«أتلانتيك كاونسل»: 4 حجج تستخدمها إدارة «أوباما» لحسم التصويت للاتفاق النووي

الأحد 23 أغسطس 2015 11:08 ص

تسابق إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» الزمن لتأمين أصوات الموافقة من الكونجرس على الاتفاق النووي مع إيران أو خطة شاملة للعمل المشترك، في الوقت الذي يمر فيه شهر على قيام المشرعين باستعراض هذا الاتفاق أو الخطة. وتعهد الرئيس بالفعل باستخدام الفيتو ضد رفض الكونجرس. ومع احتمالية أن الجمهوريين بإمكانهم أن يحشدوا أربعة وأربعين من مجلس النواب وثلاثة عشر من الديمقراطيين في مجلس الشيوخ مطلوبين لتجاوز أي فيتو،  تسعى الإدارة جاهدة لحشد الدعم.

ومع شهادات من مسؤولين رفيعي المستوى، وتغطية واسعة النطاق على شبكة الإنترنت ووسائل الإعلام، ومؤخرًا، خطاب «أوباما» في الجامعة الأمريكية، لم يدخر البيت الأبيض أي جهد في حملته لكسب الرأي العام والكونجرس.

وفي خطابه، هلل الرئيس لنقاط قوة الصفقة، مثل الحظر الممتد لمدة خمسة عشر عاما على أي مفاعلات جديدة تعمل بالماء الثقيل والتخصيب في منشأة فوردو، نظام التفتيش المتطفل والعقوبات المفاجئة. كما أشار إلى أنه في حين تستعد إيران للحصول على ما لا يقل عن 56 مليار دولار من الأصول غير المجمدة نتيجة لتخفيف العقوبات، فإن الكثير من هذه الأموال سوف تذهب إلى «الاحتياجات العاجلة» في الإنفاق المحلي بدلا من التدخل الأجنبي، وتعهد «أنه لن يسمح بوجود سيناريو يحول أمر تخفيف العقوبات على إيران إلى قوة مهيمنة في المنطقة». وقدم الخطاب نظرة ثاقبة حول تخطيط الرئيس لزيادة الضغط على المشرعين. ومع اقتراب يوم 17 سبتمبر/أيلول كموعد نهائي للكونجرس، فإن البيت الأبيض سوف يطلق أربع نقاط رئيسية لتسويق الصفقة:

أولا:  يتوقع المجتمع الدولي دعما أمريكيا للصفقة والقيادة الأمريكية

وسوف يستمر التوافق الدولي الإيجابي لتشكيل ركيزة أساسية في استراتيجية البيت الأبيض لكسب قبول أوسع للاتفاق. وصوّت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بالإجماع بالفعل لدعم الصفقة ومن ثم يبدأ رفع عقوباته بعد تسعين يوما. وفعل الاتحاد الأوروبي نفسه، مصعدًا من الضغط الدولي على الكونجرس. ومن خلال تأطير المناقشة بأنها «مناقشة للسياسة الخارجية الأكثر أهمية التي امتلكتها بلادنا منذ غزو العراق»، قارن «أوباما» منتقدي الصفقة بمؤيدي غزو العراق، الذي امتنعوا عن الإجماع الدولي لاتخاذ إجراءات من جانب واحد بصورة مكلفة. وإذا كان للكونجرس أن يعرقل الصفقة «بالاعتراض على الأغلبية الواسعة من العالم"، فإن الولايات المتحدة قد تخسر مصداقيتها كقائد دبلوماسي ... باعتبارها مرساة للنظام الدولي». بحسب قول «أوباما».

ثانيا: هذا هو اتفاق للحد من الأسلحة لفترة

وينطوي جزء مهم من استراتيجية البيت الابيض على التأكيد على أن أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار في سوريا والعراق واليمن ولبنان ليست مرتبطة بالاتفاق النووي. وزعم «أوباما» أنه «أقوى اتفاق لحظر الانتشار النووي تم التفاوض بشأنه»، ويهدف إلى تحديد معالم الصفقة، وتجنب ما يطلق عليه المفاوضين الدوليين «قضية الربط». إن تجنب ربط التدخل الإيراني في الدول، ودعم مجموعات وكالة أخرى مثل حزب الله للاتفاق النووي يباعده من انتقادات الكونجرس ويضمن أنه «يجب أن يُحكم بما يحقق ذلك على الهدف المركزي لمنع إيران من الحصول على سلاح نووي». امتثال إيران المستمر هو المحدد الرئيسي لنجاح الصفقة، وفقط الأساس الذي تقوم عليه العلاقات الدبلوماسية في المستقبل الذي يمكن أن يبنى.

