«شاتام هاوس»: التوترات في الخليج تهدد بتعظيم فوائد الاتفاق النووي لإيران

الأربعاء 3 يونيو 2015 08:06 ص

خلال اجتماعات كامب ديفيد منذ أسبوعين، حاول الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» طمأنة حلفائه الخليجيين بشأن الاتفاق النووي المزمع مع إيران. لكن الملك السعودي الجديد ونظيره البحريني على حد سواء رفضوا دعوته. ويُنظر إلى هذا الأمر على نطاق واسع على أنه مؤشر آخر على استياء الخليج العربي من الولايات المتحدة، في أعقاب محاولات وجهود عديدة من قبل بعض دول الخليج العربي ضد سياسة أوباما تجاه إيران.

التوتر بين دول الخليج وإيران ليست مشكلة للولايات المتحدة فقط. فقد عمل الأعضاء الرئيسيين في المجتمع الدولي معا لتمهيد الطريق لهذه الصفقة مع إيران. فقد كان مثالا نادرا للتعاون بين الولايات المتحدة وأوروبا من جهة، وروسيا والصين من جهة أخرى.

ولكن التداعيات السياسية الإقليمية للمحادثات تمت إدارتها بشكل سيئ وانتهت الآن بشكل عنيف. المزيد من الصراع في جميع أنحاء منطقة الخليج تعد أنباء سيئة بالنسبة للاقتصاد العالمي وسوق النفط، وليس فقط الولايات المتحدة. القوى الأخرى بحاجة إلى العمل مع الولايات المتحدة لمنع التوترات الإقليمية من التحول إلى مزيد الصراعات، أو أن اليمن من الممكن أن يكون مجرد بداية.

تداعيات صفقة إيران

في قمة كامب ديفيد، تعهدت الولايات المتخدة بتزويد دول الخليج التعاون بالأسلحة وأن يكون هناك تعاون أمني ودفاعي، وربما بشكل أكثر تقدما، بجانب التأكيدات حول التزامها أمنيًا تجاه التهديدات العسكرية.

وتعتمد جميع دول الخليج على الأسلحة الأمريكية والتدريب لجيوشها. ومع ذلك، فإن ما يريدونه من الولايات المتحدة هو التزام سياسي أعمق بكثير تجاه النظام الإقليمي الذي يبقيهم ويبقي حلفاءهم قوى مهيمنة في العالم العربي. ومن الناحية المثالية، فإن من وجهة نظرهم، يعني هذا إضعاف حلفاء إيران، أو اضطرارهم ا للخروج من سوريا والعراق ولبنان واليمن، بينما دول مثل مصر وممالك عربية تظهر استقرار سلطويا وتعاونا في مكافحة الإرهاب، من دون أي ضغط داخلي أو خارجي لاستيعاب الإسلاميين أو دمجهم في الديمقراطية.

وعلى النقيض، تعتقد الولايات المتحدة أن المنطقة آخذ في التغير، قال «أوباما» في الآونة الأخيرة إن التحديات الرئيسية في منطقة الخليج داخلية أكثر من كونها من إيران. لكن الإدارة الأمريكية لا تريد تنفيذ رؤية جديدة للتغيير في الهياكل السياسية القائمة في المنطقة، بعد أن احترقت بنار محاولات طموحة أكثر من اللازم لإعادة تشكيل الشرق الأوسط من خلال غزو العراق.

لقد ركز «أوباما» على الجهود المبذولة للحد من بصمات وأفعال الولايات المتحدة في المنطقة وإنهاء الصراعات طويلة الأمد التي أبقت على تورط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، كالعداء بين الولايات المتحدة وإيران، والنزاع الإسرائيلي الفلسطيني بينما عملية مكافحة الإرهاب دائرة هناك. ومع ذلك، فإن هذا النهج الأدنى لن يكون كافيا لإنهاء الصراع مع إيران. وهناك أيضا حاجة لمعالجة التوترات والخلافات بين إيران وجيرانها.

