أمريكا وايران .. وحرج الدفاع عن العدو

الاثنين 6 يوليو 2015 04:07 ص

الدفاع عن الخصم مدعاة للحرج. غير أن هذا هو الموقف الذي وجدت إدارة الرئيس الأمريكي «باراك أوباما» نفسها فيه مع ايران وهي تسعى سعيا دؤوبا من أجل التوصل لاتفاق تاريخي من شأنه وضع نهاية لخلاف نووي بدأ قبل 12 عاما.

فخلال 36 عاما من العداء وصفت طهران واشنطن بـ«الشيطان الأكبر» وردت الولايات المتحدة بوصف ايران بأنها عضو في «محور الشر» وأصبح الاثنان أكثر اعتيادا على تبادل الإهانات لا دفاع كل طرف عن الطرف الآخر.

وكان الطرفان قطعا علاقاتهما الدبلوماسية بعد أن احتجز ثوريون إيرانيون 52 رهينة في السفارة الأمريكية بطهران خلال الثورة الإسلامية عام 1979.

ومع ذلك تدافع وزارة الخارجية الأمريكية منذ شهر عن إيران في مواجهة تلميحات أنها على شفا مخالفة بند من بنود اتفاق مؤقت تم التوصل إليه مع القوى العالمية عام 2013 ويقضي بتخفيض مخزونها من اليورانيوم المنخفض التخصيب.

ويمكن تخصيب اليورانيوم المنخفض التخصيب إلى درجة أعلى لانتاج مادة يمكن استخدامها في صنع القنبلة الذرية وأحد الأهداف الرئيسية لأي اتفاق نووي هو منع إيران من انتاج السلاح النووي.

كما تفادت واشنطن انتقادات لاستمرار انتهاكات إيرانية لعقوبات الأمم المتحدة وتقارير عن محاولات لشراء تكنولوجيا نووية سرا يمكن استخدامها في أنشطة يريد الغرب من إيران أن تتوقف عنها.

وتقول إدارة الرئيس «باراك أوباما» إنها على دراية بالمخالفات المشتبه أن تكون إيران قد ارتكبتها لكن الاتفاق المؤقت الموقع في نوفمبر/تشرين الثاني 2013 وتم تمديده ثلاث مرات لا يشملها.

وفي تغريدة الشهر الماضي قالت «ماري هارف» المتحدثة السابقة باسم وزارة الخارجية والتي تعمل الان مستشارة لوزير الخارجية «جون كيري» في الوفد الامريكي في المحادثات مع إيران: «لا دفاعا عن ايران بل دفاعا عن خطة العمل المشترك (الاتفاق النووي المؤقت) التي تفاوضنا عليها مع إيران ولتوضيح أننا ملتزمون. أمران في غاية الاختلاف».

وسلم مسؤول أمريكي رفيع تحدث إلى رويترز شريطة عدم نشر اسمه بأن الدفاع الأمريكي عن مدى التزام إيران «غريب» وليس طبيعيا.

وقال المسؤول «إيران اقترفت الكثير من الأمور السيئة في سوريا ومختلف أنحاء الشرق الأوسط ومازالت. وهي تحتجز أمريكيين رهائن. لكنها في واقع الأمر ملتزمة بخطة العمل المشترك».

وكان المسؤول الأمريكي يقصد بكلمة الرهائن مواطنين أمريكيين محتجزين في إيران من بينهم الصحفي «جيسون رضائيان» لمحاكمته بتهمة التجسس. وتقول الولايات المتحدة إن الاتهامات الموجهة لـ«رضائيان» وآخرين مزورة وطالبت باطلاق سراحهم.

وقال «علي فايز» الخبير في شؤون إيران بمجموعة الأزمات الدولية إن الحكومة الإيرانية تعرضت لانتقادات من جانب محافظين متشددين في إيران لدفاعها عن «الشيطان الأكبر».

وأضاف «هذه هي أخطار التعامل مع العدو»، مؤكدا  أن الولايات المتحدة لا تدافع عن إيران بل عن الاتفاق مع إيران.

مشــكلة المخــزون

وإذا بدا أن إيران خالفت الاتفاق النووي المؤقت فسيزيد ذلك من الصعوبة التي سيواجهها «أوباما» في اقناع أعضاء الكونجرس المتشككين خاصة الجمهوريين أصحاب الأغلبية باتفاق طويل الأجل ترفع بمقتضاه العقوبات على إيران مقابل تقييد أنشطتها النووية.