ثالثا: مخاوف إسرائيل مشروعة، ولكن الصفقة تتناولها

ورغم تصريحات إيران المستفزة دوما لإسرائيل وعبارات التهديد التي لا تتوقف، إلا إن «أوباما» وصف القلق والاهتمام لأمن إسرائيل بأنه «الدافع الأكثر قابلية للتفهم من وراء المعارضة لهذه الصفقة»، ولكن تقييم رئيس الوزراء الإسرائيلي «بنيامين نتنياهو» للاتفاق بكل صراحة بأنه «خاطئ». وفي الواقع، فإن توصيف نتنياهو الصفقة بأنها «خطأ تاريخي» عارضه البعض في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية الذين رأوا أنها إيجابية. وانتقد ستة جنرالات إسرائيليين في مارس/أذار زيارة رئيس الوزراء إلى واشنطن لمهاجمة المفاوضات، وفي الآونة الأخيرة، قام العشرات، إلى جانب الرؤساء السابقين لجهاز الأمن والمخابرات الداخلية في البلاد، بدعوته علنا ​​عليه لقبول الصفقة. وسوف تشير إدارة «أوباما» إلى عروضها الرامية لزيادة المساعدات العسكرية الإسرائيلية إلى مستويات تاريخية على أنها محاولة لتعزيز المصالح الأمنية لإسرائيل.

رابعا: الفشل في التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى حرب

وأخيرا؛ فإن اللازمة المتكرر من مسؤولي الإدارة هو أن البديل للاتفاق النووي هو الحرب. لقد كان الرئيس فظا في كلمته: «رفض الكونجرس لهذه الصفقة يترك أي إدارة أمريكية ملتزمة تماما بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي مع خيار واحد هو حرب أخرى في الشرق الأوسط ... ربما ليس غدا، ربما ليس بعد ثلاثة أشهر من الآن، ولكنها سرعان ما ستبدأ». وأثار وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري» نفس النقطة في المقابلات وأثناء جلسات الاستماع في الكونجرس.

الحجج الثلاث الأولى في البيت الأبيض تبدو مقنعة، أما الرابعة فهي أقل درجة.

بالنسبة للأولى: موافقة الولايات المتحدة أمر بالغ الأهمية للتنفيذ والإنفاذ المستمر للاتفاق، في الوقت الذي تحركت فيه الولايات المتحدة لدعم دولي لفرض عقوبات معوقة أدت بإيران إلى طاولة المفاوضات. إمكانية تطبيق عقوبة الغش دون دعم الولايات المتحدة من الصعب إذا بدأت التجارة العالمية حركتها من جديد. وقد تميل روسيا والصين ، اللتان تؤيدان إيران في سوريا وقضايا إقليمية أخرى إلى الانفصال. ويشغل بال الحلفاء الرئيسيين تصويت الولايات المتحدة السلبي، والذي قد يؤدي أيضا إلى تمكين المتشددين في طهران من رفض الصفقة واستبعاد أي مفاوضات النووية في المستقبل. وإذا تجاهل الكونجرس دعم المجتمع الدولي، فيمكن لإيران في نهاية المطاف تخفيف عقوبات محدودة وأي من قيود الاتفاق النووي.

