ذكرنا إطلاق الصاروخ من قطاع غزة مساء أول أمس جميعا كم هو وضع اسرائيل هش وقابل للانفجار. منظومات الانذار اطلقت صافراتها وحسنا أن هكذا، وانتشرت الشائعات، ففي الشبكات الاجتماعية تحدث الناس عن صواريخ اطلقت وبدأت قنوات التلفزيون ببث حي ومباشر. وكان في الاجواء احساس بحالة الطوارىء. وزراء ونواب عقبوا، وزيرة الثقافة والرياضة ميري ريغف دعت للرد ضد حماس. وفي غضون وقت قصير اتضحت الصورة – صاروخ واحد اطلق وسقط في منطقة غان يفنه.
في القيادة الامنية – رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» ووزير الدفاع «موشيه يعلون»، اجروا مشاورات، وفي الجيش الاسرائيلي استخدموا وسائل استخبارية وجرت استيضاحات. وتبلورت صورة الوضع. كانت النار نزوة من جناح عاق في الجهاد الاسلامي لم يعجبه تعيين قائد محلي. اعضاء الجناح قرروا الرد على ذلك باطلاق النار على اسرائيل.
اسرائيل، بشكل شبه محتم، قررت الرد كما يتوقع منها – ولكن دون أن تصعد الوضع. طائرات سلاح الجو هاجمت ليلة اول أمس اربعة اهداف للجهاد الاسلامي وحماس. ونشر وزير الدفاع بيان تحذير رأى في حماس عنوانا ومسؤولا عما يجري في غزة. وامس افيد بان حماس اعتقلت المشاركين في اطلاق الصاروخ.
الرسائل اتضحت وفهمت. الطرفان، عمليا كل المشاركين، بمن فيهم الجهاد الاسلامي، غير معنيين بالتصعيد وبالتدهور. وهكذا سيستمر الهدوء في الجنوب حتى النزوة التالية، ولكن المشكلة المركزية لم تحل بعد. تسعة اشهر بعد حرب غزة الثالثة في صيف 2014، قطاع غزة لم يبدأ حتى بداية مسيرة اعماره. ما ينقل اليه من اسرائيل – غذاء، وقود، ادوية ومواد بناء – هذه مجرد وسائل انعاش. هناك حاجة حقيقية للوصول الى تسوية بعيدة المدى، ولكن احتمالات ذلك ليست كبيرة.
السلطة الفلسطينية التي يفترض بها أن ترتبط وتلعب دورا في غزة، لا تريد أو لا تستطيع عمل ذلك. إسرائيل، التي لها مصلحة عليا في المساعدة في إعمار القطاع واستقراره، تجد نفسها في معضلة. إذا حاولت الدفع الى الامام بتسوية (ترتيب) بعيد المدى، الامر الذي هو مصلحتها، فمن شأنها ان تصطدم باعتراض مصر، التي ترى في حماس عدوا، ولهذا السبب فان معضلة غزة ستستمر. احتمالات الاتفاق هزيلة وكل حادثة صغيرة من شأنها مرة اخرى أن تتضخم الى حجوم غير متوازية.