«جلوبال ريسك»: دعم قطر للإخوان المسلمين لن يضر بعلاقاتها مع الغرب

الثلاثاء 9 يونيو 2015 11:06 ص

أدت السياسة الخارجية التي انتهجتها الدولة الخليجية الصغيرة قطر إلى عزلتها بين حلفائها التقليديين في الخليج العربي مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. هل ستجد المملكة الغنية بالنفط وسيلة لحماية المصالح الاقتصادية والجيوسياسية في الوقت الذي تواصل فيه تقديم دعم مختلف لفروع جماعة الإخوان المسلمين في المنطقة؟

وكانت دولة قطر هي الداعم الأكثر نشاطا لجماعة الإخوان المسلمين في الشرق الأوسط. وقد اعتمد النظام الملكي في الخليج دعما ماليا وسياسيا للمجموعات التابعة إقليميا للإخوان المسلمين حتى قبل سنوات الربيع العربي المضطربة.

بصمات السياسة الخارجية لدولة قطر يمكن رؤيتها بوضوح من ليبيا إلى سوريا. وقد أسفرت بعض الحالات عن قدر من النجاح، كما هو الحال في تونس، ولكن فشلت فشلا ذريعا في دول أخرى، كما هو الحال في مصر.

ولم يكن هذا الطريق من دون تكاليف. وكان أهم ما حدث هو وصول العلاقات  بين قطر ودول مجلس التعاون الخليجي إلى مستوى سيئ، عندما سحبت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والبحرين سفراءها وهددت بإغلاق حدود قطر لتدخلها المزعوم في الشؤون الداخلية لدول مجلس التعاون الخليجي. وكانت قناة الجزيرة والجزيرة مباشر مصر عاملا مؤثرا في تباين السياسات الخارجية لدول المجلس . ولكن هذا قد يطرأ عليه بعض التغيير.

العامل السعودي

وتتبنى المملكة العربية السعودية لهجة مختلفة في عهد الملك «سلمان» نحو الجماعات الإسلامية. وزار الأمير «تميم بن حمد آل ثاني»، أمير دولة قطر، المملكة العربية السعودية في إبريل/نيسان، والتقى مع شخصيات أمنية رئيسية في الحكومة السعودية.

الجهود التي تبذلها المملكة العربية السعودية من أجل دفع دول غربية لفرض عقوبات على قطر هدأت. مزيد من التعاون على حماية وتعزيز مصالح السنة في اليمن والعراق وسوريا يؤدي إلى زيادة العلاقات التجارية في القطاعين العام والخاص السعودي والقطري.

وسعت قطر إلى تهدئة جيرانها من دول مجلس التعاون الخليجي من خلال دفع رموز من جماعة الإخوان المسلمين إلى مغادرة المملكة في الخريف الماضي. وتتعاون قطر والمملكة العربية السعودية في مواجهة تنامي النجاحات السياسة الخارجية الإيرانية في المنطقة. وأعلنت قطر أيضا أنها ستعيد فتح سفارتها في بغداد، ما يدل على وجود رغبة مشتركة لتقويض النفوذ الإيراني في العراق.

ومن المحتمل أن تواجه قطر والمملكة العربية السعودية صعوبة حول مستقبل جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وتلقى الرئيس المصري السابق «محمد مرسي» مؤخرا حكما بالإعدام سيكون بلا شك له تأثيره في علاقة كل من قطر والسعودية بمصر. ويتواصل التمرد على مستوى منخفض ليصيب الاقتصاد المصري في الوقت الذي ينخرط فيه شباب جماعة الإخوان المسلمين في العنف تدريجيا جراء المظالم السياسية، وتتواصل أعمالهم التي يميزها الحرق والتخريب.

تركيا تقف مع قطر

وكانت تركيا، الشريك الأيديولوجي الإقليمي الرئيسي لقطر، دائمة الانتقاد لنظام الرئيس «عبد الفتاح السيسي في مصر». فبعد سقوط حكومة الرئيس «مرسي» وحظر جماعة الإخوان لاحقا، وجد العديد من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين الأمان في تركيا؛ حيث كانوا يأملون في الحفاظ على إعادة تنظيم صفوفهم من جديد.

في مارس/أذار، أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان التركي «برات جونقار» عن اتفاق تعاون عسكري جديد بين قطر وتركيا. وينص الاتفاق على نشر قوات في أراضي كل دولة. ولتركيا مصالح قوية في دعم الجماعات المتمردة الإسلامية في سوريا التي تشاركها في حدود طويلة.

ويبدو أن قطر تدفع بثقلها لإقناع جبهة النصرة بالتنصل من تنظيم القاعدة وفك ارتباطها به. ولا يخفى على أحد ما بين قطر والجماعات الإسلامية السنية من اتصالات واضحة للغاية. وأجرت قناة الجزيرة مؤخرا مقابلات مع زعيم جبهة النصرة «أبو محمد جولاني». وتقاتل كتائب الثوار التابعة لجماعة الإخوان المسلمين في سوريا جنبا إلى جنب مع الجبهة في العمق السوري.