وبالنسبة للثاني، فإن تجنب مسألة الربط يسمح بشكل حاسم للولايات المتحدة أن تواجه نشاطات إيران لزعزعة الاستقرار دون المساس بالصفقة. وفاز «أوباما» بمجلس التعاون الخليجي كداعم لهذه الصفقة من خلال التعهد بالتعاون العسكري الوثيق ضد تهديدات إيران خلال قمة مايو/أيار التي عقدها مع قادة دول الخليج حيث كانت تجري المفاوضات النووية. فك الارتباط بين الاتفاق عن دعم إيران للنظام السوري الذي يستمر في ارتكاب الفظائع ضد شعبه أمر مؤلم، وسوف يشير المعارضون إلى أن مثل هذا السلوك إنما هو دليل على عدم الثقة في ايران. ولكن عملية تجنب الربط تبقى إيران على طاولة المفاوضات، ويجعل من الصفقة تدبير بناء ثقة نحو فتح حوار تدريجي بشأن التحديات الأمنية الإقليمية الأخرى.

أما الثالث، فإن التوفيق مع المعارضة لـ«نتنياهو» هي استراتيجية معقولة (وساخرة)، وإن كانت محفوفة بالمخاطر قليلا. إن دعم قادة الأمن الإسرائيلي والدبلوماسيين السابقين يضفي موثوقية للصفقة تجاه أمن إسرائيل، والدعم بين الجماعات اليهودية التقدمية وعدد وافر من اليهود الأمريكيين يعطي الإدارة بعض الغطاء المحلي. ومع ذلك، فإن الفجوة بين مختلف الدوائر اليهودية الأمريكية عميقة. ومن الممكن أن تؤدي زيادة «الاحتكاك المؤقت» مع حكومة نتنياهو إلى استياء بين الجماهير المحلية.

وبخصوص الرابعة؛ فإنه مع تصدير الحرب كبديل للصفقة يعد تلميعا خطابيا من شأنه أن يشعل نيران الحزبية، ويحول دون مناقشة انتقادات أكثر بروزا، مثل رفع العقوبات المفروضة على الأسلحة التقليدية والصواريخ البالستية بعد خمس وثماني سنوات على التوالي. الانقسام بين «الصفقة أو الحرب» يسلط الضوء على أن الفشل في التوصل لاتفاق قد يؤدي بإيران إلى تخصيب اليورانيوم باستمرار، إذا ما وصل لمستوى معين، قد يتطلب توجيه ضربة عسكرية ضد منشأت إيرانية. وفي الوقت الذي تسود فيه حالة من الواقعية أو الفرضية الأقرب للواقع، فإن الرسالة كما ظهرت تلعب دورا في المسرحيات المعروضة في حديث بعض المعارضين الأكثر عدوانية للاتفاق، والذين يحالون تصدير الضربات العسكرية على أنها خيار أكثر فعالية من الدبلوماسية مع دولة ينظرون إليها على أنها متجهة للغش. وفي نهاية المطاف؛ فإن مسألة أي احتمال لاستخدام القوة العسكرية ضد إيران يجب أن تناقش بطريقة جادة وملموسة.

وسواء أكان لتلك النقاط صدى في الكونجرس أو لا، فإن الأمور سوف تُقرر في 17 سبتمبر/ أيلول. وعلى الرغم من أن بعض المؤيدين واثقون من عدم القدرة على الصمود أمام تصويت يتجاوز الفيتو الرئاسي، فإن معارضة «شومر» أبقت آمال المعارضين على قيد الحياة في الوقت الحاضر. وسوف يكون «أوباما» قادرا على تحقيق انتصار للسياسة الخارجية قرب نهاية فترة ولايته، وهو ما يجعل من تمرير الصفقة أمرا ضروريا. ومع ذلك؛ فإن العمل الجاد لضمان الامتثال لإيران، بينما هناك تهديد غير نووي قائم، سيكون قد بدأ لتوه.

  كلمات مفتاحية

البيت الأبيض إدارة أوباما الاتفاق النووي الكونجرس إيران

«ذي أتلانتيك»: السؤال الأكثر أهمية حول الصفقة الإيرانية

الصفقة النووية الإيرانية: ما الذي تعنيه لدول المنطقة؟

«الاحتواء الجديد»: استراتيجية أمريكية للأمن الإقليمي بعد الاتفاق النووي

«شاتام هاوس»: التوترات في الخليج تهدد بتعظيم فوائد الاتفاق النووي لإيران

«إسرائيل» تحذر «أوباما» من إمداد الخليج بسلاح «استراتيجي كاسر للتوازن»

جماعات ضغط سعودية في واشنطن تنظم حملة إعلانية معارضة للاتفاق النووي