أكد أمير «جبهة النصرة» «أبو محمد الجولاني» أن «دولة الخلافة» التي أعلنها تنظيم «الدولة الإسلامية» في سوريا والعراق «لم تقم على أسس شرعية»، ووصف أعضاء التنظيم بأنهم «خوارج».

وفي الجزء الثاني من مقابلته النادرة مع قناة «الجزيرة» والتي أذيعت أمس الأربعاء، قال «الجولاني» إن «دولة الخلافة» التي أعلنها التنظيم في شهر حزيران/يونيو الماضي «رفضها العلماء، لأنها لم تقم على أسس شرعية وهم أعلنوها وألزموا الناس بها». ورأى أنهم بهذا الإعلان «شقوا صف المجاهدين بشكل كامل وقدموا خدمات لأمريكا في محاربة القاعدة من حيث لا يشعرون».

ووصف «الجولاني» الذي لم يظهر وجهه على الشاشة خلال المقابلة، وصف تنظيم «الدولة الإسلامية» بـ«الخوارج»، وقال إن من صفات هذه الجماعة «استباحة دماء المسلمين وتكفير المسلمين دون ضوابط شرعية وتكفير الخصوم»، مضيفا: «هم يكفروننا لكن نحن بالطبع لا نكفرهم».

كما اتهم «الجولاني» في حواره التلفزيوني عناصر التنظيم «بنقض العهود»، مشيرا إلى ارتكابهم «الكثير من حالات قطع الرؤوس والصلب في صفوف جبهة النصرة»، وتابع «خلافنا في الشام أنه ليس لديهم أي جدية في قتال النظام إلى هذا الوقت»، مؤكدا أنه «ليس هناك حل أو منظور للحل بيننا وبينهم في الوقت الحالي، نأمل أن يتوبوا وإن لم يكن ذلك فليس بيننا وبينهم إلا القتال».

وأقر زعيم جبهة النصرة في مقابلته بمشاركته في الحرب في العراق خلال الوجود الأمريكي في هذا البلد، وأضاف أن «جماعة الدولة لديهم جدية في قتال الرافضة في العراق على خلاف جديتهم في قتال النصيرية في الشام». وأرجع ذلك إلى وجود «قيادات عراقية لديها عشر سنوات من التضحية في صفوف التنظيم هناك».

وأكد «الجولاني» أكد أن الجبهة لا ترغب بالحكم في سوريا بعد سقوط النظام. وقال: «لا نسعى إلى حكم البلد بل نسعى لأن تحكّم الشريعة في البلد»، مشددا على وجوب أن يصار بعد قيام «الحكومة الراشدة» إلى «ضمان حق المهاجرين»، في إشارة إلى المقاتلين الأجانب في صفوف الجبهة والذين قال إنهم يشكلون 30% من عناصرها.

تمدد إيران

من ناحية أخري، قال «الجولاني» إن دخول إيران للمنطقة بشكل عام جاء بدافع إعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية التي أنهاها الفتح الإسلامي، مضيفا أنهم «يتخذون التشيع مطية للوصول إلى إعادة هذه الأمجاد».

وعن تدخل إيران في سوريا تحديدا، رأى أمير جبهة النصرة أن «الإيرانيين يدعمون الرئيس السوري الأسد لكنهم لا يديرونه»، مضيفا أن «طبيعة تعامل إيران مع الأسد تختلف عن طريقة تعاملها مع حزب الله والميليشيات الشيعية العراقية والحوثيين، فالأسد بنى مملكته بنفسه ثم جاءت علاقته بإيران، بعكس حزب الله والحوثيين وغيرهم الذين هم في الحقيقة صنيعة إيران»، حسب قوله.

«الولايات المتحدة هي من أطلقت يد إيران في سوريا والعراق واليمن ولبنان»، بحسب «الجولاني» الذي أضاف أن «أمريكا خلفت حالة من الاضطراب ستبقى قائمة في المنطقة، وهي تريد أن تجر إيران لقتال الإسلاميين بالنيابة عنها، لكنه قال إن إيران تهرب من مواجهتنا على الأرض».

وأشار إلى أن العواصم المحيطة بدمشق ستتأثر سلبا أو إيجابا بما يحدث فيها، مضيفا أن المسلمين لن يحصلوا على عزهم ومجدهم إلا بالطريق الذي يسلكه أهل الشام لتحرير دمشق، على حد وصفه.

الربيع العربي

وحول ثورات الربيع العربي كشف «الجولاني» عن أن «الظواهري» وجه بدعم هذه الثورات. وأرجع فشل معظمها إلى أن «الجيوش في المنطقة صرف عليها ملايين الدولارات ليس لحماية الشعوب ولكن للسيطرة عليها إذا ثارت. ولذلك لن تحصل هذه الشعوب على حريتها إلا بتكوين جيوشها الخاصة»، مضيفا «السلمية والمظاهرات لغة لا يفهمها هؤلاء الحكام».

كما انتقد «الجولاني» تجربة جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر، وقال «كنا نأمل من الإخوان أن يصل يوم وان يكتشفوا أن البرنامج الذي يسيرون عليه خاطئ وأن يعودوا إلى أصولهم والجهاد ويحملوا سلاحهم».

وسأل «ماذا فعلت سلميتهم إلا أن أتت على آخرتهم؟»، منتقدا بشدة تجربة الرئيس «محمد مرسي» في مصر، وأضاف «الإخوان المسلمون انحرفوا ولا يقبل الإسلام أن ندخل البرلمان ونقسم على الدستور، والخلاص في الجهاد لا في خوض المعارك السياسية»، ورأي أن من انقلب على «مرسي» ليس «السيسي» وإنما أمريكا، وأن «السيسي» كان مجرد أداة، حسب وصفه.

وبشأن التكهنات التي تحدثت عن «عاصفة حزم» محتملة ضد النظام السوري على غرار ما حدث في اليمن ضد الحوثيين، قال «الجولاني» إن من يتحدث عن ذلك لا يفقه الواقع، وأضاف أن حكام العرب والخليج «يدافعون عن عروش وكراسي أما الشعوب فلا قيمة لها عندهم»، وأبدي استغرابه من شن الحرب على الحوثيين ذراع إيران في اليمن في الوقت الذي يدعم فيه العرب الحكومة المدعومة من إيران في العراق.