وتقول إدارة «أوباما» إن تقريرا أصدرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأسبوع الماضي توصل إلى أن إيران ملتزمة بالاتفاق المؤقت وذلك بعدم احتفاظها بكميات من اليورانيوم منخفض التخصيب في نهاية يونيو/حزيران أكبر مما كان لديها قبل ذلك بثلاثة أشهر.

غير أن الخبير النووي «ديفيد أولبرايت» قال إن طهران لم تحقق هذا الهدف سوى بتحويل بعض اليورانيوم منخفض التخصيب إلى صورة يمكن بسهولة إعادتها إلى حالتها السابقة فيما يمثل انتهاكا لروح الاتفاق إن لم يكن نصه.

وقال «أولبرايت» إن القضية توضح أن واشنطن «مستعدة لإعادة تفسير الاتفاق من الناحية القانونية» لتبرير الأداء الضعيف لإيران.

وردد «أولي هاينونن» من جامعة هارفارد النائب السابق لرئيس وكالة الطاقة صدى التحذير الذي أطلقه «أولبرايت».

ورفض مسؤول أمريكي رفيع انتقادات «أولبرايت» وقال إن إيران فعلت المطلوب منها.

أي انتهــاكـات؟

لم تكن تلك هي المرة الأولى التي دافعت فيها واشنطن عن إيران.

وبعد أن قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن إيران بدأت تزويد جهاز متقدم للطرد المركزي في العام الماضي باليورانيوم - وهو ما كان يعد انتهاكا لاتفاق 2013 - قالت مفاوضون أمريكيون إن ذلك كان خطأ فيما يبدو من جانب إيران وإنها سرعان ما توقفت عن ذلك.

وقالت هيئة خبراء تابعة للأمم المتحدة تختص بمراقبة الالتزام بعقوبات مجلس الأمن الدولي أكثر من مرة إن ثمة شبهات أن إيران اشترت معدات لها صلة بأنشطة تتفاوض الآن على وقفها.

غير أن هيئة الخبراء قالت في تقريرها السنوي في أبريل/نيسان إنها لم تتلق أي إخطار رسمي من الدول الاعضاء في الأمم المتحدة عن مخالفات إيرانية للعقوبات وأشارت إلى أن ذلك ربما يرجع إلى أن الدول تحاول تفادي الإضرار بالمحادثات النووية.

ونفت وزارة الخارجية أن واشنطن تحجب عن الأمم المتحدة معلومات عن انتهاكات إيرانية للعقوبات وقالت إن مثل هذه المخالفات ليست انتهاكات للاتفاق المؤقت.

من ناحية أخرى يشير مسؤولون أمريكيون إلى أن إدارة «أوباما» واصلت التوسع في قائمتها السوداء بسبب مخالفات لعقوبات أمريكية منفصلة والتنديد بانتهاكات حقوق الانسان في إيران.

وقال «كريم سجادبور» خبير شؤون إيران في مركز كارنيجي للسلام الدولي إن «أوباما» بذل جهدا كبيرا في فترة رئاسته الأولى في اقناع العالم بمخاطر البرنامج النووي الإيراني لكنه غير منذ ذلك الحين مساره من أجل الفوز بصفقة يحتاج إليها بشدة مع اقتراب فترته الثانية من نهايتها.

وقال لرويترز «من أجل الوصول إلى اتفاق اضطرت الادارة لاقناع المتشككين في الكونجرس والرأي العام الامريكي بأن الانشطة النووية الايرانية شفافة وسلمية».

  كلمات مفتاحية

أمريكا ايران الاتفاق النووي المفاوضات النووية طهران خامنئي أوباما

أصل المشكلة أن يحدث تقارب أمريكي إيراني

«ظريف»: بعض الخلافات حول البرنامج النووي ما زالت قائمة

قبل الاتفاق النووي المرتقب.. إيران تدشن رادار طويل المدى محلي الصنع

تقرير: أمريكا ستواجه منافسة من إيران إن لم ترفع الحظر عن صادرات النفط الخام

الخارجية الأمريكية: إيران واصلت دعم الإرهاب في 2014

أمريكا تراهن على إيران .. والخليج يحاول استعادة اليمن