قالت صحيفة «نيويورك بوست» الأمريكية أن سقوط مدينتي «الرمادي» العراقية و«تدمر» السورية على التوالي الأسبوع الماضي رغم الضربات الجوية الأمريكية يقدم دليلا جديدا على «هزلية» استراتيجية الرئيس «باراك أوباما»، وأنه ليس لديه استراتيجية حقيقة لهزيمة تنظيم «الدولة الإسلامية».
وقالت الصحيفة في تقرير لـ«ميكل جودوين» بعنوان: «الفشل الهزلي لاستراتيجية أوباما ضد داعش»، أن أراضي التنظيم اتسعت بنسبة 20% خلال الأشهر التسعة الماضية منذ أن أعلن «أوباما» عن إنشاء التحالف الدولي لهزيمة التنظيم، ولم تفعل معظم دول التحالف الـ50 أي شيء في القتال، حتى أن الولايات المتحدة لم تفعل ما ينبغي عليها فعله، إذ أنها لم تقصف عاصمة «داعش» أو منشآت القيادة في مدينة الرقة السورية.
وأشار لأن مدينتي الرمادي وتدمر لديهما قيمة استراتيجية واقتصادية ورمزية بالغة، ويعتبر سقوطهما انتصارا كبيرا لتنظيم «داعش»، ومع هذا جاء الرد الأمريكي بإرسال ألف صاروخ مضاد للدبابات إلى العراق، وتكرار النغمة المألوفة للرئيس «أوباما» بالقول: «لا أعتقد أننا نخسر».
الدبلوماسية العاجزة
ونوه التقرير إلي أنه من الضروري إرسال قوات برية متحالفة على الأرض لقتال «الدولة الإسلامية» ولكن واشنطن لم تبدأ في تنفيذ ذلك بفاعلية، ولم يهتم البيت الأبيض بالأمر، وأن هذه الدبلوماسية العاجزة تظهر في تصريحات كبار العسكريين في إدارة «أوباما».
الجنرال بمشاة البحرية «توماس ويدلي»، قال قبل يومين من سقوط الرمادي: «نحن نعتقد اعتقادا راسخا أن داعش في موقف دفاعي في جميع أنحاء العراق وسوريا، ويحاول الحفاظ على الانتصارات السابقة أثناء شن هجمات على نطاق صغير، وعلى مستوى محلي مع شن هجمات معقدة أو كبيرة بين الحين والآخر لتغذية جهازهم الدعائي».
ونقل التقرير عن الجنرال المتقاعد «ديفيد بارنو» قوله: «إن المسؤولين العسكريين الأمريكيين ربما كانوا يسعون جاهدين لوصف الأحداث بطريقة إيجابية بدلا من إعداد الناس لصراع طويل وشاق».
وأشار إلى أن: «الرمادي لها أهمية كبيرة جدا، والبيت الأبيض لم يكن يتوقع سقوطها حقا، وربما لم تتوقعه الحكومة العراقية أيضا».
كما نقل عن المحلل العسكري في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية «أنتوني كوردسمان»: «دائما ما نجد من يروجون لهذا الاتجاه من العاملين في العلاقات العامة حيث يحورون الأشياء ويقدمونها دائما كأن الأمر أكثر إيجابية بدلا من إعداد الناس لحقيقة أن بعض الأمور صعبة للغاية وغير مؤكدة».
وأكد كل من «بارنو» و«كوردسمان» أن سقوط الرمادي كشف ضعفا في الاستراتيجية الأمريكية العامة، ووصف «بارنو» مستوى الضربات الجوية الأمريكية بأنها «وخزات» بالمقارنة بما هو مطلوب.
وشددت الصحيفة علي أن «أوباما» يعتقد أن «التدمير النهائي لداعش» هو مهمة لا يمكن تحقيقها خلال ما تبقى له في الرئاسة الأمريكية، غير أن «أوباما» لم يستطع حتى إدارة جزء «الحط من قدرات التنظيم»، ومن أجل فعل ذلك، فإنه يحتاج إلى استراتيجية واقعية لتحقيق الفوز.
سقوط الرمادي يدمر استراتيجية «أوباما»
وكانت قالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية قالت بدورها إن استيلاء تنظيم «الدولة الإسلامية» على مدينة الرمادي عاصمة محافظة الأنبار يدمر استراتيجية الرئيس «باراك أوباما» ضد التنظيم المتطرف، ليس فقط في العراق، ولكن أيضا في جميع أنحاء العالم الإسلامي.
وقال أن هذا يعني أن القوات الأمنية العراقية لن تتمكن من استعادة السيطرة على مدينة الموصل،مركز محافظة نينوى، وثاني أكبر مدينة في العراق هذا العام، والأدهى من ذلك أن هذا الأمر يعطي «الدولة الإسلامية» زخما في العراق مجددا، حتى وهو يفرض سيطرته في سوريا، ويتمدد في شبه جزيرة سيناء واليمن وأفغانستان وأماكن أخرى.
ورأت الصحيفة أن هذه الهزيمة كان يمكن تفاديها، لو قدمت الولايات المتحدة يد المساعدة للقوات المحلية في التصدي بفعالية لفرض تنظيم «داعش» وفروع تنظيم القاعدة الأخرى السيطرة على منطقة مدنية كبرى، بدلا من «سياسة أنصاف الحلول والقيود والمواقف مع عدو ماهر وقوي الإرادة على أرض المعركة».
وحذرت من إنه ما لم يغير الرئيس أوباما المسار قريبا، سيجد أن إرثه ليس السلام مع إيران وإنهاء الحروب، ولكن «إقامة دولة إرهابية لديها الموارد لشن هجمات مدمرة ضد الولايات المتحدة والمنطقة المغمورة بالحرب الطائفية».
ولفتت الصحيفة إلى أن «أوباما» تفاعل ببطء وتردد مع موجة «داعش» الأولى في يونيو/حزيران الماضي التي انتقل فيها من سوريا إلى الموصل، ثم الزحف نحو العاصمة العراقية بغداد، حيث أذن للقوات الجوية الأمريكية بمساعدة القوات الكردية في الدفاع عن مدينة أربيل ، عاصمة إقليم كردستان العراق، في أغسطس/آب الماضي، وبعدها نشر بضع مئات ثم بضع آلاف من المستشارين الأمريكيين دون السماح لهم بالقتال إلى جانب الوحدات العراقية التي كانوا يقدمون المساعدة لها.
وذكرت الصحيفة أن مناورة «داعش» التي أدت إلى سقوط الرمادي كانت معقدة واستغرقت أسابيع عدة، حيث أنها انطوت على هجمات لتحويل الانتباه في مدينة بيجي بمحافظة صلاح الدين ومدينة الكرمة بمحافظة الأنبار، واقتحام سجن في محافظة ديالى، وغارات بالقرب من قاعدة عين الأسد الجوية غرب الرمادي، التي تعد مركزا رئيسيا للقوات الأمريكية وعمليات تدريب القوات العراقية.
وكانت المناورة مصحوبة أيضا بهجوم منسق حول محافظة دور الزور شرق سوريا، ما يعطي التنظيم المتطرف القدرة على العمل على طول نهر الفرات وكذلك تجاه العاصمة السورية دمشق، ويؤكد ذلك انتقال العديد من مقاتلي «داعش» من وإلى العراق وسوريا.
وزعمت الصحيفة أن القوة العسكرية الأمريكية، في حال استخدامها بشكل صحيح ، يمكنها إحباط هذه الأنواع من المناورات التي يجريها تنظيم «داعش»، وبذلك فإن سقوط الرمادي كان غير ضروري ويمكن تجنبه.