المونيتور: لماذا تدخلت السعودية في اليمن؟!

الأحد 7 يونيو 2015 03:06 ص

في حين أنّ تأثير إيران المدمّر في اليمن ينذر بالخطر بالنسبة إلى السعوديّة بقدر تدخّلها في العراق، وسوريا ولبنان، استند قرار السعوديّة بالتدخّل عسكريًا في اليمن إلى ما هو أكثر بكثير من مجرّد التصدّي لإيران. فالسعوديّة اختارت التدخّل بالتحديد بسبب – وليس على الرغم من – احتمال انزلاق اليمن إلى فوضى عارمة. لم توجد وسيلة أخرى بالنسبة إلى السعوديّة، ولا توجد وسيلة أخرى بالنسبة إلى اليمن.

تعهّدت السعوديّة بتقديم 3.25 مليار دولار كمساعدة لليمن في العام 2012 لدعم الحكومة الجديدة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وهذا دعم يساوي أكثر من 11% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد للعام 2012 والذي بلغ 29.21 مليار دولار. وهذا ليس سوى واحد من التعهّدات السعوديّة المتعدّدة، ناهيك عن المساعدات الشاملة التي تحصل عليها اليمن من مجلس التعاون الخليجي. بالإضافة إلى ذلك، إنّ التحويلات النقديّة البالغة 4 مليارات دولار لحوالي مليون مغترب يمني في السعوديّة كانت أساسيّة تاريخيًا لاقتصاد اليمن. فضلاً عن ذلك، تغيّرت اليوم قوانين العمل السعوديّة لتسمح للشركات بضمّ حتّى 10% من الموظفين اليمنيّين.

قد يكون من العادل انتقاد السعوديّة لدعمها علي عبد الله صالح طوال هذه الفترة، أو لعدم بذل مجهود كافٍ للحؤول دون سوء تخصيص دعمها المالي لليمن. وقد يجد المرء مجالات كبيرة لانتقاد استراتيجيّة السعوديّة في اليمن كونها تتميّز بتكتيكات الإصلاح السريع لا بالاستراتيجيّات الطويلة الأمد، لكن لا يمكننا أن ننكر أنّ المساعدة السعوديّة أبقت اليمن مكتفية لعدّة عقود.

لقد دعمت الجيش، والأجهزة الأمنيّة، والخدمات التعليميّة والاجتماعيّة، ومشاريع النقل، والرعاية الصحيّة ومجموعة كبيرة من الخدمات الحكوميّة الأخرى. ونظرًا لما يقال بأنّ اليمن تحوي أكثر السّكان المدنيّين تسلّحًا في العالم، ومع نموّ حضور القاعدة فيها والنزاع القبلي المستمرّ، حالت هذه المساعدة دون انزلاق البلاد إلى فوضى عارمة وشاملة.

تكمن أولويّة السعوديّة في وجود جارة مستقرّة إلى جنوبها، وفي حماية مدن نجران، وجازان وخميس مشيط في أقصى الجنوب، وما من أسس أيديولوجيّة أو مساعي هيمنة وراء استراتيجيّة السعوديّة في اليمن، والدليل على ذلك هو توسّط السعوديّة لانتقال السلطة بعد الانتفاضة التي أطاحت بصالح في العام 2011. وتجدر الإشارة إلى أنّ صالح لم يكن يومًا بالنسبة إلى السعوديّة بمثابة بشار الأسد بالنسبة إلى إيران.

عندما نهبت ميليشات 'عبد الملك الحوثي' صنعاء بمساعدة الديكتاتور المطاح 'صالح' في أيلول/سبتمبر 2014، دقّت نواقيس الخطر في الرياض، فقد أشار هذا التطور إلى فوضى وانهيار وشيك للدولة. لم تكن لتتحمّل السعوديّة قطّ (على الصعيد السياسي، والأخلاقي والاستراتيجي) تقديم المساعدة لليمن في ظلّ حكومة انقلاب حوثيّة متحالفة مع صالح. يعلم السعوديّون جيّدًا أنّه بدون مساعدتهم ودعم دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى، لا يمكن لأيّ دولة يمنيّة أن تعمل – فإذا أدّى خفض في دعم أسعار الوقود وحده إلى احتجاجات واسعة وما تلا ذلك من انعدام في الاستقرار في العام 2014، ما ستكون نتيجة انهيار جميع مؤسّسات الدولة المموّلة من السعوديّة تقريبًا في غضون عام أو اثنين؟

