استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المنطقة العازلة في سيناء: مكافحة إرهاب أم إحكام لحصار غزة؟

السبت 27 ديسمبر 2014 06:12 ص

يمكن أن تــرى التطورات المتلاحقة في الأسابيع القليلة الأخيرة بأكثر من طريقة. فالنظرة المصرية المفرطة في مركزيتها الشوفينية ترى تسلسل الأحداث وقد بدأ بوقوع هجوم نوعي على نقطة تفتيش عسكرية في "كرم القواديس" جنوب شرقي العريش في 24 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أسفر عن مقتل وإصابة أكثر من خمسين جندياً.

ثم أُعلنت حالة الطوارئ في الشمال الشرقي من سيناء، وتم تهجير المنطقة السكنية المتاخمة للشريط الحدودي في مدينة رفح لإقامة منطقة عازلة مع قطاع غزة، الذي وجّه له الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أصابع الاتهام بكونه جذر المشكلات الأمنية في سيناء. 

كما ظهرت جماعة عشائرية مسلحة تدعى “حركة أبناء سيناء” لتعلن الحرب على جماعة “أنصار بيت المقدس”، تلك التي نفت خبر مبايعتها لتنظيم “داعش” بنصٍ متناقض أيديولوجياً ينفي البيعة ويعترف بالبغدادي خليفة للمسلمين، ثم عادت بعد أسبوع لتعلن البيعة رسمياً في مقطع صوتي بلسان متحدثها الإعلامي، ثم أصدروا تسجيلاً مرئياً مفزعاً يوثّق عملية “كرم القواديس” تحت اسم “ولاية سيناء” في تنظيم “الدولة الإسلامية”.

تهميش الحقائق الإقليمية 

هكذا يرى المتابعون للشأن المصري التطورات الدراماتيكية في المشهد الأمني والسياسي، وهي رؤية لا تخلو من مركزية وطنية – بالمعنى المحلي في مقابل الإقليمي أو الدولي – تهمّش الحقائق الإقليمية التي يمكن أن تــُرى التطورات على ضوئها.

من الناحية الإسرائيلية، ترى الصحافة العبرية المشهد وقد تزامنت فيه التطورات الأمنية في سيناء وما رافقها من سياسات وقرارات اتخذتها حكومة السيسي، مع سقوط صاروخين مجهوليْ المصدر على الأراضي الفلسطينية المحتلة تم إطلاقهما يوم الجمعة 31 أكتوبر/ تشرين أول المنصرم من قطاع غزة.

قررت حكومة نيتنياهو إغلاق معبريْ كرم أبو سالم وإيريز، بالتزامن مع إغلاق معبر رفح من الناحية المصرية إلى أجل غير مسمّى، والشروع في إقامة المنطقة العازلة وتدمير الأنفاق بالكامل، فأضحت غزة مقطوعة الصلة تماماً بالعالم الخارجي، جواً وبحراً وبراً ومن تحت الأرض.

يختفي الحديث عن غزة بشكل شبه تام في الخطاب السياسي والإعلامي المصري، على الرغم من أن المنطقي في إنشاء المنطقة العازلة هي أن تفصل بين جانبين. فالخطاب الإعلامي والسياسي المصري يُغفل حقيقة كون أحد الجانبين تحت حصار ممتد لسنوات، ويتغاضى عن ذلك تماماً في مقابل انشغاله بشن حملة تحريض من أجل التمهيد، ثم المباركة، لحملة التهجير القسري التعسفي الذي نفّذها الجيش المصري بحق جانب من سكان رفح المصرية.

ورغم عدم إنكار أي طرف لوجود الأنفاق أو حتى لاستخدامها في تهريب السلاح، إلا أن الحملة الدعائية قد نجحت في قلب موقع غزة في عملية تهريب السلاح، فتم تحويلها من وِجهة نهائية لسلاح المقاومة المهرب إليها عبر سيناء إلى مصدر لسلاح الجماعات الإرهابية التي تقوم بعملياتها في سيناء. وهو تحويل يصب في المصلحة الإسرائيلية، ويمكن فهمه بوضوح في سياق التنسيق الأمني الثلاثي بين مصر والولايات المتحدة الأميريكية وإسرائيل.

