أمريكا تراهن على إيران .. والخليج يحاول استعادة اليمن

الأحد 31 مايو 2015 04:05 ص

تحولت المعركة بين السعودية وإيران ووكلائها الذين انتقلوا، بعد "عاصفة الحزم"، من مرحلة الزهو إلى معركة الوجود، بحجة الدفاع عن الأقليات ومظلوميتها، بعدما انهار غطاء محور الممانعة والمقاومة، باعتراف حسن نصر الله، عندما قال إن حزب الله سيحارب في كل الأمكنة، وبدأ الحزب في مواجهة خيارات المرحلة المقبلة التي لم تكن واضحة وغير محددة، بعد عاصفة الحزم التي غيّرت معطيات كثيرة، ومن حسابات إيران ووكلائها في المنطقة، بل وحتى حسابات أميركا. 

يأخذ وكلاء إيران في العراق ولبنان واليمن دولهم، والعرب هم في الأساس رهائن لمشاريع خارج أوطانهم، يتعاملون مع دولهم كساحة، وليس كقوى مستقلة، تأخذ قرارها بمعزل عن الدولة الأم إيران التي استبدلت الشيوعية المنهارة بالمشروع القومي الفارسي التاريخي بثوب مذهبي شيعي.

بالطبع، استفادت إيران من عاملين رئيسيين حدثا في المنطقة، هما غزو الولايات المتحدة العراق عام 2003، وتنسم حرية التعبير بعد ثورات الربيع العربي عام 2011، فبعد أن غزت الولايات المتحدة العراق، حولته إلى واقع أمني جديد، وبعد أن كانت اليد الطولى للسنة زمن صدام حسين، أصبح السنة مهمشين، وبالذات في ولاية نوري المالكي، وانقسمت المناطق العراقية إلى غالبيتين، سنية وشيعية، بعدما أصبح التعايش مهددا بينهما، بسبب العنف الدامي، نتيجة تجييش طائفي لم يكن زمن صدام.

بل كانت الأسر من الطائفتين مندمجة، وأصبحت اليوم مهددة بالتشتت والاستهداف، نتيجة فرز طائفي سائد، ساهم في تسهيل سيطرة داعش على مناطق واسعة من العراق، خصوصا في المناطق ذات الغالبية السنية العربية.

تحمّل الطائفة الشيعية السنة مسؤولية الإرهاب، وفي المقابل هناك قتل على الهوية من المليشيات الشيعية التي أنشأتها إيران، حتى تصبح على غرار الحرس الثوري الإيراني الذي هو نقيض الدولة، فقط من أجل حماية الطائفة الشيعية، وهذا القتل الذي تقوم به المليشيات الشيعية ضد السنة العرب، من دون أن يخضع لأي رقابة أو قانون، تغذيه قنوات طائفية تابعة للطائفتين، تجاهر بمواقف شديدة الاستفزاز، لم تكن موجودة، تبث خطاب كراهية تحت مسميات كثيرة، منها جمعيات خيرية، حتى تحول إلى قنابل مدمرة، يستثير حماسة الشباب من الطائفتين.

تحرك مجسات هذا الخطاب الديني أصابع طائفية، زادت من جرح العراق النازف، وتريد أن يمتد المشروع القومي الفارسي إلى بقية المناطق في سورية ولبنان واليمن، بعد أن فشلت في مده إلى مصر والبحرين وشرق السعودية، على الرغم من أنها لم تتوقف عن الاستهداف عن طريق خلاياها النائمة.

أضحت المليشيات التي أنشأتها إيران في العراق، وفي بقية المناطق الأخرى، تلعب دورا بارزا وفاعلا في السياسات الأمنية الداخلية والدولية، بعيدا عن الدولة المركزية، حتى اغتصبت الجماعات المسلحة من غير الدولة وظائف استقرار الدولة.

وما يحدث يدور في سياق التحولات الأمنية، وتلك المليشيات المدعومة من إيران تضم مجرمين ومرتزقة ومتمردين وإرهابيين وأمراء حرب، كما في العراق ولبنان وسوريا واليمن، تحولوا إلى فاعلين برعاية إيرانية، بذرائع أنهم قوى مناهضة للدولة، من أجل السعي نحو تحقيق الأمن والاستقرار، ليس فقط المحلي، بل وأيضا الدولي، في مهمتها الجديدة في ادعاء قدرتها على محاربة الإرهاب، نيابة عن الدولة العاجزة.

حتى أضحت هناك مفاهيم جديدة ظهرت، تبرز علاقة المليشيات الفاعلة من غير الدولة، خصوصا بعدما تمكنت الولايات المتحدة وإيران بالسماح بانهيار الدولة الوطنية التي أصبحت عاجزة عن توفير الأمن والاستقرار، كما في العراق وسورية واليمن، كون تلك المليشيات أصبحت تعتبر نفسها جزءا من الحكومة الرشيدة، مثلما تحاول إيران أن تثبت للمجتمع الدولي أن الحشد الشعبي، بصيغته المذهبية، قادر على هزيمة داعش في العراق، بعدما فشل الجيش العراقي في استعادة الرمادي.