وتركز المحادثات النووية على جانب واحد للأمن الإقليمي، وهو أسلحة الدمار الشامل. وفي الوقت نفسه، فإن الأسئلة حول النظام الأمني الإقليمي الأوسع تظل دون معالجة من قبل الدبلوماسية الدولية.

وتأمل إيران أن صنع السلام مع الولايات المتحدة سوف ينهي عزلتها الدولية، ويسمح لها بلعب دور أكبر تراه لنفسها على الساحة الدولية. كما تصور نفسها على أنها حصن ضد «الدولة الإسلامية» والقاعدة، ولكن لأجل محاربة هذه الحركات في العراق وسوريا، أنشأت شبكة من المليشيات المتحالفة التي تثير تساؤلات جدية حول السيادة المستقبلية لهذه البلدان، وتقلق دول الخليج (التي ترى يدا إيرانية في اليمن، وتخشى في نهاية المطاف أن إيران يمكن أن تؤثر على حركات المعارضة الداخلية الخاصة بها).

بالنسبة لمجموعة الخمس زائد واحد (الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا وروسيا والصين)، فإن القضايا الخلافية مثل دور إيران في سوريا من شأنها الإفراط في تعقيد المحادثات وتقسيم المفاوضين الدوليين. ولكن إذا لم يتم حل هذه القضايا بالطرق الدبلوماسية، فإن الجهات الفاعلة الإقليمية ستسعى إلى حلها عن طريق القوة.

ويساهم هذا التنافس الإقليمي بالفعل في الصراعات في سوريا واليمن. ومن خيبة أملهم في الدبلوماسية الدولية، فإن الجهات الفاعلة الإقليمية مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة قررت أن تغوص هي في الأمر بيدها. إنها تستخدم الضربات الجوية ضد مليشيات الحوثيين في اليمن كاستعراض للقوة تجاه حليفتها إيران. ويهدف هذا لتحذير إيران أنها حتى إذا أبرمت اتفاقًا مع الولايات المتحدة، فإن اللاعبين الإقليميين سيقفون ضدها.

دول الخليج لا تستطيع التعامل بمفردها

وفي اليمن، كشفت دول الخليج لأول مرة عن استعداداتها وقدراتها الجوية، وهي الشيء الوحيد الذي يتفوقون به على إيران، بعد أن أضعفت العقوبات بشدة من قوة الأخيرة الجوية.

وفي الوقت ذاته، فإن للضربات الجوية أيضا فوائد سياسية داخلية، إنها تولد نوعا جديدا من الحماس القومي في المملكة العربية السعودية، حيث ترتبط ارتباطا وثيقا مع كل من ولي العهد الجديد وابن الملك، وزير الدفاع الشاب، الذي هو الثالث في سلسلة ولاية العرش.

ومع ذلك؛ فإن اليمن لم يعد قريبا من أي حل سياسي، وتشير تقارير كثيرة من الأرض أن الغارات الجوية ارتدت بنتائج عكسية سياسيا، فقد تحول المدنيون النازحون والفقراء ضد الرئيس اليمني الذي من المفترض أن هناك دوال تساعده. الأثر الإنساني للغارات الجوية على أفقر دولة في العالم العربي سيئا لدرجة أنه يمكنك أن تقول أن اليمنيين يحاولون الفرار الى الصومال. الحكومة اليمنية، وزعيمها الرئيس «عبد ربه منصور هادي»، الذي هو الآن في المنفى في الرياض، طلب من الأمم المتحدة إرسال قوات برية، ما يؤكد الحاجة إلى تدخل دولي أكبر.

وينبغي ألا يكون حل التوترات الإيرانية الخليجية قضية الولايات المتحدة وحدها.

أما الآن؛ فإن دول الخليج يوجهون معظم شكواهم إلى الولايات المتحدة. ولكن هذا النزاع الإقليمي يمثل مشكلة دولية أوسع نطاقا.