الأنفاق والتهديدات الإرهابية: هل من علاقة؟

لاختبار علاقة أنفاق رفح بانتشار الأخطار الأمنية والتهديدات الإرهابية في ربوع مصر، يمكن دحض وجود علاقة ارتباط شرطي حصري بينهما. صحيح أن أول عملية كبيرة نفذها متشددون إسلاميون عقب الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013 كانت في سيناء (أغسطس/آب 2013)، إلا أن المتهم الرئيس فيها، ويدعى عادل حبارة، هو بالأساس من محافظة الشرقية في دلتا وادي النيل، وقد وقعت “المذبحة” بعيداً عن الشريط الحدودي بأكثر من 20 كيلومتر في الطريق بين العريش والشيخ زويد على الرغم من اشتهارها بــ “مذبحة رفح الثانية”.

أما أول عملية نوعية للجماعات المسلحة فكانت أيضاً في سيناء، وقد نفذها تنظيم “جيش الإسلام” يوم 11 سبتمبر/أيلول من العام نفسه، أي بعد 4 أيام من بدء العمليات الموسعة / الحرب في سيناء، تلك التي لم تتوقف حتى الآن. استهدف ذلك الهجوم مقر المخابرات العسكرية في رفح بحجم هائل من المتفجرات، فقتل وأصاب أغلب أفراد القوات الموجودة فيه.

في 7 أكتوبر/تشرين أول 2013، وقع هجوم “أنصار بيت المقدس” على مديرية أمن جنوب سيناء في مدينة الطور، وكان إيذاناً بخروج المواجهات من شمال سيناء، مع الاعتماد على التفجيرات الانتحارية. وبعد أقل من أسبوعين خلال الشهر ذاته، هاجم "الأنصار" مقر المخابرات العسكرية في مدينة الإسماعيلية على الضفة الغربية من قناة السويس.

وفي نوفمبر / تشرين ثان 2013 نجح “الأنصار” في استهداف حافلة جنود أثناء عودتهم لقضاء إجازة من خدمتهم في معسكر الزهور في مدينة الشيخ زويد فقتلوا منهم 10 وأصابوا آخرين. ولم تنقضِ سنة 2013 حتى استهدف “الأنصار” مديرية أمن الدقهلية في مدينة المنصورة في قلب الدلتا في أواخر شهر ديسمبر / كانون أول.

أما سنة 2014 فقد استهلوها بثلاث عمليات نوعية؛ فقد جددوا قصف إيلات بصواريخ من طراز "غراد" لأول مرة منذ بدء مواجهاتهم مع الجيش المصري، وفجّروا مديرية أمن العاصمة، وأسقطوا مروحية مقاتلة في شمال سيناء ليكونوا بذلك أول ميليشيا تسقط طائرة عسكرية مصرية في التاريخ. وفي فبراير / شباط من العام الجاري، استهدفوا حافلة سياح كوريين في جنوب سيناء كانت تقضي برنامجاً ترفيهياً بين مصر وإسرائيل.

قُتل مؤسس تنظيم “أنصار بيت المقدس”، توفيق محمد فريج، في شهر مارس/آذار الماضي في مواجهات مع قوات الجيش في سيناء، كما اعتقل مسؤول التنظيم في القاهرة، محمد بكري هارون، في شهر أبريل/ نيسان، فتأثرت الجماعة قليلاً، ثم ما لبثت أن استعادت قدراتها بتولي ضابط الصاعقة المفصول من الخدمة، هشام عشماوي، مهمة قيادة العمليات الميدانية.