نتيجة ضغط دول سنية كبيرة في المنطقة، مثل السعودية وتركيا، على أميركا التي ضغطت على العبادي الذي أعاد هيكلة الحشد الشعبي، بإضافة سبعة آلاف من عشائر الأنبار إلى الحشد، أطلق على المقاتلين الجدد تسمية كتيبة النهروان، نسبة إلى معركة جرت في القرن السابع الميلادي قرب بغداد، وينظر إليها أنها ذات رمزية توحيدية، وغيّر مسمى استعادة الرمادي "لبيك يا حسين" إلى "لبيك يا عراق".

تدرك السعودية أن أوباما يخلط بين السبب والنتيجة، ما يجعله يرفض أن الانقسام الطائفي الذي ترعاه إيران في المنطقة سبب في بروز ظاهرة الإرهاب، بينما ترى السعودية أن الإرهاب هو نتيجة للتوظيف الطائفي سياسيا من إيران ومليشياتها، وحتى تحرك أوباما ضد داعش لم يأت إلا باسم مظلومية الأقليات، عندما حاصر داعش الأقليات الأيزيدية في العراق، والكردية في مدينة كوباني في سوريا.

حيث يعاني أوباما عقدة بكل المقاييس النفسية والسياسية في سوريا، فقد تغاضى عن مأساة هناك، وسيحاسبه التاريخ لمجرد أنه يحاول تقديم إيران قوة صاعدة، وشريكا استراتيجيا لا غنى عنه لحفظ التوازن الإقليمي، أي أن أميركا تراهن على إيران وحلفائها، وهو رهان على الطائفية، لذلك ترفض السعودية الجلوس والحوار مع تلك الجماعات، خصوصا المليشيات الحوثية، وترفض التفاهم معها كما يريد أوباما، وتعتبرها السعودية جماعات إرهابية.

وبدأت دول الخليج، بقيادة السعودية، بمشروع الرياض، بتشكيل جيش يمني بقيادات غير متورطة بالفساد، وإعادة صعدة إلى ما قبل 2004، لإنقاذ الدولة الوطنية اليمنية الاتحادية، وتحريرها من المليشيات الحوثية التابعة لإيران، والتي هي أهم أهداف عاصفة الحزم الحقيقية التي بدأت باليمن، وستواصل مسيرتها في سوريا.

تدرك دول الخليج أن اليمن بوابة دول الخليج، والخزان البشري، وأن موجات التطرف، ورفض الآخر، هي نتيجة أيديولوجيات مستحدثة في اليمن وفي المنطقة، برعاية إيرانية، تهدد التعددية الحضارية والثقافية، وليست كل الصراعات في اليمن أساسها سياسي، فهناك صراعات نتجت عن عدم التكافؤ في الفرص، وانعدام التنمية، والحوكمة السيئة في زمن علي عبدالله صالح نتيجة استئثاره هو ومجموعة متنفذة بالموارد والثروات داخل البلاد، ما تسبب في تهميش بقية المناطق والشعب.

تحمي السعودية الحوار الوطني الذي توصل إليه اليمنيون على طاولة الحوار قبل أن ينقلب عليه الحوثيون بدعم من صالح وبرعاية إيرانية، من أجل تطبيق مخرجات الحوار التي توصلت إلى اتحاد فيدرالي، هي بمثابة علاقة مبتكرة، بدلا من الغرق في جدل المصطلح الاختزالي حول سياسة الهوية، خصوصا من الجنوبيين، والذي يهدد الحلول الفيدرالية التي توصل إليها اليمنيون وفق المبادرة الخليجية، كما أن العدل والإنصاف والحرية ينبغي أن تكون أمورا متلازمة لا ينبغي للشماليين إنكار حق الجنوبيين في التوق إلى الحرية، ضمن حق المساواة بين جميع المناطق في اليمن.

  كلمات مفتاحية

أميركا إيران الخليج اليمن السعودية معركة الوجود مظلوميات الأقليات غطاء محور الممانعة المقاومة حسن نصر الله حزب الله

أنباء عن وصول 1500 جندي إيراني إلى ريف اللاذقية

المساعدات العسكرية الأمريكية لـ«إسرائيل» ستزيد بسبب اتفاق إيران

التحالف السعودي التركي يقلق «السيسي» و«نتنياهو» و«أوباما»

«سي إن إن»: كيف أسهم الاحتلال الأمريكي في تفكيك جيش العراق؟

«نيويورك بوست»: سقوط الرمادي وتدمر أثبت ’’هزلية‘‘ استراتيجية «أوباما»

«شاتام هاوس»: التوترات في الخليج تهدد بتعظيم فوائد الاتفاق النووي لإيران

«هافينجتون بوست»: كيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد الشرق الأوسط بالفعل؟

هل ستقع حرب بين السعودية وإيران؟

المونيتور: لماذا تدخلت السعودية في اليمن؟!

تحطيم إيران بتفتيت المشرق

العلاقات الخليجية الأمريكية

أمريكا وايران .. وحرج الدفاع عن العدو

هل يخسر الخليج اليمن مرتين ؟

أيها الخليج .. إيران لا تلعب