خبراء أمريكيون: سقوط الرمادي انتكاسة تنسف استراتيجية أوباما ضد «الدولة الإسلامية»

الخميس 21 مايو 2015 04:05 ص

جاءت سيطرة «الدولة الإسلامية» يوم الأحد الماضي على مدينة الرمادي العراقية لتنسف استراتيجية أوباما ضد التنظيم سواء في العراق، أو في عموم العالم الإسلامي، فهذه السيطرة الكاسحة تعني أن القوات العراقية لن تستطيع على الأرجح استعادة الموصل خلال السنة الجارية، مع ما يترتب على ذلك من حفاظ «الدولة الإسلامية» على ثاني أكبر المدن العراقية، والأسوأ من ذلك أن التقدم الأخير لتنظيم «داعش» يمده بزخم إضافي داخل العراق، فيما هو يتوسع في سوريا وسيناء واليمن وأفغانستان ومناطق أخرى.

لكن هزيمة الرمادي القاسية كان يمكن تفاديها ومنع حدوثها، فلم يسبق «لداعش» ولا لأي تنظيم آخر مرتبط بـ«القاعدة» أن استولى على منطقة حضرية تتولى وحدات من الجيش الأميركي بشراكة مع القوات المحلية حمايتها، بيد أن هذا ما يحدث عندما تلتقي الإجراءات المنقوصة والقيود القتالية بعدو شرس ويتحلى بعزيمة ثابتة في أرض المعركة، وإذا لم تغير إدارة أوباما أسلوبها قريباً سيجد الرئيس نفسه بعيداً عن تركة السلام مع إيران التي يبحث عنها، بل وجهاً لوجه أمام دولة إرهابية تمتلك ما يكفي من الموارد لشن هجوم على الولايات المتحدة وفي شرق أوسط يمزقه الصراع الطائفي.

ولعلنا نذكر بُطء استجابة أوباما وتردده عندما دخلت «داعش» الموصل في شهر يونيو الماضي واقترابها من بغداد، حيث سمح الرئيس وقتها بدعم الطيران الأميركي للأكراد ومساعدتهم في الدفاع عن عاصمتهم، أربيل، فيما أمر بنشر المئات، ثم لاحقاً الآلاف من المستشارين العسكريين الأميركيين دون السماح لهم بالانخراط في عمليات قتالية إلى جانب الوحدات العراقية، وفيما ساهمت الضربات الجوية في تدمير عدد من الأهداف التابعة «لداعش» وقتل بعض قادتها، إلا أن تلك الضربات لم تمتد إلى داخل سوريا ما سمح للتنظيم بالحفاظ على مناطقه الآمنة داخلها والمناورة أيضاً في العراق.

كل ذلك أدى إلى المناورة الأكبر والأكثر تعقيداً التي جرى التخطيط لها لأسابيع، حيث تطلب الأمر، حسب الخبراء العسكريين، القيام بهجمات لصرف الانتباه في كل من مصفاة «بيجي» و«القرمة»، كما سهلوا هروب السجناء من سجن ديالى، فضلا عن هجمات أخرى ضد الزوار الشيعة في بغداد، وأخرى طالت مناطق قريبة من قاعدة «عين الأسد» في الرمادي، ومع أن قوات «داعش» استغلت أجواء الطقس السيئة لتفادي الضربات الأميركية والتحرك بحرية عبر سوريا نحو العراق، إلا أن أي قوات بموارد مهمة كان بإمكانها رصد تلك التحركات وضربها، وهو ما ينقص حتى الآن المجهود الأميركي.

هذا وتمثل هزيمة الرمادي انتكاسة لاستراتيجية أوباما القائمة على دعم قوات الأمن العراقية لاستعادة الأراضي التي استولى عليها «داعش» في الصيف الماضي، على أمل التصدي له لاحقاً في سوريا، وكان من المنتظر حسب تصريحات مسؤولين عسكريين أميركيين وعراقيين أن يتم الضغط على محافظة الأنبار وفي الوقت نفسه التركيز على استعادة الموصل، بحيث يُفترض بتلك العملية أن تكون الخطوة الأولى في اتجاه تحرير كل محافظة الأنبار.