غزة وتونس وليبيا

العلاقة بين حركة «حماس»، أهم المجموعات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين وقطر قوية للغاية وأطول عمرا. وقد وافقت قطر على إرسال مواد بناء إلى قطاع غزة. ومن المتوقع أن يتسارع وصول تلك المواد في الصيف بنسبة 10% فقط من إجمالي مليار دولار أمريكي تعهدت بها قطر.

وأفاد البنك الدولي أن اقتصاد القطاع في حالة يرثى لها. وتخضع «حماس» لتقييم داخلي خاص بها، وباتت أكثر اعتمادا من أي وقت مضى على قطر. وكانت المجموعة الفلسطينية تحاول إصلاح العلاقات مع إيران بشأن سوريا، ولكن يبدو أنه لم يتحقق أي نجاح يذكر في هذا الصدد.

وأشار «أحمد يوسف»، المسؤول البارز في «حماس»، إلى أن الخطوات نحو إجماع إقليمي بين المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وقطر بشأن الإخوان المسلمين من الممكن أن تبرز على السطح.

ولا يزال التوتر قائما في الساحة السياسية التونسية بعد مزاعم بأن الرئيس التونسي «السبسي» حصل على رشوة من دولة الإمارات العربية المتحدة لتنفيذ حملة على حزب النهضة ذي الميول الإسلامية، الذي يقود المعارضة الآن في برلمان البلاد.

ويسعى «حزب النهضة»، بعد استخلاصه الدروس من التجربة المصرية والجزائرية،إلى صياغة برنامجه على شاكلة حزب العدالة والتنمية التركي، ويبدو أنه قد اعتمد مسارا نحو المساهمة في التعددية السياسية المستدامة في تونس. وسوف تواصل قطر، التي تقدم الدعم المالي والدبلوماسي والسياسي لحزب النهضة، موازنة الكفة مع دولة الإمارات العربية المتحدة من أجل الحفاظ على مشروعها الأكثر استقرارا والمعياري السياسي الناجح في ذلك البلد.

وعلى الرغم من ذوبان الجليد مع المملكة العربية السعودية، فإن قطر لا تزال تهدف إلى الحفاظ على حلفائها من جماعة الإخوان المسلمين في جميع أنحاء المنطقة. ودأبت الأمم المتحدة على استضافة الفصائل المتحاربة الليبية في المغرب. النتائج الايجابية للحوار يمكن أن توحد المليشيات العلمانية بقيادة الجنرال «خليفة حفتر» مع حزب العدالة والبناء الإخواني المدعوم من قطر ضد مليشيات «الدولة الإسلامية» التي تنمو باستمرار.

سوف يستمر الدعم الغربي

ومن غير المرجح أن قطر سوف تواجه ضغوطا كبيرة من حلفائها الغربيين. وتقع قاعدة العيديد الجوية في صحراء جنوب الدوحة. وتعد القاعدة موطن القيادة المركزية الأمريكية وتعد المدينة مركزا حيويا لتنسيق العمليات الجارية ضد «الدولة الإسلامية».

اتخذت فرنسا وقطر أيضا خطوات نحو تحسين العلاقات الأمنية، وتم التوقيع على اتفاقية بقيمة 7.02 مليار دولار أمريكي لتسليم 24 طائرة مقاتلة رافال فرنسية.

الانقسامات الداخلية وسوء الفهم موجود داخل الحكومة القطرية، كما هو جلي مع اعتقال صحفيي بي بي سي الذين تمت دعوتهم لتقديم تقرير عن ظروف العمل. وعلى الرغم من هذا؛ فإن مشاريع الإخوان المسلمين القطرية سوف تستمر لبعض الوقت.

وعانت جماعة الإخوان المسلمين انتكاسات سياسية، ولكن قوة إيران المتنامية في المنطقة تجبر المملكة العربية السعودية وقطر على إيجاد مكان لجماعة الإخوان المسلمين ضمن استراتيجية مشتركة.

  كلمات مفتاحية

قطر السعودية تركيا حماس الإخوان المسلمين

وثيقة: السعودية تعمّق اتصالاتها بتركيا وقطر وتجمّد خطط ملاحقة «الإخوان»

«الإخوان المسلمين»: ساءنا كثيرا تجريح «السيسي» لدول الخليج ولا نرضى ذلك لأحبتنا

«ديفيد هيرست»: السعودية شهدت انقلابا أطاح برجل «السيسي» و«بن زايد» بعد رحيل الملك

ديفيد هيرست: ماذا يخبئ العام الجديد في جعبته للسعودية ومصر والثورات العربية؟!

«إيكونوميست»: حرب حكام الخليج ضد «الإخوان» جاءت بنتائج عكسية غير مقصودة