاز إقليمية تخدم مصالح أعضائه من خلال ضمان العرض والطلب، وتحسين تنمية الموارد، وترشيد تكلفة البنية التحتية، وتقديم أسعار تنافسية، وتحسين العلاقات التجارية"، من بين أمور أخرى.

كما يسعى جاهدا لتوفير منصة لتحسين التعاون بين مصدري الغاز وهم قبرص ومصر و(إسرائيل)، وبلدان العبور وهم اليونان وإيطاليا، إضافة إلى مستوردي الغاز.

وجاء في بيان لوزارة البترول المصرية: "سيدعم المنتدى الدول المنتجة من خلال تعزيز تعاونها مع الأطراف المستهلكة وبلدان العبور في المنطقة".

وسوف يمكن المنتدى من "الاستفادة من البنية التحتية الحالية وتطوير المزيد من خيارات البنية التحتية لاستيعاب الاكتشافات الحالية والمستقبلية".

كما نص البيان على أنه بالإضافة إلى أعضائه المؤسسين، "يجوز لدول شرق المتوسط ​​الأخرى الانضمام إلى المنتدى لاحقا"، ما يشير إلى احتمال انضمام لبنان إلى المنتدى.

ويمثل المنتدى أول مناسبة تسمح فيها الدول العربية بدخول (إسرائيل) معها في تحالف إقليمي، كما يسلط الضوء على التطبيع المتزايد للعلاقات بين تل أبيب والعواصم الأخرى في العالم العربي، والتي قد تكون بداية عهد جديد من التعاون.

منتدى التطبيع

ونظرا لأن تطوير الغاز في المنطقة يتطلب قدرا كبيرا من التعاون المشترك، تميل مصر و(إسرائيل) وقبرص واليونان والأردن وإيطاليا، بشكل متزايد إلى تنسيق جهودها، ويأمل أعضاء المنتدى في تحويل المنطقة إلى مركز رئيسي للطاقة.

وبالنسبة لـ(إسرائيل)، يمثل المنتدى أكثر من مجرد هيئة أخرى للنشاط الاقتصادي، وتعد عضوية تل أبيب في المنتدى تطورا بارزا؛ لأنه يعد تعاونا صريحا بين (إسرائيل) والعديد من الدول العربية، في تناقض صارخ مع التاريخ الماضي.

وعلى مدار الـ70 عاما الماضية، كانت (إسرائيل) معزولة في الشرق الأوسط، ما يجعل عضويتها في الهيئة المنشأة حديثا فوزا جيوسياسيا كبيرا.

وكان "يوفال شتاينتس"، وزير الطاقة الإسرائيلي، أول وزير إسرائيلي يزور مصر منذ سقوط الرئيس "حسني مبارك" وانتفاضات الربيع العربي عام 2011. وقال "شتاينتس" لـ"رويترز": "تصدر (إسرائيل) الغاز الطبيعي إلى العالم العربي، وأيضا إلى أوروبا، إنه شيء بدا كأنه حلم أو خيال قبل 10 أو 15 عاما فقط".

ويعد تحسين العلاقات بين القاهرة وتل أبيب أحد أهم معالم الاجتماع، وقد عبر "شتاينتس" عن ذلك قائلا: "أعتقد أن منتدى غاز شرق المتوسط هو أهم تعاون اقتصادي بين مصر و(إسرائيل) منذ توقيع معاهدة السلام قبل 40 عاما".

وكانت مصر أول دولة عربية تتوصل إلى سلام مع (إسرائيل) عام 1979، في حين تعاونت الدولتان مرارا وتكرارا في مسائل الأمن منذ ذلك الوقت، لكنهما كانتا حريصتين حيال ذلك لتجنب غضب المتعاطفين مع قضية فلسطين في مصر، ومع ذلك، تخلق العلاقات الأكثر دفئا فرصا اقتصادية جديدة للأعداء السابقين.

مد وجزر

ومنذ أوائل العقد الأول من القرن العشرين، اكتشفت (إسرائيل) كميات وفيرة من الغاز، ووقعت عدة صفقات لتصديره إلى مصر والأردن، ويبلغ إنتاج (إسرائيل) الحالي نحو 10.5 مليار متر مكعب، ومن المتوقع أن يزيد بأكثر من الضعف في عام 2020، ليصل إلى نحو 27 مليار متر مكعب بحلول عام 2021.

