«ذي أتلانتيك»: السؤال الأكثر أهمية حول الصفقة الإيرانية

الأربعاء 15 يوليو 2015 12:07 م

«حسنا، بعد 20 عاما من الآن، سأكون هنا، إن شاء الله. وإذا امتلكت إيران سلاحا نوويا، فأنا المسؤول عن ذلك»، الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» في 21 مايو/أيار 2015.

سيصبح النظام الثيوقراطي الذي يحكم إيران، النظام الذي يرعى ويساند الإرهاب، وفقا لما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي «جون كيري»، غدا أقوى مما هو عليه اليوم، وذلك بفضل الاتفاق الذي تم توقيعه للتو مع إدارة «أوباما» وحلفاء أمريكا الأوربيين واثنين من خصوم الولايات المتحدة كذلك.

هذا الاستنتاج المحزن أمر لا مفر منه. رفع العقوبات الخانقة، والتي سوف يتحقق كجزء من الصفقة النووية التي تم التوصل إليها في فيينا النمساوية، يعني أن 150 مليار دولار على الأقل سوف تتدفق إلى طهران، وهو المبلغ الذي سبق أن ذكره «أوباما» في مطلع مايو / أيار. ومع هذا الوعاء الكبير جدا من المال، فإن النظام سوف يكون قادرا على تمويل أي عمليات محلية، وأيضا المغامرات الخارجية في سوريا واليمن ولبنان والعراق وأماكن أخرى.

ومن الصعب أن نتصور سيناريو، على الأقل في المدى القصير، يكون فيه حزب الله ومنظمات إرهابية أخرى على جدول الرواتب الإيرانية غير مستفيدة من الاتفاق. وهذا تطور سيئ بشكل خاص للشعب السوري. تلعب إيران، الممول لـ«نظام الأسد» والحامي ومورد للأسلحة وجنود المشاة والاستراتيجيين، دورا حاسما في تدمير سوريا. والآن سوف يرى السوريون المستبد الذي يسومهم سوء العذاب يصبح غنيا ويحصل على شرعية دولية (الشرعية ليس فقط للبنية التحتية النووية الإيرانية، والتي سوف تخلفها الصفقة). ويوجد هنا قليل مما تقوله وزارة الخارجية حول دور إيران في ما يمكن أن يكون أكثر الحروب فظاعة في العالم: «في عام 2014، واصلت إيران توفير الأسلحة والتمويل والتدريب، ومدت يد العون للشيعة العراقيين في المقام الأول والمقاتلين الأفغان لدعم حملة نظام الأسد الوحشية التي أسفرت عن مقتل 191 ألف شخص على الاقل في سوريا».

وأخيرا؛ فإنه على الرغم من أن هذه الصفقة تمثل حلا وسطا مشكوكا فيها من الناحية الأخلاقية مع دولة ثيوقراطية داعمة للإرهاب، إلا إنها قد تكون من وجهة نظر الأمن القومي الأمريكي ضرورة عملية. أنا أكتب هذا في الوقت الذي يتم الإعلان فيه عن الصفقة، وأعتقد أنه من الخطورة بمكان إصدار أحكام شاملة حول وثيقة معقدة لم أقم إلا بتصفحها دون دراسة متأنية (وبالطبع، سيكون هناك الكثير من الوقت في واشنطن على مدى الـ 60 يوما التالية لإصدار الأحكام الشاملة)! ولكن السؤال الملح هنا: هل هذه الصفقة تقلل إلى حد كبير من احتمال أن إيران يمكنها في المستقبل المنظور المستقبل (20 عاما هي الفترة الزمنية التي ذكرها أوباما في المقابلة معي في مايو / أيار) مواصلة أنشطتها الشائنة تحت حماية مظلة نووية؟ إذا كانت الإجابة على هذا السؤال بنعم، فإن أي صفقة تستحق الدعم والمساندة من الناحية النظرية.

