«سي إن إن»: كيف أسهم الاحتلال الأمريكي في تفكيك جيش العراق؟

الأربعاء 27 مايو 2015 06:05 ص

قال وزير الدفاع الأمريكي «آشتون كارتر» في تصريحات سابقة إن «القوات العراقية لم تظهر أي رغبة في قتال متشددي تنظيم داعش خلال سقوط الرمادي قبل أسبوع، وإن القوات الأمريكية تحاول تشجيعها على الاشتباك بشكل مباشر».

وقال البيت الأبيض «غياب إرادة القتال لدى القوات العراقية مشكلة لمسناها في السابق»، وأضاف «كارتر» لشبكة «سي.إن.إن» التلفزيونية الأمريكية: «القوات العراقية لم تظهر أي رغبة في القتال. كانوا يفوقون القوة المعارضة عددًا، لكنهم انسحبوا من المكان». وذكر أن «الولايات المتحدة تواصل الضربات الجوية، وتقديم الدعم للقوات العراقية بالتدريب والمعدات». وتابع «إذا جاء وقت احتجنا فيه لتغيير شكل الدعم الذي نقدمه للقوات العراقية فسنوصي بذلك».

من نقطة الصفر

كيف سيكون الحال حين تقرر أن تطيح بكل موظف كبير في الشركة وتترك المتدربين يتولون المهمة؟

في عام 2003، كان الجنرال «مارك هرتلينج» في بغداد. وكان الاجتماع مع نظرائهم العراقيين عندما مرر مساعده له مذكرة. وقال إن مبعوث الرئيس الأمريكي «بوش» للعراق آنذاك «بول بريمر» أعلن أن الجيش العراقي سوف يتفكك.

لقد كان الأمر كذلك مع الوظائف المدنية، حيث إن الفكرة كانت هي التخلص من أي شخص لديه وظيفة حكومية وينتمي الى حزب البعث.

هذا يعني آلافا من الناس. معظم العراقيين انضموا للحزب لمجرد أن ينعموا بحياتهم، فلم تكن هناك أي وسيلة أخرى بالنسبة لكثيرين. لقد تعهدوا بالولاء حتى لو كان ذلك لا يعني حقا أنهم سيحصلون على وظيفة لإطعام عائلاتهم. كان الانتماء الحزبي لا يعني بالضرورة أن الشخص موالي لصدام أو فعل أشياء سيئة باسمه.

في نهاية المطاف، فإن تسريح الجيش بكامله يعني أن كل من كانوا على قدرة عال من المهنية والكفاءة حصلوا على نفس مصير «صدام حسين»، لقد بدأت أحجار الدومينو في السقوط.

«كان ذلك على الأقل جزءا من التمرد الذي بدأنا نراه في عام 2003 وما تلاه، كثير من الناس الذين بدأنا نحاربهم كانوا مقاتلين سابقين ساخطين عرفوا كيف يزرعون القنابل ويستخدمون الأسلحة النارية»، على حد قول «هرتلينج» الذي أكد أن تسريح كافة البعثيين جعل إعادة بناء العراق صعبة جدا.

وأضاف «كنا نحاول بناء المدارس ولا نستطيع توظيف المعلمين لأنهم كانوا أعضاء في حزب البعث».

لم يكن هناك عمال أكفاء يعملون في الكهرباء والمياه، ويوم تلو الآخر ساءت الحياة وتراجعت الثقة في الولايات المتحدة وحلفائها.

السنة ضد الشيعة

كان التجنيد العسكري تحديا. وكانت القوات الامريكية بحاجة للبدء بالأساسيات. كانوا يحاولون تعليم الشبان العراقيين أن هناك هدف، كما ذكر «هرتلينج»، وهو مفهوم جديد بالنسبة للكثيرين الذين كانوا يعملون بشكل تقليدي، حيث يمسكون بالبندقية على الساتر الترابي ويطلقون النار بشكل عشوائي.

