«القدس العربي»: سقوط الرمادي وخطر الانهيار الأمريكي على السعودية والأردن

الخميس 21 مايو 2015 06:05 ص

وصل إلى موسكو الأربعاء رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» طلبا لمساعدات عسكرية عاجلة، فيما وصلت قوات الحشد الشعبي إلى خطوط التماس في الأنبار استعدادا لبدء المعارك أملا في استعادة مدينة الرمادي التي سقطت في أيدي تنظيم الدولة قبل عدة أيام. ولعل زيارة «العبادي» دليل جديد على مدى غضبه ويأسه في آن تجاه الفشل العسكري والاستراتيجي الأمريكي في العراق.

وفي غضون ذلك تتعرض الإدارة الأمريكية لانتقادات واسعة مع تكشف الأبعاد الحقيقية للفشل الجديد لاستراتيجية الرئيس «باراك أوباما» في مواجهة تنظيم «الدولة». وسخر ساسة أمريكيون من استخدام «أوباما» كلمة «نكسة» في وصف ما حدث من انهيار امني في محافظة الانبار، وشبه أحدهم هذا التصرف بوصف بريطانيا لهزيمتها الشهيرة في معركة (دانكرك) إبان الحرب العالمية الثانية بـ«الانسحاب التكتيكي».

ما لم يقله هؤلاء أن «أوباما» ربما استفاد من ابداعات «القاموس السياسي العربي» في إنكار الهزائم، عندما استخدم تعبير (النكسة) نفسه الذي اعتمده الرئيس الراحل جمال عبد الناصر للتقليل من أهمية الهزيمة الكارثية أمام إسرائيل في العام 1967.

أما المفاجأة التي تثير أسئلة صعبة حقا، فهي ما أعلنه معهد دراسة الحرب في واشنطن، من «أن سقوط الرمادي كان من الممكن تفاديه»، مشيرا إلى أنه «لا تنظيم الدولة الإسلامية ولا تنظيم القاعدة تمكنا في السابق من السيطرة على مدينة مهمة مدافع عنها بشكل فاعل من الولايات المتحدة وقوات محلية»، ومؤكدا في تلميح واضح إلى فشل ادارة إوباما: «هذا ما يحدث عندما تتبع سياسة من إجراءات منقوصة وقيود ومواقف، في مواجهة عدو ماهر ومصمم في الميدان». (طالع المزيد)

ولا يمكن أن تهمل أي قراءة استراتيجية لسقوط الرمادي، المعطيات الخطيرة إلي تحملها خاصة سواء على المستويين المحلي أو الإقليمي.  

ولعله من المنطقي أن يتساءل المراقب العربي إن كانت واشنطن التي فشلت في حماية مدينة صغيرة لكن مهمة مثل الرمادي من السقوط، ستكون قادرة او راغبة في التورط في معارك كبرى لحماية حلفائها الخليجيين من «خطر إيراني» حسب الوعود البراقة التي قطعها «أوباما» على نفسه في قمة «كامب ديفيد» مؤخرا؟

أصبح جليا أن ما عرف بـ«استراتيجية أوباما» لاحتواء تنظيم «الدولة» قد أثبتت فشلها مجددا في الرمادي، بما يجعل الاستمرار في الاعتماد عليها «خيارا انتحاريا» ينذر بسقوط بغداد نفسها، ثم تفتيت العراق إلى أقاليم أو كانتونات تحكمها ميليشيات: البيشمركة، وتنظيم «الدولة» والحشد الشعبي، وغيرها. 

وهكذا يسقط العراق في واقع متفجر قد تتضاءل أمامه ما شهدته يوغوسلافيا من مجازر في التسعينيات من القرن الماضي، مع فارق أساسي أنه لا يوجد (اتحاد عربي) سيبادر بالتدخل لاطفاء الحريق، كما فعل الاتحاد الاوروبي بالتعاون مع الولايات المتحدة حينئذ بعد أن تحولت البوسنة إلى حمام دم. أما على المستوى الإقليمي، فإن سقوط الأنبار يفتح جبهة واسعة لتنظيم «الدولة» على الحدود السعودية والأردنية في تهديد مباشر وغير مسبوق لأمن هذين البلدين، وخاصة بالنظر إلى ما يزعمه البعض من وجود حاضنة شعبية للتنظيم في بعض المناطق القبلية هناك.

ولا يمكن لأي قراءة منصفة لكارثة سقوط الرمادي أن تنكر أن العرب يدفعون اليوم ثمنا لجريمة أمريكية مزدوجة في العراق: غزو إدارة بوش الإجرامي، ثم الانسحاب غير المنظم الذي هو أقرب للهروب لادارة «أوباما» منه، قبل أن تشكل جيشا وطنيا حقيقيا قادرا على توفير الأمن للعراقيين جميعا دون تمييز، تعويضا عن الجيش الذي قامت بحله في أعقاب الغزو. ولولا هذه الجرائم الأمريكية لما ظهرت في العراق رايات سوداء أو تنظيمات إرهابية أو ميليشيات طائفية اختفت معها آخر ملامح الدولة أو تكاد.

أما الإنهيار الأمريكي في الإقليم، والذي أصبحت الرمادي أحدث عنوان له، فإنه يحمل في طياته انصهارا سريعا للأوهام التي بنى العرب عليها استراتيجية الدفاع عن أمنهم الإقليمي لعقود طويلة، ما قد يجعل العراق أول البلاد العربية التي يجري تقسيمها، لكن ليس آخرها.

 

  كلمات مفتاحية

القتيل الحي استراتيجية أوباما الدولة الإسلامية الرمادي بغداد

خبراء أمريكيون: سقوط الرمادي انتكاسة تنسف استراتيجية أوباما ضد «الدولة الإسلامية»

«الإندبندنت»: سقوط الرمادي يغير المشهد السياسي في العراق وسوريا

«البغدادي» يعد بالسيطرة علي بغداد وكربلاء بعد انتصارات التنظيم في الرمادي

«أسوشيتد برس»: الرمادي ”نكسة جديدة“ تعيد إلى الأذهان ”سقوط الموصل“

«الدولة الإسلامية» يحكم قبضته علي الرمادي ويسيطر علي مقر قيادة عمليات الأنبار

«ماكين» ينتقد تهوين «أوباما» من سقوط الرمادي ويدعو لإرسال قوات برية إلي العراق

تنظيم «الدولة الإسلامية» يقترب من «السويداء»: خبر سيئ للأردنيين

«واشنطن بوست»: التحالف الدولي يوفر الغطاء الجوي للميليشيات الشيعية في الرمادي

تصرفات السفيرة الأمريكية تثير غضب الشارع الأردني .. والحكومة تلتزم الصمت!

سفيرة الولايات المتحدة في الأردن: تحركاتي في البلاد تتم بشكل طبيعي ودبلوماسي

الأردن متخوف من «التصعيد السعودي» وينقل مقترحات للنزول عن شجرة «عاصفة الحزم»