«المونيتور»: تحركات القسام في غزة .. بين المواجهة والتهدئة

السبت 13 يونيو 2015 05:06 ص

ما زال وقف إطلاق النار بين «حماس» وإسرائيل منذ أواخر آب/أغسطس 2014، يحافظ على استقرار نسبيّ، بعد انتهاء حرب الخمسين يوماً على غزّة. ولم تسجّل خروق كبيرة بين الجانبين، باستثناء حوادث نادرة كان آخرها في 27 أيّار/مايو، حيث تبادل الفلسطينيّون والإسرائيليّون إلقاء صواريخ عدّة.

لكنّ كتائب القسّام الجناح العسكريّ لـ«حماس» بدأت منذ أوائل 2015، بعد 4 شهور من انتهاء حرب غزة، سلسلة خطوات ميدانيّة، غير مسبوقة في تاريخ المواجهة بين «حماس» والجيش الإسرائيليّ بسبب خلافات السلفيين مع «حماس».

 تجاوز الضربة

فقد واصلت كتائب القسّام تنفيذ تجارب صاروخيّة في شكل كبير في الفترة الأخيرة، وبلغ عدد الصواريخ التجريبيّة في اليوم الواحد 5 صواريخ على الأقلّ، وفقاً لما ذكره موقع «المجد» الأمني المقرب من «حماس».

ونشرت كتائب القسّام في 14 آذار/مارس صوراً لمواقع تدريب عسكريّة، محاذية للسياج الفاصل بين حدود غزّة وإسرائيل، بنتها بعد الحرب الإسرائيليّة الأخيرة على غزّة في صيف 2014. وهي مواقع أعلنت «حماس» أنّها رسالة تحدٍّ لإسرائيل، وأنّ العمل مستمرّ لتطويرها وتوسيعها، لتشمل ما يلزم لتدريب المقاتلين.

وسمحت «حماس» في 6 أيّار/مايو لمئات الفلسطينيّين من غزّة بالوصول إلى مسافات قريبة جدّاً من حدود إسرائيل، وإعطائهم مناظير عسكريّة لرؤية المستوطنات الإسرائيليّة بصورة واضحة، حتى تقرب لهم حلم العودة إلى فلسطين المحتلة، وفقاً لما ذكره «عصام عدوان»، رئيس دائرة شؤون اللاجئين في «حماس».

لكنّ ذروة التحرّكات العسكريّة لكتائب القسّام تمثّلت بقيام جرّافاتها وشاحناتها في 23 أيّار/مايو، بتعبيد طريق طويل يبعد 250 متراً عن السياج الفاصل بين غزّة وإسرائيل.

واضح أنّ «حماس» التي التزمت الصمت إزاء تحرّكات كتائب القسّام العسكريّة، تحاول تثبيت توازن الردع مع الجيش الإسرائيليّ، وبداية انتقال «حماس» من مرحلة السريّة إلى العمل العلنيّ، وتعزيز شرعيّتها في أيّ اتفاقيات سياسيّة متوقّعة مع إسرائيل.

كما ترغب «حماس» بتعزيز معنويّات الفلسطينيّين في غزّة، الذين تضرّروا من الحرب الأخيرة. وقد بدا مثيراً في التحركات الأخيرة لمقاتلي القسّام اقترابهم أكثر فأكثر من مواقع الجيش الإسرائيليّ. وهو ما تابعه «المونيتور» في زيارته الميدانيّة إلى هذه المناطق يوم 2 مايو/أيار، وكأنّ «حماس» تريد من خلالها التأكيد أنّ إسرائيل لم تعد مطلقة اليدّ في غزّة.

وقد اطّلع «المونيتور» على نقاشات داخليّة في أوساط «حماس»، من مسؤولين رفضوا الكشف عن هويّاتهم، جاء فيها أنّ «تحرّكات القسّام العسكريّة الأخيرة تهدف إلى تسهيل جمع المعلومات الاستخباريّة عن مواقع الجيش الإسرائيليّ خلف حدود غزّة، وزيادة منسوب الجرأة على المواجهة لدى مقاتلي حماس، وتسهيل تسيير دوريّات لكتائب القسّام على الحدود مقابل الدوريّات الإسرائيليّة، وتثبيت ثكنات عسكريّة إلكترونيّة لمراقبة الحدود».

وهو ما أكّده الناطق باسم «حماس»، «حماد الرقب» في 26 أيّار/مايو، بقوله إنّ تعبيد الطريق الحدوديّ يهدف إلى حماية القطاع من أيّ اختراق إسرائيليّ، وشلّ حركة التواصل بين العملاء والمخابرات الإسرائيليّة، وتدريب مقاتلي القسّام كوحدات جيوش نظاميّة استعداداً إلى معركة تخوضها مستقبلاً كجيش فلسطينيّ بمواجهة الجيش الإسرائيليّ.

وتناولت النقاشات التي شهدتها«حماس»، ، أنّ «كتائب القسّام بهذه التحرّكات، تسعى إلى إنهاء واقعيّ للحزام الأمنيّ الذي يفرضه الجيش الإسرائيليّ شرق غزّة، ويمنع الاقتراب منه على مسافة 300 متر، وتأمين المزارعين الفلسطينيّين في أراضيهم، وتسهيل حفر الأنفاق، وحماية مواقع الحفر من أقرب نقطة للحدود اختصاراً للوقت والجهد».

