«العبادي» يقر بوجود 50 ألف جندي «وهمي» في الجيش العراقي

الثلاثاء 2 ديسمبر 2014 09:12 ص

تجري السلطات العراقية تحقيقات في قضية الجنود «الوهميين» بعد الكشف عن وجود خمسين ألف عنصرا «وهميا» في الجيش، وهو ما بات يعرف إعلاميا بـ«الفضائيين»، ليشمل أيضا وزارة الداخلية بكافة مراكزها الأمنية.

والمقصود من «الجنود الوهميين أو الفضائيين» عناصر في الأجهزة الأمنية العراقية من الجيش والشرطة ممن يتمتعون بإجازات مفتوحة مقابل دفع مرتباتهم الشهرية إلى قادتهم العسكريين مع ضمان استمرارهم بالخدمة، أو جنود قتلوا في المعارك ولم تحذف أسماؤهم من قوائم الرواتب الشهرية.

وأكد برلمانيون عراقيون أن «الجنود الوهميين» يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية عن سقوط الموصل في أيدي «الدولة الإسلامية»، حيث أن الآلاف منهم كانوا من الذين يفترض أن يدافعوا عن المدينة.

وأشاروا إلى أن هذه الظاهرة كانت موجودة قبل الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003، لكنها كانت محدودة للغاية، ثم توسعت منذئذ، مؤكدين أن العدد الحقيقي لـ «الجنود الوهميين» قد يكون اكبر كثيرا من الخمسين ألفا الذين أعلن عنهم رئيس الوزراء «حيدر العبادي» قبل يومين، حيث أن «الوهم موجود» أيضا بين صفوف الشرطة وأجهزة أمنية أخرى.

ويتقاضى الجندي العراقي راتبا شهريا متوسطا قدره 750 ألف دينار عراقي، أي نحو 600 دولار أمريكي، وهو ذاته الذي يتقاضاه أقرانه في وزارة الداخلية من الجنود بينما يتقاضى الضباط في وزارتي الدفاع والداخلية، حسب الرتب العسكرية راتبا مضاعفا.

وقالت صحيفة «القدس العربي» إنه إذا افترضنا أن الخمسين ألفا هو العدد النهائي في هذه الفضيحة، سيتبين أن مقدار ما تم إهداره من أموال الشعب العراقي على أولئك «الوهميين» في السنوات العشر الماضية هو ثلاثة مليارات وستمئة مليون دولار، أما إذا أردنا إضافة قيمة «الصفقات الوهمية» في التسليح والتدريب لذلك «الجيش الوهمي» حقا، فان ذلك الرقم سيتضاعف عشرات المرات دون مبالغة.

وبينما يتحدث البعض عن ضرورة إحالة مسؤولين عسكريين إلى التقاعد أو المحاكمة، لم يشر أحد إلى المسؤولية الجنائية والسياسية لرئيس الوزراء السابق «نوري المالكي» الذي تولى الحكم لثماني سنوات وكان يترأس خلالها كافة الأجهزة والقوات الأمنية بما فيها الجيش والشرطة.

ولم يفسر احد للشعب العراقي الذي أصبح يعاني الفقر والجوع ويطلب المساعدات الدولية لإغاثة أكثر من مليون نازح، كيف تمكنت الحكومة من التورط في كل هذا الفساد، وإهدار كل تلك المليارات طوال تلك السنوات دون أدنى خوف من محاسبة أو عقاب؟

وأضافت الصحيفة أنه من المشروع أن يسأل العراقيون اليوم: هل الخوف من تكشف مثل هذه الفضائح هو ما جعل رئيس الوزراء السابق «نوري المالكي» يصر على التشبث بمنصبه حتى بعد أن تخلى عنه أغلب أنصاره، ثم جعله يصر على تولي منصب «نائب رئيس الجمهورية» طلبا لاستمرار الحصانة؟ 

أما السؤال الأهم، فهو إن كانت مثل هذه الفضيحة ممكنة الحدوث أصلا في دولة حقيقية؟ أم إن «دولة المالكي» نفسها، وليس الجيش فقط، كانت «وهما كبيرا»، ومجرد ستار رسمي للفساد، وحصنا يختبئ فيه المفسدون؟ 

وأوضحت الصحيفة أن الكثير من العراقيين يدركون أن فضيحة «الفضائيين» أو الجنود الوهميين ليست سوى «قمة جبل الجليد»، وهو ما جعل العراق يحتل المركز الثاني في قائمة أكثر الدول فسادا حسب تصنيف «منظمة الشفافية العالمية» خلال سنوات حكم «المالكي»، لافتة إلى أن «العبادي» قد أحسن بالكشف عن هذه الفضيحة أمام البرلمان، إلا أن هذا ليس كافيا، إذ يحتم عليه واجبه أن يحقق سياسيا وجنائيا مع كافة المسؤولين عن إهدار أموال الشعب العراقي، مهما كانت المناصب التي يتقلدونها.

وتحدثت الصحيفة عن أن مواجهة الفساد الذي استشرى في مفاصل الحكومة ويسهم بقوة فيما يعانيه العراقيون حتى اليوم من ويلات، تبقى شرطا رئيسيا لوجود دولة حقيقية جديرة بثقة شعبها.

بالطبع فإن هذا يجب أن يحدث ضمن مقاربة سياسية شاملة تقوم على الشفافية الكاملة في أدوات الحكم، والاصطفاف الوطني وراء مشروع قومي لإنقاذ العراق من الوقوع في غياهب الظلام والتطرف والاقتتال الطائفي.

