مظاهرات الجزائر.. 5 محطات تاريخية أحدثت تغييرا

الخميس 21 مارس 2019 09:03 ص

منذ استقلالها عن فرنسا، في 5 يوليو/تموز 1962، عرفت الجزائر محطات مفصلية صنعها الشعب في الشارع، واستطاع بعضها تغيير توجهات سياسية للبلد، بينما فشلت في إحداث تغيير جذري لنظام الحكم.

في 20 أبريل/نيسان 1980، بدأت المسيرات الاحتجاجية تظهر في الجزائر، حين شهدت منطقة القبائل (شرق)، احتجاجات رفعت مطالب تتعلق أساسا بالهوية الأمازيغية، لكنها لم تأخذ بعدا وطنيا.

ثورة الخبز 

في عهد الرئيس "الشاذلي بن جديد" (1979-1992)، عرفت الجزائر انفجارا شعبيا، تجاوز المظاهرات، وسُمي في الذاكراة الجماعية بـ"أحداث 8 أكتوبر/تشرين الأول 1988".

أسماها البعض "ثورة الخبز"، واعتبرها آخرون "بداية الخراب"، بينما أجمع مؤرخون وساسة على أنها نقلت الجزائر من حكم الحزب الواحد، وهو "جبهة التحرير الوطني" (الحاكم)، إلى التعددية السياسية والإعلامية، بعد إقرار أول دستور تعددي، في 23 فبراير/شباط 1989.

اندلعت الأحداث كرد فعل شعبي على وضع اقتصادي واجتماعي مزرٍ، بدأ بعد انهيار أسعار النفط، عام 1986.

وانطلقت الاحتجاجات من "باب الوادي" الشعبي بالعاصمة الجزائر، عندما أنزل شباب ركاب حافلة نقل تابعة لشركة حكومية، وأحرقوها.

امتد التخريب إلى ولايات عديدة، واستهدف كل ما يرمز إلى الدولة ومقرات حزب "جبهة التحرير".

بعد عجز قوات الأمن عن التصدي للغاضبين، نشرت السلطة الجيش في الشوارع.

وانتهت الأحداث بسقوط 169 قتيلا (تحدثت مصادر غير رسمية عن 500 قتيل)، واعتقال 15 ألفا آخرين، حسب أرقام رسمية.

وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول، وبعد إعلان حالة الطوارئ، وجه "بن جديد" خطابا للأمة، بنبرة حزينة، وعد فيه باتخاذ تدابير إصلاحية شاملة، توجت بالخروج من عهد الحزب الواحد.

"العشرية السوداء"

مهدت أحداث 1988، لتبني التغيير الجذري للنظام الحاكم، كخيار شعبي، بدأ باعتماد حوالي 60 حزبا، بعد دستور 1989، أبرزها حزب "الجبهة الإسلامية للإنقاذ" (الفيس)، الذي يستمد تصوره للحكم من الكتاب والسُنة.

حقق الحزب، الذي قاده "عباس مدني"، ونائبه "علي بلحاج"، نتائج باهرة في انتخابات بلدية وولائية، أجريت في يونيو/حزيران 1990، إذ فاز بأكثر من 950 مجلسا بلديا من أصل 1539، و32 مجلسا ولائيا من 48.

هذا الفوز الساحق، دفع الدولة إلى تغيير قانون الانتخابات، منتصف 1991، وهو ما لم تتقبله الجبهة، فنظمت احتجاجات كانت تنطلق من المساجد، بعد صلاة الجمعة، كما نفذت إضرابا عاما واعتصامات في ساحتي "أول ماي" و"الشهداء" بالعاصمة.

لم يمنع القانون الحزب الإسلامي من الفوز في انتخابات نيابية، أجريت في 26 ديسمبر/كانون الأول 1991؛ إذ حصد 188 مقعدا من أصل 228 في الدور الأول (عدد المقاعد الإجمالي آنذاك 380).

وتسارعت الأحداث، وتم حل البرلمان القديم، برئاسة "عبدالعزيز بلخادم"، في 4 يناير/كانون الثاني 1992، واستقال الرئيس "بن جديد"، في 11 من الشهر ذاته، ليعلن المجلس الأعلى للأمن، في اليوم التالي، وقف المسار الانتخابي.

ردت الجبهة الإسلامية بمظاهرات رافضة لما أسمته "الانقلاب على مسار التغيير"، تحولت سريعا إلى أزمة أمنية خطيرة سُميت بـ"العشرية السوداء"، وراح ضحيتها 200 ألف قتيل وخسائر اقتصادية بـ30 مليار دولار، وفق تقديرات رسمية.

الربيع الأمازيغي

في "بني دوالة"، وهي مدينة صغيرة بولاية تيزي وزو (شرق)، خرج عشرات الشباب في مظاهرات بمناسبة ما اصطلح على تسميته "الربيع الأمازيغي"، ويوافق 20 أبريل/نيسان سنويا.

طالب هؤلاء بالاعتراف بالهوية واللغة الأمازيغيتين، مع ترسيم الأخيرة في الدستور.

جرى توقيف عدد من المحتجين، وتوفي أحدهم في مقر للدرك الوطني.