السلطة غاضبة

لم تعلّق كتائب القسّام رسميّاً على هذه التحرّكات العسكريّة، بل التزمت الصمت، فيما تحدّث عنها بعض القادة السياسيّين لـ«حماس».

فقد أعلن عضو المكتب السياسيّ للحركة ووزير الداخليّة السابق «فتحي حماد» في 30 أيّار/مايو أنّ هدف الطريق الحدوديّ لكتائب القسّام هو الانقضاض على الجيش الإسرائيليّ عندما تكون الفرصة مواتية.

واعتبر رئيس لجنة الأمن في المجلس التشريعيّ عن «حماس»، «إسماعيل الأشقر» أنّ «التحرّكات العسكريّة لكتائب القسّام تحقّق الردع مع إسرائيل، وترسل رسالة بأنّ غزّة عصيّة على احتلالها مجدّداً، وأنّ حراك كتائب القسّام الميدانيّ الأخير يعني جهوزيّتها لأيّ جولة مقبلة مع إسرائيل».

كما شهدت شبكات التواصل الاجتماعيّ في الأسبوع الأخير من أيّار/مايو الماضي نقاشات قويّة حول التحرّكات الأخيرة لكتائب القسّام.

وقد تواصل «المونيتور» مع مسؤول كبير في مكتب الرئيس«محمود عبّاس»، طلب عدم الكشف عن هويّته، حيث قال إنّ «حماس بهذه الحراكات العسكريّة، بدأت تنفيذ خطوات انفصال غزّة عن الضفة، ويأتي تعبيد الشارع الجديد على طول الشريط الحدوديّ مع إسرائيل شرق القطاع تعبيراً عن الانفصال، لأنّ هذا الشارع يشبه كلّ الطرق الآمنة على الحدود بين الدول».

وأضاف: «تندرج التحرّكات العسكريّة الأخيرة لحماس على حدود غزّة، في سياق مفهوم هدنة طويلة الأمد مع إسرائيل، وتخدم وجود دولة منفصلة في غزّة، لأنّ هدف الطريق الحدوديّ تسهيل مهمّة حراسة الهدنة. وباتت حماس في هذه الحالة تأخذ وظيفة الجيش الذي يحرس الحدود».

واعتبر المتحدّث باسم فتح،«جهاد الحرازين»، في 28 أيّار/مايو في حديث لوكالة فلسطين الحرة، أنّ «حماس» تنسّق مع إسرائيل، عبر تحويل الشارع الجديد الحدوديّ ليكون بمثابة خطّ هدنة، تأكيداً لمشروع دويلة غزّة.

بغضّ النظر عن طبيعة التحرّكات العسكريّة الأخيرة لـ«حماس»على حدود غزّة، فهي ترسّخ فعليّاً لواقع جديد في القطاع، في اتّجاه تثبيت وجود «حماس» كقوّة عسكريّة تعافت من الضربات الأخيرة خلال حرب غزة في صيف 2014، في مواجهة إسرائيل، وهو ما يعني بدء العدّ التنازليّ للمواجهة المقبلة، على اعتبار أنّ الجيش الإسرائيليّ قد لا يسمح بوجود مقاتلي «حماس» على بعد مئات الأمتار أمامه، لأنّها رسالة تحدٍّ من الصعب عليه استيعابها.

وربّما هذه التحرّكات العسكريّة لـ«حماس» مقدّمة لتهدئة طويلة الأمد مع إسرائيل في غزّة، تحاول «حماس» من خلالها ضبط الوضع الأمنيّ في القطاع وعلى حدوده، والمحافظة على حالة من الهدوء والاستقرار الداخليّ، في محاولة منها لتسهيل إعادة الإعمار، ورفع الحصار، ومنح الفلسطينيّين فرصة التقاط الأنفاس بعد ثلاث حروب حرقت الأخضر واليابس.

تشير الأوضاع الميدانية والأمنية في غزة إلى أن «حماس» ذاهبة باتجاه ترسيخ التهدئة، وتثبيت الهدوء، رغم بعض الخروقات، وهو ما شهده القطاع في الأيام الأولى من يونيو/حزيران الحالي، حين قصفت إسرائيل عدداً من أهداف «حماس» رداً على إطلاق صواريخ السلفيين، و«حماس» من جهتها التزمت الصمت، ولم ترد، رغبة منها بعدم تصعيد الموقف العسكري.

  كلمات مفتاحية

حماس القسامـ غزة إسرائيل الدولة الإسلامية تهدئة

«هآرتس»: نشاط «الدولة الإسلامية» في غزة قد يدفع نحو تهدئة بين «حماس» و(إسرائيل)

تنظيم «سلفي جهادي» في غزة يتبنى إطلاق صاروخ تجاه جنوب «إسرائيل»

عودة المواجهة بعنف بين «حماس» والجماعات السلفية في قطاع غزة

«ستراتفور»: «حماس» تتبنى إجراءات صارمة ضد «الدولة الإسلامية» في غزة

«القسام» تكشف تفاصيل اقتحام موقع عسكري إسرائيلي خلال الحرب الأخيرة على غزة

ثلاثة وجوه للعلاقة بين «الإخوان» والسلفية

«القسام» تقيم مخيمات تدريب لـ 25 ألف فلسطيني في غزة

«هنية»: «حماس» لن تقبل بدولة في غزة .. وسنواصل مشروع تحرير فلسطين

«يعالون»: «حماس» تلتزم باتفاق وقف إطلاق النار وإيران دولة «مارقة»