ليس لدي أي شك في أن هذه الصفقة ليست مثالية. وأشعر بالقلق، على وجه الخصوص، حول قضية عمليات التفتيش الفضولية: ما مدى رؤية الوكالة الدولية للطاقة الذرية (وأيضا وكالة الاستخبارات المركزية ووكالات الاستخبارات الغربية الأخرى) للبرنامج النووي الإيراني؟ ما مدى سرعة المفتشتين ليكونوا قادرين على زيارة المواقع التي يرغبون بزيارتها؟ أنا أيضا قلق بشأن رفع الحظر على شحنات الأسلحة، أكثر من انشغالي بالشروط (يجب على الولايات المتحدة أن لا ترضخ لتدفق الأسلحة إلى دولة ترعى الإرهاب)، وقلق بشأن قدرة إيران على مواصلة البحث والتطوير للصواريخ الباليستية وغيرها من جوانب البرنامج النووي. وأعتقد أيضا أن ما يسمى بــ «الارتداد السريع» للعقوبات هو محض خيال: ويمكن للولايات المتحدة أن تعيد فرض عقوبات على إيران إذا راوغت إيران بشأن الصفقة، ولكن سيكون هناك إعادة فرض لهذه العقوبات على دولة باتت من أغنى الدول، دولة يمكنها أن تتحمل كل تلك العقوبات لفترة طويلة.

الارتداد السريع هو في الواقع شخص، وليس آلية. وسيكون الرئيس الــ 45 للولايات المتحدة هو الارتداد الأمريكي السريع. ولن يجد الإيرانيون الرئيس القادم ليعمل بنفس آلية عمل الرئيس الحالي (ما لم يفز بالطبع  راند بول في الانتخابات العامة). كل من المتنافسين «ماركو روبيو»  و«جيب بوش» و«سكوت ووكر»، و«هيلاري كلينتون» من شأنهم، على اعتبار أن أحدا منهم بات رئيسا للبلاد، أن يراقبوا السلوك الإيراني بعيون مستهجنة. أنا لا أشك في أن «هيلاري كلينتون» ستدعم الصفقة الحالية، لكنني أيضا لا أشك في أنها سوف تتصدى لأي غش إيراني أو خداع أو مغامرة إذا أصبحت رئيسة. «لقد كنت دائما في المعسكر الذي يرى أنه لا حق لهم مطلقا في تخصيب اليورانيوم»، لقد قالت لي ذلك في العام الماضي. «وخلافا لادعاءاتهم، لا يوجد شيء مثل الحق في التخصيب. هذا لا أساس له من الصحة مطلقا».

الدراما الإيرانية هي مجرد بداية فقط. على افتراض أن «أوباما» تمكن من أن يبيع هذه الصفقة إلى الكونجرس، ستكون هذا حلقة في قصة تستغرق سنوات. أتمنى أن أصدق ما يعتقده أوباما حول كون هذه الصفقة سوف تحرك حلقة حميدة يحصل بداخلها المعتدلين (المعتدلين نسبيا بطبيعة الحال) على السلطة في إيران المحررة. ولكني لا أعتقد أن هذا سيحدث في وقت قريب. وفي الوقت الراهن، آمل أن «أوباما» سوف يدرس واقع النشاط الإيراني في المنطقة، ومن ثم يبدأ في معارضة طموحات إيران بمزيد من الهمة التي تفوق ما كان في السابق.

وقد ذكرت سوريا في وقت سابق كمثال لهذا البلد الذي يمكن أن يعاني بموجب هذه الاتفاقية. وتعيش دول عربية أخرى بطبيعة الحال في ظل تهديد ممول جيدا من إيران. وأعتقد أن البلد الذي يمكنه ربما الاستفادة من هذه الصفقة هو إسرائيل. إنها تواجه تحديات تقليدية حادة من حزب الله، وكيل إيران في لبنان، ولكن حزب الله سوف يعمل،  في الوقت الراهن على الأقل، من دون حماية مظلة نووية إيرانية. ويمكن لهذه الصفقة أن تدفع إيران بعيدا عن العتبة النووية وسيكون لدينا الوقت، على مدى الــ 60 يوما المقبلة، لاختبار هذه الحالة، وبالتالي فإن إسرائيل ستكون أفضل حالا مع هذه الصفقة مقارنة بعدم وجودها. وعلى عكس العديد من أنصار هذه الصفقة، أود أن آخذ تهديدات النظام الإيراني لإبادة إسرائيل على محمل الجد. (لست متأكدا، بناء على حواري الأخير مع الرئيس أوباما، أنه يتفهم تماما عمق معاداة السامية من قبل النظام، والذي يرجع في جزء منه إلى رؤيته أن معاداة السامية من قبل النظام هو هجوم سخيف وغير منطقي حيث أن أوباما العقلاني جدا لربما لا يعتقد أن التهديدات الأإيرانية تنبغي أن تؤخذ على محمل الجد).

