بوتفليقة والجزائريون.. أوراق للمراوغة أمام مطالب التنحي

الأربعاء 20 مارس 2019 12:03 م

دخل الرفض الشعبي لاستمرار الرئيس الجزائري "عبدالعزيز بوتفليقة"، وأبرز وجوه نظامه، الأسبوع الرابع، دون اتضاح آفاق سبل حل الأزمة غير المسبوقة في تاريخ البلاد.

ويعد تاريخ 28 أبريل/نيسان المقبل الموعد القانوني لنهاية ولاية "بوتفليقة" الرابعة؛ وهو آخر أجل لحسم ملامح المرحلة الانتقالية، سواءً باستمرار الرئيس في الإشراف على شؤون الحكم وفق "خارطة الطريق" التي طرحها، أو تسليم السلطة لرئيس مجلس الأمة مؤقتًا، بموجب الدستور.

واقترح "بوتفليقة"، في 11 مارس/آذار الجاري، خطة عمل، جمد بموجبها العمل بالدستور وأجل الانتخابات الرئاسية، وطرح إجراءات لتحقيق انتقال سلسل للسلطة، كما قال في رسالة للجزائريين.

وتضمنت خارطة الطريق تلك تنظيم مؤتمر جامع للحوار يشرف على صياغة وإقرار إصلاحات عميقة، وتشكيل حكومة كفاءات، وتحديد موعد لانتخابات رئاسية جديدة، لن يترشح فيها.

ورفض ملايين المواطنين خطة رئيسهم، وذلك في مسيرات الجمعة الرابعة (15 مارس/آذار)؛ مطالبين برحيل كل رموز النظام، وعدم القبول برئيس الوزراء الجديد، "نورالدين بدوي"، ونائبه "رمطان لعمامرة".

ويترقب الشارع إجراءات جديدة من قبل رئاسة الجمهورية، قد تكون مدفوعة بتوجهات من داخل حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم ومؤسسة الجيش؛ تشكل مخرجًا للأزمة، أو ربما سببًا للتصعيد.

أوراق الرئيس

منذ انطلاق المسيرات الشعبية، الرافضة لترشحه لعهدة رئاسية خامسة في انتخابات كانت مقررة يوم 18 أبريل/نيسان المقبل؛ قدم "بوتفليقة" ورقتين لنيل رضا الشارع، ولكن دون جدوى.

وفي رسالة للأمة، يوم 3 مارس/آذار الجاري، عقب تقديم ملف ترشحه لعهدة خامسة إلى المجلس الدستوري؛ قال الرئيس الجزائري إنه "سينظم انتخابات رئاسية مبكرة، في غضون سنة، إذا ما حاز على ثقة الشعب مرة أخرى".

لكن الرفض لمحاولة "بوتفليقة" الأولى جاء فوريًا، وذلك في الجمعة الثالثة التي صادفت اليوم العالمي للمرأة، وعرفت مشاركة قياسية للنساء.

وفور عودته، من رحلة علاجية في جنيف، طرح الرجل ما أطلق عليه "خطة عمل"، أعلن فيها عن تأجيل الانتخابات الرئاسية، وتنظيم مؤتمر للحوار يتولى تعديل الدستور وتحديد موعد للرئاسيات، واستحداث هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات، وتعيين حكومة كفاءات وطنية.

كما عين "نورالدين بدوي" رئيسا للوزراء خلفا لـ"أحمد أويحيى"، واستحدث منصب نائب رئيس الوزراء، عين فيه "لعمامرة"، إلى جانب تولي الأخير حقيبة الشؤون الخارجية.

وقال "بوتفليقة" في ختام رسالته: "ذلكم هو المخرج الحسن الذي أدعوكم جميعا إليه لكي نجنب الجزائر المحن والصراعات وهدر الطاقات"، موحيًا بأن خطة العمل هذه تمثل الحل الوحيد الذي يراه مناسبا.

لكن الشارع عبر عن رفضه مجددًا في مسيرات الجمعة الماضي، التي صُنّفت بحسب مراقبين "الأكبر في تاريخ البلاد"؛ رافعين سقف المطالب إلى رحيل كل رموز النظام.

خارطة الطريق

أعاد "بوتفليقة"، الإثنين 18 مارس/آذار الجاري، طرح خارطة الطريق، وذلك في رسالة جديدة للشعب.

وجاء في رسالته: "إن بلادنا مقبلة على تغيير نظام حكمها وتجديد منهجها السياسي والاقتصادي والاجتماعي على يد الندوة (المؤتمر) الوطنية الجامعة التي ستعقد في القريب العاجل بمشاركة جميع أطياف الشعب الجزائري".

وتابع أن المؤتمر سيتخذ "القرارات الحاسمة الكفيلة بإحداث القفزة النوعية التي يطالب بها شعبنا خاصة أجيالنا الشابة".

وأضاف أن تلك القفزة "ستتجسد من خلال تعديل دستوري شامل وعميق سيبت فيه الشعب عن طريق الاستفتاء، تعديلا يكون منطلقا لمسار انتخابي جديد مبتداه الانتخاب الرئاسي الذي سيأتي البلاد برئيسها الجديد".

الجيش يريد حلولا 

والإثنين أيضًا، لمح قائد أركان الجيش الفريق "قايد صالح" إلى ضرورة إيجاد حلول للأزمة "في أقرب الآجال"، ما يضفي مزيدًا من الغموض بشأن مصير خارطة طريق الرئيس.

وتعهد "صالح" بأن الجيش "سيكون دوما، وفقا لمهامه، الحصن الحصين للشعب والوطن في جميع الظروف والأحوال".

