”حرب المؤتمرات“ السعودية المصرية واقتسام المعارضة السورية

الخميس 28 مايو 2015 02:05 ص

قبل يناير/كانون الثاني الماضي، كان التوافق المصري السعودي في ذروته في مختلف الملفات العربية الساخنة، والسوري منها على وجه التحديد، لكن بعد تولي العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز الحكم، اختلفت الرؤى، وتناقضت المواقف، وباتت السعودية تقف في الخندق التركي القطري المناويء لمصر، وبدأ الحديث عن الدعم السعودي المادي لمصر يخبوا، وتراجعت معه أرقام المليارات، وانكمشت العلاقات بسرعة قياسية.

العلاقات السعودية المصرية بدأت تدخل مرحلة المناكفة في الملف السوري على الأقل، وانعكس ذلك بوضوح على صعيد تنافس عاصمتي البلدين على استضافة مؤتمرات للمعارضة السورية تتلائم مع توجهات كل منهما السياسية، ورؤيتها لحل الأزمة السورية، وأزمات المنطقة بشكل عام.

شهر يونيو/حزيران المقبل سيشهد انعقاد مؤتمرين للمعارضة السورية، الأول مطلع هذا الشهر في القاهرة، يضم القوى السورية الوطنية تحت رعاية وزارة الخارجية المصرية بهدف إنهاء الأزمة السورية من خلال الحل السياسي ووقف سفك الدماء، والحفاظ على تطلعات الشعب السوري في التغيير، مع الحفاظ على وحدة الاراضي السورية ومؤسسات الدولة، حسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية المصرية. أما المؤتمر الثاني سيعقد في الرياض، التي يبدو أنها حلت محل اسطنبول، في منتصف الشهر نفسه، تشارك فيه فصائل المعارضة السياسية والعسكرية بهدف التحضير لمرحلة ما بعد الرئيس الأسد، حسب تصريحات أدلى بها السيد خالد العطية وزير الخارجية القطري.

الفارق الأبرز بين المؤتمرين، هو في هوية الفصائل والقوى المشاركة في كل منهما وطموحاتها السياسية والعسكرية وأهدافها النهائية، فالمؤتمر الأول الذي ترعاه القاهرة يستبعد كليا حركة «الإخوان المسلمين» الذين ترعاهم تركيا وقطر، وانضمت إليهما السعودية منذ مطلع هذا العام، إما الثاني، وحسب أقوال أحد أبرز أقطاب المعارضة الليبرالية لصحيفة «رأي اليوم»، فيريد رد الاعتبار لحركة الإخوان المسلمين والقوى السلفية الأخرى، بحيث يكون للإسلاميين اليد العليا في أي ائتلاف جديد.

المعادلة واضحة جدا يمكن استخلاصها من قراءة ما بين سطور المؤتمرين والتحضيرات الجارية لهما، فمصر، أحد اطراف هذه المعادلة، تعمل مع محور موسكو وإيران وسورية والعراق على إحداث تغيير إصلاحي للنظام السوري، بادخال بعض قادة المعارضة في مؤسسات الحكم ودوائر صنع القرار، ولكن تحت مظلة الرئيس بشار الأسد، ولو مؤقتا، بينما يريد المثلث السعودي التركي القطري، طرف المعادلة الآخر، اقتلاع النظام السوري ومؤسساته من الجذور، وإعادة بناء الدولة السورية وفق تصوراته المعلنة، بحيث تكون الهيمنة للتيارات الإسلامية المعتدلة والاخوان المسلمين على وجه الخصوص، ولكن في ظل تعايش مع فصائل وأحزاب ليبرالية أخرى لتجنب تكرار التجربة المصرية.

من الصعب ترجيح كفة طرف على آخر في هذه المعادلة، لكن يبدو أن التحالف السعودي التركي القطري بدأ يحقق مكاسب على الارض تفرض واقعا جديدا، ربما يتمثل في إقامة منطقة حظر جوي، أو دويلة جديدة في شمال غربي سورية، عاصمتها حلب، وتحظى بحماية تركية مباشرة، وتكون مركز انطلاق نحو جيوب سورية أخرى.

ما يدفعنا الى الذهاب الى هذا الحد، التصرحات التي أدلى بها وزير الخارجية التركي، وقال فيها إن بلاده توصلت إلى اتفاق مع أمريكا على ضرورة قيامها بتوفير الغطاء الجوي لقوى المعارضة السورية المسلحة لحمايتها من غارات طائرات النظام، لأن من غير المجدي تدريب قوات المعارضة وتسليحها دون حمايتها من الغارات الجوية لطائرات النظام وبراميله المتفجرة، حسب قوله.

السؤال هو حول كيفية الرد الإيراني الروسي السوري على أي خطوة على هذه الدرجة من الخطورة والفاعلية التي يمكن أن تغير موازين القوى على الأرض، وفي السماء أيضا؟

صيف المعارضة السورية سيكون ساخنا حتما، بل ملتهبا، سياسيا وعسكريا، فخروج السعودية من التحالف المصري الإماراتي وانضمامها إلى المحور التركي القطري، جاء من أجل الحسم في سورية لصالح المعارضة، وتسريع إطاحة النظام، ورد الاعتبار لحركة الإخوان، وهذا يوجه طعنة قاتلة للمحور الذي تتزعمه مصر، خاصة الشق المتعلق منه باحتضان الإخوان والسلفيين (غير الجهاديين)، ولهذا من غير المستبعد أن تخرج المناكفة المصرية السعودية إلى السطح، وأن تمتد الى ملفات أخرى إلى جانب الملف السوري، والأيام القادمة ستجيب عن الكثير من الأسئلة في هذا الاطار.

 

  كلمات مفتاحية

السعودية مصر المعارضة السورية منطقة عازلة حلب العلاقات السعودية المصرية العلاقات السعودية التركية

التحالف السعودي التركي يقلق «السيسي» و«نتنياهو» و«أوباما»

الصدام السعودي المصري في الملف السوري مستمر

سيطرة الثوار في سوريا على «جسر الشغور» تفتح الطريق إلى معقل «نظام الأسد»

أولاند يبلغ أردوغان دعمه لمنطقة عازلة بين تركيا وسوريا .. وغارات أمريكية إماراتية قرب «عين العرب»

تركيا تعتزم إنشاء منطقة عازلة حدودية مع سوريا دون انتظار التحالف الدولي

معركة سوريا بين مصر والسعودية

السلطات المصرية تمنع عقد مؤتمر للائتلاف الوطني السوري للمرة الثالثة

وكالة إيرانية: القاهرة تدير ظهرها للرياض وتتجه إلى طهران

«مصطفى الفقي» يغادر القاهرة متوجها للإمارات