«رأي اليوم»: ما الرسائل التي وجهها «السيسي» بعودته لارتداء الزي العسكري؟

الأحد 5 يوليو 2015 07:07 ص

خلع الرئيس المصري «عبد الفتاح السيسي» الملابس المدنية التي ارتداها منذ فوزه في انتخابات رئاسية قبل عام تقريبا، وعاد الى بزته العسكرية، بنجومها وأوسمتها، أثناء زيارته الخاطفة التي قام بها إلى مواقع عسكرية في شبه جزيرة سيناء متفقدا جنوده وضباطه، ومؤكدا ثقته بهم وقدراتهم “اللامحدودة” في هذا الظرف الحرج الذي تمر به البلاد.

العودة الى لقب «المشير» وارتداء الملابس العسكرية، ولو لفترة قصيرة تعني الكثير، لعل الرسالة التي يريد الرئيس «السيسي» إيصالها إلى أكثر من طرف داخل مصر وخارجها، تقول مفرداتها أن الجيش هو الذي يملك اليد العليا في البلاد، وأنه ما زال يفضل منصبه العسكري كقائد أعلى للقوات المسلحة على منصبه المدني كرئيس للجمهورية.

المؤسسة العسكرية المصرية هي الوحيدة القوية المتماسكة في مصر حتى الآن، مثلما هو الحال في معظم الدول الاسلامية الأخرى، مثل تركيا وباكستان والجزائر، ولعل الرئيس «السيسي» ما زال يحن إليها، باعتباره أحد أبنائها، ويريد تعزيز هذا الانتماء، وبما يؤدي إلى حصوله على دعمها له، وخاصة بعد ازدياد التدهور الامني، وتصاعد أرقام الخسائر في صفوفها بعد عامين من بدء الحملة ضد الجماعات الجهادية المتطرفة، وتنظيم أنصار بيت المقدس، على وجه الخصوص، الذي أعلن البيعة لـ«الدولة الاسلامية»، وحول سيناء إلى إحدى ولايات دولة «الخلافة».

مهمة الرئيس، أو المشير، «السيسي» تبدو صعبة للغاية بغض النظر عن طبيعة الملابس التي يرتديها، مدنية كانت او عسكرية، لأن الحرب التي تتسع دوائرها وتشكل تحديا لأهم مؤسستين في البلاد، العسكرية والأمنية معا، ويبدو أن هاتين المؤسستين تواجهان صعوبات في مواجهة هذا التحدي، بدليل وصول السيارات المفخخة إلى موكب السيد «هشام بركات» النائب العام واغتياله، ومهاجمة قوات «الدولة الاسلامية» ستة حواجز للجيش المصري في سيناء، وقتل أكثر من 17 ضابطا وجنديا (هناك تقارير اخبارية غير رسمية تقول أن العدد الحقيقي 70 قتيلا)، والاستيلاء مؤقتا على مدينة الشيخ زويد القريبة من الحدود من قطاع غزة، ورفع علم الدولة فوق مخفرها، ومقر بلدتها قبل أن تستعيدها القوات المصرية.

«إسرائيل» التي تتعاون بشكل كامل مع الحملة التي يشنمها الجيش المصري ضد الجماعات الجهادية، سواء من خلال تقديم المعلومات الاستخبارية، أو تجميد القيود التي تفرضها اتفاقات كامب ديفيد على تواجد وانتشار القوات والطائرات المصرية في سيناء، تشعر بقلق أكبر من قلق الجيش المصري من تواجد تنظيم «الدولة الاسلامية» قرب حدودها، وتعزز هذا القلق من خلال إطلاق صاروخين يوم أمس على أهداف في عمقها، لأول مرة منذ انقطاع طويل.

واذا كان توسع «الدولة الاسلامية» في سيناء وتكثيف هجماتها ضد حواجز الجيش المصري شكلت نتائج سلبية، بل مغرقة في سلبيتها، في نظر السلطات المصرية، فإن الايجابية الأبرز أن عملياتها وهجماتها العسكرية، نجحت في «تحرير» سيناء بالكامل من اتفاقات كامب ديفيد، وإعادة السيادة المصرية كاملة اليها، بما في ذلك رفع الحظر عن الطيران المصري، وكذلك إعادة الدبابات والمدرعات والقوات المصرية على هذا الجزء من التراب المصري، الذي ظل منقوص السيادة منذ توقيع هذه الاتفاقات.

ربما ينجح التعاون العسكري والأمني الاسرائيلي المصري في تحقيق بعض النتائج المحورية في الحرب ضد «الدولة الاسلامية» في سيناء، لكن من الصعب الجزم بأن هزيمة هذه «الدولة» باتت وشيكة، فمنذ إعلان تنظيم أنصار بيت المقدس البيعة للخليفة «أبو بكر البغدادي» زادت خطورة هذا التنظيم واتسعت دائرته، مما يوحي بأن بعض عناصره حصلت على اسلحة وتدريب متقدم، خاصة في ميدان تلغيم السيارات، وأعمال الكر والفر، ومن غير المستبعد أن تكون أسلحة جديدة وصلت من ليبيا تتسم بالنوعية المتقدمة.

خطورة تنظيم «الدولة الاسلامية» تكمن في مفاجأته وقدرته على نقل المعارك والمواجهات الى جبهات جديدة، وتراجعه في سيناء، إذا حصل، يؤدي إلى نقله المعركة إلى العمق المصري، ولعل الدقة في تنفيذ عملية الهجوم على موكب النائب العام توحي بمثل هذا الخطر.

الرئيس «السيسي» في نسخته المدنية يواجه أزمات اقتصادية وإدارية طاحنة في ظل زيادة نسبة التضخم لـ(13%) وتلميحات خليجية بعدم القدرة على مواصلة ضخ المليارات لدعم الاقتصاد المصري، أما المشير «السيسي» العسكري، فإنه يخوض معركة مع تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي عجز تحالف مكون من 60 دولة برئاسة الولايات المتحدة، وقام بأربعة آلاف غارة عن هزيمتها والقضاء عليها.

مأزق الرئيس المصري بأبعاده الثلاثية، العسكرية والأمنية والاقتصادية كبير، ويزداد تضخما، ويتم هذا بموازاة حالة الانسداد والاحتقان السياسي، ولذلك فإن محاولات الخروج منه، وفي ظل غياب مشروع وطني استراتيجي واضح المعالم، تبدو صعبة للغاية.

  كلمات مفتاحية

مصر السيسي ولاية سيناء الدولة الإسلامية سيناء الزي العسكري إسرائيل كامب ديفيد الجيش المصري

التوظيف الصهيوني المتعدد لهجمات سيناء

مقتل أسرة كاملة في قصف بسيناء و«السيسي» يتفقد قوات الجيش بالزي العسكري

من يكسب الحرب الإعلامية: الجيش المصري أم «ولاية سيناء»؟

«هآرتس»: لماذا لم تشر مصر بإصبع الاتهام إلى «حماس» بعد هجوم سيناء الأخير؟

«ولاية سيناء» يتبنى قصف مستوطنات إسرائيلية بـ3 صواريخ جراد

«أيمن نور»: القوى الدولية والإقليمية وفي مقدمتها السعودية ستتدخل لإنقاذ مصر

«خاشقجي» يسخر من دعوات «السيسي» المتكررة لـ«تجديد» الخطاب الديني

الإيكونوميست: «السيسي» يقود مصر إلى طريق مسدود