أما البديل فهو مزيد من الاندفاع نحو وضع تهيمن عليه مصالح ضيقة ورؤى انفصالية، وانهيارات أمنية واقتصادية، وخرائط لكانتونات عرقية وطائفية، ما قد يستحيل معه الحفاظ على العراق كما عرفناه سواء كدولة حقيقية أو حتى وهمية.

هذا وقد طالبت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي أمس الأحد رئيس الوزراء «حيدر العبادي» بكشف العقوبات التي ستصدر بحق 50 ألف «عسكري وهمي» كشفهم أول من أمس. ورجحت وجود آلاف غيرهم في المؤسسات الأمنية.

وكان «العبادي» أكد صحة التقارير التي أكدت وجود 50 ألف «جندي وهمي في صفوف الجيش»، مشيراً إلى ذلك «جاء ضمن عملية إصلاح للمؤسسة العسكرية».

وقال في صفحته على «فيسبوك»: «خلال حضورنا إلى مجلس النواب يوم الأحد الماضي أعلنا تشكيل قيادة عمليات تحرير محافظة نينوى، وعزمنا على تحرير كل المدن والقرى من عصابات الدولة الإسلامية الإرهابية، واكتشاف 50 ألف اسم وهمي في مجال إصلاح المؤسسة العسكرية».

من جانبها، أعلنت غرفة العمليات في الأمانة العامة لمجلس الوزراء أنها ستتخذ «إجراءات رادعة بحق منتحلي صفات المؤسسات الحكومية والأجهزة الأمنية وإنزال أقصى العقوبات بحق المدعين»، مضيفة أن «استغلال أسماء المؤسسات الحكومية يعد مؤشراً خطيراً ووجهاً آخر من الإرهاب ومظهراً من مظاهر السرقة والفساد».

وقال عضو لجنة الأمن البرلمانية «حامد الخضري» إن «ما أعلنه القائد العام للقوات المسلحة حيدر العبادي عن وجود جنود وهميين في الجيش لم يشكل صدمة لأي نائب لأننا كنا نتوقع هذا الأمر الذي بات معروفا أيضا لكل العراقيين»، مشيراً إلى أن لجنته «تتوقع وجود الآلاف غير هؤلاء الذين كشفهم العبادي».

وأضاف إن «عملية تطهير الأجهزة الأمنية من الفاسدين و(الفضائيين) أمر ضروري لبناء جيش قوي قادر على مواجهة التحديات وحسم المعركة مع الدولة الإسلامية. لكن ذلك لن يتم إلا من خلال وجود عقوبات رادعة لمنع تكرار هذه الحالات».

وطالب «الخضري» رئيس الحكومة بكشف «العقوبات التي ستصدر بحق 50 ألف جندي وهمي ومعرفة مصير الأموال التي صرفت لهم طوال السنوات الماضية».

وتابع: «ربما تكون هناك جهات متنفذة وراء هذه الظاهر التي استمرت سنوات طويلة، على رغم معرفة الجميع بها، وعليه يجب أن يكون هناك تحقيق مع تلك الجهات».

وأوضح الناطق باسم مكتب رئيس الوزراء «رافد جبوري» أن «العبادي أمر خلال الأسابيع الماضية بتطبيق إجراءات صارمة لاكتشاف الجنود الفضائيين، واكتشاف أوجه الخلل في المؤسسة العسكرية، خصوصا من خلال عملية توزيع الرواتب»، مضيفا أنه تمت عملية تدقيق في بعض الوحدات، واكتشف خمسون ألف جندي وهمي. وستطبق هذه العملية في جميع مؤسسات الدولة.

المصدر | الخليج الجديد + القدس العربي

  كلمات مفتاحية

العراق حيدر العبادي نوري المالكي الدولة الإسلامية الجنود الوهميون

«العبادي» يكشف عن دعم مصر لبلاده بالعتاد والأسلحة لمواجهة «الدولة الإسلامية»

تأخر «العبادي» في تنفيذ «الاتفاق السياسي» يثير قلق القوى السنية في العراق

السيستاني: فساد الجيش العراقي صب في مصلحة الدولة الاسلامية

14 فصيلا مسلحا بينها البعث احتلت نينوى

سقوط الموصل: المفاجأة .. الصدمة .. والحل

دور الفساد والسياسة في انهيار الجيش العراقي

التحالف الدولي يتعهد بإرسال 1500 عنصرا لتدريب القوات العراقية

«العبادي»: سأمضي فى محاربة الفساد ولو كلفني الأمر حياتي

«السيستاني» يثمن كشف «الجنود الوهميين» في المؤسسات الأمنية بالعراق

البنتاجون يتعهد بإرسال 1300 جنديا إلى العراق في أواخر يناير المقبل

رئيس الوزراء العراقي يبحث في الكويت عددا من القضايا

«العبادي» يضع الإصلاحات السياسية الجذرية شرطًا للقضاء على «الدولة الإسلامية»

«العبادي» يؤكد: لا مكان للفاسدين فى المؤسسة العسكرية وسنواصل مكافحة الفساد

«العبادي»: إعادة هيكلة الجيش العراقي ربما تستغرق ثلاث سنوات

برلماني عراقي: «هروب» 75% من قوات الجيش في الأنبار!

«سي إن إن»: كيف أسهم الاحتلال الأمريكي في تفكيك جيش العراق؟

بناء الجيش العراقي .. هل يعيد التاريخ نفسه؟