وفي الوقت الذي كان يتعلم فيه المجندون الجدد كيف يكونون جنودا محترفين، فقد كان على القيادة أيضًا أن يكونوا مشاركين. لكن «هرتلينج» قال إن تقويض الجهود بدأ في عام 2006 عندما أدى «نوري المالكي» الشيعي اليمين الدستورية كرئيس للوزراء. وقال إن «المالكي» سعى إلى إزاحة كل من هو سني واستبدله بالشيعة الموالين لحكومته.

وعلق «هرتلينج»: «عندما تفقد الثقة تماما في القيادة تصبح عملية إعادة البناء صعبة للغاية».

ومن جانبها، قالت «مارينا أوتاواي»، متخصصة بارزة في برنامج الشرق الأوسط في مركز وودرو ويلسون، «أعتقد أن الجنود العراقيين في حيرة حول ما يقاتلون من أجله». وأردفت «يمكنك الحصول على تدريب جيد، والتزود بالمعدات التي تحتاجها، ولكن كل هذا لا فائدة من ورائه إذا كنت بلا هدف واضح تقاتل من أجله».

إذا كنت من السنة وشاهدت بعين رأسك المحسوبية التي تمارسها حكومة «المالكي» على نطاق واسع، فما الذي لا يجعلك تفكر في أن حكومة «حيدر العبادي» الجديدة، وهي أيضا شيعية، سوف تقوم بملء الوظائف العسكرية بمعينين سياسيين ينتمون لخلفيات عرقية خاصة؟

وتابعت «مارينا أوتاواي»: «وهناك الكثير من السنة الذين لا يريدون تصديق أن الدولة الإسلامية أسوأ حالا من الحكومة ذاتها. يجب أن لا نقلل من الاستياء بين السنة نحو حكومة بغداد».

من تلقاء أنفسهم

وقبل وقت قصير من انسحاب القوات الأمريكية، أشاد كبار المسؤولين ببراعة الجيش العراقي. وتحدث وزير الدفاع آنذاك «ليون بانيتا» في ديسمبر/كانون الأول 2011 حول «التقدم المستدام» الذي يحدث على أرض بغداد.

وقال في تلك الأثناء: «لقد أعيد بناء الجيش والشرطة في العراق، وباتوا قادرين على الاستجابة للتهديدات، وانخفضت مستويات العنف، كما ضعف تنظيم القاعدة، وقد تم تعزيز سيادة القانون؛ وتم أيضا توسيع الفرص التعليمية والنمو الاقتصادي».

لكن الكولونيل «بيتر منصور»، المدير المؤسس لمكافحة التمرد بالجيش الأمريكي ومركز مشاة البحرية أعرب عن قلقه في ذلك الوقت. لم يكن هناك أي أساس مؤسسي لخلق جنود صلبة على الطريق، لا وسيلة لتعزيز أجيال جديدة من القوات. ولم يكن هناك أكاديمية عسكرية أمريكية معروفة على شاكلة «ويست بوينت» الأمريكية أو برنامج لتدريب ضباط الاحتياط، ولا وزارة دفاع أمريكية.

وصرح «منصور» لشبكة «سي إن إن» الإخبارية أول أمس الثلاثاء أن العراق «ربما استطاع استخدام المستشارين العسكريين بشكل جيد قبل 2011. كان من الممكن من الممكن اختيار بقائهم».

فراغ قيادة في أرض المعركة

وكجزء من استراتيجيته لمكافحة تنظيم «الدولة الإسلامية» أمر الرئيس «باراك أوباما» بإرسال مئات من المستشارين العسكريين إلى المنطقة.

والأمل يكمن في أنهم سوف يقدمون بعض التوجيه المهني، ولكن يعتقد خبراء أن القيادة يجب أن تأتي من داخل المجتمع العراقي.