يرجح أن يكون عشماوي هو مهندس عملية الهجوم على نقطة تفتيش عسكرية في محيط واحة الفرافرة في جنوب الصحراء الغربية المصرية في يوليو/ تموز الماضي، وهو الهجوم الذي أسقط قرابة 25 قتيلاً وعدداً من المصابين. وتؤكد مصادر مطلعة نجاته من الهجوم الناجح الذي شنته قوات مشتركة من الجيش والشرطة في سبتمبر/ أيلول الماضي على معسكر تدريب أقامه عشماوي لأعضاء “الأنصار” في طريق القاهرة – السويس.

في نهاية هذا السجل الحافل من العمليات التي نفذها تنظيم الأنصار، يأتي هجوم “كرم القواديس” الأخير في الشمال الشرقي من سيناء مشابهاً لهجوم الفرافرة في الجنوب الغربي من مصر. لم يكن الهجوم الأخير هو الأكبر في حجم خسائر الجيش فقط، بل كان نقلة نوعية في اختراق "الأنصار" استخباراتياً لصفوف الجيش، حيث تزامن الهجوم مع زيارة تفقدية لقائد عمليات الجيش الثاني الميداني وقائد الكتيبة 101، فأصيب كلاهما في الهجوم، وإصابة أحدهما خطيرة.

وهو ما يفسّر تواجد مثل هذا العدد الكبير من الجنود لحظة الهجوم في نقطة تفتيش عادية، وكذلك يفسر رد الفعل الرسمي التصعيدي غير المسبوق. وبالأخذ في الحسبان مئات الاشتباكات الاعتيادية في سيناء وبعض العمليات الفاشلة في العاصمة والساحل الشمالي الغربي، يتبيّن أن ربط المشهد الأمني المتردّي في أنحاء مصر، وتحويل النظر عن الحدود البرية والبحرية المفتوحة مع ليبيا والسودان إلى 14 كيلومتر فقط في أقصى الشمال الشرقي، لا يمكن فهمه إلا في ضوء سياق أمني إقليمي وليس ضرورة أمنية وطنية محلية.

حتى كتابة هذه السطور، اختتم سجل عمليات “أنصار بيت المقدس”، سابقاً، أو ما أصبح يسمى “ولاية سيناء” التابعة لتنظيم الدولة الإسلامية، بعملية نوعية مركبة اخترقوا بها صفوف القوات البحرية، محاولين اختطاف لنش مقاتل بعد تجنيد قائده (ضابط شاب برتبة نقيب) لتنفيذ عملية هجومية ضد أحد قوارب نقل الجنود إلى سيناء.

وقعت العملية صباح الأربعاء 12 نوفمبر/ تشرين الثاني، وبدأت تتكشف خيوط الرواية لاحقاً على الرغم من محاولات التعتيم وتلفيق القضية لبعض الصيادين للتغطية على الاختراق. بعد هذه العملية، تأكدت حقيقة اختراق الجماعات المسلحة لصفوف الجيش، سواء بالتعاون الاستخباراتي أم حتى بالتجنيد لتنفيذ عمليات انشقاقية، وهي كلها مخاطر جادة تفوق احتمالات التهديد الأمني بسبب الأنفاق.

ربط الأنفاق بتهديدات محلية 

كان مشروع عزل الشريط الحدودي بين شطريْ رفح واضحاً تماماً قبل ثورة يناير، فلم يكن في دعاوى الحكومة المصرية أي شأن بخصوص ربط الأنفاق بتهديدات أمنية محلية في سيناء، فكان الهدف، الحقيقي والمعلن، هو منع تهريب السلاح إلى غزة.

أتاح بزوغ الجماعات المسلحة في شمال سيناء عقب الثورة وتمردها على سلطة الدولة المصرية، وعدم اعترافها بالحدود أو المعاهدات الدولية، ظرفاً مواتياً لدولة الاحتلال كي تضغط على الجانب المصري بأساليب مختلفة لإجباره على تأمين حدودها التزاماً بنص معاهدة السلام، الذي يقضي بعدم اتخاذ أراضي أي طرف كمنطلق لأعمال عدائية تجاه الطرف الآخر.