وأعلن "شتاينتس" أن (إسرائيل) ستبدأ تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر في غضون أشهر، وعلى الرغم من أن الوزير الإسرائيلي لم يحدد المستوى الأولي للصادرات، لكنه أشار إلى أن الشحنات سوف تتضاعف بعد "دخول حقل ليفياثان الضخم في شرق البحر المتوسط ​​بالكامل إلى الشبكة".

ومن المتوقع أن تصدر (إسرائيل) حوالي 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى مصر خلال الأعوام الـ10 القادمة، وبينما سيتم توجيه نصف هذه الصادرات تقريبا للسوق المحلية لمصر، سيتم تسييل النصف الآخر وإعادة تصديره كغاز طبيعي مسال، وستتم هذه الصادرات بموجب صفقة تصدير الغاز الطبيعي بين الطرفين البالغة قيمتها 15 مليار دولار.

وفي حين حققت مصر أيضا سلسلة من اكتشافات الطاقة المهمة، بما في ذلك حقل "ظهر"، أكبر حقل للغاز في البحر الأبيض المتوسط، لكنها لا تزال بحاجة إلى المزيد من الغاز لتلبية الطلب المحلي المتزايد بسرعة.

ومن خلال الاستفادة من موقعها الاستراتيجي وبنيتها التحتية المتطورة، تأمل القاهرة أن تصبح مركزا رئيسيا لتسييل وتوزيع الغاز في المنطقة.

ولتقليل اعتماده على الغاز الروسي، يشجع الاتحاد الأوروبي على إنشاء طرق جديدة للحصول على الغاز، مثل خط أنابيب الغاز شرق المتوسط.

ويهدف المشروع، الذي تبلغ تكلفته 7 مليارات دولار، والذي من المتوقع أن يكون جاهزا في غضون 6 إلى 7 أعوام، يهدف إلى تحويل المنطقة إلى مركز رئيسي للطاقة.

وقد يقلل هذا من تأثير موسكو على سوق الطاقة الأوروبية، ويمكن من إحباط طموحات طهران في استخدام سوريا كبوابة لشرق البحر المتوسط.

صراع مستقبلي

ومع ذلك، في حين أن منتدى غاز شرق المتوسط لديه القدرة على أن يصبح منافسا مهما في مجال الطاقة، لكنه قد يتحول أيضا إلى أداة أخرى للاعبين الإقليميين لتنفيذ أو تحييد أو مواجهة استراتيجيات بعضهم البعض، عبر استغلال تجارة الغاز الناشئة في المنطقة.

والعوامل الـ3 التالية ليست سوى قليل من الحقائق العديدة التي قد تحد من نجاح المنتدى في المستقبل.

أولا: لا يمكن أن تتنافس احتياطيات الغاز الطبيعي في منطقة شرق البحر المتوسط، التي يُقدر أنها تشكل أقل من 1% من إجمالي احتياطيات العالم، مع قوى الغاز التقليدية مثل روسيا والنرويج وقطر.

ثانيا: قد تدفع التكلفة الباهظة لنقل الغاز من دول شرق البحر المتوسط ​​إلى الحد من تجارتها مع بعضها البعض، أو غيرها من بلدان المنطقة.

أخيرا: اختار الأعضاء المؤسسون أن يطلقوا على الكيان الجديد اسم "منتدى"، ما يشير إلى هيكل أكثر مرونة، بدلا من "منظمة"، للاحتفاظ بالقدرة على تغيير استراتيجيات التداول أو السوق الخاصة بهم كلما كان ذلك ضروريا.

وقد يكون المنتدى مشروعا "تحويليا" للمنطقة في عام 2019، وقد يغير نجاحه ديناميات المنطقة بطرق عميقة.

ومع ذلك، سيتطلب المنتدى إدارة فعالة، بالإضافة إلى حلول سياسية مرنة لتجاوز الخلافات داخله، ودون ذلك، قد يكون في خطر أن يصبح حلما آخر من "أحلام الأنابيب" العديدة في الشرق الأوسط.

المصدر | سكينة رشيدي - إنسايد أرابيا

  كلمات مفتاحية

منتدى غاز شرق المتوسط الغاز الطبيعي المسال التطبيع مصر (إسرائيل)

إسرائيل واليونان تبنيان رادارا بحريا بعيد المدى بجزيرة كريت

السيسي ووزير الطاقة الأمريكي يبحثان تعزيز التعاون

حضور أمريكي بمنتدى غاز شرق المتوسط.. تركيا وروسيا كلمتا السر

رسميا.. مصر تعلن تحويل منتدى غاز شرق المتوسط لمنظمة دولية