لكن كل ذلك انهار بعد كارثة الأنبار الأخيرة ومعركة تكريت التي تزعمها الحشد الشعبي الشيعي وتطلب الأمر وقوف الجيش الأميركي متفرجاً، لينتهي الأمر إلى وقف العملية الرامية لتحرير الموصول وتأخيرها إلى أجل غير مسمى، والحقيقة أن هذه الانتكاسات المتوالية للقوات العراقية ما كان لها أن تحدث لو تبنت الولايات المتحدة وحلفاؤها العراقيون خطة هجومية ضد «داعش» في مناطق أخرى، لكن مع الأسف حُصرت جهود التصدي للتنظيم في العراق، فيما هو استطاع تجنيد الأتباع في سيناء واليمن وليبيا وأفغانستان وباكستان.

ولا بد أن الزخم الذي اكتسبه «داعش» بسيطرته على الرمادي يثير نقاشات حادة في البيت الأبيض وسط نصائح محذرة من الانغماس أكثر في العراق، وهي نصائح خاطئة بكل المقاييس، فنحن أصلاً متورطون في العراق لسبب بسيط يتمثل في وجود تنظيم إرهابي سبق أن أعلن مسؤوليته عن هجمات في الولايات المتحدة وبلدان أخرى، وهو اليوم يعزز وجوده في العراق ملحقاً الهزيمة بالقوات العراقية.

لكن مع ذلك يمكن بسهولة دحر «داعش» لو توافر للقوات الأميركية في العراق الموارد الأساسية والصلاحيات المطلوبة، فالخيار الذي يواجهه أوباما في العراق ليس بين نشر قوات كبيرة بمئات الآلاف، أو حرمانها تماماً من الموارد الضرورية، بل بين الاستخدام الأمثل لقوات أميركية محدودة العدد، وبين نشوء دولة إرهابية في العراق، وهنا يصعب علينا تخيل أن يقود أي نقاش جدي للسياسات إلى الركون للخيار الثاني.

 

* كيمبرلي كاغان: مدير معهد دراسات الحرب الأميركي؛ فريديريك كاغان: مدير مشروع التهديدات الخطيرة بمعهد «أميركان انتربرايز». 

 

  كلمات مفتاحية

العراق أميركا الرمادي الدولة الإسلامية الأنبار الموصل بيجي الحشد الشعبي أوباما

مخاوف في واشنطن من إشراك الميليشيات الشيعية في استعادة الرمادي لكن لا خيارات أخرى

«الإندبندنت»: سقوط الرمادي يغير المشهد السياسي في العراق وسوريا

«البغدادي» يعد بالسيطرة علي بغداد وكربلاء بعد انتصارات التنظيم في الرمادي

«أسوشيتد برس»: الرمادي ”نكسة جديدة“ تعيد إلى الأذهان ”سقوط الموصل“

«الدولة الإسلامية» يحكم قبضته علي الرمادي ويسيطر علي مقر قيادة عمليات الأنبار

«القدس العربي»: سقوط الرمادي وخطر الانهيار الأمريكي على السعودية والأردن

«هآرتس»: خيارات أمريكية معقدة .. «الدولة الإسلامية» على مشارف بغداد والأردن

«ستراتفور»: مظاهر القوة والضعف التي كشفتها مكاسب «الدولة الاسلامية»

«ماكين» ينتقد تهوين «أوباما» من سقوط الرمادي ويدعو لإرسال قوات برية إلي العراق

أسئلة الرمادي وتدمر وما بعدهما؟

«الحشد الشعبي» يستعيد منطقة «الحصيبة» ويواصل تقدمه لاستعادة الرمادي

قصة رجلين كان بإمكانهما إنقاذ الرمادي

مقتل 7 من قناصي تنظيم «الدولة» في الموصل و«العبادي» يتعهد بتحرير الرمادي خلال أيام

الطريق إلى بغداد ما زالت طويلة

«نيويورك بوست»: سقوط الرمادي وتدمر أثبت ’’هزلية‘‘ استراتيجية «أوباما»

«بايدن» يشيد بشجاعة القوات العراقية بعد انتقاد «كارتر» لانسحابها في الرمادي

العراق يبدأ عملية عسكرية لتحرير الأنبار وواشنطن تؤكد التزامها بدعم الحكومة

العثور على معسكر سري ومقبرة جماعية تضم 21 جثة لمسلحي «الدولة الإسلامية» في ديالى

فصائل شيعية تقود العمليات العسكرية العراقية لتحرير الأنبار من «الدولة الإسلامية»

«واشنطن بوست»: التحالف الدولي يوفر الغطاء الجوي للميليشيات الشيعية في الرمادي