إذا اعتقدتُ أن الحرب الوقائية، الضربات الجوية ضد ثلاثة أو أربعة منشآت نووية إيرانية هامة، من الممكن أن تؤدي إلى نزع دائم للأسلحة النووية من هذه الدولة الارهابية المعادية للسامية، فربما أفكر في دعم مثل هذه الفكرة. ولكن أظن أن الحرب قد دفعت إيران دفعا نحو القنبلة. ولعب «بنيامين نتنياهو»، رئيس الوزراء الإسرائيلي،دورا حاسما للغاية في تحفيز العالم، وإدارة «أوباما»، في معارضة طموحات إيران النووية. لكنه أصبح لاعبا عاجزا في هذه الدراما جزئيا؛ لأنه يسعى إلى الحل الأمثل لمواجهة التحدي الإيراني. لا يوجد حل مثالي.

أخشى أن مفاوضي «أوباما» قد منحوا الكثير للإيرانيين. من ناحية أخرى، كان «نتنياهو» على أمل أن الاتفاقية الإيرانية برمتها لن تصبح حقيقة واقعة. السر الصغير القذر لهذه القصة كلها هو أنه من الصعب جدا منع الأمة الكبيرة، التي تمتلك كل الموارد الطبيعية والمواهب البشرية والرغبة العميقة في السيطرة، من الحصول على القنبلة النووية. سنرى في الأيام المقبلة ما إذا كان «أوباما» و«كيري» قد وضعا آلية فعالة للحفاظ على إيران بعيدا عن أن تخطو العتبة النووية.

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي إيران الولايات المتحدة إسرائيل

الصفقة النووية الإيرانية: ما الذي تعنيه لدول المنطقة؟

وزير الدفاع الأمريكي يزور الشرق الأوسط لطمأنة حلفاء واشنطن بعد الاتفاق النووي

أبرز نقاط الاتفاق النووي بين إيران والقوى الكبرى

الاتفاق النووي .. بين إنعاش اقتصاد إيران وزيادة نفوذها بالمنطقة

نظرة أمريكية شديدة التفاؤل للشرق الأوسط بعد الاتفاق النووي

استراتيجية نتنياهو لإحباط الاتفاق الإيراني الغربي

اتفاق فيينا يؤجل المصيبة ... ولا يمنعها

القلق السعودي من الاتفاق النووي

ما الذي يقتلنا الآن ... البراميل الإيرانية أم قنبلتها النووية؟

محلل إسرائيلي: الغرب يخاف الإرهاب السني أكثر من النووي الشيعي .. وإيران هي المستقبل

إسرائيل لا تخشى من نووي إيران بقدر ما يقلقها المغزى السياسي للاتفاق مع طهران

موقعنا على ضوء الاتفاق النووي

«ذي أتلانتيك»: هكذا ترى الشعوب العربية تداعيات الاتفاق النووي مع إيران

لنقود إيران إلى حارة ضيقة اسمها الديموقراطية

تفجّر المتناقضات في «الاتفاق النووي»

الاتفاق النووي وتداعياته الخليجية والخيار النووي السعودي

السعودية والاتفاق النووي

الرد الخليجي على الاتفاق النووي

واشـنطــن وحلفاؤهــا

«ميدل إيست بريفينج»: السعودية تواجه خطر خسارة حلفائها السنة بعد الاتفاق النووي

العرب والاتفاق النووي: ما العمل؟

ما بعد الاتفاق النووي صورة مجسمة لما ينتظر المشرق العربي

الاتفاق النووي وصراع المشاريع في المنطقة

تقويض الاستراتيجية الإيرانية

الإهانات الأخلاقية في توقيع الاتفاق النووي

«سياتل تايمز»: إيران ثالث الهزائم الاستراتيجية الأمريكية بعد فيتنام والعراق

بعد الاتفاق النووي .. إيران تريد سوريا

إيران النووية ... ما الذي تغيّر؟

«أتلانتيك كاونسل»: 4 حجج تستخدمها إدارة «أوباما» لحسم التصويت للاتفاق النووي

الخليج العربي .. وتداعيات الاتفاق النووي

مجلس «التعاون» والنووي الإيراني .. أجراس الخطر