نشأت "تنسيقية العروش"، التي أطرت المظاهرات شبه اليومية في ولايتي تيزي وزو وبجاية بمنطقة القبائل.

نظمت التنسيقية مسيرة شارك فيها مئات الآلاف، باتجاه العاصمة، في 14 يونيو/حزيران 2001.

ومع وصول المحتجين إلى العاصمة، وقعت مواجهات عنيفة مع قوات الأمن، أدت إلى مقتل صحفيين اثنين.

اعتُبرت تلك أول وأضخم مسيرة شعبية ضد حكم الرئيس "عبدالعزيز بوتفليقة"، الذي انتخب عام 1999، وانتهت بتعديل جزئي للدستور، في 2002، جعل "الأمازيغية" لغة وطنية.

أحداث "الزيت والسكر"

وقعت مطلع يناير/كانون الثاني 2011، بالتزامن مع بدايات موجة "الربيع العربي"، التي أطاحت بأنظمة حاكمة في دول عربية.

ولم تكن في شكل مسيرات، وإنما أعمال تخريبية انطلقت من حي "باب الوادي" في العاصمة، ضد رفع سعر الزيت والسكر، وهما المادتان الأساسيتان اللتان تدعم الحكومة أسعارهما.

خلفت أعمال العنف 6 قتلى، وشكل البرلمان لجنة تحقيق لمعرفة أسباب الأحداث، غير أن تقريرها النهائي ما يزال حبيس الأدراج، ولم ينشر للرأي العام.

لكن في مؤتمر صحفي، عام 2016، قال الأمين العام لحزب "التجمع الوطني الديمقراطي"، رئيس الوزراء السابق "أحمد أويحيى"، إن الأحداث كانت مدبرة ردا على فرض الحكومة "الصكوك"، في التعاملات التجارية، وهو ما لم يعجب لوبيات مالية، "فحركت الشارع"، على حد قوله.

وردا على أسئلة بشأن احتمال انتقال موجة "الربيع العربي" إلى بلده، اعتبر "أويحيى"، في أكثر من مناسبة، أن الجزائر عاشت ربيعها، في 5 أكتوبر/تشرين الأول 1988.

الولاية الخامسة

انطلق هذا الحراك الشعبي السلمي في 22 فبراير/شباط 2019، بعد أيام قليلة من إعلان الرئيس المنتهية ولايته "بوتفليقة" (83 عاما)، ترشحه لولاية رئاسية خامسة، في انتخابات كانت مقررة يوم 18 أبريل/نيسان 2019.

بدأت المسيرات بعد صلاة الجمعة، وجرت في سلمية تامة، ما عدا مناوشات معزولة بين الشرطة وأشخاص اعتبرهم المتظاهرون وحتى إدارة الأمن "بلطجية ومندسين".

في البداية، رفعت المسيرات شعارات ترفض ترشح "بوتفليقة"، الذي يحكم منذ عشرين عاما، لولاية خامسة، قبل أن يطالبوا، في أربع جُمع متتالية، بـ"التغيير الجذري للنظام".

في 11 مارس/آذار 2019، أعلن "بوتفليقة" سحب ترشحه، وتأجيل الانتخابات، مقترحا خارطة طريقة لانتقال ديمقراطي للسلطة، عبر مؤتمر جامع يتولى تعديل الدستور، وتحديد موعد انتخابات لن يترشح فيها، وتعيين حكومة كفاءات وطنية.

لكن الحراك الشعبي، الذي يتخذ من شبكات التواصل الاجتماعي، منبرا له، رد بمظاهرات حاشدة في مختلف أرجاء الجزائر، قدرته المعارضة بنحو 15 مليون محتج، واعتبرت الأكبر والأكثر سلمية في تاريخ الجزائر.

وشهدت المسيرات 3 قتلى، في أحداث عرضية، هي: التدافع والسقوط من أعلى سيارة والصعق الكهربائي خلال محاولة لوضع العلم الجزائري على عمود إنارة.

في رسالته بمناسبة "عيد النصر"، 19 مارس/آذار، تمسك "بوتفليقة"، الذي يعاني من متاعب صحية منذ سنوات، بمقترح المؤتمر الوطني للخروج من الأزمة، بينما يواصل الشارع والمعارضة الضغط من أجل استجابة أقوى.

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الجزائر احتجاجات مظاهرات بوتفليقة العشرية السوداء الربيع الأمازيغي

الجزائر الجديدة إن سقط النظام

بوتفليقة والجزائريون.. أوراق للمراوغة أمام مطالب التنحي

تحية صادقة للشعب والجيش وقوى الأمن الجزائري

انقلاب ناعم في الجزائر!

للجمعة الخامسة.. مئات الآلاف بالجزائر يطالبون بوتفليقة بالتنحي

آلاف المحامين الجزائريين يتظاهرون ضد تمديد حكم بوتفليقة 

المعارضة الجزائرية تدعو لتشكيل هيئة رئاسية لإدارة المرحلة الانتقالية

شروط المعارضة الجزائرية للمشاركة بمبادرة الحوار الرئاسية