في عهد المجلس العسكري لجأت القوات الخاصة الإسرائيلية إلى تنفيذ عملية اغتيال لأحد كوادر "أنصار بيت المقدس" في قرية "خريزة" وسط سيناء، مخترقة الأراضي المصرية بعمق 15 كيلومتر.

وفي عهد الرئيس المعزول محمد مرسي، اختطف الإسرائيليون وائل أبو ريدة، القيادي في حركة الجهاد في غزة أثناء زيارته لدلتا وادي النيل في زيارة علاجية، كما نفّذوا عملية اغتيال أخرى لأحد كوادر "أنصار بيت المقدس" في منطقة "جوز أبو رعد" جنوب رفح. وعقب انقلاب 3 يوليو/تموز، اخترقت طيارة إسرائيلية بدون طيار الأجواء المصرية لتحبط عملية إطلاق صواريخ تجاه الأراضي المحتلة من منطقة "العجراء".

حاجة الانقلاب للدعم الإسرائيلي

احتاج الجيش المصري إلى الدعم الإسرائيلي في المحافل الدولية في النصف الثاني من 2013 والربع الأول من 2014، لِكيْلا يتم اعتبار حركة 3 يوليو / تموز انقلاباً عسكرياً. تكشفت خيوط التفاهم المصري الإسرائيلي تدريجياً، بحسب الصحافة الإسرائيلية، فاتضح أن تعاوناً أمنياً حثيثاً يجري على أرفع مستويات القيادة بين الجانبين في مجال مواجهة الجماعات المسلحة في سيناء وتأمين حدود إسرائيل.

بالمقابل فإن اللوبي الإسرائيلي لم يتوان عن دعم السيسي في واشنطن وبروكسل، وكان له دور كبير في الضغط من أجل الإفراج الجزئي عن المعونة العسكرية المجمدة منذ أكتوبر 2013. يحرص الطرفان على التنسيق والتعاون في سبيل الإبقاء على سريان معاهدة السلام والحصول على الدعم الأمريكي المقترن بها. وهو السياق الذي يمكن أن تفهم من خلاله التصعيدات الأخيرة تجاه الشريط الحدودي مع غزة بموضوعية، ومن دون تفسيرات تآمرية دوغمائية.

 

إسماعيل الإسكندراني – كاتب وباحث مصري

المصدر | منتدى العلاقات العربية والدولية + الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مصر المنطقة العازلة حركة أبناء سيناء سيناء الجيش المصري ولاية سيناء أنصار بيت المقدس غزة

مصر تعتزم هدم 1200 منزل جديد بالمنطقة العازلة في سيناء

«الدولة الإسلامية» أصبح أكثر تنظيما وفتكا في سيناء و«السيسي» يتحدث عن عملية كبرى للجيش

«حماس» تستنكر استمرار حصارغزة .. وتؤكد: «لن نعترف بالاحتلال ولن نسلم سلاحنا»

«أبو مرزوق» يعرب عن أسفه بعد استشهاد أول فلسطيني في 2015 برصاص الجيش المصري

«السيسي» يجري تعديلا قانونيا لتشديد عقوبة التسلل عبر الأنفاق بين مصر وجيرانها

حتى النزوة التالية

«رويترز» تصنف مصر ضمن محاصري غزة استجابة لطلب إسرائيلي

مصر تعتزم رفع أسعار الكهرباء الموردة لقطاع غزة

«رايتس ووتش»: مصر هدمت آلاف المساكن وهجرت آلاف المواطنين في سيناء

«هيومن رايتس ووتش» تدعو المصريين في سيناء إلى «البحث عن وطن آخر»

فلسطينيون يدشنون حملة إلكترونية للتنديد بمرور 10 سنوات على حصار غزة

وزير الخارجية القطري: غزة قد تصبح بسهولة نقطة انطلاق لـ«الدولة الإسلامية»

فك الحصار عن غزة مقابل «قطار تجاري» يربط بين (إسرائيل) والدول العربية

مصر تبدأ تمديد المنطقة العازلة على حدود قطاع غزة