لقد تحدثت المملكة العربية السعودية عن تنويع تحالفاتها بعيدا عن الولايات المتحدة، وبدأت «البحث شرقا» عن شراكات جديدة لعدة سنوات. ومع ذلك، فإنه لا توجد قوة صاعدة لديها أي قدرة أو إرادة لتأخذ دور «شرطي» منطقة الخليج الذي لعبته الولايات المتحدة في السنوات الأخيرة.

وحتى لو أرادت الصين أو باكستان أو الهند لعب جزء من دور الأمن البحري في المستقبل، فليس هناك من سبب لهم لاتخاذ نهج معادي لإيران اتخذته الولايات المتحدة على مدار الثلاثين عاما الماضية. إنهم يفضلون نهج عدم الانحياز الذي يسمح لهم بالتجارة مع كلا الجانبين من الخليج.

وقد أكد هذا بحقيقة أن باكستان، وهي حليف رئيسي للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رفضت إرسال قوات برية لليمن. وتدعم الصين قرار باكستان فضلا عن وقف إطلاق النار في اليمن. كما تطالب روسيا أيضا بوقف إطلاق النار.

وبدلا من اللجوء إلى آسيا، تعتمد دول الخليج بشكل متزايد على الحلفاء القدامى في أوروبا، مثل بريطانيا، التي انتخبت للتو حكومة محافظين التي تفضل توسيع الوجود العسكري البريطاني في الخليج، وفرنسا التي نجح رئيسها في تأمين صفقة دفاعية مع قطر بعد جولة في الخليج. لكن هذه الدول أيضا تدعم الاتفاق النووي مع إيران. كما تتطلع الشركات الفرنسية والبريطانية بشدة إلى احتمال رفع العقوبات المفروضة على إيران.

ويمكن لبريطانيا والولايات المتحدة أن تدعم الضربات الجوية علنا، وتبقى مستعدة لتقديم الأسلحة، بينما ينادي المسؤولون سرا بوقف إطلاق النار، بناء على تجربتهم الخاصة في حدود الضربات الجوية.

وإذا كانت المنطقة لتصبح أكثر استقرارا وسلاما، فإن الولايات المتحدة وأوروبا وروسيا والصين يحتاجون إلى دعم العملية الدبلوماسية لحل القضايا بين إيران وجيرانها من دول الخليج العربية. وقد تعاونت هذه القوى بنجاح في التقدم المحرز نحو صفقة نووية مع إيران.

الآن هم في حاجة إلى حماية من فوائد الصفقة التي تفوق تكاليفها. وما بعد كامب ديفيد، هناك حاجة إلى جهد أكبر بكثير لجعل المنطقة التي تشاركها إيران مع دول الخليج آمنة أكثر من الناحية السياسية، لا أن تتلقى إمدادات جيدة من السلاح فقط.

  كلمات مفتاحية

كامب ديفيد الاتفاق النووي السعودية إيران اليمن

معايير «أوباما» النووية مزدوجة ومنحازة وانتقائية..!!

أمريكا تراهن على إيران .. والخليج يحاول استعادة اليمن

الاتفاق النووي أولا... فماذا يبقى من كامب ديفيد؟

هل فشلت قمة كامب ديفيد أم نجحت؟

«كامب ديفيد» الخليجي: استراتيجية موحدة لحل النزاعات

«عاصفة الحزم» والاتفاق النووي

«إيكونوميست»: الاتفاق النووي الإيراني قد يشعل الصراع السني الشيعي

اكتشاف فيروس معلوماتي معدل للتجسس على المفاوضات النووية الإيرانية

الاستراتيجية السوبر لإيران لسحق الولايات المتحدة في معركة حربية

«ديفينس وان»: لماذا يجب الاهتمام بصواريخ إيران كجزء من برنامج الحد من قدراتها النووية؟

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«فورين بوليسي»: إعادة النظر في خريطة التحالفات الأمريكية حول العالم

«سياتل تايمز»: إيران ثالث الهزائم الاستراتيجية الأمريكية بعد فيتنام والعراق

«أتلانتيك كاونسل»: 4 حجج تستخدمها إدارة «أوباما» لحسم التصويت للاتفاق النووي

أيها الخليج .. إيران لا تلعب