«لماذا يحارب الجنود؟ هم التحقوا لأنهم يؤمنون بقضية كبرى؛ مثل الدفاع عن الدين الذي يدينون به، والأمة التي يعيشون داخل حدودها ضد دولة أجنبية»؛ على حد قول «منصور». «ولكن ماذا الذي يبقي الجندي في ساحة القتال؟ الجنود ليسوا الأفراد. وهم جزء من وحدة. ويقود تلك الوحدة قائد، وإذا كانوا لا يثقون في قائدهم ... وإذا لم يكن هناك قيادة، فلن يكون هناك شيء».

ولا يزال الغموض يكتنف الإجابة على تساؤل كيف أن القادة المسؤولين عن القوات رفضوا قتال «الدولة الإسلامية» في الرمادي.

عندما لا يفتش أحد عن السبب

بحلول صيف عام 2014، وهنت قبضة «المالكي» على السلطة. وكان هناك عدو جديد في العراق لا يرحم مثل تنظيم القاعدة، إنه تنظيم الدولة الإسلامية الذي يبدو أنه وضع استراتيجيته التي تظهره سريعا وتنفض عليه الغبار.

عندما سقطت الموصل في يد  الدولة الإسلامية في عام 2014، لم يكن عدد قوات الدولة الإسلامية يفوق عدد القوات العراقية. لقد ألقت القوات بالسلاح من يدها وتفرق شملها، وهي الخطوة التي بدت كلغز محير للجميع في البداية.

ومع ذلك، أصبح واضحا بحلول نهاية العام الماضي أن القوات الأمريكية التي تقوم بالتدريب تواجه مشاكل أكثر خطورة مما كان متصورا.

وأعلن «العبادي» أنه عثر على الأقل على 50 ألف من «الجنود الأشباح»؛ ويقصد بهم أفراد القوات المسلحة الذين يدفعون لقادتهم مقابل خدمتهم في أي مواقع. وقد ذكر «العبادي» ذلك أمام البرلمان مقدما سجلاً بأسماء وهمية. ووعد رئيس الوزراء  بإجراء تحقيق أكثر عمقا، وقال إنه يتوقع أن يتم العثور على المزيد من الأسماء الوهمية.

  كلمات مفتاحية

العراق الجيش العراقي الرمادي الدولة الإسلامية احتلال العراق أمريكا أوباما

رأي اليوم: اعترافان أمريكيان خطيران.. «الجيش العراقي بلا فائدة» و«الدولة الاسلامية أقامت الخلافة»

محلل أمريكي: هناك فجوة بين دوافع القتال لدى كل من «الدولة الإسلامية» والجيش العراقي

إصابة قائد عمليات الجيش العراقي في الرمادي و«الدولة الإسلامية» يسيطر على مساحات جديدة

شبكة «إيه بي سي» الأمريكية تكشف تورط قوات الجيش العراقي في انتهاكات بالمناطق السنية

هل يستطيع الجيش العراقي طرد تنظيم «الدولة الإسلامية»؟

«العبادي»: إعادة هيكلة الجيش العراقي ربما تستغرق ثلاث سنوات

«العبادي» يقر بوجود 50 ألف جندي «وهمي» في الجيش العراقي

مخاطر الإبادة والتهجير في غرب العراق

أمريكا تراهن على إيران .. والخليج يحاول استعادة اليمن

«فورين بوليسي»: افتراضات أمريكية خاطئة واستراتيجية شارفت على الشلل في العراق

أميركا والعراق: العودة إلى تسويق الاحتلال (1)

أمريكا تخطط للعودة العسكرية للعراق

عن «الجيش الذي لا يقاتل» .. مثال العراق

عودة أمريكية للعراق؟ لا .. هذه القوات هناك لمجرد إسداء النصح!

أمريكا دمرت العراق وتخلّت عنه

«العبادي» يحيل رئيس أركان الجيش العراقي إلى التقاعد

«ناشيونال إنترست»: الاستراتيجية التي تحتاجها الولايات المتحدة في العراق

خـــرائـطُ الأسـى العـراقـــية

العراق المحتل: العشوائية الأميركية والتنظيم الروسي (1)

دعوة الشيطان الأكبر للعشاء!

من عدونا الحقيقي؟