وقال في كلمة أمام قادة عسكريين جنوب غربي البلاد: "إن المشاكل مهما تعقدت لن تبقى من دون حلول مناسبة، بل ملائمة، هذه الحلول التي نؤمن أشدّ الإيمان بأنها تتطلب التحلي بروح المسؤولية من أجل إيجاد الحلول في أقرب وقت".

وترى أحزاب وشخصيات من مختلف مشارب المعارضة، أن خروج الشعب بتلك الأعداد الغفيرة يعني "سحبه التفويض من باقي المؤسسات، بما فيها الدستور"؛ بحسب البرلماني ورئيس مجلس الشورى لحزب العدالة والتنمية (إسلامي)، "لخضر بن خلاف".

وقال "بن خلاف" إن حزبه يرى أن تطبيق المادة 102، التي تمنح الرئاسة مدة 135 لرئيس البرلمان، في حالتي "المانع" و"الشغور"؛ سيلقى رفضًا كذلك.

وأوضح أن الرئيس الحالي للبرلمان، "عبد القادر بن صالح"، يعد هو الآخر أحد رجالات "بوتفليقة"، ما يعني أن السلطة ستبقى في يد نظامه، وهو الذي سيشرف على المرحلة المقبلة مجددًا، ما يثير مخاوف بالالتفاف على مطالب الشعب.

وعليه، يرى "بن خلاف" ضرورة اللجوء إلى المادة 7 من الدستور، التي تقول بأن الشعب مصدر كل السلطات.

وتابع أن الشارع يحق له بموجب ذلك تزكية هيئة منه تسير جميع جوانب المرحلة الانتقالية، وتضع قوانين تضمن نزاهة الانتخابات، فيما تترك القضايا الكبرى للرئيس المقبل.

وكشف الرجل أن أحزاب وشخصيات المعارضة شرعت في إعداد مسودة خارطة طريق للخروج من الأزمة.

وتطالب أصوات من المعارضة، بضرورة حل كل المؤسسات الدستورية الحالية، كالبرلمان بغرفيته والمجلس الدستوري، مع الإبقاء على المؤسسات الإدارية والأمنية التي ستتولى تسيير الشأن العام.

خياران متاحان

يرى الخبير في القانون الدستوري، "عامر رخيلة"، أن خيار الذهاب لجمعية تأسيسية ليس مناسبًا تمامًا، "ويلجأ إليه في حال قيام دولة جديدة".

وقال "رخيلة": "إن المجلس التأسيسي، يفرض مناقشة الثوابت، ونعود للنقاش حول مسألة الهوية واللغة والدين، التي حدث عليها الإجماع في السنوات الأخيرة".

وأضاف: "البلاد أمام خيارين، الأول يتمثل في استمرار خارطة الطريق التي طرحها بوتفليقة، والثانية هي رحيله بعد نهاية ولايته في 28 أبريل/نيسان المقبل".

والخيار الأول يقوم "على تجميد العمل بالدستور من خلال تمديد عمر حكم الرئيس في الحكم لسنتين أو أكثر، تشكل مرحلة انتقالية بإجراءات يرعاها بوتفليقة إلى غاية تسليم السلطة لرئيس آخر منتخب".

في المقابل، يتمثل المخرج الثاني في "استمرار الرئيس حتى 28 أبريل، ودخول البلاد في حالة الشغور"، ما يعني تفعيل المادة 102، وتولي "بن صالح" الرئاسة بصلاحيات محدودة جدًا لا يملك في إطارها تغيير الحكومة، وتقتصر إلى حد كبير على تنظيم انتخابات في غضون 90 يومًا.

ونفى "رخيلة" أن يكون الرئيس في وضع غير شرعي حاليا، بتوقيعه مرسوم تأجيل الانتخابات، وقال: "لقد جمد عمليا الدستور، لكنه يحتفظ بكامل صلاحيات رئيس الجمهورية حتى نهاية ولايته".

ودفاعًا عن "خارطة الطريق"، قال النائب عن حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، "عبدالوهاب بن زعيم"، إن "الندوة الوطنية الجامعة التي اقترحها بوتفليقة هي الأنسب".

وأضاف "بن زعيم"، أن الرئيس "استجاب للشعب والمعارضة عندما أجل الانتخابات".

وتابع: "بوتفليقة منح كل صلاحياته للندوة الجامعة، التي يشارك فيها الجميع ويتوصلون إلى توافقات حول الدستور الجديد وتاريخ الانتخابات وتعيين حكومة الكفاءات، لتكون مهمته الوحيدة والأخيرة توقيع وثيقة الاستفتاء قبل تسليم السلطة للرئيس المنتخب".

وحذر "بن زعيم" من الوقوع في "متاهات عقيمة، تنتج فراغا دستوريًا ومؤسساتيًا (..) خاصة أن البلاد تمر بصعوبات اقتصادية منذ انهيار أسعار النفط في الأسواق الدولية منذ عام 2014".

المصدر | الأناضول

  كلمات مفتاحية

الجزائر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة الجيش الجزائري العهدة الخامسة

حزب في الائتلاف الحاكم بالجزائر يعلن تخليه عن بوتفليقة

إعلام جزائري: بوتفليقة سيتنحى في 28 أبريل

بوتفليقة: الندوة الوطنية للحوار ستعقد قريبا وستغير نظام الحكم

بوتفليقة أخرج فجأة من مشفاه بجنيف بحالة متدهورة

رئيس الأركان الجزائري يشيد بأهداف المحتجين

مظاهرات الجزائر.. 5 محطات تاريخية أحدثت تغييرا

بعد عزلة شعبية.. بوتفليقة يفقد الدعم السياسي للموالاة

مهندس إصلاحات الجزائر يرفض خلافة بوتفليقة