في الأشهر المؤدّية إلى آذار/مارس 2015، أدركت السعوديّة أنه لم يبق أمامها فعليًا سوى خيار واحد في اليمن: التدخّل العسكري. دعا الرئيس الشرعي لليمن (هادي) إلى تدخّل عسكري من أجل إعادة النظام والشرعيّة إلى اليمن، وكرّر نداءه هذا أمام الأمم المتّحدة في شهر آذار/مارس.

أمكنه رؤية ما أخاف السعوديّة: أنّ جميع البدائل عن التدخّل العسكري ليست إلا كارثيّة. فقطع حبل النجاة السعودي الضروري لليمن وترك الحوثيّين وصالح لمصيرهما – ليصطدما ببعضهما في نهاية المطاف – ليس خيارًا مطروحًا. ومن دون مساعدة السعوديّة ومجلس التعاون الخليجي، ومن دون حكومة عاملة وشرعيّة بالحدّ الأدنى في صنعاء، ستسير اليمن باتّجاه واحد لا محالة: انهيار للدولة وفوضى كاملين لم يسبق لهما مثيل.

الطريقة الوحيدة لإحراز تقدّم في اليمن هي بتسليم الحوثيّين أسلحتهم والمشاركة في حوار سياسي. غالبًا ما كرّرت الرياض أهميّة الحوثيّين كلاعب سياسي سلمي في اليمن، وكرّرت استعداد السعوديّة للتوصّل إلى حلّ سياسي توافق عليه جميع الفصائل السياسيّة في اليمن.

وبعد الرفض المتكرّر للتفاوض مع هادي في إطار حوار شامل، يبقى أن نرى ما إذا كانت الاجتماعات الأخيرة الرفيعة المستوى بين القادة الحوثيّين وممثلي الولايات المتّحدة في عمان ستأتي بثمارها. في حين قد تركّز محادثات عمان أكثر على ضمان تحرير أربعة أميركيّين يحتجزهم الحوثيّون، هناك أمل حقيقي بأن تضع الأسس لبداية مفاوضات أكثر فائدة في بلد محايد.

ما من مستقبل زاهر لدولة اليمن بدون علاقات جيّدة مع جارتها الشماليّة وبدون دعم السعوديّة ومساعدتها. ستواصل إيران على الأغلب دعمها العسكري للحوثيّين، من الناحية اللوجستيّة، والسياسيّة أيضًا، لكن من المستبعد جدًا أن تستبدل السعوديّة كالمتبرع الأساسي بالمساعدات لليمن.

إنّ المفاوضات الناجحة، في أقرب وقت ممكن، هي الحلّ الوحيد للمأزق الذي تتخبّط فيه اليمن، ولا بدّ للحوثيّين ولحلفائهم من أن يفهموا هذه الحقيقة الأساسيّة ما إذا كان استقرار اليمن وازدهارها واردين ولو من بعيد على أجندتهم. 

  كلمات مفتاحية

اليمن السعودية الحوثيين عبدربه منصور هادي علي عبدالله صالح إيران

حوار جنيف بشأن اليمن .. ماذا تريد إيران؟

«الأمم المتحدة» تحدد 14 يونيو لإجراء محادثات جنيف بشأن النزاع في اليمن

حرب السعودية في اليمن ربما تغير استراتيجية «أوبك» برمتها

«واشنطن بوست»: الحرب في اليمن تدفع منشآت الرعاية الصحية إلى حافة الانهيار

بعد 25 عاما من الوحدة .. الانفصاليون يحققون مكاسب على الأرض في اليمن

أمريكا تراهن على إيران .. والخليج يحاول استعادة اليمن

«المونيتور»: تنظيم «القاعدة» يستفيد من الصراع اليمني

هل يحتفظ اليمن بوحدته بعد الحرب الأهلية ؟!